أخبار

في إشارة إلى تحول في الموقف الأميركي

زيارة كيري تنزع فتيل أزمة الخلاف بين الرياض وواشنطن

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أسهمت الأجندة الأميركية التي حملها جون كيري إلى السعودية، والمتمثلة بالتأكيد على العلاقة الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن، والدعوة لإبقاء هذه العلاقة على الطريق الصحيح، وزيارة مصر، والتأكيد على منع إيران من المضي قدماً في برنامجها النووي، وتنحي الرئيس السوري عن الحكم كأجندة التعهدات التي حملها كيري، في تهدئة الأجواء، ونزعت فتيل أزمة الثقة السعودية الأميركية.

لندن: يأتي ذلك بعد أن رفضت السعودية بشكل غير متوقع للمقعد غير الدائم في مجلس الأمن الدولي في 18 أكتوبر الماضي، وألغت لخطابها السنوي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعت إلى تقييم العلاقة مع الحليف الاستراتيجي "الولايات المتحدة"، وإقامة تحالفات سياسية جديدة، احتجاجاً على سياسة مجلس الأمن في معالجة القضايا العربية، وموقف الولايات المتحدة من الملف السوري، وبرنامج إيران النووي، والقضية الفلسطينية، وتخفيض المساعدات لمصر، وهو ما أعاد الحراك السياسي داخل دائرة البيت الأبيض والأوساط السياسية والاقتصادية الأميركية تجاه قضايا الشرق الأوسط. فقد استطاع وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، الذي التقى في الرياض كافة رموز القيادة السياسية السعودية خلال يومي الاحد والاثنين الماضيين، رأب الصدع في العلاقة بين البلدين، وشرح وجهات النظر الأميركية ونقاط التحول في الموقف الأميركي خلال الأسبوعين الماضيين، مما أسهم في نزع فتيل الأزمة. ويرى مراقبون أن الرسائل التي حملها كيري للرياض جاءت في مجملها متوافقة مع المواقف السعودية، في إشارة إلى تحول في رؤية واشنطن تجاه قضايا المنطقة عمّا كانت عليه في السابق التي لخصها بين روديس نائب مستشارة الأمن القومي قائلاً، "يتعين علينا أن نكون متواضعين حيال الفترات الزمنية، التي سيستغرقها التغيير في الشرق الاوسط، وقدرتنا على إملاء النتائج السياسية هناك" وأضاف: " لو حاولت اسعاد الجميع، فلا شك أنه سينتهى بك الأمر وقد جعلت الجميع تعساء، ذلك انك تفرط في قطع التعهدات". كما أكد كيري على العلاقة الاستراتيجية بين البلدين التي تعود إلى 1945، ودعا إلى إبقاء هذه العلاقة بين واشنطن والسعودية على "الطريق الصحيح" التي تمتد إلى أكثر من 70 عاماً من الشراكة الاستراتيجية في السياسة والأمن والمال والنفط والاقتصاد، مؤكداً في السياق ذاته أنه في الوقت الحاضر هناك الكثير من الأمور البالغة الأهمية التي علينا بحثها للتثبت من أن العلاقات السعودية الأميركية تسير على الطريق الصحيح، والمضي قدمًا والقيام بالأمور التي يترتب علينا إنجازها. ورغم الحديث المغلف بالدبلوماسية الذي طغى على تصريحات وزير الخارجية الأميركي، فإن المتابع للخطاب السياسي السعودي يجد أنه أصبح أكثر شفافية وصراحة عمّا كان عليه في السنوات السابقة، في إشارة إلى نفاذ صبر الرياض على تصرفات واشنطن تجاه القضايا العربية، وإخلاء منطقة من الأسلحة النووية، فإن الرياض تأخذ على حليفها الأميركي تراجعه عن شن ضربة عسكرية على سوريا، وانفتاحه على الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني والدعوة لحوار مفتوح مع طهران، وترميم العلاقة الأميركية الإيرانية، مما قد يسهل حصول إيران على أسلحة نووية. إلى جانب تذمر الرياض من الموقف الأميركي في ما يخص مصر المتمثل في خفض المساعدات العسكرية، في حين أن البيت الأبيض يرى أن الموقف السعودي ينبع من حسن النية، وأن غضب الرياض منبعه عدم التوافق الأميركي مع سياساتها حيال سوريا وإيران، التي ترى واشنطنأنه تقف وراءها أجندة سنيةتجاه إيران التي يقودها الشيعة، والموقف من سوريا الذي يخالف الرؤية والتوجهات السعودية. ولم يخفِ كيري وجود خلاف سعودي أميركي حول الموضوع السوري، لكنه أكد أن الخلاف مع السعودية حول القضية السورية خلاف تكتيكي، وأنه لا خلاف حول انتقال السلطة، وأضاف بصورة غير مباشرة أن نقطة الخلاف حول الملف السوري مع السعودية، مشيراً إلى "أن هناك بعض الدول التي كانت تريد من الولايات المتحدة أن تفعل شيئًا في ما يتعلق بسوريا، لكننا فعلنا شيئاً آخر". ولفت إلى أن المحادثات الأميركية السعودية المستمرة حول الملف السوري "تتمحور حول أفضل السبل لمساعدة تحالف المعارضة وجناحها العسكري لتأكيد الثقة بأنفسهم للذهاب إلى جنيف والشعور بأنهم على استعداد لمحاورة النظام بمساعدة الموفد الخاص الأخضر الإبراهيمي". فيما بدا الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أكثر شفافية عندما قال إن العلاقة الحقيقة بين الأصدقاء لا تقوم على المجاملة، بل ترتكز على المكاشفة والصراحة، وطرح وجهات النظر بكل شفافية، ومن هذا المنظور فمن غير المستغرب أن تشهد الرؤى والسياسات نقاط التقاء واختلاف. لكنه أكد في السياق ذاته عمق العلاقة التاريخية التي تربط البلدين منتقداً التحليلات السياسية التي أشارت إلى تدهور العلاقة بينالحليفين. ويرى مراقبون أن هذا التصريح يشير إلى وجود تحول في الموقف الأميركي تجاه القضايا العربية على خلفية لقائه بالعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى جانب زيارة كيري لمصر -التي ترى السعودية أنها حليف مهم في منطقة الشرق الأوسط - التي يمكن اعتبارها اعترافاً ضمنيًا بالحكومة المصرية الجديدة مما يهيئ لانفراج في أزمة تخفيض المساعدات الأميركية. وعلى الرغم من تأخر واشنطن في التحرك لاحتواء الخلاف مع السعودية لأكثر من أسبوعين، وشرح وجهات النظر الاستراتيجية تجاه المنطقة الأكثر حراكاً في الوقت الراهن، فالمسؤولون الأميركيون يؤكدون غير ذي مرة على متانة العلاقات مع الرياض، وهو ما جاء على لسان ماري هارف نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية التي أكدت أن العلاقة مع السعودية مهمة، وأننا نعمل بشكل وثيق مع السعوديين في ما يتعلق بوضع حد للحرب الأهلية في سوريا، وتدمير أسلحتها الكيميائية، ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وهو ما أكده أيضاً المتحدث باسم البيت الأبيض جي كارني "نحن نعمل على حل الخلافات مع شركائنا السعوديين لأن العلاقة معهم مهمة جدًا اقتصاديًا وللأمن القومي". وفي المقابل، كان حديث السياسيين السعوديين أكثر حدة في الآونة الأخيرة، ففي الوقت الذي أحدثت فيه كلمة عراب السياسة السعودية الأمير سعود الفيصل دوياً هائلاً في الأوساط السياسية العالمية "إما أن يعالج مجلس الأمن قضايانا، أو ندير ظهورنا له"،أبلغ رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان، ووفقاً لتسريبات صحافي مبعوثين أوروبيين، أن بلاده ستجري تغييرًا كبيرًا في علاقتها مع الولايات المتحدة احتجاجًا على عدم تحركها بشكل فعّال في ما يخص الحرب في سوريا ومبادراتها للتقارب مع ايران، فيما وصف الأمير تركي الفيصل- الذي تولى رئاسة المخابرات السعودية وتولى منصب سفير الرياض في واشنطن- تصرفات الرئيس باراك أوباما حيال سوريا بأنها "تبعث على الأسى".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف