قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نفذت كوريا الشمالية حكم الإعدام بالرجل الثاني القوي و"صانع الملوك" جانغ سونغ ثايك، عم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وذلك على خلفية اتهامات بالفساد ومحاولة للإطاحة بالنظام.وقالت الوكالة الكورية الشمالية للأنباء إن إعدام جانغ، الرجل الذي كان صاحب نفوذ واسع داخل دائرة الحكم، نفذ عقب محاكمة عسكرية. وكان جانغ مسؤولاً عن متابعة تسلم الزعيم الكوري سدة الحكم بعد رحيل والده الزعيم السابق كيم جون العام 2011 ،وهو أيضًا زوج شقيقة رئيس جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية كيم جونغ إيل.واعتبرت أوساط مراقبة أن زعيم كوريا الشمالية الشاب تخلص بذلك من مرشده السياسي لتوطيد سلطاته. وأظهرت صور في وقت سابق من الأسبوع الحالي رجال أمن يلقون القبض على جانغ أثناء مشاركته في اجتماع لحزب العمال الحاكم.وأوضحت الوكالة الحكومية أن جانغ أقر بإساءة استخدام مناصبه والعمل على تشكيل فصيل ضد النظام الحاكم لتحقيق طموحاته السياسية الشخصية.وكان جانغ قد تولى العديد من المناصب البارزة في الحزب الحاكم ولجنة الدفاع الوطني، وهي أكبر هيئة عسكرية في كوريا الشمالية.
موقف واشنطنوفي الولايات المتحدة، أعلن البيت الأبيض أنه لم يتسنَّ له التثبت من صحة التقارير الواردة عن إعدام جانغ، لكن أشار إلى أنه "لا يوجد سبب للتشكيك فيها".وجاء في بيان للبيت الأبيض: "إذا ثبتت (صحة التقارير)، فهذا مثال آخر على الوحشية المفرطة للنظام الحاكم في كوريا الشمالية. نتابع التطورات في كوريا الشمالية عن كثب، ونتشاور مع حلفائنا وشركائنا في المنطقة." وكانت قيادة كوريا الشمالية ابعدت ثاني أقوى رجل في الحزب الحاكم بالبلاد، واتهمت وسائل الإعلام الرسمية سانغ سونغ ثايك، بـ"تحدي قيادة كيم جونغ أون، وتشكيل جبهة مضادة له في حزب العمال". وتم تجريد ثايك من جميع مناصبه الرسمية، وطرده من الحزبوتحول ثايك - بين عشية وضحاها - من مستشار زعيم كوريا الشمالية الصغير وعمه إلى أحد معارضي الثورة ومنبوذيها المجرمين، وتم تجريده من جميع مناصبه الرسمية، واستبعد اسمه كذلك من اللقطات الوثائقية المصورة، كما بثت وسائل الإعلام الرسمية مشاهد لطرده من اجتماع الحزب وقائمة طويلة من الاتهامات المزعومة فضلاً عن أخطائه الشخصية. وفاجأت تلك الاتهامات الكثيرين، بعدما سردتها وكالة الأنباء الرسمية لكوريا الشمالية وامتدت لصفحات طويلة.
أمر فريدوقال مسؤول في وزارة الوحدة، أحد أجهزة حكومة كوريا الجنوبية، إنه "أمر فريد من نوعه، إذ لم نرَ مثل هذا النوع من الإعلان عن اتهامات تطال المسؤولين سابقًا. ويبدو أن هذا الشرح المطول من الاتهامات يهدف إلى إضفاء الشرعية على هذا القرار".وكانت على رأس الاتهامات الموجهة لسانغ "تحدي قيادة الدولة، ومنح لنفسه التحكم في الاقتصاد وامتيازات قضائية وأمنية دون وجه حق، ومحاولته تشكيل جبهة مضادة في حزب العمال الحاكم". ويعد إبعاد ثايك أكبر هزة تتعرض لها البلاد إثر رحيل الزعيم السابق لكوريا الشمالية كيم جونغ إيل منذ عامين. لكن التقارير السياسية التي ترد عن كوريا تكون عادة غير شفافة. لكن ماذا يعني الوضع الاستثنائي على أرض الواقع؟
ضجر وغليانويرى محللون، حسب تقرير لـ(بي بي سي) أن الأمر قد يكون دليلاً على حالة من الضجر داخل النخبة الحاكمة، وحذر البروفيسور فيكتور تشا، من جامعة جورج تاون، من أن هناك غلياناً داخل نظام الحكم في كوريا الشمالية أكبر بكثير مما تصوره وسائل الإعلام، حتى إن بدا الزعيم كيم هو من يسيطر على زمام الأمور في البلاد. وأضاف أنه "إذا أردت التخلص من (الكبار)، فسيعني ذلك أن هناك أمورًا مثيرة تحدث".وذكر "موقع ديلي إن كيه" بكوريا الجنوبية، نقلاً عن مصادر كورية شمالية، أن إبعاد سانغ يلقي الضوء على حالة التصدع في البلاد بشأن طرق دعم النمو الاقتصادي في البلاد، والذي ربما أطلقت شرارته عملية الإصلاح الاقتصادية الناجحة في جارتها الصين. واستطرد الموقع الإخباري، عن مصادره التي لم يكشف عن هويتها، أن سانغ اندفع نحو سياسة انفتاح كاملة، تعتمد على الطريقة الصينية، وليس سياسة جزئية كما يرغبها كيم جونغ أون، وهو ما أدى إلى تصادم الطرفين، وانتهى الأمر بسقوط سانغ، فيما ذهب آخرون إلى أن هناك اختلافاً سياسياً طفيفاً وسط مستويات الحكومة العليا.
اختلافات النخبةويقول الدكتور بايك هاكسون، من معهد سيجونغ في سيول، إنه إذا كانت اختلافات النخبة في بيونغ يانغ حقيقية، فلن ينشرها النظام هناك بهذا الشكل العلني، ولن يتم حلها أيضاً بهذه السرعة التي ظهرت في إبعاد سانغ، إذ تعد الخطوة أكبر من تجاوز الزعيم كيم جونغ أون معلمه ومستشاره". وتابع: "فسانغ أنهى دوره كجسر بين الماضي والحاضر، إذ يستطيع المرء مقارنة سانغ بيوحنا المعمداني، الذي صوره العهد القديم في صورة من لعب دور الجسر في عهد السيد المسيح. لكن هذا الدور في قيادة الزعيم الصغير كيم كونغ لبلاده كانت له تداعيات غير متوقعة."فكلما جذب سانغ إليه الناس أصبح قوياً"، ويضيف الدكتور هاكسون أن "إبعاد شخصية بحجم ثايك في سياسة كوريا الشمالية كان يتطلب تفسيرًا وافيًا حول الأسباب التي أدت إلى عزله وطرده من الحزب الحاكم بهذا الشكل".
الزعيم الصغيرويضيف هاكسون أن الزعيم الصغير لم يكن على طبيعته، وبدا كشخص غير مناسب للمنصب، لكن بمرور الوقت، استمتع الزعيم الصغير بوضعه هذا. وأتذكر في إحدى المناسبات التي جاءت عقب توليه السلطة بأشهر معدودة، وكان سانغ ثايك إلى جواره، حيث التفت الزعيم الصغير إلى عمه فجأة، فتصلب سانغ في رده، تماماً مثل ردود فعل الجنود مع قياداتهم. إذ كان رد الفعل طبيعيًا، لكني كنت مصدوماً بعض الشيء. ويشير الدكتور جون ديلوري، من جامعة يونسي، الى أن هناك أمرًا آخر مفاجئًا، وهو اعتراف كوريا الشمالية بوجود أعضاء في الحزب ينتمون لعائلة زعيم البلاد ويتقلدون مناصب عليا في الحكومة، وهم فاسدون وغير موالين لقادة البلاد.. فهذا المستوى من الاعتراف تجاه شخص كان منذ شهر واحد الرجل الثاني في النظام، يعد أمرًا مذهلاً، وكذلك تحذيراً لآخرين". ويضيف أن خطوة إبعاد سانغ تعد آخر التحركات التي أعدت بعناية لإظهار الزعيم الصغير بمظهر المسيطر على زمام الحكم في البلاد، والمستقل عن جارته الكبرى الصين، وهو ما ظهر جليًا عقب إبعاده قائد الجيش العام الماضي، بعدما عامله بازدراء فور توليه السلطة، وهو ما يستهدف الداخل والخارج معًا.
سرعة التحكمويتابع ديلوري أن المذهل في الأمر هو سرعة كوريا الشمالية في تحكمها بتفاصيل القصة، حيث استطاعت توجيه الجماهير إلى ما تريده بشأن تطورات الأمر مع سانغ.ويتابع: "يمكننا كذلك الربط بين تطور علاقات كوريا الشمالية بالعالم الخارجي، إذ أصبح لديهم حساب على تويتر، وبدأوا في نشر ملفات الفيديو على يويتوب، وأصبحوا أكثر اندماجاً في المحادثات الدولية، فعندما يكونون مركز هذه المحادثات فسيحصلون بطريقة استباقية على ما يريدون من تلك القصة". ويضيف جون ديلوري أن دراسة كوريا الشمالية تسيطر عليها المعاهد السياسية والمؤسسات الاستخباراتية ومراكز الفكر، وحتى المصادر الكورية الشمالية نفسها، سواء أكانت حكومية أو عبر منشقين، تميل إلى أن تكون لها أجنداتها الخاصة.وفي الختام، لفت ديلوري إلى أنه نتيجة للنقص الشديد في المعلومات الموثقة عن كوريا الشمالية، يميل الخبراء إلى الاعتماد على ما لديهم من معلومات، فيبدأون بمطابقة الحقائق بما لديك من معلومات، وهو ما يصعب تركه بعد ذلك.