في تحليل واقعي للمشهد العربي بعد ربيعه
الملكة رانيا: الملك عبدالله مؤمن بمشاركة الأردنيين بالإصلاح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تحدثت الملكة الأردنية رانيا العبدالله فأوضحت رؤيتها للتغيير العربي، مؤكدةً أن الملك عبدالله الثاني يريد مشاركة كل فئات الشعب الأردني بعملية الاصلاح، وقالت إن العالم العربي بحاجة إلى ثورة تعليمية، تدخل أساليب التعليم النوعي، لأنه حبل نجاة العرب.
عمّان: لم يكن حديث الملكة رانيا العبدالله مع "العربية" غير رؤية متابع لما يجرى في الاردن والمنطقة العربية، وتشخيص واقع الحال والمشاكل بعمق وبعين ثاقبة، خصوصًا في رؤيتها للتعليم.
وحملت مقابلة الملكة رانيا محاور داخلية، أبرزها ما تتمتع بها من قراءة دقيقة لتاريخ المملكة، واصفة العائلة الحاكمة بقولها: "إن الهاشميين سياسيون منذ الأزل، محنكون ومخضرمون وحاملو رسالة تجمع ولا تفرق، رسالة الانفتاح والاعتدال والتعايش وحماية حقوق الانسان وكرامته".
وبالرغم من أن الملكة تتجنب الحديث السياسي، لكنها تحدثت عن الربيع العربي وما يجرى في المنطقة العربية، وكذلك جهود الاصلاح السياسي الذي يقودها الملك عبدالله الثاني. وقالت حرفيًا: "جلالة سيدنا (كما تحب أن تخاطبه دائمًا) يؤكد أن عملية الإصلاح مستمرة ولن تتوقف ومشاركة جميع مكونات وفئات المجتمع هامة".
دمنا ليس رخيصًا
وأظهرت الملكة رانيا حبها للشعب الاردني، عندما قالت إن الشعب الاردني أظهر روح المسؤولية والانتماء لوطنه، وكذلك أن الاردن يمثل الثبات والوضوح رغم مساحته الصغيرة، لكن همته ليس لها حدود. وحول مجريات أحداث العالم، قدمت الملكة رؤيته ازاء ما حدث، وقالت بهذا الشأن إن المطلوب اليوم هو إعادة الاعتبار لقدسية الحياة، والتأكيد على حرمة الدم العربي، "فنحن دمنا ليس رخيصًا، دم اولادنا غال".
وأشارت الملكة إلى أن أكبر تهديد يواجه العالم العربي اليوم هو التمزق من الداخل، من طريق التفتيت أو الالتفات إلى هويات فرعية. واكدت أن التعليم هو الحل الوحيد والجذري الذي يعالج معظم التحديات والمشاكل التي يواجهها العالم العربي.
وأضافت: "ما يحتاجه العالم العربي اليوم هو ثورة تعليمية وتغيير جوهري، يحقق طموح كل أم وأب في توفير تعليم نوعي لأطفالهم، حيث أن الانجاز بالتعليم في العالم العربي ركز أكثر على الكم وليس على النوع".
وأشارت إلى أن مشاكل قطاع التعليم في الأردن اليوم يواجه تحديات جسيمة لأسباب متعددة حيث أن الخطوة الأولى لحل أي مشكلة هي الاعتراف بوجودها. وترى الملكة رانيا أن الفكرة والمهارة والموهبة لا يحدها غنى أو فقر، فالحق في الامل يجب أن يكون متوفرًا للجميع، بغض النظر عن الواسطة أو المحسوبية أو المنصب.
محنكون حاملو رسالة
اشارت الملكة رانيا إلى أن العالم العربي يمر بظروف استثنائية وهو على مفترق طريق، مؤكدة أن الاردن يسير على نهج المغفور له جلالة الملك الحسين، القائم على التفاؤل والاعتدال، "واليوم جلالة الملك عبدالله متمسك بهذا النهج، يسير عليه".
وأضافت أن الهاشميين سياسيون منذ الأزل، محنكون ومخضرمون وحاملو رسالة تجمع ولا تفرق، رسالة الانفتاح والاعتدال والتعايش وحماية حقوق الانسان وكرامته، "وهذه كانت دومًا ضامن لأمن واستقرار الاردن، بالرغم من شح الموارد".
وأوضحت أن الاردن مر وما يزال يمر بأزمات، أظهر الشعب الاردني خلالها روح المسؤولية وانتماءه لوطنه. أضافت: "الاردني يحب التفاعل مع العالم من حوله، رغم ما يقال عن الكشرة الاردنية، فوراءها قلب طيب وشعب مضياف".
وقالت: "سيدنا الملك عبدالله يؤكد دومًا أن عملية الاصلاح مستمرة ولن تتوقف، ومشاركة جميع مكونات وفئات المجتمع فيها هامة، فالاصلاح بالاردن اليوم مستمر بطريقة تدريجية ومبرمجة ومتوازنة، وموقف الاردن من الاصلاح ليس جديدًا"، مؤكدةً أن الوعود الوهمية لم تعد مقبولة، وما نتطلع له هو الحشد وراء حلول وبرامج ومبادرات قابلة للتطبيق".
لا شعارات
قالت الملكة رانيا إن العالم العربي لا يريد شعارات وايدولوجيات تنقله فجأة أميالًا إلى الامام، "لكن المطلوب خطوات عملية صغيرة تنقلنا تدريجًا بمجملها آلاف الاميال إلى الامام". وأضافت: "عند الشعوب، لا يوجد ما هو أثمن من الامن والاستقرار، وحالة الاستقطاب والاحتقان والتحريض السائدة في المشهد العربي اليوم لا تفيد احدًا، وتضر بالجميع".
واشارت إلى أن الديمقراطية وبدوك شك هي الحل، "لكنها ليست سهلة ولا يوجد طريق مختصر لها، فهي عملية تراكمية، كل مرحلة تبني على المرحلة التي قبلها، ولا يمكن القفز فوق أي مرحلة".
وأكدت الملكة رانيا في حديثها على أن بناء ديمقراطية قابلة للحياة ولها استدامة، ومتجذرة بتراثنا وتاريخنا ومبادئنا وقيمنا عمل اجيال ويأخذ وقتًا، واضافت: "نريد خطوات قوية وثابتة بدون تقوقع او تخوف او تردد، خطوات فعلا تنقلنا إلى أفق جديد إن شاء الله".
أهمية التعليم النوعي
تهتم الملكة رانيا بالتعليم، لما يمكنه أن يُحدث من فرق نوعي في مستقبل العرب، "وأنا أؤمن بأنه إذا كان هناك حل واحد جذري يعالج معظم التحديات والمشاكل التي يواجهها العالم العربي فهو التعليم النوعي، الذي يحقق مبدأ تكافؤ الفرص، رغم الظروف التي يولد فيها كل واحد".
وقالت إن كم المعرفة في العالم يتضاعف كل خمس سنوات، "ومع حلول العام 2020 سيتضاعف كل 72 يوم، وبالتالي ما يتعلمه الطفل اليوم قد لا يفيده بعد اشهر، واليوم بفضل التكنولوجيا أصبحت المعلومة متوافرة وبكل سهولة، لكن نجد اصرارًا على تلقينها".
أضافت: "يعيش الشباب العربي اليوم في عالمين مختلفين، الحقيقي والافتراضي، بما يمثله الانترنت الذي يبني شخصيته ويتفاعل من خلاله بكل حرية، وفي حال الابتعاد عنه يرجع إلى عالمه الحقيقي فيشعر بالاحباط، مؤكدة على ضرورة تجسير هذه الفجوة وتمكين الشباب بالمهارات والوسائل التي تمنحهم خيارات اكثر، فنحن نعلم أولادنا كيف يحفظون ولا نعلمهم كيف يفكرون".
مبادرات كثيرة
عن المبادرات التعليمية التي اطلقتها واثرها على التعليم في الاردن، قالت الملكة رانيا إن قياس مدى النجاح يعتمد على التغذية التي يتم التجاوب معها، لتعظيم نقاط القوة والاستفادة منها في العملية التعليمية.
وأكدت في سياق حديثها: "لا أعتبر تلك المبادرات شخصية مني أو انجاز شخصي، لكنها جزء صغير من جهد كبير بمشاركة الجميع لدعم قطاع التعليم في الأردن"، مشيرة إلى وجود الكثير من المبادارت التي تطلق بمجهود افراد ومجموعات ومؤسسات مجتمع مدني، وهذا يدل على ادراك واهتمام الاردنيين بالتعليم، معربة عن شكرها لجميع من دعموا العملية التعليمية في الأردن سواء من داخل الأردن أو خارجه.
أضافت: "تاريخيًا، الأردن معروف بكفاءة خريجيه، والحمد لله تشهد دول عربية عديدة بذلك، وقد استطعنا أن ننجز الكثير بالرغم من شح مواردنا، وعلينا الاعتراف بأن قطاع التعليم في الأردن اليوم يواجه تحديات جسيمة لأسباب متعددة، منها قلة الموارد، والازدياد الحاد والمفاجئ في عدد السكان والناجم جزئيًا عن تدفق اللاجئين السوريين، لكن الخطوة الأولى لحل أي مشكلة هي الاعتراف بوجودها، وعدم تجاهلها أو إدارة الظهر عنها".
ثورة تعليمية
وتناولت وضع التعليم في العالم العربي، قالت: "لدينا تجارب مميزة في مناطق مختلفة من العالم العربي، لكن للأسف تبقى استثناءً وليست الاساس، فالإنجاز بالتعليم في العالم العربي ركز أكثر على الكم وليس على النوعية".
وتابعت "علينا التركيز على مخرجات التعليم وليس مدخلاته فقط، فاليوم الثورة المعلوماتية واقتصاد المعرفة شكلا انقلابًا على العملية التعليمية بكل جوانبها، لكن للأسف، آثار الانقلاب لم تصل إلى صفوفنا المدرسية، واليوم أكبر تحد في العالم العربي، وقد يكون جمود نظمنا التعليمية وعدم محاكاتها لمتغيرات العصر، وبالأخص لمتطلبات سوق العمل، فنحن نرى ملايين الأطفال والشباب الخريجين من الصروح العلمية، المدارس والجامعات، ولكن كم منهم مخترع أو مبتكر أو مبدع".
وقالت: "نجد اهتمامًا وايمانًا بأهمية التعليم عند الشعوب العربية، لكن هذا لم ينعكس على السياسات، والحديث المهيمن في ظل الظروف الراهنة يركز على الإصلاح السياسي والاقتصادي"، مؤكدةً ضرورة التركيز على التعليم كونه جزء لا يتجزأ من الاصلاح السياسي والاقتصادي في العالم العربي، "والعالم العربي يحتاج اليوم إلى ثورة تعليمية، وإلى تغيير جوهري يحقق طموح كل أم وأب في توفير تعليم نوعي لأطفالهم".
وختمت قائلةً: "المعلم الملهم الذي يهتم بطلابه ويجيد مهارات الاتصال معهم ممكن أن ينجز المعجزات بلوح وطبشورة، فكل يوم نضع مستقبلنا بين أيديهم، وأنا اعتبر أن الاستثمار بتدريب المعلم وتسليحه بالمهارات الحديثة من أهم أولويات الإصلاح في العالم العربي، فإذا كان الطالب هو محور العملية التعليمية، فالمعلم هو المحرك".