أخبار

بعد أن انتشرت صفحات الفضائح على مواقع التواصل

المغرب يستعد لتشديد العقوبات على المتحرشين بالنساء

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أيمن بالتهامي من الرباط: حرّكت "صفحات الفضائح" على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تنشر صوراً وفيديوهات للفتيات في وضعيات حميمة، ملف مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي يحمل ترسانة من العقوبات التي شغلت الرأي العام في المغرب.

وكان للمتحرشين بالفتيات و"محترفي" المعاكسة في الأماكن العامة أو بالإدارات العمومية نصيب "يحبس الأنفاس" من هذه العقوبات، التي تتوزع بين السجن والغرامات المالية.

انتقادات لمشروع القانون

تستعد الحكومة المغربية للمصادقة على قانون يجرّم التحرش الجنسي، ويعاقب كل من تورط في التحرش بفتاة أوعاكسها في الأماكن العامة أو في الإدارات العمومية بالسجن والغرامات المالية.

وجاء التجريم ضمن رزنامة من التدابير الحمائية التي تضمنها مشروع قانون يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، أعدته وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، التي تشرف عليها بسيمة حقاوي، القيادية في حزب العدالة والتنمية (ذي المرجعية الإسلامية).

غير أن مشروع القانون واجه العديد من الانتقادات، سواء داخل الحكومة أو في أوساط المدافعات عن حقوق النساء، وفاعلين في المجتمع المدني.

وبعد إبداء الحكومة تحفظها على المشروع ، شكلت لجنة يرأسها عبد الإله بنكيران، رئيس الوزراء، لمراجعة نص القانون قبل إحالته من جديد على المجلس للمصادقة عليه. وطالبت التنسيقيات والجمعيات الـ21 المكونة لشبكة نساء متضامنات ضد عنف النوع، رئيس الحكومة بدعوة كل المعنيين إلى حوار حول مضامينه وآلياته، وذلك لاستدراك عيوب النسخة الأولى من المشروع.

التكافؤ عوضًا من المساواة

وقالت فوزية العسولي، رئيسة فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة ورئيسة مؤسسة للنساء الأورو متوسطية، إن الجمعيات "لديها ملاحظات حول المشروع وهي واردة في البيان الذي أصدرته في هذا الشأن".

ومن بين هذه الملاحظات، حسب فوزية العسولي، أنه على الرغم من "أهمية التقديم الذي صاحب المشروع لم يتم إدماجه في النص القانوني، وهو ما يضعف حمولة قانون من الحجم الذي يمثله تشريع أساسي ضد العنف الممارس على النساء، كما أن كلمة مساواة لم ترد في مضامين النص وتم تعويضها بكلمة التكافؤ".

وقالت رئيسة فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، في تصريح لـ "إيلاف"، "منذ سنوات ونحن نناضل من أجل قانون تكون له مقاربة شمولية، وسيكون تعديلاً سياسيًا واضحًا، وإشارة سياسية قوية للحكومة وللدولة من أجل التصديلهذه الظاهرة بشكل شامل".

قانون لا جدوى منه

لم تقتصر الانتقادات الموجهة للمشروع على مضمونه فقط، بل امتدت حتى إلى الجدوى منه في هذا التوقيت الذي يحتاج فيه المغرب قوانين تساهم في الحد من ظواهر أكثر خطورة.

وفي هذا الإطار، قالت زهور الشقافي، الأمينة العامة لحزب المجتمع الديمقراطي: "بالنسبة لي ليس أولوية، فالتحرش له وجوه متعددة، وهو بمعناه العام كلمة كبيرة. فأنا أرى أن لدينا أولويات أخرى، وكنت أتمنى أن يخرج قانون أو تعديل في القانون الجنائي بخصوص الاغتصابات".

وأكدت زهور الشقافي، في تصريح لـ"إيلاف"، ضرورة تشديد العقوبة على مرتكبي هذه الجرائم، وزادت مفسرة "مع الأسف، في المغرب تجري مكافأة المغتصب عبر تزويجه بالضحية، في حين أن المغتصبة تتحمل وزر الجريمة التي لا يد لها فيها".

وأضافت "التحرش كلمة كبيرة، ونحن حاليًا في حاجة للكثير من القوانين التي سيكون لها الأثر الكبير في الظروف الحالية. وأرى أن لدينا أولويات كثيرة بالمقارنة مع التحرش".

محاربة الفساد أهمّ

من جهته، ذكر محمد طارق السباعي، المحامي بهيئة الرباط، أن "هذا المشروع لا جدوى منه، بل إنه سيجرنا إلى نقاشات عقيمة لا طائل من ورائها".

أضاف: "هذه الحكومة من خلال هذا المشروع تتلمس الأعذار لعدم محاربة الفساد".

وأضاف محمد طارق السباعي، في تصريح لـ"إيلاف"، "إذا كانت هناك قوانين ستصدر يجب أن تنصب على القضاء على كل أشكال الفقر، والجهل، والمرض. وهذه هي الأولويات بالنسبة للمغاربة".

أجساد على صفحات الإنترنت

تناسلت، في الأشهر الأخيرة، "صفحات الفضائح" على مواقع التواصل الاجتماعي التي انتهكت حميمية المغاربة وحرمت عائلات من النوم، بعد أن تفاجأت بمشاهدة بناتها في صور وفيديوهات في وضعيات مخلة بالآداب.

ويعمد البعض إلى ابتزاز الفتيات بصور خاصة لهن لإرغامهن على الرضوخ لرغباتهم، وفي حالة رفضها يجري نشر صورها على نطاق واسع على الشبكة العنكبوتية.

وبهذا الخصوص، أكد فريد زاهي، أن ظاهرة استعمال وسائل الاتصال الاجتماعي في انتهاك حميمية الأشخاص ليست مغربية"، وهي مظهر من مظاهر التحرش.

مفهوم التحرّش

غير أن فريد زاهي الباحث في قضايا الجسد والصورة، أشار في تصريح لـ"إيلاف"، إلى ضرورة تحديد مفهوم التحرش لأن ذلك مهم جدًا، إذ لا يجب أن نفكر في إخراج قانون يحكم العلاقات الاجتماعية، بل يحكم مجموعة من التصرفات التي هي شخصية جدًا.

وأضاف الباحث: "مشروع القانون جاء في وضعية وظرف سيجعلان منه مدخلاً لتحريم مجموعة من الأمور. فالحكومة الإسلامية تريد أن تطبق بشكل أو بآخر نظرة سلفية للأمور".

وأبرز فريد زاهي أن هذا القانون سيكون مصيره كمدونة السير التي رغم تطبيقها، ما زالت معدلات حوادث السير في ارتفاع، ومضى متسائلاً: "كيف سيضبط قاضٍ غير مكون تكويناً سوسيولوجياً هذه العلاقة الاجتماعية التي يصعب فيها تحديد جانب الجرم والجانب الشخصي".

وينص القانون على "تجريم بعض الأفعال باعتبارها عنفاً يلحق ضررًا بالمرأة، مثل الامتناع عن إرجاع الزوجة المطرودة إلى بيت الزوجية، والإكراه على الزواج، والمساس بحرمة جسد المرأة، وتبديد أو تفويت أموال الأسرة بسوء نية".

ويجرم القانون أيضًا بعض الأفعال باعتبارها صورًا من صور التحرش الجنسي، و"تشديد العقوبات إذا ارتكب التحرش من طرف أشخاص محددين مثل زميل في العمل أو شخص مكلف بحفظ النظام".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف