الحكومة عيّنت موالين لها في هيئات عليا فأغضبتهم
قضاة تونس ينتفضون من جديد من أجل إستقلاليتهم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بدأ قضاة تونس الثلاثاء إضرابًا عاماً ليومين احتجاجًا على إعتداء الحكومة على استقلاليتهم، ورغم نفي الحكومة التي يقودها الاسلاميون تهم الضغط على القضاة، يعدّد نقابيون لـ"إيلاف" ممارسات وتعيينات تكشف زيف ادّعاءات السلطات حول اصلاح القضاء.
محمد بن رجب من تونس: بدأ قضاة تونس الثلاثاء إضراباً عاماً ليومين احتجاجًا على "اعتداء" الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية على صلاحيات "هيئة قضائية دستورية"، من بين مهامها التعيين في الوظائف القضائية العليا.
ودعت إلى الإضراب "جمعية القضاة التونسيين"، وهي الهيكل النقابي الأكثر تمثيلاً للقضاة في تونس، و"نقابة القضاة التونسيين".
و"الجمعية" و"النقابة" هما الهيكلان النقابيان الوحيدان للقضاة في تونس.
إضراب في كامل المحاكم
وقال القاضي أحمد الرحموني رئيس "المرصد التونسي لاستقلال القضاء" (غير حكومي) لفرانس برس إن القضاة أضربوا اليوم عن العمل في كامل محاكم البلاد.
ولاحظ أن هذا الاضراب هو "من أوسع الحركات الاحتجاجية في تاريخ القضاء التونسي" وأنه يأتي على خلفية تعيين الحكومة مسؤولين في وظائف قضائية عليا، "في عملية سطو" على صلاحيات "الهيئة الوقتية للقضاء العدلي" التي صادق على إحداثها المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) في آب/أغسطس 2013.
وذكر بأن القانون الذي أحدثت بموجبه هذه الهيئة ينص على أن التعيين في الوظائف القضائية العليا هو من صلاحيات الهيئة وليس الحكومة.
تعيينات حكومية
في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي عيّنت الحكومة رئيسًا للمحكمة العقارية، ومتفقدًا عامًا بوزارة العدل، ومديرًا عامًا لمركز الدراسات القانونية والقضائية، وعزلت المدير العام لمركز الدراسات القانونية، ومددت لسنة كاملة مهام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس، ومساعد وكيل الدولة العام، رغم أنه من المفروض إحالتهما على التقاعد قريبًا.
وخلال اليوم نفسه نفذ القضاة اضرابًا عن العمل احتجاجًا على هذه التعيينات.
اتهامات لحكومة النهضة
والسبت اتهم المجلس الوطني لـ"جمعية القضاة التونسيين" في بيان الحكومة بـ"تعمد التعدي على صلاحيات الهيئة الوقتية للقضاء العدلي".
وقال المجلس إن التعيينات التي قامت بها الحكومة "تمثل سطوًا على اختصاصات هيئة قضائية دستورية مستقلة، وانقلابًا على شرعيتها وضربًا لاستقلال القضاء والتفافًا على استحقاقات +الثورة+ في بناء سلطة قضائية مستقلة ومحايدة".
وأضاف أن "السلطة السياسية فرضت تعيينات مباشرة داخل الهيئة الوقتية للقضاء العدلي (نفسها) ما أدى الى إجبارها على تعليق جلساتها العامة".
وقال الرحموني لفرانس برس إن "الحكومة استندت في هذه التعيينات الى القانون الأساسي للقضاة الصادر سنة 1967 وليس الى القانون المحدث لهيئة القضاء العدلي الصادر في 2013، والذي من المفروض انه ألغى قانون سنة 1967".
وطالب المجلس رئيس الحكومة علي العريض القيادي في حركة النهضة "بالتراجع عن أوامر التعيين والتمديد التي يستند فيها الى قوانين ملغاة (قانون 1967) لم تعد تمثل إلا إرثًا لنظام الاستبداد والفساد".
ويتهم قضاة ومعارضون حركة النهضة بالنزوع للسيطرة على القضاء لتوظيفه سياسيًا لصالحها، في حين تنفي الحركة هذه الاتهامات.
بناء قضاء مستقل
أكدت رئيسة نقابة القضاة التونسيين روضة العبيدي أنّ التوجهات العامة للحكومة لا تشجع على بناء قضاء مستقلّ وذلك من خلال القرارات الأخيرة التي اتخذتها وزارة العدل كما مذكرات العمل التي تعمل على تقريب وترقية القضاة الموالين وهو ما كان يحصل مع نظام بن علي.
التداخل بين السلطات
وأضافت العبيدي لـ"إيلاف" أنّ وزارة العدل أصدرت قبل يومين أوامر بإبقاء قضاة في العمل كانوا سيتقاعدون في مارس 2014، مشددة على أنّ مشروع الدستور يعتبر كارثيًا بخصوص استقلال القضاء من خلال ما ورد في الدستور من أنّ "النيابة العمومية تكرس السياسة الجزائية للدولة"، أي أنّ"القضاء يتلوّن بحسب ألوان الحكومات القادمة".
وأشارت العبيدي إلى أنّ النقابة نبّهت منذ فترة إلى عدم التداخل بين صلاحيات وزير العدل والهيئة العدلية.
وخلصت إلى أنّ الوزارة لم تتجاوب مع مطالب النقابة رغم لقاء الوزير، مؤكدة ضرورة دخول القضاة في إضراب اليوم وغدًا.
الهيئة العدلية
أبرز أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لإستقلال القضاء أنّ الأزمة التي يعيشها سلك القضاء سببها التعيينات القضائية والتعدّي على اختصاص الهيئة الوقتية للقضاء العدلي من خلال القانون الأساسي القديم للقضاة الذي بقي قائمًا، وهو يعطي للسلطة التنفيذية امتيازات التعيين في الوظائف العليا.
وأكد في إفادة لـ"إيلاف" أنّ القضاة فوجئوا يوم 14 أكتوبر 2013 بإزاحة عضوين من الهيئة وتصدير قرارات فردية بتسديد شغورات في المحاكم وتعيين قاضيين مرتبطين بالنظام السابق.
وأوضح أنّ وزير العدل أصدر قرارات وقتية فأضرب القضاة كردّ فعل على ذلك، وإذا برئيس الحكومة يدعم الوزير ويصدر في اليوم نفسه أوامر بتسمية من اختارهم لتولّي منصبي المتفقد العام، ورئيس المحكمة العقارية.
وقد تمّ إقرار الهيئة الوقتية للقضاء العدلي التي كانت ولادتها عسيرة من طرف المجلس التأسيسي في ديسمبر 2011 وتم إصدار القانون الخاص بها في ماي 2013 وهي تعدّ 20 عضوًا، عشرة منهم منتخبون من طرف القضاة.
إخلالات وتشكيك
رصد تقرير أعدّته شبكة الملاحظة للعدالة التونسية أثناء المرحلة الإنتقالية بالتعاون مع الهيئة الوطنية للمحامين عديد الإخلالات في سير عمل القضاء من خلال القضاة والنيابة العمومية والمحامين وتمّ بسطها من أجل تطوير المحاكمات لمصلحة المتقاضين وتكريس ثقافة حقوق الإنسان.
وأوضحت وزارة العدل أنّ التفقدية العامة تولت النظر في 1095 شكاية العام الجاري، منها 327 شكاية تتعلق بقضاة، مقابل 820 شكاية العام الماضي.
غير قانوني
اتهم وزير العدل نذير بن عمو (مستقل) أطرافًا بالعمل على إفشال تمشّي وزارته نحو استقلال القضاء، وذلك بتقديم صورة خاطئة عن علاقة الوزارة بالسلطة القضائية مؤكداً أنّ القانون فوق الجميع.
وشدّد وزير العدل للقناة الوطنية التونسية على أنّ إضراب القضاة "غير قانوني" نافياً "هيمنة وزارته على الجهاز القضائي" مؤكدًا اعتماده على القانون الأساسي للقضاة (1967)، والذي يسمح للحكومة بإصدار قرارات لتعيين قضاة.
وقد هدّدت وزارة العدل بخصم يوم عمل من راتب القضاة الشهري اعتمادًا على القانون الذي يمنعهم من الدخول في إضراب .
آليات بن علي
وطالبت العبيدي الوزارة بعدم التدخل في المسار المهني للقضاة، والتخلص نهائيًا من "آليات بن علي" رافضة التمديد لقضاة بعينهم ومقترحة فتح ذلك أمام الجميع دون استثناء.
وأشارت إلى أنّ القضاة التونسيين يناضلون من أجل استقلالية القضاء أي اعتماد المعايير الدولية وبقاء القاضي بعيدًا عن الأحزاب السياسية.
وشددت على نقد أداء القضاة من خلال وثيقة "تحصين استقلال القضاء" بتحصين ذاتي وهيكلي وتشريعي ومطالبة بفتح ملفات القضاة الفاسدين ومحاسبتهم وتنقية القضاء منهم.