أردوغان: حلم تركي عمره عقود يتحقق الآن
تركيا تربط آسيا وأوروبا عبر نفق تحت الماء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
افتتحت تركيا اليوم نفقًا تحت البوسفور، يربط ضفتي اسطنبول الآسيوية والأوروبية، بالرغم من أن الأعمال فيه لم تكتمل بشكل نهائي. وقد دام العمل فيه تسعة أعوام، وتكلف نحو ثلاثة مليارات يورو.
لندن: في مراسم احتفالية في اسطنبول، دشن الأتراك اليوم الثلاثاء أول نفق للسكك الحديدية تحت مضيق البوسفور، يربط بين الضفتين الاوروبية والآسيوية للمدينة، في مشروع عملاق تعتبره السلطات ورشة القرن.
فبعد أعمال استمرت تسعة اعوام، سيربط نفق مرمراي، الذي يبلغ طوله 14 كلم بينها 1,4 كلم تحت الماء، بين القارتين المطلتين على البوسفور. وسينقل القطار عبر هذا النفق الركاب من آسيا إلى اوروبا، على أمل تسهيل التنقل بين القارتين في رحلة يقوم بها يوميًا الملايين من سكان اسطنبول.
ثلاثة مليارات دولار
في آب (اغسطس) الماضي، وقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان خلف مقود القطار، الذي قام بأولى التجارب في النفق تحت بحر مرمرة، وقال: "هذا حلم تركيعمره عقود أراه يتحقق، فهذا المشروع عمره 150 عامًا، فكر فيه اجدادنا ونحن نفذناه".
وقد طرح السلطان العثماني عبد المجيد فكرة حفر نفق تحت البوسفور للمرة الاولى في العام 1860، لكن انعدام الوسائل التقنية والاموال الكافية حالا دون خروج تلك الفكرة إلى حيز التنفيذ. واعيد طرح المشروع في التسعينات، مع الانفجار السكاني لاسطنبول التي تضاعف عدد سكانها منذ 1998 وتجاوز 15 مليون نسمة.
وسيدشن اردوغان، رئيس بلدية اسطنبول السابق، النفق في احتفال كبير على الرصيف الآسيوي اوشكودار اليوم. وسيرافقه رئيس الحكومة الياباني شينزو ابيه، الذي قدم القسم الاكبر من الاموال لتنفيذ المشروع. وبفضل 735 مليون يورو من بنك اليابان للتعاون الدولي، ثم الدعم من البنك الاوروبي للاستثمار، بدأ كونسورسيوم من شركات تركية ويابانية تنفيذ المشروع في ايار (مايو) 2004. وتقدر التكلفة الاجمالية للمشروع اليوم بثلاثة مليارات يورو.
تخفيف الازدحام
كان من المفترض أن تنجز اعمال الحفر خلال اربعة اعوام، لكن اكتشاف مجموعة من الكنوز الاثرية اوقفها فترة طويلة. واسفرت اعمال الحفر عن العثور في الاجمال على 40 ألف قطعة اثرية، غالبيتها على الضفة الاوروبية لبحر مرمرة، وبينها مقبرة استثنائية لحوالي ثلاثين سفينة بيزنطية تشكل اكبر اسطول معروف حتى اليوم من القرون الوسطى.
وقد حمل هذا الصيد التاريخي غير المتوقع رئيس الوزراء التركي على التساؤل قبل سنتين: "تحدثوا في البداية عن قطع اثرية، ثم عن اوانٍ فخارية، ثم عن هذا وعن ذاك، وهل كل ذلك أهم من الناس؟".
واخيرًا، انجز النفق، هو قناة مزدوجة محفورة على عمق 50 متراً تحت مجرى البوسفور. وفي هذه المنطقة التي يكثر فيها النشاط الزلزالي، يفترض أن يتمكن النفق من مقاومة الهزات الارضية التي تبلغ قوتها تسع درجات على مقياس ريختر.
وعبر هذا النفق الموصول بـ 75 كلم من الطرق الجديدة، تريد السلطات وقف المعاناة اليومية لمليونين من سكان اسطنبول، يجتازون يوميًا جسري البوسفور دائمي الاكتظاظ. وقال رئيس بلدية اكبر مدينة تركية قادر طوباس أمس الاثنين: "النفق ينشىء محور طرق بين شرق وغرب المدينةوسيخفف، كما اعتقد، العبء عن الجسرين بفضل قدرته على استيعاب 150 الف مسافر في الساعة". إلا أن البعض يعرب عن شكوكه في ذلك.
لمَ التسرع؟
لم تكن الانتقادات التي وجهت إلى هذا النفق أقل من التي انصبت على المطار الثالث للمدينة، والقناة التي يبلغ طولها 45 كلم الموازية للبوسفور، أو الجسر الثالث على المضيق. وقد اعتبرت تلك المشاريع العملاقة ادلة على الانحراف التسلطي والابتزاز لدى الحكومة الاسلامية المحافظة خلال احتجاجات حزيران (يونيو) الماضي.
وقال تايفون خرمان، رئيس غرفة مهندسي مدينة اسطنبول: "إنه مشروع مهم تحتاج اليه المدينة، فسيقلص كميات غاز الدفيئة". لكن ربطه بالأجزاء الأخرى من شبكة النقل المشترك لم يتحقق بعد. واعرب خرمان عن أسفه بالقول إن القسم الموضوع في الخدمة محدود جدًا، وقد ارجىء كل ذلك إلى وقت لاحق، ويتساءل الناس: "لماذا الاسراع في التدشين إذًا؟".