مؤتمر في لندن بمشاركة مستشرقين
أكاديميون يحاولون قراءة النص القرآني بما ينسجم وتحديات العصر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بحث مستشرقون وأكاديميون من مختلف الجنسيات الاسلامية والغربية على مدى ثلاثة ايام خلال مؤتمر في لندن، قراءة النص القرآني وأدبياته وتأويله وعلومه وآفاقه، وعلاقاته بالواقع المعاصر وتحدياته الفكرية والعملية.
نبيل الحيدرى: استضاف قسم الدراسات الإسلامية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن، وبرعاية بيت الحكمة، المؤتمر الثامن للقرآن الكريم تحت عنوان "القرآن: النص والمجتمع والثقافة".
وافتتحه محمد عبد الحليم من قسم الدراسات الإسلامية في جامعة لندن وهيلين بلاذيرويك عن بيت الحكمة، حيث شرحا أهداف المؤتمر وسعيه لتوفير سلسلة منتديات للتحقيق في السؤال الأساسي: قراءة النص القرآني وكيفية تفسيره وتأويله؟ وانسجام ذلك مع تحديات الواقع المعاصر، وذلك في محاولة لايجاد رؤية عالمية لاتجاهات البحوث الأكاديمية الحالية في التفسير، وتحفيز أجواء الحوار الهادف، والبحث في جوانب النص القرآني وتفسيره وترجمته ودراسة النصوص من القرآن، والأنشطة الدينية والفكرية والفنية التي وضعت حوله، إضافة الى رفد المساهمات في المواضيع ذات الصلة بالدراسات القرآنية وتركيز الاهتمام أيضًا على الدراسات الأدبية والثقافية والسوسيولوجية والأنثروبولوجية المتعلقة بالقرآن مع الواقع وتحدياته.
وشهد المؤتمر تنظيم عدد من الندوات وورشات الأعمال للمحاضرين والمشاركين من مختلف دول العالم وجامعاتها في أميركا وكندا واستراليا وأوروبا والعالمين العربي والإسلامي.
بحوث ودراسات حول النسخ في القرآن
قدم جوهانا بنك من جامعة فريبورك بحثًا عن الإعتراضات على النسخ في التفاسير المعاصرة، موضحًا أنه بينما يعترض بعض المفسرين من القرن التاسع عشر على النسخ كليًا وخوف البعض في التحول إلى إمكانية النسخ في جميع آيات القرآن ليبطل القرآن باحتمالية النسخ لكل فقرة، والحال يفرق في الرجوع إلى سيرة ابن عباس وعمر بن الخطاب لتفاعلهم مع النسخ عمليًا في مواضع كثيرة من حياتهم.
وقال إن السؤال المفتوح هو كيفية النظر الأعمق والأوسع لمسألة النسخ من جوانب أخرى متعددة.
أما جوستن هوى من جامعة كيس ويسترن رسيرف من أميركا فقد تناول التأويلات القرآنية في الولايات المتحدة الأميركية بين النص وظروف النص عند الوحي، وعلاقة المسلمين بغيرهم خصوصاً من خلال سورة البقرة في مراجعة أسباب النزول والنسخ مع الواقع المعاصر فى أميركا، وما يرتبط به من المسائل الإقتصادية والإجتماعية في الظروف المعاصرة التي تفرق كليًا عن ظروف الوحي ونزول الآيات.
مقارنة بين الأديان والكتب السماوية
وفي مقارنة بين الكتب الإبراهيمية: التوراة والإنجيل والقرآن، قدمت ثلاثة أبحاث: تناول شين أنتوني من جامعة أوريغن مسألة الصلب في المعاجم القرآنية مقارنة مع الإنجيل والتوراة في محاولة لفهم الصلب في الآية القرآنية، وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه( من تأويل يوسف لمنام أحد صاحبي السجن إلى آيات أخرى من سور الأعراف وطه والشعراء والنساء والمائدة وغيرها).
بينما تناول أولريكا مارتنسن من جامعة النروج بحث الأصول التأريخية للقرآن في قراءة جديدة لكتاب السيرة لابن اسحق من خلال فريد دونارس، والطبري في كتابه تاريخ الرسل والملوك، وما ذهب إليه سدني كرفث في السريانية.
وفي البحث الثالث درس أميدو أولاليكن ساني من جامعة مدينة ليغوس بنيجريا التفاعل القرآني مع الآداب التوراتية من الباحث منغانا إلى الباحث رينولدس.
ثم تناول ديفن ستيورت من جامعة إيموري في جورجيا في أميركا إعادة تقييم أعمال مولر ورودلف جيير حول المقطوعات السجعية القرآنية مع الشعر وعلم العروض ومقارنات مع العهد القديم.
أما بروس فيج من جامعة جنيف بسويسرا فقد تناول قصة موسى وصاحبه (لعله الخضر) من سورة الكهف في حوارهما وعدم قدرة موسى على الصبر فيما لا يعلم وعلم الخضر بعاقبة الأمور دون موسى النبي الرسول من أولى العزم، حيث يحتاج إلى المعرفة من شخص يعلّمه المعرفة كما يعلمه الصبر.
واشار الى أنّ الباحثة مارينا كلار من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن قد أعادت قراءة سورة البقرة وقصة آدم وسجود الملائكة له وجنة عدن، من مجموعة كبيرة من الآيات وبحث المجاز والإستعارة وأمثالهما لاستنتاجات وتأويلات في قراءة جديدة لقصة آدم والجنة والمعصية.
ومن جانبه، تناول وليد صالح من جامعة تورنتو في كندا جدلية ثنائية المنطق والعقائد ومحاولة الجمع بينهما، بينما قدم إليوت بازونه من كلية ليمويني في نيويورك محاولة لقراءة تفسيرات ابن تيمية لابن العربي وعقائد فرعون، وأما تحسين ظافر من جامعة ليهيغ فقد بحث في الغموض والتعارض بين المعتزلة والشيعة الإمامية في فهم الآيات المتشابهات.
جهود في بيان معاني القرآن باللغة الصينية
كانت هنالك دراسة قيمة لما جان مينغ من كلية الدراسات العربية بجامعة نينغشيا في الصين حول جهود علماء الصين في بيان معاني القرآن باللغة الصينية، حيث ذكر وجود أكثر من 14 ترجمة للغة الصينية مع تعليقات وهوامش عليها، كما ظهرت ترجمة تفاسير عربية إلى الصينية مثل مختصر ابن كثير وكذلك للمرة الاولىيظهر تفسير موجز للقرآن من قبل علماء الصين المسلمين أنفسهم وقد لقى قبولًا واسعًا وانتشارًا كبيرًا في الصين.
وتناولت الدراسة المنهج والخصائص والأساليب التي تميز بها كل واحد من العلماء الصينيين، وما يميزه عن غيره، وكذلك نقاط قوة العلماء الصينيين المسلمين ونقاط ضعفهم.
كما عرضت كريستيان بيترسون من كلية كوستافوس أدولفوس في الصين دراسة حول تفسير القرآن من خلال أول ترجمة له إلى الصينية، وكذلك دراسة نورا إيجين من جامعة أوسلو حول ترجمات القرآن إلى اللغات الأسكندنافية.
وعن القرآن فى الفن والأدب تحدث أوليفر ليمان من جامعة كنتاكي حول الفن الحديث الإسلامي والقرآن ومسألة الطهارة، وكذلك شوكت طراوة من جامعة كورنيل حول الحروف المقطعة مثل كهيعص مع الأدب العربي الحديث .. بينما تحدث سيد الشيال من جامعة ويستمنستر في بريطانيا عن ورشته بين الأخلاق الإجتماعية والإقتصادية في الإسلام.
فيما تناولت شروق نجيب من جامعة لانكستر في بريطانيا، نداء العقل في تفسيري أبى السعود والبلاغي في المرحلة ما بعد الكلاسيكية ومقارنته بالتمثيل والإستعارة عند الزمخشري والبيضاوي في المرحلة الكلاسيكية.
ومن جانبه، قدّم مستنصر مير من جامعة مدينة يونغ ستاون في أميركا بحثًا من خلال قصة نبي الله يوسف في القرآن عن مكر النساء وكيدهن ومراودتهن ليوسف وتقطيع النسوة أيديهن ثم اتّهام يوسف ورميه بالسجن وهو بريء ..وتناول رأياً إصلاحيًا في هذا الموضوع ثم الإعتراضات الموجهة لإصلاحي، والبديل الذي يقدمه لتفسير تلك الظاهرة مع التأكيد على منهجية تفسير القرآن بالقرآن والآية بآيات أخرى في القرآن.
دراسات القرآن في الاكاديميات الاجنبية
ومن أهم المواضيع التي أثارت جدلاً بين الحضور هي دراسات القرآن في الأكاديميات الغربية، حيث قدّمت ثلاثة أبحاث في هذا المجال: أولاها ألكسندر كايرو من كلية الدراسات الإسلامية بقطر، حيث اشار في بحثه الى ما بعد أحداث سبتمبر في ما أسماه الحقائق التاريخية والإلتزام السياسي والحساسيات الدينية ناقدًا لها كردود أفعال لتلك الأحداث والتعامل مع المسلمين عامة.
ثم بندر بن عبد الله الشويفي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في المملكة العربية السعودية لينقد أفكار وآراء المستشرق الألماني تيودور نولدكه بعد بيان أهمية وشهرة الكتاب والمؤلف، بدأ بنقده له في توظيفه للروايات من خلال كتابه علوم القرآن واعتماده على مصادر مثل تفسير القمي المليء بالخرافات والتناقضات والأساطير ثم عدم وجود منهجية محددة لنولدكه ثم وصوله إلى نتائج دون بحث معمق ثم تناول مسألة السند في الأحاديث ومقارنتها بالمتون وأهمية السند والتركيز عليه أهمية في دراسة الروايات وتقييمها، وكذلك التكوين الثقافي والديني وآثاره ومقارنته بمناهج المحدثين المسلمين.
وثالث الأبحاث المقدّمة هي للبخاري السباعي من جامعة عمار ثليجي بالأغواط، حيث تناول عادات القرآن بين النظرية التراثية والفهم الإستشراقي hellip; وبعد المحاضرات كان الجدال واضحًا في تعريف وتحديد معنى (الأكاديمية الغربية)، وما المقصود بها ولماذا وكيف ؟.
الجانب الاخلاقي والاجتماعي في القرآن
وقد حظى الجانب الأخلاقي والإجتماعي باهتمام عام، حيث تحدث طارق رمضان القادم من مركز دراسات في قطر عن أهمية الأخلاق العامة (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) والقيم في الجانب الإجتماعي بشكل عام والعدالة الإجتماعية وابتدائها بالنفس (إنّ الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) منتقدًا طريقة الأكل الواردة في الروايات والتعامل مع الحيوانات في ما ينقل من أحاديث، حتى اعتبرت كلمته سطحية ساذجة أشبه بخطبة الجمعة في جامع دون مصادر أو شواهد علمية أو منهجية واضحة أو تقرير لمذاهب أو رؤية مدارس أو تحديدات واضحة.
وقد علّق بعض الحضور قائلاً له وناقدًا بشدة (سَمَاعُك بالمَعِيدى خير من أن تراه)، فقد كنا نسمع بك وصورتك جيدة في الأذهان، حيث تغيّرت ونحن نسمع خطبة الجمعة... كما كان رمضان بعيدًا عن الإجابة على أسئلة الحضور المحدّدة في مثل أين العدالة في مسائل الميراث وهي مسألة موجودة في القرآن ولها اولوية بين الفقه والأخلاق ومسألة الإرهاب التي طرحها وتغيير القيم الأخلاقية وغير ذلك.
أما هبة رؤوف عزة من جامعة القاهرة بمصر فقد تكلمت عن الخلقة والفطرة بين الوحي والعقل لتعالج إشكاليات عديدة مما يطرح من سنن الفطرة وأفضلية الرجل على المرأة ومسألة العهد والميثاق قبل خلقة الإنسان، كما جاء في القرآن الكريم (وأشهدهم على أنفسهم) و(ألم أعهد إليكم يا بني آدم) وآراء الغزالي ورسالة الشافعي، ومسألة النجاسة وهي تتساءل فهل من الناس نجسون، ومسألة وحدة الوجود ولماذا رفضت فكيف العلاقة بين الوجود بالخالق.
ثم كلمة زهراء أيوبي من جامعة شمال كارولينا في جبل هيل، عن الزواج في القيم الأخلاقية عند الغزالي ومناقشة العدالة الإجتماعية في قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء) واعتقاد البعض في عدم إمكانية تزكية المرأة نفسها بخلاف الرجل الذي يمكنه تطهير نفسه وتزكيتها، وهل النفس واحدة ومسألة اختلاف الخلقة وما يعاب على النساء في أسئلة كثيرة طرحتها مفتوحة للبحث.
اما أحمد فواز من جامعة القاهرة بمصر فقد تناول مسألة العدالة الإجتماعية في فكر السيد قطب وإسقاطاتها المعاصرة خصوصًا الدولة والمجتمع مقارنة بآراء محمد عبده والغزاليين أبى حامد ومحمد خصوصًا كتاب (إحياء علوم الدين) وكتب (في ظلال القرآن) وكذلك (العدالة في الإسلام) للسيد قطب، وهو يناصر الإخوان المسلمين وينتقد الجيش المصري في ما أسماه الإنقلاب على الشرعية.
وقدم رامون هارفي من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية من جامعة لندن دراسة في مسألة الإرث للأيتام والعدالة في الآية العاشرة من السورة الخامسة والآية الرابعة عشرة من السورة الحادية عشرة، وما علاقتها بتعدد الزوجات في الآية ثم ليدرس الجرجاني والقزويني والنظام في وجوه القرآن وأسباب النزول وعلوم البلاغة.
كما تحدث أوفيمير أنجم من جامعة توليدو في أميركا عن مفهوم القدرة في القرآن، وبدر الشافعي من جامعة القاهرة عن إصلاح الأخلاق بين القرآن والسياسة في تجربة حكم الإخوان المسلمين بمصر.
ثم بحث أنتوني جونس من الجامعة الوطنية النمساوية في النمسا سورة المؤمنين وآيات منها وخصوصاً قراءة روبنسون للقرآن، وأيضا قراءة تفسير الجلالين للقرآن والمقارنة بينها لفتح المجال في قراءات جديدة.
وأيضا قدّمتْ دراسة تداولية الفصل والوصل في الخطاب القرآني للهواري بلقندوز من جامعة سعيدة، ليبحث عن حقل اللسانيات للنص ودوره في الرؤية المنهجية لدراسة اللغة، وتطور اللغة والتعامل مع النص وسياق الخطاب ثم الفهم والتأويل بنية النص، وما تناولته المرجعيات الفرنكفونية والأنكلوسكسونية لاسيما جون ميشال آدم ودوبوجراند ومجيد علي بوعشة وغيرهم.
ثم قدمت دراسة الفرائد القرآنية في الإعجاز اللغوي والبياني لمحمد سالم العوضي من جامعة السلطان الشريف على الإسلامية من سلطنة بروناي لتطرح مسألة الإعجاز فيما يطرحه العصر الحديث خصوصاً جل الأسماء القرآنية في تفسير بلاغي جديد للنص في الربط بين الجانب التاريخي والجانب التحليلي اللغوي ومحاولة دراسة الظاهرة وملامحها ومعالجتها.