الإسلام السياسي لن يتأثر بالضغوط وسيلتقط أنفاسه
"الحوار الوطني" في تونس يسرّع خروج الإسلاميين عن الحكومة وليس عن الحكم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يرى محللون تحدثوا لـ"إيلاف" من تونس، أنّ الضربات التي تلقتها حركة النهضة الحاكمة، وانطلاق الحوار الوطني الذي بدأ بالاعلان عن استقالة الحكومة، لن يؤثرا على الاسلام السياسي في هذا البلد،مؤكدين أن هذا التراجع سيمنحه فرصة لالتقاط أنفاسه موقتًا.
محمد بن رجب من تونس: بعد تأكيد استقالة حكومة العريض وتصريح راشد الغنوشي بأنّ "حركة النهضة غادرت الحكومة ولم تغادر الحكم"، اعتبر محللون سياسيون تحدثوا لـ"إيلاف" أنّ في خروج النهضة من الحكم والإنخراط في الحوارالوطني "حنكة ودهاء"، مؤكدين عدم تأثر مشروع الإسلام السياسي بخروجها من الحكم، مستبعدين خسارتها بشكل نهائي، وأكدوا أن هذا التراجع، يمثل فرصة لإستعادة الأنفاس والوقوف على أخطاء المرحلة من أجل ضمان الفوز بالإنتخابات القادمة.
تخوّف من المستقبل
أكد أستاذ التاريخ بالجامعة التونسية محمد ضيف الله أنّ حركة النهضة ومنخرطيها يتخوّفون من استغلال البعض لخروجهم من الحكومة للإجهاز عليهم، وربما إعادتهم إلى السجون لغياب الديمقراطية الراسخة في تونس، وهم يراقبون ما يجري في مصر من انقلاب على الشرعية.
وقال ضيف الله لـ"إيلاف: "هم ينشدون الضمانات، فما حدث في المجلس التأسيسي من تغييرات على مستوى عديد الفصول في القانون الداخلي للمجلس جاء ليؤكد ذلك".
وأوضح أنّ ما يؤكد تخوّف حركة النهضة، هو ما ورد في خارطة طريق الرباعي الراعي للحوار الوطني، متسائلاً كيف يتمّ سحب الثقة من حكومة منتخبة بالأغلبية المطلقة بينما لا يمكن إسقاط حكومة معيّنة إلا بأغلبية الثلثين.
إكراه
أكد المحلل السياسي محمد الجراية أنّ الترويكا الحاكمة، وعلى رأسها حركة النهضة لم يكن في أجنداتها الدخول في حوار مع المعارضة أو التنازل عن الحكومة، بل مواصلة الحكم والإشراف على كامل المسار الإنتقالي حتى إجراء الإنتخابات القادمة، ولكن، وتحت ضغط أحزاب المعارضة والمجتمع المدني والرباعي الراعي للحوار الوطني، قبلت بمبدأ الدخول في حوار "على مضض وإكراه".
وأضاف أنّ هاجس الترويكا هو بلوغ الإنتخابات القادمة وتحقيق الفوز فيها، ولكن أمام تفاقم الأزمة السياسية والإقتصادية والأمنية، تغيّرت الإستراتيجيات وأصبح الحديث عن الحوار الوطني بمنطق المصلحة العليا لتونس، وذلك من أجل استرجاع ثقة الناخبين، وهي عملية ذات هدف انتخابي لا غير، وذلك حتى لا يظهروا بمظهر المعترضين على المسار الإنتقالي أي ضد المصلحة العليا لتونس، فالجميع بما في ذلك المعارضة والرباعي الراعي للحوار يستعملون عبارة "ضرورة التوافق من أجل المصلحة العليا لتونس".
وقال العجمي الوريمي، عضو مجلس شورى حركة النهضة:"إنّ وجودنا بعيدًا عن الحكم سيخفف عنّا الحمل الثقيل وسيمكننا من استعادة الأنفاس وترميم ما يجب ترميمه من أخطاء المرحلة"، مشددًا على أنّ النهضة "لم تخرج من الحكومة ضعيفة بل ستكرس الفترة القادمة لإصلاح الأخطاء بعيدًا عن ضغوطات الإعلام والسلطة والمعارضة".
الحنكة السياسية
تحدّث الجرّاية عن حسن التعامل مع الظرف والوضع الذي تعيشه البلاد، وفي ذلك نوع من الذكاء والحنكة السياسية من النهضة التي ستجد نفسها خارج التوافق الوطني إذا لم تتنازل و لم تظهر بمظهر الراعي لمصلحة تونس وتغليبها على المصلحة الحزبية الضيقة.
واستدلّ الجراية بما صرّح به الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي الذي أكد أنهم "قدموا تنازلات من أجل المصلحة العليا لتونس وليسوا منهزمين".
وأبرز الجراية أنّ النهضة ستستفيد خاصة إذا قامت بنقد داخلي ذاتي للوقوف على بعض الأخطاء ومراجعتها من أجل التخطيط من جديد للإنتخابات القادمة، خاصة وأنّ استطلاعات الرأي الأخيرة تثبت أنها خسرت العديد من ناخبيها والمتعاطفين معها، وهذا ما يؤمن به شقّ الحمائم، والمؤمنون بالديمقراطية والتعايش بين الديمقراطية والدين الإسلامي، مشيراً إلى أنّ الشق المتصلّب يرى أنّها خسرت مكانتها بخروجها من الحكومة.
بين الحكم والحكومة
اعتبر الاستاذ الجامعي محمد ضيف الله أنّ مواصلة أشغال المجلس التأسيسي حتى تسليم السلطة إلى مجلس نيابي بعد الإنتخابات، هو ضمان لحركة النهضة التي تشعر بغياب الثقة بين جميع الفرقاء.
وهوما أكده رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بقوله "النهضة غادرت الحكومة ولم تغادر الحكم".
وأكد الأمين العام للحركة حمادي الجبالي على قناة "حنبعل "أنّ الإتفاق على تواصل أشغال المجلس التأسيسي يقرّ ببقاء الحركة في الحكم بقوتها الإنتخابية بالرغم من خروجها من الحكومة.
وشدّد الجبالي على أنّ تنازل حركة النهضة وخروجها من الحكومة جاء "طوعاً لا كرهًا" و"مراعاة للمصلحة العليا لتونس".
وأكد ضيف الله على تحقيق حركة النهضة لكل ما خططت له إذا تمّت المصادقة على الدستور وتركيز هيئة الإنتخابات والتوافق على القانون الإنتخابي وتحديد الروزنامة، ذلك أنّ الرأي العام سينسى الصعوبات والأخطاء التي رافقت حكومتي الجبالي والعريض بعد أن تبتعد لستة أو سبعة أشهر عن الأضواء التي كانت مسلطة عليها من الإعلام، كما أنها ستجد الوقت الكافي للإعداد الجيد للإنتخابات القادمة.
الإسلام السياسي
أشار المحلل السياسي الجراية إلى أنّ خروج النهضة من الحكومة لن يكون نهاية للإسلام السياسي في تونس لأنّ الحكومة هي موقتة والخروج هو ظرفي واستراتيجي ومسايرة للمسار العام لمنح الثقة للفرقاء السياسيين وإنجاح العملية برمّتها، لأنّ الهدف من كل ذلك هو تحديد الموعد الإنتخابي القادم وانخراط جميع الأطراف دون التشكيك فيها والقبول بالنتائج التي ستسفر عنها.
من جانبه أكد د.ضيف الله أنّ حركة النهضة ستعود للحكم في تونس من جديد لغياب الأحزاب القوية عن الساحة، والتي يمكن أن تكون بديلاً للنهضة، فالجبهة الشعبية ونداء تونس ما هما إلا فرقعة إعلامية، ولعلّ الطرفين اللذين سيكون لهما مكان في الخارطة السياسية القادمة هما "الحزب الجمهوري" و"حزب المؤتمر من أجل الجمهورية"، مشددًا على "تواصل مشروع الإسلام السياسي الذي يرتبط أساسًا بحركة النهضة التي ستواصل حكم تونس".
تخوّف وتفاؤل
ويؤكد ضيف الله عدم نيّة المعارضة في إجراء الإنتخابات القادمة مشدداً على أنّها تريد الإبقاء على الحكومة المعينة من خلال الحديث عن فتح ملفات كبيرة كالأمن والإقتصاد والإرهاب وغيرها ولها كل الصلاحيات، فتفتح ملف الإرهاب وتورط حركة النهضة التي "رعت الإرهاب وشجعت عليه"، ولكن يبدو أنّ مسؤولي حركة النهضة واعون جيدًا بما يدور حولهم، وبالتالي هم يديرون الحوار ويتعاملون مع بقية الأطراف بذكاء كبير، على حدّ تعبيره.
ويعبّر المحلل محمد الجراية عن تفاؤله بمستقبل الحوار الوطني الذي يشرف عليه الرباعي، وذلك لثلاثة أسباب: أولها أنّ الشعب التونسي ومنذ عهد العثمانيين والبايات والإستعمار كان دومًا ميّالاً إلى الوفاق والتوافق محبًّا للحرية والإستقرار، وثانيًا أنّ الأطراف المتحاورة ليس لها بديل عن التوافق لأنّ العنف أصبح اليوم تهمة خطيرة تؤرق الجميع بمن فيهم الإسلاميون. وثالثاً لأنّ شركاء تونس في الخارج منحازون لإستكمال المسارالإنتقالي وليس أدلّ من الهبة التي قدمها أخيرًا البنك الدولي لتونس للمساعدة في تكريس الإصلاحات والديمقراطية.