أخبار

الرباط تتهم جارتها بافتعال أزمة لتغطية فشلها الداخلي

التوتر الجزائري المغربي حلقة جديدة في مسلسل تصعيدي طويل

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عادت الصحراء الغربية لتؤجج الصراع بين الجزائر والمغرب، بعد دعوة جزائرية في اجتماع أبوجا إلى توسيع سلطات مينورسو في الصحراء الغربية لتشمل حقوق الإنسان، ما عدّه المغرب افتعالًا لأزمة من أجل تغطية الجزائر على مشكلاتها الداخلية.

التصعيد الجزائري المغربي... جعجعة بلا طحين!الرباط: عادت الغيوم لتلبد سماء العلاقات المغربية الجزائرية، ووصل التوتر حد استدعاء الرباط سفيرها بالجزائر للتشاور، في وقت ستواصل فيه الممثليات الدبلوماسية والقنصلية للمملكة في الجزائر العمل تحت سلطة قائم بالأعمال. ويأتي هذا القرار، بحسب ما ورد في بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، عقب تواتر الأعمال الاستفزازية والعدائية للجزائر تجاه المملكة، لاسيما في ما يتعلق بالنزاع الإقليمي حول الصحراء الغربية. قرار صائب أكدت مصادر حكومية مغربية لـ "إيلاف" أن الجزائر صعدت لهجتها العدائية ضد المغرب، ما ظهر بشكل واضح في الرسالة التي وجهها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في اجتماع بأبوجا يوم 28 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مشيرة إلى أن القرار الذي اتخذته الرباط كان صائبًا. وقال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، لـ "إيلاف" إن المغرب قام بما يمليه عليه واجب الدفاع عن السيادة الوطنية إزاء التصعيد الجزائري. وأوضح أن هذا التصعيد تمثل في سلسلة من الأعمال الاستفزازية، بلغت أوجها في رسالة للرئيس الجزائري وجهت في ندوة في أبوجا، ما اقتضى استدعاء السفير المغربي بالجزائر للتشاور. أضاف: "في الوقت نفسه، جرى شرح الموقف المغربي عبر إطلاق عملية دبلوماسية في الرباط مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والمجموعتين العربية والأفريقية، وممثليات الاتحاد الأوروبي، لتوضيح الموقف المغربي الذي لا يقبل المس بقضية وطنية مصيرية للشعب المغربي بكافة قواه ومؤسساته". افتعال مشكلة تصاعد الحرب الإعلامية بين البلدين الجارين ليس بالجديد، لكن ما جد في الفترة الأخيرة كان خطاب بوتفليقة، الذي تلاه وزير العدل الجزائري في اجتماع أبوجا، والذي دعا فيه إلى توسيع سلطات المينورسو في الصحراء الغربية، لتشمل حقوق الإنسان. رد المغرب على الخطاب بقوة، بدءًا بمقال نشر في وكالة المغرب العربي للأنباء، اتهمت فيه الجزائر بـ"افتعال" قضية الصحراء الغربية، خدمةً لمخططاتها في الهيمنة على المنطقة، وصولًا إلى استدعاء السفير للتشاور، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة من تطورات. ويرى مراقبون مغربيون أن الجزائر تحاول تحويل الأنظار عن المشاكل الداخلية الخطيرة التي تعيشها، كما تريد عرقلة مسار الإصلاحات الكبيرة التي يسير فيها المغرب بثبات في "ثورة ربيع" سلمية، أثمرت ميلاد دستور العام 2011. مطية الصحراء في هذا الإطار، قال البشير الدخيل، أحد مؤسسي جبهة بوليساريو العائد إلى المغرب: "الجزائر تحاول أن تغطي فشلها الداخلي، فمع ترشح بوتفليقة لولاية ثالثة يظهر أن هناك أجهزة أخرى تتحكم في البلاد، وتتخذ من مشكلة الصحراء مطية لبلوغ هدفها المتمثل في الهيمنة على المنطقة". وأوضح الدخيل لـ "إيلاف" أن الجزائر لا تهتم بأوضاع حقوق الإنسان في الصحراء، "بل هي ورقة تلعبها من أجل عرقلة مسار الإصلاح الذي يسير فيه المغرب بثبات". وأضاف: "الجزائر تقول إنها ليست طرفًا في النزاع، وتبين عكس ذلك، وفي كل مرة يدخل الملف مرحلة جديدة تقوم الجزائر بعرقلة المفاوضات، فهل تريد الجزائر فعلًا استقلال الساقية الحمراء ووادي الذهب وتقرير مصير الصحراويين؟ أنا لا أظن ذلك، فالجزائر تستعمل ملف الصحراء لإبعاد الأنظار عن مشاكلها الداخلية". أسلحة نظامية يستمر البلدان، وخصوصًا الجزائر، في تعزيز ترسانتهما بأسلحة متطورة، لا علاقة لها بمحاربة الإرهاب. وتصل قيمة الصفقة التي أبرمتها الجزائر مع روسيا إلى 7 مليارات دولار، وهي الأبرز بعد الصفقة مع ألمانيا في 2010، بقيمة 10 مليارات دولار. وقال تاج الدين الحسيني، الخبير في العلاقات بين البلدين، لـ "إيلاف": "لا يمكن القول إن كل هذه الأسلحة تعد لمحاربة الإرهاب، فهي أسلحة نظامية من طائرات مقاتلة وصواريخ لا تستعمل إلا في الحروب بين الدول، وبالتالي يطرح تساؤل عمن هو العدو المفترض الذي تعد له الجزائر العدة على هذا المستوى". وأوضح الخبير المغربي أن خطاب بوتفليقة وهذه التطورات تتزامن مع دقيقة ظرفية تتميز بزيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، الذي أعد تقريرًا لأمانتها العامة، وزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال الأيام القليلة المقبلة للمغرب والجزائر، والاستعدادات المتوالية للإعداد لشهر نيسان (أبريل) المقبل، لمناقشة ما يمكن أن تقدمه الجزائر وحلفاؤها بخصوص خلق هذه الميكانيكية تحت رعاية مينورسو، مشيرًا إلى أن كل هذا يجعل موقف الجزائر استفزازيًا لأقصى الحدود، وأقل ما كان يمكن أن يتخذه المغرب من رد فعل هو دعوة سفيره للتشاور. لن يرى النور وبالنسبة إلى الحسيني، هذا النوع من التصعيد غير مفهوم في المرحلة الراهنة بالذات، إذ كان ينتظر أن تقوم الجزائر بدور آخر هو تقريب وجهات النظر، والمشاركة في المفاوضات بشكل إيجابي، للوصول إلى الحل السياسي الذي تنشده الأمم المتحدة كتسوية نهائية للنزاع. قال الحسيني: "هذا من شأنه أن يعوق مسيرة إعادة بناء اتحاد المغرب العربي المعرقلة أصلًا، كنتيجة لإغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر، والتدهور الذي تعيشه دولتان مركزيتان في المنطقة، وهما تونس وليبيا، اللتان لم تجدا بعد طريقهما لتركيز الحكم الدستوري والسيادي بصفة عامة". اضاف: "بالتالي إذا كانت الجزائر أيضًا تسير في هذا الاتجاه فهذا معناه أن اتحاد المغرب العربي لا يمكنه أن يرى النور، على الأقل، في السنوات القليلة المقبلة". يشار إلى أن "إيلاف" كانت نشرت الجزء الأول من هذا الموضوع تحت عنوان "التصعيد الجزائري المغربي: "جعجعة" بلا طحين!"

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف