أخبار

مرشح وثلاثة سيناريوهات قبل 191 يومًا من الانتخابات

الجزائر: حصان الرئاسة الأسود ما زال غامضًا

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مع بدء العد التنازلي لانتخابات الرئاسة الجزائرية، تحتدم التساؤلات حول هوية الحصان الأسود في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في الجزائر، بعد 191 يومًا من الآن، خصوصًا أن المعطيات حول مرشح إجماع ما تزال غامضةً.

الجزائر: تبرز رؤوس كبيرة مرشحة لأن تلعب أدوارًا مهمة في الاقتراع الرئاسي الجزائري المقبل في نيسان (أبريل) 2014، وتقول مراجع إن اللائحة تضم كلا من الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، وسلفه علي بن فليس. واللائحة مرشحة لأن تستوعب أسماء أخرى يتم طهيها في مطابخ القرار.

انطباعات وهمية

على وقع تساؤلات عن إمكانية إرتسام صراع ثنائي بين مرشح الموالاة ومرشح المعارضة، تألق علي بن فليس، صاحب الوصافة في رئاسيات 2004، بعودته الصاخبة، بالتزامن مع الهالة المُحاطة بشخص أحمد أويحيى، رئيس الوزراء السابق المثير للجدل، في حين يُطرح إسم المخضرم مولود حمروش، الذي عايش العديد من المراحل، ويؤهله كثيرون ليكون نجم الموقعة الرئاسية، إذا دفع به إلى المنعرج النهائي.

يذهب محمد حشماوي إلى أنّه من المبكّر الجزم من سيكون الحصان الأسود، حتى وإن كانت الاستخبارات لا تزال تمسك بمقاليد الأمور، بشكل يبطل مزاعم من يروجون لكون عصبة الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة هي من تتحكم في تحريك دفة الأشياء، على خلفية ما سماها حشماوي مسرحية التغيير الحكومي الأخير، وسعي المخرج إلى تكريس إنطباع وهمي، مفاده أن الرئيس الحالي عاد بقوة.

وعما إذا كان الذي يحصل يمهّد لاستمرار بوتفليقة رئيسًا، يشدّد أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس على أن لا أحد في الجزائر يدرك حقيقة ما سيكون، ما يبقي كل الاحتمالات واردة، حتى القائلة ببقاء بوتفليقة في كرسي الرئاسة إلى العام 2016.

الأكثر بروزًا

من جهتهما، يذهب الناشطان محمد حميان وهيثم رباني إلى أن المرشح الأبرز في رئاسيات 2014 في الجزائر هو علي بن فليس، الذي قاد الحكومة ما بين آب (أغسطس) 2000 وآيار (مايو) 2003. ويسوّغ رباني ترجيح كفة بن فليس بكونه يملك برنامجًا غاية في الطموح والتطور. ولا يمنح رباني كبير حظوظ لأحمد أويحيى، تبعا لعدم اختلاف رؤاه عن الرئيس الحالي، وعدم تمتع الرجل بأي تأييد شعبي.

ويقول محمد حميان إن بن فليس أكثر الأسمــاء تداولًا إعلاميًا وفي صالونات السياسة ومحيط الأحزاب، "فكثيرون يرون الرجل قادرًا على تحقيق الإجماع السياسي والجماهيري في بلاده، ما جعله يحظى بترويج واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا بين الشباب، هذه الشريحة ستلعب دورًا هامًا في الاستحقاق الرئاسي باعتبارها تستوعب 60 بالمئة من الجزائريين".

وحميان الذي لا يخفي ترشيحه بن فليس، يتصور أن احتمال الدفع بأويحيى نحو الترشح للرئاسيات لا يمكن تصنيفه إلا في خانة المغامرة، "والسلطة في الجزائر لا يمكنها في هذا الظرف بالذات المغامرة أو الدفع بمرشـح يؤكد الكثير من الجزائريين أنه كان السبب المباشر في غلق العديد من المؤسسات، وتسريح نصف مليون عامل في تسعينات القرن الماضي، ما يجعل إحتمالية مشاركته في السباق الرئاسي ضئيلة جدًا".

كما يرى حميان أن قوى المعارضة ستكتفي بتزكية أحد المرشحين، الذي تراه يتماشى مع أفكارها، "والشخصية الأقرب للمعارضة تتمثل في بن فليـس، وهو الموسوم بأنه رجل الإنقاذ، في حين تذهب تخمينات إلى أنّه قد يتم إقحام عبد العزيز بلخادم لإضعاف بــن فليس في بعض معاقلــه".

المفاجأة واردة

يركّز رباني على أنّه لن تكون هناك مواجهة بين مرشح معارضة ضد مرشح السلطة، بقدر ما سيكون هناك نزال بين مرشح المرحلة الجديدة ضد مرشح المرحلة السابقة. ولا يمنح مراقبون رقعة ذات بال لكل من الوزير الأول الحالي عبد المالك سلال وعبد العزيز بلخادم، الزعيم السابق لقوى الأكثرية. ويذهب من تحدثوا لـ"إيلاف" إلى أن حظوظ سلال وبلخادم أقل من أن تذكر لأسباب موضوعية تتعلق بحجمهما السياسي بالدرجة الأولى، لأنه مرتبط بقوة وحضور بوتفليقة.

ويرى جمال زروق أن الموقعة لن تخرج عن ثالوث: أحمد أويحيى - علي بن فليس - مولود حمروش، ويصف الأول بكونه رجل النظام الذي يحظى ببركة الجيش والأجهزة، ودعم واشنطن وباريس. وبالنسبة لبن فليس، يرفض زروق تقديمه كمرشح للمعارضة، ويجزم أن الرجل سينفذ تمامًا ما سيطلب منه، على منوال إلتزامه بالصمت المطبق منذ خيبته في إقتراع العام 2004.

ويُبقي زروق المجال مفتوحا أمام المفاجآت، إذا ما تمّ إستظهار ورقة مولود حمروش، الرئيس الأسبق للحكومة، الذي يمتلك أسهمًا كبيرة وأوراقا رابحة تمكنه من كسب أهم موعد في الجزائر العام القادم.

مصالح طرفي النظام

يرى نور الدين بلموهوب، المتحدث السابق باسم لجنة الدفاع عن معتقلي المراكز الأمنية في الصحراء، إن الواقع السياسي الجزائري مجرّد رقعة شطرنج غير قابلة لأكثر من طرفين أو جناحين في النظام، ولا يُمثّلان إلا جناحين أو أكثر من التيار المسيطر على الحكم في البلاد منذ "انقلاب" 11 كانون الثاني (يناير) 1992.

ويركّز بلموهوب على هيمنة "المافيا" المالية-السياسية التي تتقاسم الأدوار و تتبادل الأماكن، بعيدًا عن كل مَا لَهُ صِلَةٌ بالشعب الجزائري أو بمصالحه. بلموهوب يتوقع أن يكون الاقتراع المقبل حلقة جديدة من مسلسل المهازل التي تطيل عُمْرَ النظام القائم، ويقلّل من أثر بن فليس، رغم إقراره بإيجابية ما أحرزه منذ استقالته من وزارة العدل احتجاجًا على ما انتاب القطاع من تجاوزات قبل عقد ونيف. لكن بلموهوب لا يهضم ترشّح بن فليس في "مهزلة" 2004، واصطفاف المعني إلى جانب من يصنفهم في خانة الاستئصاليين، فكان أن سقطَ من الحسابات.

ولا يمنح بلموهوب كبير حظوظ لكل من عبد العزيز بلخادم وأحمد بن بيتور وعبد المالك سلال، ويقول: "لنْ نتبَنّى أشخاصًا يترشّحون لمنصب حساس كهذا من دون أن يُقَدّمُوا ضمانات لتنفيذ الحلول للمشاكل المترتّبَة عن الأزمة السياسية المزمنة"، ويشترط تعاطيًا فعليًا مع معتقلي الصحراء، بعدما زُج بهم في محتشدات جنوب البلاد قبل عشريين بشبهة تأييد جبهة الانقاذ المحظورة، وما زالوا تحت مقصلة التهميش وحرمانهم من المواطنة.

سيناريوهات ثلاثة

لا يعتقد المحلل محمد بغداد أن تشكل انتخابات الرئاسة، بالمنظور الاستراتيجي، منعرجًا مهمًا ولا تغييرًا عميقًا في الساحة السياسية المحلية. وفي أحسن الأحوال، ستكون موعدًا لإعادة ترتيب التوازنات الكبرى في ساحة اتخاذ القرار. ويوقن بغداد في أن انتخابات الرئاسة إذا نُظمت لن تخرج عن سيناريوهات ثلاثة .

السيناريو الأول يقضي بأن تجرى الانتخابات ويكون الرئيس الحالي المرشح الأهم والفائز قبل الأوان، على اعتبار أن لا منافس له، فيتكرر سيناريو 1999 بانسحاب المرشحين الآخرين. وهذا السيناريو يريح الكثير من الفاعلين في الطبقة السياسية، لأنهم غير مستعدين لخوض الانتخابات الرئاسية بفعل تراكم الكثير من العوامل التي تمنع المرشحين من التورط في هكذا مسار.

والسيناريو الثاني يقضي بتعديل الدستور لتوسيع مدة الولاية الرئاسية، ويكون خيار التمديد قائمًا، وهو الخيار الذي يبحث عنه الكثيرون، مع الملفات التي تم فتحها ووصول الأمر فيها إلى الشرطة الدولية والانابات القضائية الخارجية، ومع التوترات الخطيرة في الساحل الإفريقي، وتداعيات الثورات العربية، وبالذات الملف السوري، إضافة إلى الكثير من القضايا الاجتماعية والمرشحة للاضطراب. وهذه عوامل ستسعف الطبقة السياسية على الاستفادة من هذه الفترة، واستغلالها في التعبئة الداخلية.

أما السيناريو الثالث فيقضي بأن تقام الانتخابات من دون مشاركة الرئيس الحالي، وتكون مفتوحة على كل الاحتمالات، ولكن تخضع للخيارات المتاحة والمحضرة مسبقًا. وإن كان هذا السيناريو مستبعدا، ولكنه قد يمثل المفاجأة.

التحدي الأهم ليس السيناريوهات ولا المرشحين، بل هو في الحدود الممكنة التي يمكن أن تصل اليها الإصلاحات التي باشرتها السلطة، وهي الإصلاحات التي تفرض الذهاب بها إلى صناعة توازنات جديدة بين الفاعلين، وبالذات الفئات الاجتماعية الجديدة، التي أصبحت تقدم مطالبها عبر الممثلين الجدد، إلا أن التكاليف التاريخية ستكون باهظة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف