العاهل الأردني: ملتزمون في نهج الإصلاح لضمان التعددية السياسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قدم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورقة نقاشية ثانية قبل أسبوع من إجراء الانتخابات البرلمانية في بلاده، وأكد خلالها على التزامه بالسير في نهج الإصلاح الذي يضمن التعددية السياسية، مستعرضاً آليات التحول الديمقراطي.
عمان: اسبوع على الأقل يفصل عنتقديم الحكومة الاردنية بزعامة د.عبدالله النسور استقالتها، وذلك طبقًا للاستحقاق الدستوري الذي ينص على أن تتقدم الحكومة باستقالتها لملك البلد فور الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية والتي ستفرز مجلس نواب جديداً في دورته السابعة عشرة.
الرسالة النقاشية الثانية التي قدمها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لأبناء شعبه حول رؤيته للإصلاح الشامل وخاصة مع بدء العد التنازلي للإنتخابات البرلمانية التي سيشهدها الأردن في الثالث والعشرين من الشهر الجاري كتجربة ديمقراطية، هي الأولى منذ التغيرات والتحولات التي تعيشها دول الشرق الأوسط والتي تعرف بالربيع العربي
العاهل الأردني أكد على التزامه بالسير في نهج الإصلاح الذي يضمن التعددية السياسية قائلاً: "إن مبادئ مسيرتنا ونهجنا الإصلاحي راسخة وواضحة، فنحن ملتزمون برعاية وتعزيز مبدأ التعددية السياسية وصون حقوق جميع المواطنين، ومستمرون أيضًا في تطوير منظومة من الضوابط العملية لمبادئ الفصل والتوازن بين السلطات وآليات الرقابة من أجل بناء نظام ديمقراطي سليم، وسنعمل على تقوية مجتمعنا المدني، وسنحرص على توفير فرصة عادلة للجميع للتنافس السياسي، والاستمرار في حماية حقوق جميع المواطنين التي كفلها الدستور".
التحول الديمقراطي
ويضيف الملك عبدالله الثاني: "السؤال الجوهري المطروح في هذا السياق، والذي لا بد أن نسعى جميعًا للإجابة عليه: كيف سنضمن استمرار مؤسساتنا وأنظمتنا بالعمل على ترسيخ هذه المبادئ والحقوق وحمايتها ونحن ماضون في عملية التحول الديمقراطي؟ ومن المهم أن يدرك الجميع أننا سنواجه صعوبات وتحديات، وقد تكون هناك بعض الإخفاقات، ولكن ستكون هناك نجاحات أكثر، وهي متاحة للحوار والتقييم ضمن نقاش عام، وهذا أمر طبيعي، لأن هذه متطلبات التطور الديمقراطي، ودليل على مصداقيته".
الأنظمة الديمقراطية
ويرى الملك عبدالله الثاني أن الديمقراطيات الحديثة تبنى على أساس اختيار الشعب لمن يمثلهم، ولكن لا توجد وصفة واحدة لشكل الحكومات في الانظمة العالمية، حيث قال: "إن المبدأ الأساسي للديمقراطيات الحديثة يقوم على اختيار الشعب لممثلين ينوبون عنه في اتخاذ القرارات على مستوى الوطن، ومع تطوير مختلف الدول لأنظمتها الديمقراطية، برزت عدة نماذج في تطبيق هذا المبدأ الديمقراطي".
واضاف: "ففي الجمهوريات على سبيل المثال، هناك أنظمة رئاسية وأنظمة برلمانية. وفي الأنظمة الرئاسية (كما هو الحال في فرنسا) عادة ما يُخَوَّل الرئيس المنتخب تعيين حكومة بشكل مباشر، مع اشتراط موافقة البرلمان في بعض الأحيان. وفي الأنظمة البرلمانية (كما هو الحال في تركيا) غالبًا ما يتم تشكيل الحكومة من خلال رئيس وزراء يمثل حزب الأغلبية في البرلمان أو يمثل ائتلافًا لأحزاب تحظى بالأغلبية، أمّا في الملكيات الدستورية، وإلى حد شبيه بالأنظمة الجمهورية البرلمانية، فإن الحكومات غالبًا ما تُشكل من قبل حزب الأغلبية المنتخب، أو ائتلاف لأحزاب تحظى بالأغلبية في المجلس التشريعي (كما هو الحال في إسبانيا وبلجيكا)".
وتابع الملك عبدالله الثاني: "إن هناك تباينات عدّة لكل من هذه النماذج، لكن الثابت في الأمر هو أنه لا توجد وصفة واحدة صحيحة بالمطلق تناسب جميع الدول، فالنظام السياسي لكل دولة يعكس بالمجمل التاريخ والثقافة الخاصة بها. فاليوم، وضمن محيطنا الإقليمي، نرى في مصر وتونس مساعي لتطوير الأنظمة الجمهورية، فيما يشكل المغرب والأردن نماذج لملكيات دستورية. وقد تطورت ملكيتنا الدستورية على مدار تسعة عقود، وستستمر في التطور والتحديث، وستكون الخطوة التالية في هذه المسيرة المباركة بإذن الله آلية تشكيل الحكومات".
الحكومات البرلمانية في الأردن
و أكد العاهل الأردني على أن تعميق مفاهيم الديمقراطية في الأردن يكمن من خلال الانتقال إلى الحكومات البرلمانية الفاعلة، والتي تشكل الحكومة عن طريق ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب، قائلا: "فور انتهاء الانتخابات النيابية القادمة، سنباشر بإطلاق نهج الحكومات البرلمانية، ومن ضمنها كيفية اختيار رؤساء الوزراء والفريق الوزاري، وعلى الرغم من أن التجارب الدولية المقارنة تشير إلى الحاجة إلى عدة دورات برلمانية لإنضاج هذه الممارسة واستقرارها، إلا أن ما يحدد الإطار الزمني لعملية التحول الديمقراطي هذه هو نجاحنا في تطوير أحزاب سياسية على أساس برامجي، تستقطب غالبية أصوات المواطنين، وتتمتع بقيادات مؤهلة وقادرة على تحمل أمانة المسؤولية الحكومية".
آلية تشكيل الحكومة البرلمانية
واوضح الملك الأردني آلية تشكيل الحكومات القادمة من خلال: "كخطوة أولى، فإننا سنبادر إلى تغيير آلية إختيار رئيس الوزراء بعد الانتخابات التشريعية القادمة، وفقًا للمعايير التالية: إن رئيس الوزراء القادم، والذي ليس من الضروري أن يكون عضواً في مجلس النواب، سيتم تكليفه بالتشاور مع ائتلاف الأغلبية من الكتل النيابية، وإذا لم يبرز ائتلاف أغلبية واضح من الكتل النيابية، فإن عملية التكليف ستتم بالتشاور مع جميع الكتل النيابية، وبدوره، سيقوم رئيس الوزراء المكلّف بالتشاور مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة البرلمانية الجديدة والاتفاق على برنامجها، والتي ينبغي عليها الحصول على ثقة مجلس النواب، والاستمرار بالمحافظة عليها".
واكد الملك عبدالله الثاني على ضرورة الاستمرار في تطوير آلية اختيار رئيس الوزراء، وذلك "إستنادًا إلى ما نتعلمه من تجربتنا، ونضوج نظام الحكومات البرلمانية، منطلقين من هذه الخطوة نحو تطبيق نهج الحكومات البرلمانية الشامل".
متطلبات التحول الديمقراطي
وركز العاهل الاردني على أن الوصول إلى نظام الحكومات البرلمانية الشامل يعتمد على ثلاثة متطلبات أساسية ترتكز على الخبرة المتراكمة والأداء الفاعل، وهي: "أولاً: حاجتنا إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق. ولا شك أن هذه العملية تحتاج إلى وقت حتى تنضج. ومع وصول أحزاب سياسية تتنافس على مستوى وطني، ووفق برامج تمتد لأربع سنوات إلى مجلس النواب، وحصولها على المزيد من المقاعد، وتشكيلها لكتل نيابية ذات قواعد صلبة، ستكون هناك قدرة أكبر على إشراك نواب كوزراء في الحكومة.
ثانياً: سيكون على الجهاز الحكومي تطوير عمله على أسس من المهنية والحياد، بعيدًا عن تسييس العمل، لمساندة وإرشاد وزراء الحكومات البرلمانية، خاصة وأن هذا النموذج يعني بمفهومه الأشمل أن الوزراء الذين يكلفون لتولي حقائب معينة قد لا يتمتعون بخبرة عملية سابقة في مجال عمل الوزارات التي سيتولونها (مفهوم الوزير السياسي مقارنة بالوزير التكنوقراطي)، ولذا، فمن الضروري أن يصبح الجهاز الحكومي مرجعاً موثوقاً للمعرفة والمساندة الفنية والمهنية، ومن المهم أيضاً أن يعتمد الوزراء على خبرات هذا الجهاز في صنع القرار.
ثالثاً: تغيير الأعراف البرلمانية من خلال تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب بما يعزز نهج الحكومات البرلمانية، وعلى مجلس النواب المباشرة بذلك والاستمرار في بناء هذه الأعراف وتطويرها. والهدف من هذا الأمر، هو أن تساهم هذه الأعراف في تأطير آلية تشكيل الحكومات من خلال التشاور والتوافق بين الكتل النيابية، وهذا سيتطلب بلورة فهم مشترك حول كيفية وصول هذه الكتل إلى وضع برامج تعكس سياسات متفق عليها كأساس للتعاون والاستقرار الحكومي. وفي المقابل، فإن أحزاب المعارضة بحاجة إلى بلورة أعراف مماثلة تحكم آلية التعاون في ما بينها من أجل مساءلة الحكومات وعرض رؤى بناءة بديلة (كحكومة ظل). ولا شك أن دور المعارضة هذا يشكل أحد عناصر النجاح لتجربة الحكومات البرلمانية".
نظرة مستقبلية: الأدوار والمسؤوليات
وتابع الملك عبدالله الثاني: "إن السرعة والنجاح في تطبيق المتطلبات الثلاثة أعلاه يشكلان عنصراً أساسيًا في عملية الانتقال الناجح نحو الحكومات البرلمانية، وهي أساس التحول الديمقراطي في نظامنا السياسي، وخلال مرورنا في عملية الانتقال هذه سيترتب على العديد من مؤسساتنا السياسية وفئات مجتمعنا لعب أدوار مختلفة وتحمل مسؤوليات جديدة، وفي الورقة النقاشية الثالثة، سأسعى إلى تقديم اجتهاد يوضح أدوار ومسؤوليات جميع أطراف المعادلة السياسية، وسأقترح بعض الرؤى حول كيفية تطوير هذه الأدوار في السنوات القادمة".
خدمة للأردنيين
يذكر أن العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني وفي رسالته النقاشية الأولى، أكد على التزام النظام الأردني بمبادئ المواطنة الحقة، والاحترام المتبادل، وممارسة واجب المساءلة، والشراكة في التضحيات والمكاسب، والحوار البناء وصولاً إلى التوافق على امتداد مسيرة الدولة الأردنية في مسعاها نحو تجذير الديمقراطية.
واعتبر الملك عبدالله الثاني أن تطوير النظام الديمقراطي في المملكة الهاشمية هو خدمة لجميع الأردنيين قائلاً:"الديمقراطية في جوهرها عملية حيّة نمارسها جميعاً، مواطنين ودولة، وفي الأردن، شكَّل الدستور أساس الحياة السياسية والديمقراطية الذي طالما وفر إطاراً تنظيمياً لقراراتنا وخياراتنا على مدى تسعين عامًا، وهذا هو الأساس، ولكن لا بد أن تستمر المؤسسات والقوانين بالتطور والارتقاء نحو الأفضل".
مستقبل مشرق
واشار الملك عبدالله الثاني إلى أن الأردن استطاع أن يحقق إصلاحات سياسية من خلال التعديلات الدستورية حيث كتب: "لقد حققنا بالفعل تقدماً مشهوداً على هذا الطريق في السنوات الأخيرة، إذ قادت التعديلات الدستورية التي شملت ثلث الدستور إلى تعزيز الفصل والتوازن بين السلطات، ورسخت استقلال القضاء، وصون حقوق المواطن، كما تم إنشاء محكمة دستورية، وهيئة مستقلة للانتخاب، وهذه الانجازات تهدف إلى تمكين شعبنا الأردني من رسم مستقبل الوطن بشفافية وعدالة وبمشاركة الجميع، وقد آن الأوان لنمضي سويًا في تعزيز هذه القاعدة الصلبة، والبناء عليها".
إصلاح متطور
واضاف: "إن تكوين مجتمع ديمقراطي متقدم هو نتاج التعلّم من التجارب المتراكمة، والجهود المشتركة، وتطويره مع مرور الوقت، ولا يتم ذلك من خلال مرحلة إصلاحية محددة أو جملة إصلاحات واحدة. فالإصلاح الديمقراطي لا يختزل بمجرد تعديل للقوانين والأنظمة، إنما يتطلب تطويرًا مستمرًا للنهج الذي يحكم الممارسات والعلاقة بين المواطنين، والجهاز الحكومي، والنواب الذين يحملون أمانة ومسؤولية اتخاذ القرار بالنيابة عن المواطنين الذين انتخبوهم".
التعليقات
سائرون معكم في نهجكم
مروان -هذا هو المطلوب يا جلالة الملك كي نتقدم في بلدنا الأردن الى الأمام. والله ان الامكانيات موجودة وحبنا للأرض موجود. فقط نحتاج الى قيادتكم الحكيمة كي نسير الى الأمام
الأردن أولا
سلوى -هل فعلا ستحقق تعددية سياسية من خلال هذه الانتخابات؟؟
احذروا التطرف
بحبوحة -خوفك من "خطر حلول السلطوية الديكتاتورية الدينية مكان السلطوية العلمانية في دول الربيع العربي" في محله وخير دليل مصر. هذا لا يعني بالضرورة ان للتغيير في بلد الكنانة ايجابياته لكن حقا اخاف ان اعيش وعائلتي وأبنائي الذين لا يتجاوزون الرابعة والثامنة من العمر في بلاد تعلمهم الكفر تحت شعار الدين. أرجو من الأردن ان يتنبه لهذه الحركات ويقي شعبه شرها. ودمتم لبلادكم مخلصين