كلمة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بمناسبة اليوم الوطني 42
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أبوظبي: وجه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة التهنئة إلى شعب دولة الإمارات العربية المتحدة وإلى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الـ/ 42 / للدولة.
وفي ما يلي نص كلمة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان:
// المواطنون الكرام ..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في هذا اليوم المبارك وفي ذكرى توحيد إرادتنا و إعلان اتحادنا نتوجه بالتهنئة لأبناء الوطن وبناته و هم يعبرون عن انتمائهم بالولاء والمثابرة ترسيخا لروح الاتحاد و نتقدم بأطيب آيات التهاني لأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وإخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات حفظهم الله جميعا لما يحيطون به الدولة ومواطنيها والمقيمين فيها من رعاية وما يبذلون من جهدٍ إقامة للعدل و دفاعا عن مكتسبات الاتحاد.
إن الثاني من ديسمبر يوم نستعيد فيه أمجاد التاريخ و نستحضر فيه السيرة العطرة لمؤسس الدولة وبانيها الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه الآباء المؤسسين الذين رفدوا مسيرة هذا الوطن بجهدهم وفكرهم..إقامة لدولة اتحادية قوية البنيان ووطنٍ مزدهر ينعم الناس فيه بالعدل والأمان..الخير فيه وافر يشعره الناس عزة و كرامة ويعيشونه حاضرا زاهيا وغدا مشرقا.
إنه يوم العرفان لرجال عظماء و ضعوا أساس دولة ناجحة بهرت العالم بانجازاتها وما وفرته لمواطنيها من مكونات القوة ومصادر الرفاه مما وضعها في مقدمة دول العالم في مؤشرات التنمية والسعادة والرضا وهو أعظم مكسب لما غرسه الآباء المؤسسون و الذين سوف نظل دوما فخورون بعطائهم وسائرون على خطاهم حفاظا على هذا الوطن و تطويرا لمسيرته.
وإننا وأبناء الشعب الإماراتي جميعا لنشعر بالفرحة لتزامن ذكرى يومنا الوطني هذا العام مع الإعلان عن فوز إمارة دبي بشرف تنظيم المعرض الأكبر والأعرق عالميا " أكسبو 2020"..إنه فوز مستحق و شهادة تقدير لآبائنا الذين وضعوا الأساس لدولة قوية نفاخر بانجازاتها الأمم ووسام على صدر كل مواطن ومواطنة ومقيم على أرض هذه الدولة.
وهو يوم نتقدم فيه جميعا بعظيم التقدير والشكر لأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي على الانجاز الوطني الكبير الذي يؤكد المكانة التي وصلت إليها دولتنا كمركز جذب دولي للاعمال و منصة حيوية للقاء الأفكار والعقول كما نثمن جهود فرق العمل الوطنية و ما بذلت من جهد مخلص على مدى عامين.
أبنائي وبناتي المواطنون والمواطنات..
إننا و منذ تأسيس هذه الدولة واعون بقيمة الإنسان ودوره في بناء الأمم حريصون على صون حقوقه و ضمان رفاهيته..ساعون لتمكينه وتوسيع خياراته وتحقيق تطلعاته..هذا ما أوصانا به الآباء وحملناه أمانة و التزمناه منهجا فالقيادة الرشيدة هي التي يشعر الناس بوجودها أمنا في حياتهم و تماسكا في مجتمعهم..هذه هي روح الاتحاد وجوهره و هي مقومات الحكم الصالح.
واليوم و بتوفيق من الله و بفضل جهودكم ووضوح الرؤى و تكامل التخطيط والتنفيذ والتعاون المثمر بين أجهزة السلطتين الاتحادية والمحلية فإننا على ذات نهج الآباء سائرون تقوية لمؤسسات الاتحاد وحماية لمكتسباته متخذين من نوعية الحياة و مقدارِ الرفاهية و جودة الحياة و التنمية و حكمِ القانون معايير لتقييم النجاح وقياس التقدم..فطموح حكومتنا لا يقتصر على الارتفاع بمؤشرات النمو الاقتصادي ـ على أهميتها ـ وإنما على رفع المستوى المعيشي للمواطنين ووضع الدولة على خريطة الدول الأكثر تطورا : عدلا وأمنا و تعليما و ثقافة وإسكانا ورياضة و صحة و بيئة و مدنا ذكية.
ولن يكون المستقبل الذي نصبو إليه ونتطلع نحوه دون بيئة اجتماعية ثقافية غنية مؤثرة تزيدنا ثقة بذاتنا و فخرا برموزنا و تمثلا لتراثنا و تمسكا بجوهر إسلامنا دين الرحمة والتسامح والاعتدال والانفتاح..إن تنمية لا تحمي الأسرة ولا تستلهم المخزون الثقافي للمجتمع وأخلاقه هي تنمية ناقصة مهما بلغت عائداتها فتجريد الإنسان من لغته وعاداته وتقاليده وقيمه حرمان له من انتمائه وعناصر هويته وإلغاء لقدرته على التحدي والإبداع والتميز والانفتاح الواعي على ثقافات العالم. فلا مستقبل لتنمية دون ثقافة وطنية ولا مستقبل لثقافة وطنية دون إدماج تام لمكوناتها في مناهج التربية و سياسات الإعلام وبرامج التنشئة الأسرية والاجتماعية..وعلى ذات الدرجة من الأهمية والأولوية فإن الولاء للوطن وقيادته واحترام الدستور و الامتثال للقانون والالتزام بقيم المجتمع هي ثوابت لا نتهاون فيها ولا نتساهل ذلك أن صيانة الأمن هي الهدف الأسمى الذي يوفر المناخ الملائم للتنمية.
ولا مستقبل أيضا لتنمية لا تقوم على تعليم متطور يرتكز على منظومة متكاملة محورها المعلم و نحن إذ نعتز بالمعلم ركيزة العملية التعليمية..فإننا نحرص على الارتقاء بأوضاعه و تحسين بيئة عمله و قطعنا خطوات متقدمة في تطوير نظامٍ تعليمي عصري يواكب التطورات..يتخذ من ثقافة المجتمع منهجا ومن تلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية هدفا بناء لإنسان صالح وقوة عمل مؤهلة قادرة على حماية مكتسبات الاتحاد و الوفاء بأعباء التنمية والمشاركة في إدارة شؤون الدولة..كما نعمل على تمكين المرأة والشباب ورعاية الأمومة والطفولة و تشجيع الاستثمار في المجالات الأكثر قدرة على تطوير المعرفة ورفع الكفاءة وتعميق قيم العمل والانجاز و نشر ثقافة التطوع والمشاركة المجتمعية وتحقيقا لهذه الأهداف ندعو لتبني خطة وطنية للتنمية الرياضية تؤسس لبنية تحتية متطورة للرياضات الحديثة والتراثية فالرياضة مدرسة تعمق روح الانتماء والمنافسة و تمنح الأفراد حياة بدنية وعقلية صحية تدفعهم إلى المزيد من العمل والإنتاج.
إنها رؤى وغايات نثق بأننا سنراها مبادرات ومشاريع وبرامج ضمن الخطة الإستراتيجية الجديدة للحكومة الاتحادية و الخطط الإستراتيجية للوزارات والهيئات والمجالس المعنية..فالثقافة والرياضة مثل التعليم هي بناءٌ للإنسان و استثمار في المستقبل و حماية للاتحاد.
المواطنون والمواطنات..
إننا في هذا اليوم نثمن مبادرة " يوم العلم " التي أطلقها أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي..لما فيها من إعلاء لرمز اتحادنا وعنوان انتمائنا و تأكيد لوحدتنا ورؤيتنا و غرس لمعاني الوطنية في نفوس أبنائنا وبناتنا، معاهدين الله بأن يظل الاتحاد قويا شامخا وعلمه عالياً خفاقا..كما أننا نشيد بتحمل الهيئات الدستورية والسلطات الاتحادية والمحلية لمسؤولياتها تجاه المواطن والوطن باستشرافها الذكي للمستقبل تميزا و ريادة وتخطيطا و تصديها الواعي لتحديات الحاضر بحلول تلائم طبيعة مجتمعنا ونمط معيشته وإطلاقها لمبادرات متعددة بهدف ترسيخ قيم التراحم والتواصل الاجتماعي وتعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل و خلق فرص عمل مستدامة في جميع إمارات الدولة في شراكة حقيقية مع مؤسسات القطاع الخاص.
كما نقدر جهودها المبذولة لإصلاح سوق العمل، بإزالةً العقبات التي تعترض مسار التوطين وتحد من مشاركة الكوادر الوطنية فيه كما نشيد بما اتخذت من إجراءات لإعادة هيكلة قطاعات الصناعة والأعمال بنقلها من مرحلة الاعتماد على العمالة الكثيفة إلى عمليات إنتاجية تقوم على المعرفة و استخدام التكنولوجيا المتقدمة والعمالة المؤهلة وبما أعلنت من خطط لتنويع مصادر الطاقة البديلة والمتجددة وتعزيز لسياسات الاقتصاد الأخضر بما يتضمنه من تحسينٍ لكفاءة استخدام الموارد الطبيعية خاصة المياه و تبني إستراتيجية وطنية شاملة وموحدة لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث تعزز جاهزية الدولة والمجتمع وترفع من قدراتهما على مواجهة المخاطر ودرء آثارها.
وفي إطار حرصنا على سعادة ورفاه المواطنين قررنا اعتماد مبلغ إضافي وقدره / 20 / مليار درهم للصرف على أعمال ومشاريع المبادرات التي أطلقناها لتحقيق المستوى المنشود من الرفاه لأبنائنا واخواننا المواطنين وإدراكا منا للأولوية القصوى للإسكان باعتباره اللبنة الأولى لحياة كريمة وآمنة..فقد أطلقنا مبادرتنا لبناء عشرة آلاف مسكن للمواطنين في مختلف إمارات الدولة تحقيقا للعدالة والمساواة والرفاهية ووجهنا الحكومة بالشروع فورا في تنفيذ هذه المبادرة وتوفير التمويل اللازم لاستكمالها..كما قررنا رفع قيمة الدعم السكني الذي يحصل عليه المواطن من برنامج الشيخ زايد للإسكان من / 500 / ألف إلى / 800 / ألف درهم..مشيدين بما قررته الحكومة الاتحادية من تخصيص ما يزيد عن نصف ميزانيتها للعام المالي 2014 لقطاع المنافع الاجتماعية، تطويراً وارتقاءً بالتعليم والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية والإسلامية والثقافة والشباب وتنمية المجتمع وبرنامج الشيخ زايد للإسكان والمنافع الاجتماعية الأخرى.
أبناء الوطن وبناته..
لقد أثبتت التجربة جدوى وسلامة النهج الذي اتبعناه خلال العقود الماضية وسنظل عليه منتهجين سياسة خارجية مستقلة مرنة غايتها خدمة المصالح الوطنية وصيانة سيادة الدولة؛ وتفعيل منظومة التعاون الخليجي بما يحقق التكامل وتوثيق التعاون مع الدول العربية والتكتلات الإقليمية باذلين الجهد لبناء بيئة إقليمية ودولية قائمة على السلام والاستقرار والثقة المتبادلة وسنستمر في سياستنا ملتزمين بمواجهة الإرهاب ومحاربة التطرف وتسوية الصراعات بالطرق السلمية والمشاركة في الجهود الدولية لحماية البيئة والمساهمة في تطوير نظام دولي أكثر عدلا وإنصافا.
لقد مكن هذا النهج دولتنا من الحفاظ على علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة و تحقيق سمعة دولية متميزة بحضورها القوي في المنظمات الدولية والإقليمية وباستضافتها للمؤسسات والمؤتمرات الدولية، وبما تقدمه من مساعدات تنموية وإنسانية مستهديةً في ذلك نهج المغفور له الوالد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي جعل من الجانب الإنساني بعدا أصيلا في السياسة الخارجية الإماراتية. وسنستمر في رفع راية السلام والتنمية والتعاون..مثمنين الدعم الخليجي والعربي للحق الإماراتي التاريخي والمشروع في الجزر الثلاث المحتلة " طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى "..مؤكدين أن لا سبيل لتسوية المشكلة إلا عبر مفاوضات مباشرة أو تحكيم دولي يعزز فرص الأمن والاستقرار في المنطقة معلنين في ذات الوقت ترحيبنا بما توصلت إليه طهران والقوى العالمية الست من اتفاق تمهيدي حول برنامج إيران النووي..آملين أن يكون خطوة نحو اتفاق دائم يحفظ استقرار المنطقة ويقيها التوتر.
وفي هذا فإننا لا نخفي ما نشعر به من قلق عميق مما تشهده المنطقة من توترات أيقظت الفتن وأججت موجات التطرف والعنف والإرهاب ونعرب في ذات الوقت عن تقديرنا للحضور الايجابي والحراك المثمر لدبلوماسيتنا دفاعا عن خياراتنا الوطنية وتقويةً لمسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ونصرة للقضايا العربية العادلة وفي طليعتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ومساندةً للمبادرات الهادفة للعودة بمصر إلى مكانتها ودورها العربي القائد وإعادة السلام لسوريا والاطمئنان لتونس والأمن لليبيا والاستقرار للعراق واليمن والسودان ولبنان والصومال وأفغانستان وغيرها ودعما للجهود المبذولة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل والضغط على إسرائيل للاستجابة لقرارات الشرعية الدولية بالانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة.
ونود هنا أن نشيد بالجهد الذي يبذله قادة وضباط وجنود قواتنا المسلحة، وأجهزة الشرطة والأمن لتفانيهم في أداء الواجب حفظا للنظام والأمن و نشرا للطمأنينة و ما يقومون به من جهد للارتقاء بقدرات بلادنا الدفاعية والأمنية..كما نؤكد سعينا المستمر لتطوير قدراتهم وتحديث عتادهم وضمان الرعاية الشاملة لهم ولأسرهم..كما نتقدم بالشكر للمقيمين بيننا من أبناء الدول الشقيقة والصديقة لما يسهمون به من دور نقدره.
أيها المواطنون والمواطنات الكرام إن ما تحقق خلال الاثنين والأربعين عاما الماضية كان إنجازا استثنائيا مشهودا شاركتم في صناعته جميعا مثابرين متوحدين واثقين بأن الغد أفضل من اليوم..بمثلما أن الحاضر أفضل من الماضي.
ونسأل اللّه أن يجعلنا من عباده الشاكرين وأن يسدد خطانا و يعيننا وشعبنا بالإرادة القوية والهمة العالية.
وفقكم الله وكل عام وأنتم بخير // .