تويتر يتحول منبرًا للرأي العام الخليجي ويفتح نافذة تعبير للجميع

تحول موقع تويتر إلى المنبر الأول للرأي العام في الخليج، خصوصًا في السعودية التي باتت عاصمتها الرياض عاشر مدينة مغردة في العالم، إذ يستخدم الجميع هذا الموقع، من السلفيين المتشددين إلى الليبراليين، ومن الأمراء والوزراء إلى أشخاص مجهولين أصبحوا نجومًا.

دبي: فتح موقع تويتر للتواصل الاجتماعي بشعبيته المتزايدة الباب على مصراعيه لأصوات معارضة للأنظمة السياسية والاجتماعية، ما يسبب الصداع للسلطات التي تحكم السيطرة على الإعلام التقليدي، بحسب محللين. لكن السلطات بدورها تستخدم تويتر كأمر واقع، ولو أن تغريدة تستطيع أن تزجّ بصاحبها في السجن.

فبينما ينشر المغرد المجهول "مجتهد" لمتابعيه الـ 900 الف معلومات مثيرة تصيب أو لا تصيب عن أسرة حاكمة في بلد خليجي، يشنّ قائد شرطة دبي الشهير ضاحي خلفان حربًا من دون هوادة على الاخوان المسلمين، الذين قال إن نظامهم قتل في ثلاثة أشهر ما يزيد على نظام مبارك في ثلاثين سنة.

في الكويت، حرك حساب واحد على تويتر عنوانه "كرامة وطن"، ويديره شباب معارضون، عشرات الالاف للتظاهر ضد الحكومة وللمطالبة بإصلاحات سياسية جذرية.

وفي الخليج عمومًا، يستخدم المغرّدون تويتر للنقاش في اي موضوع سخيف او مهم، عبر "هاشتاغات" تنتشر كالنار في الهشيم، وتتناول مواضيع تتراوح بين "ما الغذاء اليوم" وحملات مثيرة للجدل، مثل تلك التي وجهت ضد مشاركة سعوديات في الالعاب الاولمبية.

مصدر إزعاج

قال المحلل السياسي الاماراتي عبدالخالق عبدالله إن تويتر يستخدم من قبل الحكومات والنخب بقدر ما يستخدم من الجمهور، وهو مفيد للحكومات بقدر ما هو مفيد للآخرين. وعبدالله نفسه من أبرز المغرّدين، رأى أن موقع التدوين الاجتماعي "يوفر مساحة حرية واسعة من دون ضوابط، وهذا يمكن أن يكون مصدر إزعاج للسلطات".

وتتحكم الجهات الرسمية أو شبه الرسمية بالغالبية العظمى من وسائل الاعلام التقليدية، خصوصًا قنوات التلفزة، ما ساهم في شعبية التغريد الذي يبدو من دون قيود، "فسقف الحرية في تويتر غير متوافر في اي مساحة اخرى"، بحسب المحلل الاماراتي.

وكشف مغردون النقاب عن حالات تزويج فتيات بكبار في السن، وعن حالات فساد كثيرة، وهم يسمون بوضوح النافدين الضالعين، لكن مصداقيتهم ليست ثابتة دائما. وبحسب عبدالله، فإن الجانب الآخر لفورة التواصل في الخليج هو "الكم الهائل من التغريدات المسيئة والخارجة عن الحشمة التي لا يقتصر ازعاجها على الحكومات".

ورأى عبدالله أنه "من المشروع جدًا المطالبة بقوانين ضابطة لان هناك الكثير من الاساءات عبر نشر الشائعات والمعلومات الخاطئة، مشيرًا إلى أن الامارات كانت سباقة في تحديث قانون الجرائم الالكترونية. لكنه قال إن "القوانين في هذا المجال مرحب بها، إنما يجب الا تكون متسرعة ومتشددة، وان تمر عبر المجالس التشريعية".

تغريد خليجي

ويلاحق القضاء الكويتي عشرات المغردين بتهمة اهانة الامير، وقد حكم على اثنين منهم بالسجن سنتين، اما الشاب السعودي حمزة كشغري، فيواجه إمكانية الحكم عليه بالاعدام بتهمة الردة بسبب تغريدات تناولت الذات الالهية والنبي محمد.

وتتصدر السعودية عالم تويتر في الخليج، تليها الكويت. وبحسب تقرير "حال الاعلام الاجتماعي في السعودية 2012"، في المملكة ما يزيد عن ثلاثة ملايين مشترك في تويتر، يمثلون 12 بالمئة من السكان، وبينهم 45 بالمئة من النساء. وسجل استخدام السعوديين لتويتر نموًا بنسبة 3000% بينما باتت الرياض عاشر مدينة مغردة في العالم.

ومع 50 مليون تغريدة في الشهر مصدرها السعودية، سجلت اللغة العربية أكبر نمو بين اللغات عبر تويتر. وتساهم المملكة بنحو 30 بالمئة من هذا النمو. وبات عدد المتابعين على تويتر من الدلالات على أهمية الشخص ومكانته، فيما تقدم بعض الشركات خدمة خاصة: "ارفع عدد متابعيك على تويتر".

مرصد للرأي العام

وشأنهم شأن المعارضين والليبراليين، ينشط رجال الدين بقوة على تويتر، وما زالوا يستقطبون العدد الاكبر من المتابعين. وبدورها، وجدت المرأة منبرًا في تويتر للمطالبة بحقوقها. فالناشطة منال الشريف واخريات ينشطن من أجل منحهن حق قيادة السيارات في المملكة.

وتشارك المغردات بكثافة في "حملة انا سعودية ومن حقي رخصة سعودية"، وتنشر بعضهن صورًا لرخص حصلن عليها في دول أخرى، لاسيما في إمارة دبي المجاورة.

وفي هذا السياق، قال وزير الاعلام الكويتي السابق سعد بن طفلة العجمي : "تويتر جعل من كل مغرد وسيلة اعلام، احيانا يكون الانسان العادي وغير المعروف له رأي، وهذا الرأي قد يثير الجدل وقد يصبح لهذا الرأي متابعون".

وبحسب العجمي، وهو ايضا من ابرز المغردين في الكويت، فان تويتر "أوجد نوافذ لكثيرين للتعبير عن اراء في مجالات مختلفة، ليس فقط في الجانب السياسي، بل أيضًا فنيًا وثقافيًا وفكريًا وفلسفيًا" في المجتمعات الخليجية المحافظة.

ورأى العجمي أنه يجب على السلطات ألا تصاب بالهلع إزاء هذه الوسيلة التي لا يمكن أن تضبطها، بل أن تستخدم تويتر كمرصد للرأي العام، يجب متابعته وليس لجمه.

وفي كل الاحوال، تعكس فورة الاعلام الاجتماعي في الخليج القدرة المنتشرة في المنطقة الغنية على الوصول للتقنيات الحديثة وفهمها، والتعامل معها، بحسب العجمي الذي قال: "لا يمكن أن تغلق هذه النوافذ التي فتحتها وسائل التعبير الحديثة".