الدولة تدفن رأسها في الرمال وأزلام الأسد يطاردونهم
المعارضون السوريون في لبنان: من نار النظام إلى جحيم حزب الله
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يهرب المعارضون السوريون من نار بشار الأسد بعد ما اكتووا بها طوال عامين، ليجدوا أنفسهم في جحيم أمن حزب الله والأجهزة الأمنية اللبنانية، الذين يساندون السفارة السورية في إعادة المعارضين إلى مصير مشؤوم ينتظرهم في ما تبقى من سوريا الأسد.
إيلاف من بيروت: لم يخطر في بال المعارضين السوريين أن هروبهم إلى لبنان بحثًا عن الأمان سيكون أشد وطأة عليهم، وأنهم سيقعون في شراك مؤيدي نظام الرئيس بشار الأسد وحلفائه، وفي أحسن الأحوال في أيدي الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة اللبنانية، التي تؤيد نظام الأسد.
وإذا كانت الحقيقة تتلخص في أن عموم اللاجئين السوريين يعيشون في ظروف صعبة في المدارس والخيام، فإن الحقيقة الأقسى تكمن في عمليات الملاحقة والخطف التي يتعرض لها هؤلاء من مناصري النظام السوري في لبنان، لا سيما حزب الله، ما يعرّض حياتهم للخطر من جهة ويسلّط الضوء على عجز الدولة اللبنانية عن حماية أمنهم من جهة مقابلة.
خطف أو اختباء
قال النائب معين المرعبي، من تيار المستقبل، إن بعض المعارضين السوريين الذين خرجوا من سوريا لم يصلوا إلى لبنان، ما يشير إلى احتمال تعرضهم للخطف في منطقة ما داخل سوريا أو لبنان. وقال في حديث لـ"إيلاف": "ربما يكون هؤلاء الأشخاص ضلوا طريقهم ووصلوا إلى مناطق خارجة عن سيطرة الدولة اللبنانية ووقعوا في أيدي جهات تابعة للنظام السوري".
أضاف: "الجهات التي تلقي القبض على المعارضين السوريين هي من أتباع بشار الأسد أو من رفاق سلاحه، وكنا نتلقى اتصالات تستفسر عن وصول بعض المعارضين الذين خرجوا من سوريا باتجاه لبنان، لكنهم لم يصلوا إلى لبنان، وبالتالي تعتقد أنهم مفقودون أو مخطوفون".
لكنه استدرك بالقول: "في بعض الحالات، تبين لنا أن هؤلاء المعارضين كانوا مختبئين في أماكن مختلفة خشية تعقبهم من الموالين للنظام، إلا أن هذه الحالات بقيت محدودة مقارنة بحالات الخطف والملاحقة".
وشدد المرعبي على أن جهاز الأمن العام اللبناني لم يعد قادرًا على تعقب المعارضين السوريين وإلقاء القبض عليهم كما كان يحصل في بدايات الثورة السورية لأن "العيون فتحت على الأمن العام من المنظمات المحلية الدولية المتابعة لشؤون حقوق الإنسان، وبالتالي تقلصت حرية الجهاز في هذا المجال".
إلا أن المرعبي أبدى قناعة في أن حزب الله لا يكف عن ملاحقة المعارضين السوريين واختطافهم إلى أماكن في مناطقه، بعيدًا عن متناول الدولة اللبنانية. قال: "إذا كان الحزب يقصف مناطق سورية من داخل الأراضي اللبنانية، فهل من المستبعد أن يخطف معارضين للتحقيق معهم وتسليمهم لنظام بشار الأسد، بينما الحكومة اللبنانية مستغرقة في سياسة النأي بالنفس، تدفن رأسها في الرمال كي لا ترى حقيقة ما يحصل".
الأجهزة والسفارة
لم تخف المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان (لايف) قلقها على الوضع الحقوقي والإنساني للاجئين السوريّين في لبنان، منذ لحظة تشكيل الحكومة التي تألّفت من بعض التيّارات و الشخصيّات السياسيّة المؤيّدة للحكومة السورية.
ولفتت لايف إلى أن تصرُّف بعض الوزراء في لبنان يندرج في هذا الإطار، وهو ممارسة سياسية ممنهجة بهدف إرغام أكبر عدد من اللاجئين السوريّين في لبنان للعودة القسريّة إلى بلادهم ليواجهوا الأخطار التي تنتظرهم.
وأشارت المؤسسة في بيان، تلقت "إيلاف" نسخة منه، إلى أن "انقسام اللبنانيّين بيّن مؤيّد للثورة في سوريا ومعارض لها، ووجود سيطرة للجانب المؤيّد للنظام السوري على الواقع السياسي والحكومي اللبناني، وضع اللاجئين السوريّين في لبنان في مواجهة مخاطر انقسمت بين أعمال خطف قامت بها جماعات مسلّحة لبنانية موالية للنظام السوري وبين اعتقالات تعسفيّة غير قانونية قامت بها أجهزة أمنية لبنانية".
وتوقف البيان عند الخطاب العنصري الذي برز أخيرًا تجاه اللاجئين السوريّين في لبنان. واعتبرت لايف أن أخطر ما في هذا الأمر هو حضّ أصحاب هذا الخطاب على العنصريّة والكراهية كسلاح في مواجهة خصومهم السياسيّين اللبنانيّين ومادة للدعاية الإنتخابيّة، وعلى الرغم من أن هذا الخطاب العنصري صدر على لسان أحد الوزراء في الحكومة اللبنانية إلا أنّ أي موقف توضيحي لم يصدر من جانب الحكومة اللبنانية".
وقال نبيل الحلبي، رئيس المؤسسة، في حديث لـ"إيلاف": "ملاحقة اللاجئين عمومًا والمعارضين خصوصًا وتسليمهم يجري بالتنسيق بين بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية والسفارة السورية ووزارة الخارجية، لكن ضغوطًا محلية وخارجية وعمل منظمات المجتمع المدني وهيئات الدفاع عن حقوق الانسان نجحت في وضع حد لهذه الملاحقات".
مسح حزب الله
شددت مصادر حقوقية خاصة لـ"إيلاف" على أن حزب الله يقوم في مناطقه بعملية مسح كاملة للاجئين السوريين، ويملأ إستمارات بعناوين إقامتهم، وأرقام الهواتف التي يستخدمونها، والأماكن حيث يترددون، إضافة إلى معلومات أخرى.
وأشارت المصادر إلى أن حزب الله يحقق مع بعض السوريين في مراكزه، لافتة إلى أن لديها إفادات تشير إلى أن حزب الله سلّم الجهات الأمنية السورية معارضًا واحدًا على الأقل.
قال الحلبي: "نخشى أن يكون حزب الله متورطًا في ملاحقة اللاجئين السوريين والمعارضين، لأن الدولة اللبنانية ليس لديها سلطة في المناطق التي يسيطر عليها الحزب، وكذلك مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، وهذا يعيق توثيق أي إفادات يمكن الحديث عنها".
توقيف المخالفين
تشير إحصاءات لايف إلى أن الغالبيّة العظمى من اللاجئين السوريّين في لبنان هم من المعارضين وعائلات المعارضين للنظام السوري، ما يعيق دخول بعضهم الأراضي اللبنانية عبر النقاط الحدودية النظامية بين البلدين، لذلك يختار العديد من هؤلاء عبور الحدود الطبيعيّة بين لبنان وسوريا وسلوك الجبال والطرقات الوعرة.
وجاء في بيان المؤسسة: "تعمد السلطات اللبنانية إلى توقيف هؤلاء الأشخاص بمُجرَد أنّهم لم يدخلوا الأراضي اللبنانية عبر المعابر الحدودية النظامية وعدم حيازتهم الأوراق القانونية".
ولفتت إلى أن العديد من الضباط والجنود الذين قرروا الإنشقاق عن الجيش السوري النظامي كانوا عرضةً للتوقيف استنادًا إلى أربعة أسباب قانونية، وفق إحالات النيابة العامة العسكرية، هي: عدم حيازة بعض المنشقّين أوراقًا تثبت شخصيّتهم، وتواجد المنشقّين داخل الأراضي اللبنانية وبحوزتهم سلاح حربي، حيازة المنشقّين للأعتدة العسكريّة داخل الأراضي اللبنانية، فالزيّ العسكري يدخل ضمن الأعتدة العسكريّة، ودخول المنشقّين الأراضي اللبنانية عبر المعابر الحدودية غير النظاميّة.