بعد إعلان الحكومة المصرية الجماعة تنظيمًا إرهابيًا
الإخوان المسلمون يواصلون تحدي السلطات: مستمرون في التظاهر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في وقت أعلنت الحكومة المصرية الأربعاء الإخوان المسلمين "تنظيمًا إرهابيًا" وحظرت عليها التظاهر وحمّلتها مسؤولية تفجير مديرية أمن الدقهلية في المنصورة، الذي أوقع الثلاثاء 15 قتيلًا، تحدت جماعة الإخوان هذا القرار بإعلان استمرارها في التظاهر.
القاهرة: قال القيادي في مكتب إرشاد الجماعة ابراهيم منير لفرانس برس "التظاهرات ستستمر بالتأكيد"، مضيفًا ان قرار الحكومة "باطل". واعتبر منير ان الحكومة المصرية "تحاول ان تلصق" بالاخوان تفجير المنصورة.
وقالت الحكومة في بيان اصدرته عقب اجتماع خصص لمناقشة حادث تفجير المنصورة ان "مصر كلها من أقصاها إلى أدناها روّعت بالجريمة البشعة التي ارتكبتها جماعة الاخوان المسلمين، بتفجيرها مبنى مديرية أمن الدقهلية".
مكافحة الإخوان
واكدت الحكومة في بيانها ان جماعة الاخوان واعضاءها، الذين "يستمرون فيها او ينضمون اليها"، بعد صدور هذا القرار، ستطبق عليهم بنود مكافحة الإرهاب، الواردة في قانون العقوبات المصري. واعلنت "جماعة انصار بيت المقدس" الاربعاء مسؤوليتها عن تفجير المنصورة، الذي اكدت جماعة الاخوان انها "تدينه بأشد العبارات".
واكد البيان انه سيتم " توقيع العقوبات" الواردة في قانون مكافحة الارهاب على "كل من يشترك في نشاط الجماعة او التنظيم أو يروّج لها بالقول او الكتابة او بأي طريقة أخرى، وكل من يموّل أنشطتها".
وكان قانون العقوبات المصري عدل في العام 1992 بعد موجة عنف إسلامي كان مسؤولًا عنها انذاك تنظيمان مسلحان، هما الجماعة الاسلامية والجهاد لتضمينه عقوبات مشددة تصل الى الاعدام في حالة ارتكاب جرائم "ارهابية". واكد بيان الحكومة ان الشرطة "ستتولى حماية الجامعات وضمان سلامة الطلاب من ارهاب تلك الجماعة".
تأمين الجامعات
واوضح وزير التضامن الاجتماعي احمد البرعي في مؤتمر صحافي ان "الشرطة ستدخل الجامعات". وحتى الآن لا يحق لقوات الأمن دخول الجامعات الا بطلب من إدارتها وبإذن من النيابة العامة.
وردا على سؤال حول الوضع القانوني لحزب الحرية والعدالة الذي شكلته جماعة الاخوان المسلمين، قال البرعي ان "حزب الحرية والعدالة لا يعدو ان يكون الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين، والحكم الصادر (بحظر انشطة جماعة الاخوان المسلمين) يقضي بان كل ما ينتمي الى تنظيم الاخوان المسلمين محظور وسنطبق الحكم بحذافيره".
وكانت محكمة مصرية قضت في 23 ايلول/سبتمبر بحظر أنشطة جماعة الاخوان وكل المؤسسات المتفرعة عنها والتحفظ على جميع أموالها ومقارها. وبحسب البيان فإن الحكومة "ستبلغ الدول العربية المنضمة الى اتفاقية مكافحة الارهاب بقرارها".
وتتهم الحكومة المصرية جماعة الاخوان بأنها على صلة بالتنظيمات الاسلامية المسلحة، وانها تحرّض على الهجمات ضد الجيش والشرطة وتموّلها. واكد بيان الحكومة ان تفجير المنصورة يعد "تصعيدا خطيرا لعنف الجماعة ضد مصر والمصريين، وذلك في اعلان واضح من جماعة الاخوان المسلمين أنها ما زالت كما كانت لا تعرف إلا العنف أداة لتحقيق أهدافها".
واشار بيان الحكومة في هذا الصدد الى اغتيالات سياسية تنسب الى الاخوان المسلمين وقعت خلال القرن الماضي في مصر.واضاف البيان ان "الجماعة جاوزت كل الحدود المتصورة في جريمة المنصورة، لأنها تحاول يائسة اعادة عجلة الزمن إلى الوراء وايقاف" تنفيذ خارطة الطريق "بدءا من الاستفتاء الذي يؤسس" لدولة "ديمقراطية جديدة".
وشدد على انه "لا عودة إلى الماضي تحت أي ظرف ولا يمكن لمصر الدولة ولا لمصر الشعب أن ترضخ لإرهاب جماعة الإخوان المسلمين، حتى وإن فاقت جرائمها كل الحدود الأخلاقية والدينية والإنسانية".
جاء اعتداء المنصورة قبل ثلاثة اسابيع من الاستفتاء على مشروع الدستور المصري الجديد، وهو الخطوة الاولى في خارطة الطريق، التي وضعها الجيش المصري بعد عزل الرئيس الاخواني محمد مرسي في الثالث من تموز/يوليو الماضي، والتي تقضي كذلك باجراء انتخابات برلمانية ورئاسية خلال الأشهر الستة المقبلة.
ومنذ عزل مرسي تشن السلطات المصرية حملة امنية واسعة النطاق ضد جماعة الاخوان وانصارها، اسفرت عن سقوط قرابة الف قتيل وتوقيف الاف عدة اخرين. وتحاكم غالبية قادة الإخوان حاليًا بعدما وجّهت إليهم اتهامات بالتورّط في اعمال عنف او التحريض عليها.
واحيل محمد مرسي نفسه على المحاكمة في ثلاث قضايا مختلفة. والسبت الماضي اعلنت النيابة العامة المصرية احالة مرسي على محكمة الجنايات بتهمة الفرار من السجن في العام 2011 خلال الثورة التي ادت الى الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.
ويحاكم مرسي، المحتجز منذ عزله، في قضيتين اخريين، احداهما يواجه فيها اتهامات بالتحريض على العنف و"التواطؤ" في قتل متظاهرين امام قصر الرئاسة اثناء وجوده في السلطة في كانون الاول/ديسمبر 2012، ويواجه في الثانية اتهامات بـ"التجسس" من اجل القيام بـ"اعمال ارهابية" بالاتفاق مع حركة حماس ومجموعات اسلامية مسلحة.
حماس على خط سيناء
واعلن الجيش المصري الاربعاء انه احبط هجومًا لحركة حماس في شمال سيناء، حيث تكثفت الاعتداءات منذ الاطاحة بمرسي في تموز/يوليو. واعلن الناطق باسم الجيش عقيد أركان الحرب أحمد محمد علي ان الجيش اعتقل "المدعو جمعة خميس محمد بريكة، فلسطيني الجنسية، وينتمي الى حركة حماس، من دون إقامة ومعه سيارة مرسيدس بيضاء اللون تحمل لوحات شمال سيناء".
واضاف انه وبعد "التحقيق معه اعترف باعتزامه تفجيرها في أحد المواقع الأمنية الحيوية في الدولة". من جانبها، اعتبرت حركة حماس في غزة في بيان صحافي "كل هذه الإدعاءات كاذبة، ولا أساس لها من الصحة"، مؤكدة ان "الشخص المذكور في هذا الإدعاء لا علاقة لحركة حماس به، ولا تعرف عنه شيئًا/ وهو غير موجود في كشوف السجل المدني في قطاع غزة".
كما اعلنت وزارة الداخلية المصرية الاربعاء توقيف هشام قنديل رئيس الوزراء في عهد مرسي اثناء محاولته الفرار الى السودان.
من السلطة إلى القائمة السوداء
تمكنت الجماعة التي كانت حركة المعارضة الاكثر تنظيمًا على مدى عقود حكم حسني مبارك الثلاثة، من الصعود الى قمة السلطة بعد ثورة شعبية بلا قيادة اطلقها مجموعات من الشباب.
الا انه بعد سنة واحدة امضاها مرسي في قصر الرئاسة، نزلت ملايين الى الشوارع في الثلاثين من يونيو/حزيران الماضي تطالب برحيله، وتدعو الجيش إلى التدخل بعد اتهامات وجّهت اليه والى جماعته بالهيمنة على مفاصل الدولة وبالسعي الى اسلمة المجتمع.
وكانت المؤسسة العسكرية، التي ساورتها شكوك كثيرة تجاه الجماعة، جاهزة للاستجابة لهذا المطلب، واعلن الجيش عزل مرسي في الثالث من تموز/يوليو الماضي. ورفضت الجماعة قرار الجيش، وتحدته، ونظمت اعتصامين في القاهرة للمطالبة "بعودة الرئيس الشرعي"، الا ان قوات الجيش والشرطة فضت الاعتصامين بالقوة في 14 اب/اغسطس الماضي.
ومنذ فض هذين الاعتصامين، قتل قرابة الف من انصار مرسي، وتم توقيف الاف عدة اخرين، من بينهم كل قيادات الجماعة الموجودة في مصر. وجماعة الاخوان هي اقدم حركة اسلامية عالمية سنية، وتقدم نفسها على انها جماعة إصلاحية تفهم الإسلام فهما شاملا، وتتمحور عقيدتها حول "التوحيد" ودمج الدين بالدولة. تأسست الجماعة على يد حسن البنا عام 1928، وتم حظرها رسميًا عام 1954، الا ان السلطات كانت تتغاضى عن نشاطها السياسي في عهد مبارك، رغم تعرّض الكثير من اعضائها للاعتقال من وقت الى اخر.
وينشط الاخوان المسلمون في المساجد، حيث يقدمون المساعدة إلى الفقراء، وكذلك في الجامعات والنقابات المهنية. وخلال تاريخهم، تأرجح الاخوان المسلمون بين المعارضة العنيفة للسلطة وبين التعاون، من خلال المناداة بدولة اسلامية مع ضمان احترام اللعبة الديموقراطية. ففي اربعينات القرن العشرين، قام الاخوان المسلمون بأعمال عنف دامية، وخصوصًا اغتيال رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي في 1948، والقاضي احمد الخازندار في العام نفسه. وقد ادى ذلك الى تعرّض اعضاء الجماعة لقمع شديد.
بعد ذلك وجّه إليهم جمال عبد الناصر ضربات موجعة بين 1954 و1970، اثر تعرّضه لمحاولة اغتيال نسبت الى الجماعة. واعتقل يومها الالاف من الاخوان. وفي 1971، افرج انور السادات الذي خلف عبد الناصر، عن المعتقلين من الاخوان المسلمين، واعلن عفوا عاما عن الجماعة، قبل ان ينتهج حسني مبارك سياسة الاحتواء تجاههم، التي اتاحت لهم بعض حرية الحركة مع توجيه ضربات "اجهاضية" لهم من حين إلى اخر.