مع بدء مناقشة مشروع قانون العدالة الانتقالية
نواب التأسيسي التونسي يريدون المحاسبة قبل المصالحة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رحب نواب في المجلس التأسيسي في تونس خلال جلسة مخصصة للنظر في مشروع قانون "العدالة الانتقالية" بصيغته وفصوله، مؤكدين على ضرورة أن يكفل القانون محاسبة المتورطين في انتهاكات طالت أفرادًا من الشعب، قبل المصالحة.
تونس: بدأ المجلس التأسيسي في تونس الجمعة مناقشة مشروع قانون العدالة الانتقالية الذي يفترض أن يضمن محاسبة الضالعين في الانتهاكات أثناء حكم الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
وانطلقت مناقشة المشروع الذي يضم 72 فصلا في جلسة عامة للمجلس بحضور وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو بعد تعطيل استمر أشهرا، وستتواصل المداولات بخصوص هذا القانون في الأيام القليلة المقبلة.
وقالت كلثوم بدر الدين النائبة عن حركة النهضة، رئيسة لجنة التشريع العام في المجلس التأسيسي، إن القانون سيشمل الانتهاكات الحاصلة منذ سنة 1955، أي قبل سنة واحدة من نيل البلاد استقلالها عن فرنسا.
وأضافت إن الهدف من القانون كشف الانتهاكات التي تعرّض لها التونسيون منذ ذلك التاريخ، وكذلك ممارسات الفساد، مؤكدة أنه سيضع نهاية للإفلات من العقاب.
ويهدف مشروع قانون العدالة الانتقالية إلى "تفكيك منظومة الاستبداد، والفساد السياسي والاقتصادي، وحفظ الذاكرة الوطنية المتعلقة بتاريخ تونس المستقلة في مجال حقوق الإنسان" حسبما ورد في الفصل الرابع من المشروع.
من جهته قال رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر إنه تم التريث في إعداد هذا المشروع تجنبًا لإعادة إنتاج الظلم في العهدين السابقين. وشدد نواب أثناء النقاش على ضرورة محاسبة المتورطين في التعذيب والفساد وغيرهما من الانتهاكات قبل المصالحة.
وسيُتوج قانون العدالة الانتقالية بتشكيل هيئة أطلق عليها "هيئة الحقيقة والكرامة". وقالت وكالة الأنباء التونسية إن 37 جمعية مدنية طالبت بتعديل بنود في مشروع القانون. يشار إلى أن المجلس التأسيسي أقر مؤخرا تشكيل هيئة للوقاية من التعذيب هي الأولى في العالم العربي والرابعة في أفريقيا.
ويأتي إقرار هذه الهيئة والانطلاق في مناقشة قانون العدالة الانتقالية في ظل شكاوى من تزايد الانتهاكات في مراكز الإيقاف والسجون التونسية.
ورحب نواب في المجلس الوطني التأسيسي خلال الحصة المسائية للجلسة العامة المخصصة للنظر في مشروع القانون الأساسي المتعلق بالعدالة الانتقالية، بعرض هذا المشروع ومناقشته، مؤكدين على ضرورة أن يكفل القانون محاسبة المتورطين في انتهاكات طالت أفرادًا من الشعب التونسي، قبل المصالحة.
ودعا النائب جلال بوزيد إلى ضرورة أن تكون المصالحة طبقا للقواعد القانونية وبعيدا من التجاذبات السياسية التي سقطت في فخها الأحزاب السياسية، على حد تعبيره.
كما طالب حسب ما نقلت عنه وكالة تونس أفريقيا للأنباء، بإجراء إصلاحات هيكلية على المؤسسات التي تورطت في ممارسة الفساد و"تطهيرها" من المتورطين فيه.
من جهته دعا النائب صادق شورو إلى الإقتداء بالرسول الأكرم عندما قال لأعدائه "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، والتي جاءت حسب قوله "بعد اعتراف أعدائه بذنبهم وطلب الصفح".
وشدد النائب هشام بن جامع، من ناحيته، على ضرورة العودة إلى الصيغة الأولى لمشروع قانون العدالة الانتقالية وإعادة تضمينه ما تم حذفه من المشروع الحالي، " حتى لا يكون الصلح منفذا للفاسدين للإفلات من العقاب بعد تعويض المتضررين"، بحسب تعبيره.
أما النائب عبد الرؤوف العيادي فقد أشار إلى أن ما أسماه بـ"الثورة المضادة" قد "عمدت إلى تطبيق قانون العدالة "الاستباقية" عبر عمليات ممنهجة تمثلت في إتلاف الأرشيف، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية.
وتساءل النائب آزاد بادي عن مدى قدرة هيئة الحقيقة والكرامة، التي نص عليها مشروع القانون، على تجاوز السلطة القضائية وإعادة النظر في ملفات الفاسدين الذين برّأهم القضاء، على حد تعبيره.
واعتبرت النائبة سعاد عبد الرحيم أن هذا القانون سيساعد على "التئام الجراح حتى لا يظل التونسيون مجرورين إلى الماضي ولا تنقلب العدالة الانتقالية إلى عدالة انتقامية"، ملاحظة أن القانون سيسمح بالكشف عن الحقيقة قبل المصالحة.
أما النائب أحمد السافي فقد لفت من جهته إلى نقائص مشروع هذا القانون، في ما يتصل بعنصر المحاسبة على مستوى الفصول 43 و45 و46 ، مؤكدا على ضرورة العمل على إصلاح المؤسسات وتطهير القضاء والإعلام، وفقا لتوضيحه.
ودعا النائب البشير النفزي إلى المصادقة على هذا القانون حتى "لا يعاد إلى رفوف المجلس التأسيسي"، معتبرا أنه سيكون محركا أساسيا للانطلاق في الكشف عن الحقائق.
وأكدت النائبة لبنى الجريبي ضرورة مكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب، مشددة على أن تكون هيئة الحقيقة والكرامة مستقلة استقلالية تامة وتبتعد عن "التلون الحزبي"، وفق قولها.
ومن جانبه قال النائب الطاهر هميلة إن مشروع هذا القانون "محشو بالحقد والكراهية وكأنه جاء لتصفية الخصومة مع فترة بورقيبة"، داعيا الى ضرورة مراجعته ليكون مليئا بالتسامح وجعله مدخلا للجمهورية الثانية.