حراك في أحزاب السلطة الجزائرية تمهيدًا لخلافة عبدالعزيز بوتفليقة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تشهد احزاب السلطة في الجزائر حراكًا لافتًا، فبعد استقالة الرجل القوي أحمد اويحيى، واعلان انسحابه من رئاسة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، يعيش عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني ضغطًا يستهدف اسقاطه. ويرى متابعون أن الحراك يأتي في سياق التحضير لانتخابات الرئاسة المقبلة.
بودهان ياسين من الجزائر: تشهد الساحة السياسية في الجزائر حراكًا غير مسبوق، الجديد فيه هذه المرّة أنه يحدث داخل احزاب السلطة، فبعد استقالة الرجل القوي في الدولة أحمد اويحيى، واعلان انسحابه من رئاسة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، يعيش عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني وسط ضغط كبير في ظل حملة كبيرة لإسقاطه، بعد مطالبة ثمانية وزراء من حزبه بضرورة استقالته من رئاسة الحزب قبل انعقاد دورة المجلس الوطني نهاية الشهر الحالي.
ويرى متابعون أن هذا الحراك يأتي في سياق التحضير لانتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل.
تمرّد في "التجمّع"
كانت قيادات بارزة في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، اعلنت قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة تمردها على الأمين العام للحزب احمد اويحيى، الذي شغل منصب الوزير الأول قبل الوزير الأول الحالي عبد المالك سلال.
وصفت هذه القيادات احمد اويحيى بأنه اصبح "رئيس عصابة سياسية"، وأنه يقود حزبه الى "الهاوية"، وحوّله الى "ثكنة عسكرية"، لأنه يسير الحزب دون "مشاركة الآخرين".
حركة التمرد تطورت وقويت شوكتها بعد أن التحق بها وزير الصحة الأسبق يحيى قيدوم، الذي دعا مناضلي الحزب الى "استرجاعه وإعادته الى خطّه الأصليّ".
أويحيى يغادر
في قرار وصفه متتبعون بــ"المفاجئ" وتحت الضغط الممارس عليه، اعلن اويحيى استقالته من رئاسة الحزب بداية شهر يناير الحالي، وقبل انعقاد المجلس الوطني.
وفي رسالة بعثها الى المناضلين قال اويحيى إن "استقالته جاءت بهدف الحفاظ على وحدة الحزب"، رغم أن قراره هذا مرّ على حدّ تعبيره.
استقالة اويحيى كانت لها تداعيات على احزاب سياسية أخرى اهمها الحزب الحاكم جبهة التحرير الوطني، فرغم انتصار الحزب في المواعيد الانتخابية الأخيرة، الا ان ذلك لم يمنع الحركة التقويمية التي تضم معارضي عبد العزيز بلخادم من المطالبة مجددًا برأسه، و اعتبروا أن انتصارات الحزب لم يحققها بلخادم، انما تحققت لأن الحزب يمتلك قواعد شعبية عريضة، ولأن الرئيس بوتفليقة هو الرئيس الشرفي للحزب.
الحركة التقويمية وجدت في استقالة اويحيى فرصة كبيرة من اجل اسقاط بلخادم، خاصة بعد التحاق ثمانية وزراء من الحزب بجماعة المعارضين، وتعيين الرئيس بوتفليقة اشخاصًا معارضين لبلخادم مؤخرًا، ضمن الثلث الرئاسي في مجلس الأمة الجزائري.
عين الحراك على انتخابات الرئاسة
تباينت آراء المحللين لــ"ايلاف" في قراءتهم للحراك السياسي الحاصل، لكنهم يتفقون على أنه يأتي في سياق الترتيب لانتخابات الرئاسة العام المقبل.
ويشير المحلل السياسي والضابط الأسبق في الجيش الجزائري الدكتور أحمد عظيمي في افادته لـ"إيلاف" إلى أن "استقالة احمد اويحيى من رئاسة حزب التجمع الوطني الديمقراطي لها علاقة مباشرة بالتحضير لرئاسيات 2014 بطريقة أو بأخـرى، من خلال وضع خارطة سياسية جـديدة".
ويتوقع عظيمي نفس المصير بالنسبة لعبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، وابو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم.
بوتفليقة يقصي منافسيه
وحسب محدثنا، فإن "قيادة التجمع الوطني الديمقراطي الجديدة سيتم تحضيرها لاحتمالين اثنين، اولهما أن هناك اتفاقًا لدى صناع القرار في البلاد بعدم ترشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، لذلك يتم التحضير لإعداد شخصية جديدة لتكون مرشحة لمنصب الرئيس، واما ابعاد شخصيات تتهيّأ للترشح وتريد منافسة بوتفليقة على عهدته الرابعة، لذلك تم ابعاد احمد اويحيى وسيتم ابعاد كل شخص يريد منافسة بوتفليقة على منصبه العام المقبل".
قوى خارج الاحزاب
من جانبه، اعتبر القيادي في حزب جبهة القوى الاشتراكية أحمد بطاطش أن "ما يحدث داخل بيت احزاب السلطة ليس حراكًا سياسيًا عاديًا، لكنه حراك مصطنع وغير طبيعي تديره السلطة الفعلية في الجزائر ويدخل ضمن اجندة لترتيب رئاسيات 2014".
حسب بطاطش، فإنّ هذه الأحزاب عبارة عن مؤسسات تتحرك بأوامر مسؤولين خارج الحزب، هناك قوى خارج الحزبين هي التي تقرر وتحسم الأمور، وهذه القوى هي السلطة الفعلية التي تنصّب من تشاء وتقيل من تشاء".
يضيف: "السلطة الفعلية في الجزائر لها اجندة سياسية تريد تنفيذها، وبالتأكيد هذه الأجندة لها علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة".
من جانبه، يعتبر القيادي في حركة مجتمع السلم الدكتور عبد الرزاق مقري أن التحولات التي تحدث في احزاب السلطة لها علاقة مباشرة بالصراع على الحكم و تحديدًا برئاسيات 2014.
ووصف مقري هذه الأحزاب بأنها "أدوات ممارسة السلطة في الجزائر، لذلك لا يسمح بأي حال أن يكون لها برنامج أو مرشح نابع من ارادة مؤسسة حزبية، لابد ان تظل هذه الأدوات تحت طلب من يملك السلطة".
يضيف: "الجميع يعلم أن عبد العزيز بلخادم يترأس حزب جبهة التحرير الوطني مادام الرئيس بوتفليقة راضياً عنه، ويكفي أن يعبر هذا الأخير عن ارادته من التخلص منه ولو بالتلميح لتنقلب عليه الدائرة المحيطة به، وبمن فيها الوزراء المقربون منه".
لكن الأمر المثير للانتباه حسب مقري هو "مصير احمد اويحيى الذي يعد للرئاسة من جهات تمتلك السلطة قبل مجيء بوتفليقة كرئيس، فهل انقلبت هذه الجهة يتساءل محدثنا "هل هناك مناورة ضمن ادارة الصراع؟ أنا اميل الى هذا الاحتمال فاللعبة لم تنتهِ بعد".
ويشدد مقري على أن "الحراك الحالي لديه علاقة مباشرة بالعهدة الرابعة"، فمجموعات المصالح التي تشكلت في محيط الرئيس أصبحت ضخمة ورهيبة ومترابطة، ورحيل بوتفليقة بأي طريقة يمثل خطراً عليها، لذلك هي أحرص على العهدة الرابعة من الرئيس نفسه.
الدكتور بوحنية قوي عميد كلية العلوم السياسية في جامعة ورقلة، وفي افادته لـ"ايلاف" يقول إنّ هناك رؤيتين للحراك الحاصل، هناك من يعتبره ربيعًا عربيًا، ولكن على مستوى الاحزاب وقياداتها المعمرة، والاتجاه الثاني هو تدوير للمناصب".
ولكن في كل الاحوال يضيف "اعتقد أن الحراك الحالي في كل الاحوال ظاهرة صحية خصوصًا تلك الاتجاهات المطالبة بتجديد النخب في المشهد السياسي لضمان ديناميكية جديدة لأن المتابع سئم استاتيكية الوضع الحزبي الجزائري".