أخبار

رئيس المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية لـإيلاف:

العطية: إستقرار العراق وحاكمه رهن بالإتفاق الإيراني الأميركي

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اعتبر خبير سياسي عراقي أن إستقرار بلاده وتحديد شخصية رئيس وزرائها المقبل رهن بنجاح التقارب الإيراني الأميركي الاخير وقال إن الانتخابات البرلمانية المقبلة لن تفرز فصيلًا قويًا وهو ما قد يدفع إلى تحالفات سنية شيعية عابرة للطائفية واعتبر تخلي المرجعية الشيعية عن التحالف الحاكم إيجابيًا.

لندن: قال رئيس المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية غسان العطية في حوار مع "إيلاف" إنّ الحل لمشاكل العراق الحالية يكمن في اختفاء الطائفية والاثنية لصالح وطنية العراقي لكنه اشار إلى أنّ هذا لن يتحقق قبل عقد من الزمان بفعل تداعيات سابقة مؤكدا ان العراق بحاجة إلى تيار ليبرالي مدني ديمقراطي يتجاوز حالات الاستقطابات الضيقة الحالية ويعبر بالبلاد واهلها إلى الامن والاستقرار والتقدم.. وفي ما يلي ماجاء في الحوار:

* كيف ترى تأثير الاستقطاب الطائفي في العراق على نتائج الانتخابات البرلمانية العامة في 30 نيسان المقبل؟

** لكي تكون الانتخابات في صالح المواطنين يجب البحث عن عراقيين وطنيين لا يقولون نحن شيعة او نحن سنة ولذلك فإن القوائم الانتخابية والائتلافات يجب ان لا تكون طائفية.. ففي بداية العملية السياسية بعد التغيير الذي حصل في العراق عام 2003 وظهور الهيمنة الشيعية كان رد الفعل الشعبي بدلا من ان يكون عراقيا فإنه كان طائفيا فتقوقع السني بسنيته والشيعي بشيعيته والكردي عاد إلى اثنيته وبالتالي فكك العراقيون انفسهم بأنفسهم من دون الحاجة للأميركيين او الإيرانيين ليفعلوا ذلك.

انا ارى ان معظم العراقيين كانوا مهيئين للتفكك لانه تاريخيا وفكريا فإن نشأة العراق بعد الحرب العالمية الاولى عام 1914 كان عبارة عن لملمة فليس في التاريخ كله دولة اسمها العراق وهذا التعبير جغرافي.. وبالحدود الحالية تبلور العراق وتشكل ليس على اساس رغبة سكانه وانما لصالح الدولة المحتلة انذاك وهي بريطانيا. فمثلا ان الاتفاقات انذاك كانت تعطي الاكراد حق تقرير المصير ولكن بعد ظهور اتاتورك في تركيا فقد الغي ذلك لان القيادة البريطانية كانت تريد حاجزا قويا بينها وبين تركيا ولذلك بقي الاكراد ضمن العراق حيث لم يكونوا انذاك قوميين وانما اسلاميون فظلوا ضمن العراق رغم حرمانهم من حقوق كثيرة وبقوا عامل قلق لكل الحكومات المتعاقبة حتى اصبحوا الان شبه مستقلين.

*باعتبارك شيعيا وكان والدك احدى الشخصيات التي ذهبت إلى الحجاز بعد الحرب العالمية الاولى وطلبت فيصل ملكا على العراق كيف ترى مظلومية الشيعة في هذا البلد؟

** مظلومية الشيعة هذه يصدقها من لم يعرف تاريخ العراق لانه عندما تأسست الدولة العراقية لم يكن فيها اكثر من مليوني نسمة وكان عدد الشيعة لدى تشكيل الدولة العراقية بداية عشرينات القرن الماضي بالكاد لهم عدة شخصيات متعلمة ولكن في العهد الملكي بعد تأسيس الدولة العراقية كان للشيعة الحصة الاكبر في الحكم ولهم وزارات كما اصبح 4 منهم رؤساء وزارات ونصف الحكومة منهم وفي منتصف الخمسينات اصبح معظم حملة الشهادات من الشيعة و90 بالمائة منهم درسوا على حساب الدولة.. لكن المهمشين كانوا هم رجال الدين الشيعة وليس مواطني الشيعة.. فقام رجال الشيعة هؤلاء يروجون لمظلوميتهم على انها مظلومية للشيعة وهذا امر ظل غير مفهوم للعراقيين فمثلا يقول الشيعة انه لم يكن لهم حصة في الجيش في وقت كان لهم بين العشرينات والخمسينات الحصة الاكبر في مناصب الحكومات مقارنة بالسنة والاكراد والمسيحيين.

ولم تكن المعارضة انذاك طائفية فقيادات الحزب الشيوعي كانت من النجف الشيعية وكذا حزب البعث حتى اتسع صدر العهد الملكي ليعين آية الله محمد الصدر رئيسا للوزراء ففي تلك المراحل كان المستفيد هم الشيعة لكن المرحلة الطائفية في تاريخ العراق الجديد بدأت مع حكم صدام حسين (الرئيس العراقي السابق) الذي بدأ يخشى الشيعة وخاصة بعد انتفاضة عام 1991 وتبلور لديه اعتقاد بأنهم يشكلون خطرا عليه وهو بدلا من ان يكسبهم إلى صفه فإنه عاملهم كطابور خامس وهجرهم إلى إيران فبدأ الشيعي يشعر انه مستهدف.. ثم تحول البعث من حزب علماني إلى تنظيم يقود الحملة الايمانية ويلتفت إلى الدين ويحمي شعائره فانعكس هذا على الحياة السياسية.

وعلى الجانب الاخر تتحمل المعارضة العراقية لصدام حسين ايضا المسؤولية الكبرى لما آل اليه وضع الشيعة في العراق حاليا فهؤلاء لم يفكروا كعراقيين وانما الكردي فكر ككردي وكذلك الشيعي والسني تمسكا بصفتهما المذهبية.. والنتيجة ان الشيعة هيمنوا على الحكم ثم اتوا بالسنة كواجهة للنظام فقط. والأميركيون عندما دخلوا إلى العراق لم يحسنوا التصرف وشجعوا على الطائفية ولو كان الإيرانيون احتلوا العراق لما شكلوا حكومة موالية لهم مثلما شكلها الأميركيون في العراق.. ثم ان المواطن العراقي عواطفه جياشة فانزلق إلى الطائفية ولذلك فإن الليبراليين انسحبوا من العملية السياسية بعد ان تأكدوا ان هذه المرحلة ليست مرحلتهم.

كما ان المرجعية الشيعية ارتكبت خطأ كبيرا في عام 2005 حينما دعمت ائتلافا شيعيا واسعا لخوض الانتخابات فالمرجعية هي التي دفعت بالحكام الحاليين إلى مناصبهم التي يتبوأونها الان لكن هؤلاء لايحترمونها حاليا ولذلك بدأت تنقد السلطة وممارساتها وتسعى إلى كسب احترام الشيعة لها وهي ترى انه لامصلحة لها في دعم حكمة لايريدها الناس فالقوى الشيعية لم تعد موحدة وكذلك المرجعية وهذا رحمة للناس لان "أختلاف أمتي رحمة" كما قال النبي محمد.

*كيف ترى إلى امكانية تبلور تيار مدني ليبرالي يقود الحياة السياسية في العراق؟

**الان جرب المواطن الطرح الشيعي وكذا الطرح السني وأخذ يقول ان هؤلاء الذين يحكمون حاليا صعدوا على اكتافنا ولم يحققوا لنا شيئا فخيبة الامل لدى الشيعي او السني كبيرة ولكي يتم دفع هذا المسار لابد من ثمن باهظ فبدأ الان هناك تحول لدى ابناء المدن وخاصة المدن المختلطة مثل محافظات ديإلى والبصرة وبغداد والحلة ولكن في المناطق الاخرى لايزال الانقسام الطائفي حادا جدا.

ولذلك ولكي تعيش على ارض اسمها العراق فعليك ان تجد حلا عراقيا ليس سنيا او شيعيا او كرديا او مسيحيا.. وهذا يحتاج إلى حل عراقي وطني وانطلاقا من ذلك بدأ ينتعش ظهور النخب اليسارية والعروبية والليبرالية المدينة الديمقراطية بعيدا عن الطائفية لكن لملمة هذا الفصيل يأتي في زمن صعب فليس هناك اي دولة عربية الان مستعدة مع الاسف للتعاطف مع هذا التيار.

*وهل لهذا التيار مستقبل في العراق؟

**ان هذا التيار لن يحكم في العراق بعد عدة سنوات من الان لكن ما يتم الان هو عملية زرع نبتة عراقية ستنمو ويحصد ثمرتها الجيل القادم.. والاستقطاب الطائفي والذي مرجعيته إيران لايمكن ان تتم مواجهته الا بالتوجه العراقي الوطني واذا اقتنع الشيعي والسني والكردي انه عراقي اولا وآمن بهذا المشروع فانه سيشكل مظلة لتوجه جديد يزرع اهدافا وطنية صحيحة وان كان الحصول على ثمرته بعد سنوات لكن سيبقى هو التوجه الوطني المطلوب. فما يتم الان هو زرع نواة لنهج سياسي فكري خاصة وانه يوجد الان توجه إلى التوحد لم يكن موجودا قبل خمس سنوات فاصبح الان هناك ادراك اخر بعيد عن الطائفية واذا استطاع هذا التيار ان يوصل بين 8 و10 من النواب الاقوياء إلى البرلمان فعليه ان لايشترك في الحكومة في المرحلة الاولى فهؤلاء اذا كانوا مدعومين من اتجاه سياسي وبقوة من الاختصاصيين تمتلك القدرة على التأثير في البرلمان فهم سيتحولون بعد سنوات إلى رقم كبير.. فالمشروع ليس شخصيا لاحد ومداه بعيد ولذلك عليه ان يلعب الان دور المراقب والمحاسب إلى أنّ يتمكن من الوصول إلى الحكم لتنفيذ برنامجه.

*ولكن الوعي الجمعي في العراق الان طائفي؟

**من المؤكد ان الوعي يلعب دورا اساسيا في نجاح هذا التوجه او التيار العابر للطائفية ثم التقدم نحو خوض غمار الانتخابات لكن العقبة الان هي عزوف العراقيين عن المشاركة في الانتخابات ففي انتخابات مجالس المحافظات في نيسان الماضي لم تتعد المشاركة في العاصمة بغداد عن 30 بالمائة ثم ان حال اليأس والاحباط لدى العراقيين حاليا يشكل التحدي الاكبر فالقضية الان هي كيفية الوصول إلى ضمير العراقي من خلال تقديم وجوه وبرامج جديدة. وهناك ايضا مشكلة التزوير التي تجري بشكل ممنهج ومتفق عليه من قبل الكيانات الكبرى التي تمتلك الاموال لتعيين مراقبين للانتخابات من قبلها مع غياب مراقبي الكتل الصغرى التي لاتستطيع دفع تكاليف مراقبين يمثلونها فينفرد اولئك باوراق الاقتراع !

*متى يصوت المواطن كعراقي وليس كشيعي او سني او كردي؟

** ليتحقق هذا فالعراق بحاجة إلى عقد من الزمن لكن العراقي مثلما نزل إلى الشارع بمليونيات في عقد الخمسينات ضد النظام ومرة اخرى ضد صدام والان بتظاهرات مليونية في المراسم الدينية فإنه بالامكان اذا تقديم الرسالة الجديدة وتحقيق ذلك. ولكن هل نبقى نلعب على مشاعر الناس ام نهيئها إلى حالة من الاستقرار والتطور؟ انا اعتقد ان تصويت العراقي كعراقي فقط يقع امله على ظهور رموز سياسية عراقية تتعدى الطائفية وتؤمن بهموم المواطنين. فاليساريون في السلطة مثلا هم الوحيدون الذين لم تتلوث ايديهم بالفساد عكس الذين جاؤوا باسم الدين فظهر بينهم كم كبير من المفسدين.

*ماهي خيارات الخروج من هذا الوضع؟

** الخيارات صعبة فلا يمكن الخروج من الوضع الراهن بالانقلاب او بالعنف فيبقى الخيار الوحيد وجود هامش من الحرية وان كان هذا يتقلص تدريجيا ويضيق لصالح القمع والاغتيالات.. فهل يمكن ان يستغل هذا الهامش ام لا ؟.

الحكومة ارتكبت خطأ كبيرا فهي بدلا من تعزيز الاعتدال السني فانها حاربته مع ان هؤلاء السنة هم القادرون على مواجهة تنظيم القاعدة فلا يمكن محاربتها الا بالعرب السنة ومواجهة النفوذ الإيراني الا بالعرب الشيعة.. لقد بدأ الاعتدال السني يتلاشى لصالح التطرف فالاعتقالات في المحافظات السنية تتصاعد الامر الذي ادى معه إلى تصاعد مطاليبهم التي لم تتجاوب معها الحكومة فسقط الاعتدال السني لصالح التطرف الذي حمل السلاح ويسيطر الان على مناطق من محافظة صلاح الدين الغربية الشمالية و على ثلث مساحة محافظة الانبار الغربية وهي المحافظة الاكبر مساحة في العراق.

ان فشل الحكومة في ملف الارهاب الذي لايقاوم بالسلاح وحده وانما بحل سياسي يرافقه تجفيف حواضنه وكسبها أدى إلى خسارتها للشارع السني الذي يعاني الان حالة كبيرة من الاحباط ستدفعه إلى عدم المشاركة في الانتخابات وهذا يشكل مأساة لانه سيسمح لاخرين متطرفين بتوسيع نشاطهم وتأثيرهم على الساحة.

*كيف ترى الوضع السياسي بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة؟

**الوضع السياسي يتصف الان بتشظي الائتلافات وخارطة النتائج التي ستظهر للانتخابات المقبلة ستكون مختلفة عنها في انتخابات عام 2010 فلن يتمكن اي كيان او ائتلاف من الحصول على اكثر من 40 مقعدا برلمانيا فالقوى الشيعية القوية لم تعد موجودة وكذا السنية وهذا معناه انه لن يتم فرض رئيس وزراء معين وانما ستكون هناك مشاركة في الرأي والموقف لاختياره ليس كما تم في الانتخابات السابقة حيث قدم اسم رئيس الوزراء كتحصيل حاصل. وستتبلور ائتلافات عابرة للطائفية للمرة الاولى مثلا ائتلاف متحدون بزعامة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي يمكن ان يتحالف مع التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر او المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة عمار الحكيم فيكون الاصطفاف سياسيا وليس طائفيا وهذا جانب ايجابي.. وهو احدى نتائج تحويل المالكي لقضية العراق وازماته إلى "قضية المالكي".. ومن معه ومن ضده.. فمن ضده سيتحدون وهم الاكراد وقسم من السنة والشيعة فتتغير بذلك اللعبة السياسية.

*كيف تنظر أميركا وإيران لولاية ثالثة للمالكي؟

**إيران والولايات المتحدة لهما دور في ما يحصل في العراق فاذا شعرتا ان المالكي اصبح عبئا على مصالحهما بعد التقارب الحاصل بينهما فسيتخليان عنه ويحميان العراق من مشاكل كبيرة.. إيران تريد من صفقة النووي ليس رفع العقوبات فحسب ولكن ايضا أن تكون شريكا سياسيا في المنطقة.. فهل ستعطي واشنطن الضوء الاخضر لطهران لتعزيز نفوذها في العراق وسوريا ولبنان.. فهذا هو الثمن. فالتفاهم الإيراني الأميركي لتهدئة الأوضاع في العراق سيكون تغيير رئيس الوزراء احد خياراته. والعراق سيكون اختبارا لجدية الاعتدال الإيراني الذي يرى انه شريك مع أميركا في استقرار العراق.

المالكي يقول لمقربين منه انه سيحصل على 94 مقعدا في مجلس النواب المقبل الذي يضم 328 مقعدا لكن هذا غير ممكن لان سياساته دفعت البلاد إلى الهاوية وولاية ثالثة تعني كارثة للعراق فالمالكي اصبح عدو نفسه ولكن من سيكون خليفته هذا سؤال رهن بالتطورات المقبلة واذا حصد التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي اصواتا كبيرة مثلما حصدا في انتخابات مجالس المحافظات في نيسان المالضي فانهما بالتحالف مع اخرين يمكن ان يرشحوا رئيس وزراء بديل وهناك اسماء مطروحة مثل عادل عبد المهدي وجعفر الصدر.

انا زرت واشنطن مؤخرا فوجدت هناك مزاجا منقسما فالبعض يرى استمرار المالكي لان أميركا تريد الاستقرار والنفط في العراق والذي حصل في زمنه ارتفاع في معدلات النفط المصدر في وقت قل النفط الإيراني بسبب العقوبات.. والبعض الاخر يرى العكس وان المالكي فشل في ملفين اساسيين هما الامن وتحقيق وحدة العراقيين. كما ان لعب المالكي على ورقة التناقض الأميركي الإيراني سابقا قد انتهى بالاتفاق النووي الاخير.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف