أخبار

جائزة شرفاء بين الأمم الإسرائيلية للراحل محمد حلمي

تكريم مصري أنقذ عائلة يهودية من النازية

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في حدث غير مسبوق من نوعه، منحت مؤسسة إسرائيلية لقب "نصير الشعب اليهودي" إلى طبيب مصري راحل، كان يقيم في ألمانيا خلال فترة الحرب العالمية الثانية.

أصبح الطبيب محمد حلمي أول عربي تمنحه مؤسسة "ياد فاشيم"، التي تتولى توثيق وتخليد ذكرى اليهود الذين تعرضوا للقتل على أيدي القوات النازية، أو ما يُعرف بـ"الهولوكوست"، جائزتها بعنوان "شرفاء بين الأمم" لدوره في حماية وإخفاء عائلة يهودية من أربعة أفراد إبان الحقبة النازية في برلين.

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن المؤسسة منحت لقبها للطبيب المصري "تقديراً للجهود التي بذلها بالتعاون مع امرأة ألمانية، تُدعى فريدا شتورمان، إبان الحرب العالمية الثانية في برلين، لإنقاذ أبناء عائلة يهودية".

وتحاول المؤسسة الإسرائيلية حالياً الاتصال بورثة الطبيب المصري الراحل، الذي توفي عام 1982، وكذلك المرأة الألمانية، لاستلام الجائزة. وبحسب بيان للمؤسسة فإن حلمي، الذي كان يدرس الطب في برلين، تعرض هو الآخر للملاحقة من قبل القوات النازية، كما منع من الزواج بخطيبته الألمانية، بدعوى أنه لا ينتمي إلى الجنس "الآري".

واعتقلت الاستخبارات الألمانية الطبيب المصري، مع مصريين آخرين، خلال الأشهر الأولى للحرب العالمية الثانية عام 1939، إلا أنه تم الإفراج عنه بعد عام لأسباب صحية.

نصير اليهود

وأشارت المؤسسة الإسرائيلية إلى أن المصري "نصير الشعب اليهودي" قام بإخفاء أسرة يهودية تُدعى آنه غوطمان، في منزله ومنازل عدد من أصدقائه حتى انتهاء الحرب.

وحسب (بوابة الأهرام) فإن وراء تلك الجائزة قصة كبيرة تعود وقائعها بحسب مؤسسة "ياد فاشيم"، لعام 1922، حين ذهب الدكتور محمد حلمي، المولود في الخرطوم في العام 1901 لأبوين مصريين إلى ألمانيا عام 1922 لدراسة الطب واستقر في برلين.

وبعد أن أكمل دراسته، التحق بمعهد روبرت كوخ، ولكنه طرد عام 1937، لأنه ليس من الجنس الآري، (وتقول دراسة أجريت عام 2009 أن المعهد كان منخرطاً بقوة في سياسة الطب النازي)، فطبقاً للنظرية العرقية النازية، فإن حلمي كان مصنفاً على أنه من السلالة الحامية المنتسبة إلى حام بن نوح، وهي سلالة اصطلح عليها في نهاية القرن التاسع عشر للإشارة إلي سكان شمال أفريقيا بما فيهم قدماء المصريين وسكان القرن الإفريقي.

تمييز عنصري

وتم استعمال التمييز العنصري ضد حلمي ومنع من العمل في نظام الصحة العامة في الدولة في ذلك الوقت، ولم يعد قادراً على تزوج خطيبته الألمانية وتم القبض عليه عام 1939 مع عدد من المصريين ولكن أطلق سراحه بسبب إصابته بمشكلات صحية.

ورغم ملاحقته من خلال النازي، تحدث حلمي علناً ضد السياسات النازية، ورغم الخطر الداهم، فإنه خاطر بحياته لأجل مساعدة أصدقائه اليهود، وحمايتهم. وحين بدأ ترحيل اليهود من برلين، احتاجت صديقته آنا بوروز، إلي مكان للاختباء فيه، فساعدها حلمي في الاختباء داخل كابينة يملكها في برلين أصبحت ملاذاً آمناً لها حتى انتهاء الحرب في ألمانيا. وكان حلمي يوفر لها ملاذاً آخر كلما خضع للتحقيق معه أو حين يتزايد خطر القبض عليها.

وكتبت صديقته آن بوروز التي أصبح اسمها "غوتمان" بعد الحرب: "لقد كان حلمي صديقاً جيداً للعائلة، ساعدني علي الاختباء في حي بوخ ببرلين منذ العاشر من مارس 1942 وحتي نهاية الحرب في 1945، فمنذ عام 1942 فقدت كل تواصل مع العالم الخارجي، وعلم الجستابو(البوليس السري الألماني)، أن دكتور حلمي هو طبيب العائلة، وعلموا أنه يملك كابينة في حي بوخ ببرلين".

وأضافت بوروز في مذكراتها التي كتبتها بعد الحرب: "لقد نجح في التهرب من كل تحقيقاتهم. وفي هذه الحالات كان يقدمني لبعض أصدقائه، حيث كنت أقيم عندهم لأيام عدة وكان يعرفني علي أنني ابنة عمه القادمة من دريسدن.

كرم شديد

وتقول آنا غوتمان: عندما يمر الخطر أعود إلى الكابينة مرة أخرى، لقد فعل دكتور حلمي كل شيء لأجلي بكرم شديد من القلب وسأكون ممتنة له للأبد".

وساعد الدكتور محمد حلمي أيضاً والدة آنا غوتمان، والتي كانت تدعي جولي، وزوج أمها غور وير، وجدتها لأمها سيسيليا رودنيك، حيث قدم لهم المساعدة الطبية اللازمة، ووفر لسيسيليا مكانا تختبئ فيه لمدة عام كامل في بيت صديقته فريدا سزوتسمان والتي استضافت السيدة العجوز لمدة عام كامل وشاركتها الطعام.

وحين قبض علي زوج أم غوتمان، عام 1944 وتم التحقيق معه بعنف، اكتشف جهاز الاستخبارات الألماني (الغستابو) أن حلمي كان يساعد العائلة وأنه كان يخبئ آنا، وقام حلمي حينها في الحال بنقل آنا إلي بيت فريدا وتمكن بفضل دهائه من أن يتجنب العقوبة.

وبفضل مجهودات حلمي، أنقذ أفراد العائلة الأربعة. وبعد الحرب هاجر حلمي إلى الولايات المتحدة ولكنه لم ينس من أنقذهم، وكتب خطابات لمجلس الشيوخ ببرلين، في الخمسينات وأوائل الستينات، كشفت النقاب عنها، أرشيف برلين، وقدمت لمؤسسة "ياد فاشيم" لتوثيق وتخليد ذكرى محرقة النازية (الهولوكوست).

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف