رغم أنها تبقى مهددة للانفجار في أي لحظة
تونس مهد الربيع العربي تتجنب سيناريوهات الفوضى والعنف
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رغم تحول "الربيع العربي" إلى فوضى في ليبيا، وقمع في مصر وحرب أهلية في سوريا، فإن تونس التي انطلقت منها شرارة "الربيع" تجنبت حتى الان هذه السيناريوهات، إلا أن الازمة السياسية الحادة في البلاد وانعدام الثقة بين الحكومة الاسلامية والمعارضة العلمانية وفوضى السلاح في ليبيا المجاورة، تشكل مجتمعة تهديدا مستمرا لتونس.
تونس: لم تصادق حتى اليوم القوى السياسية التي أفرزتها انتخابات المجلس التأسيسي (البرلمان) التي أجريت في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011 على الدستور الجديد لتونس ولم تضع قانونا انتخابيا أو هيئة لتنظيم الانتخابات، بسبب تتالي الازمات السياسية في البلاد. ويرى محللون ان عمليتي الاغتيال السياسي اللتين استهدفتا في 6 شباط/فبراير 2013 شكري بلعيد وفي 25 تموز/يوليو 2013 محمد البراهمي وهما اثنان من رموز المعارضة في تونس، والانقلاب العسكري في مصر على الرئيس الاسلامي المنتخب محمد مرسي، أجهضت آمال نجاح الربيع العربي. ويقول شادي حميد مدير الابحاث في "مركز بروكينغز الدوحة" ان "انقلاب الثالث من تموز/يوليو في مصر أكد نهاية الربيع العربي باعتبار أهمية مصر في المنطقة" العربية. وأضاف حميد "لا أحد يستطيع القول ان مصر تتجه نحو الديمقراطية (..) وما نراه (اليوم في مصر) هو القضاء على جماعة الاخوان المسلمين كقوة سياسية" في البلاد. وألقت الاحداث التي شهدتها مصر بظلالها على الحياة السياسية في تونس إذ تخشى حركة النهضة الاسلامية من تكرار "السيناريو المصري" في البلاد التي تعيش ازمة سياسية حادة مستمرة منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو 2013. ويقول سليم الخراط المدير التنفيذي لمنظمة "البوصلة" (غير حكومية) التي ترصد نشاط البرلمان التونسي، ان "الاسلاميين (التونسيين) عاشوا الانقلاب العسكري في مصر وكأنه حصل في تونس" وان "الكثير من النواب (في البرلمان) يتحدثون عن تهديدات انقلابية رغم أنه ليس هناك دليل على ذلك". وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ندد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي وهو حليف علماني لحركة النهضة الاسلامية الحاكمة بما أسماه "مؤامرة" للانقلاب على الحكم قال ان وراءها "شبكات عهد (الرئيس المخلوع زين العابدين) بن علي" و"قوى عربية" لم يحددها و"قوى مافيوزية وسلفيين". وقام المرزوقي في وقت سابق بتغيير رئيس الحرس الرئاسي والقيادات العليا في الجيش في إجراء قرأه مراقبون على انه محاولة لقطع الطريق أمام محاولات انقلابية محتملة. وتواجه تونس مخاطر جماعات سلفية جهادية قتلت عناصر في الجيش والشرطة. وحملت وزارة الداخلية هذه الجماعات مسؤولية اغتيال البراهمي وبلعيد. وشددت "مجموعة الأزمات الدولية" في تقرير بعنوان "الحدود التونسية: الجهاد والتهريب" نشرته في 10 كانون الاول/ديسمبر الحالي على ضرورة أن يتلازم مسار البحث عن توافق سياسي لحل الازمة الحالية، مع البحث عن إجابات لحالة عدم الامن خاصة على الحدود مع ليبيا التي تشهد فوضى للسلاح واعمال عنف دامية قادتها ميليشيات خارجة عن سيطرة الدولة. وقالت المجموعة في تقريرها "إن تبعات الانتفاضة التونسية والحرب الليبية دفعت إلى إعادة تنظيم كارتيلات التهريب: التجار على الحدود مع الجزائر والقبائل على الحدود مع ليبيا، ما يضعف سيطرة الدولة ويمهد الطريق لأنماط أكثر خطورة بكثير من التهريب". وتابعت "يضاف إلى هذا الخليط حقيقة أن الأنشطة الإجرامية والتطرف الإسلامي باتا يمتزجان في ضواحي المدن الكبرى وفي القرى النائية الفقيرة. وبمرور الوقت، فإن نشوء ما يُسمى العصابات الإسلاموية يمكن أن يسهم في ظهور مجموعات تجمع بين الجهاد والجريمة المنظمة داخل شبكات التهريب العاملة على الحدود، أو الأسوأ من ذلك، إلى التعاون بين الكارتيلات والجهاديين". وحذرت المنظمة من العودة المنتظرة لمئات التونسيين الذين سافروا الى سوريا تحت مسمى "الجهاد" ضد قوات الرئيس بشار الاسد. ونصحت في هذا السياق بـ"تطوير برامج إعادة الإدماج الاجتماعي والمهني للمقاتلين التونسيين العائدين من الجبهة السورية". اجتماعيا تشهد تونس ترديا لظروف المعيشة بسبب غلاء الاسعار وتدهور الاقتصاد، وارتفاعا لمعدلات البطالة التي كانت من الاسباب الرئيسة للاطاحة بنظام بن علي مطلع 2011. وأعلن البنك الدولي في آخر تقرير له حول الافاق الاقتصادية في تونس خلال سنة 2014 ان هذه الافاق "يشوبها عدم يقين" وأنها "مرتبطة شديد الارتباط بجملة من المخاطر المحلية وبحالة عدم الاستقرار السياسي" في البلاد. بدوره حذر مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى مسعود احمد في نوفمبر الماضي من ان نسب النمو الاقتصادي في تونس "ضعيفة جدا ولا يمكنها تلبية تطلعات السكان الذين ينفذ صبرهم بشكل متزايد". ورغم حالة عدم الثقة المتبادلة بين الحكومة والمعارضة وتبادلهما الاتهامات والشتائم في وسائل الاعلام، إلا ان الجانبين دخلا في مفاوضات برعاية المركزية النقابية القوية لايجاد مخرج للأزمة السياسية الحادة التي تتخبط فيها البلاد منذ اغتيال محمد البراهمي. ومؤخرا حذر حسين العباسي الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) من فشل "الحوار الوطني" (المفاوضات). ونبه الى ان فشل الحوار سيجعل تونس "مفتوحة على كل المخاطر" إذ سيغادر المستثمرون البلاد و"ستنتصب المافيا" و"سيكون العمال والفقراء والعاطلون والشعب التونسي أول المتضررين".التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف