أخبار

التحولات السياسية في دول الربيع العربي بطيئة وفوضوية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

رفعت الثورات العربية منسوب الأمل في الشعوب العربية التي عاشت عقودًا عديدة من الظلم، لكن التغيير المنتظر لن يأتي سريعًا، بل سيكون فوضويًا وبطيئًا.

بعد مرور عامين على الانتفاضتين شبه السلميتين، اللتين أطاحتا بالرئيسين بن علي ومبارك في تونس ومصر، واللتين أطلقتا حالة من الأمل وعدم الاستقرار في العالم العربي، اتخذ تحول النظم السياسية المتصلبة منذ فترة طويلة في المنطقة منحنىً عنيفًا في كثير من المناطق، ما أثار تساؤلات مقلقة: هل كان الاضطراب الذي حدث بعد الثورة أمرًا لا مفر منه؟، هل كان نتاجًا لأخطاء ارتكبها قادة محليون وقوى أجنبية؟، أو ربما كان خليطًا بين الأمرين سويًا؟.

الثورة طفل صغير
شهدت الأيام القليلة الماضية حالة من الفوضى العارمة في المنطقة، من قيام متظاهرين غاضبين في مصر بمهاجمة مراكز الشرطة وقتل الضباط، وانتشال ما يزيد على 90 جثمانًا من نهر في شمال سوريا، تبين أن كثيرين منهم قتلوا مقيّدين، وقيام طائرات إسرائيلية بمهاجمة سوريا، بعدما عبّر مسؤولون إسرائيليون عن تخوفهم من احتمال أن تصل الأسلحة السورية إلى أيدي المسلحين، وهو الهجوم الذي أثار مخاوف من احتمال تصاعد الصراع الإقليمي.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن ناشط سوري، يُدعى رامي، ضمن مقابلة أجريت معه الأحد الماضي في مقهى في بيروت، قوله: "الثورة كالطفل الصغير، لا تعرف إن كان هذا الطفل سيكبر، ويصبح طبيبًا أو محاميًا أو ذكيًا أو غبيًا، وحتى إن ألقى هذا الطفل بمحفظة والدته في الشارع، فلن أشتكي لأنه طفل".

يتوقع رامي، الذي طلب عدم ذكر اسم عائلته لدواع أمنية، أن تنطوي الثورة على منعطفات خاطئة. وأكمل بقوله: "في الثورة، ندمّر ونبني في الوقت نفسه، وقد نبني بناءً مشوهًا سيدمّر نفسه في ما بعد".

فوضوية وعنيفة
بعدما بدا أن آمال تقاسم السلطة في مصر قد خابت، بعد تمرير مرسي دستورًا جديدًا، وإخفاقه في الوقت نفسه في إصلاح الأجهزة الأمنية، وقعت البلاد في دوامة من الاحتجاجات والعنف العشوائي والركود الاقتصادي والشلل السياسي.

لكن محللين شرق أوسطيين وعلماء متخصصين في الثورات قالوا إنه من السذاجة توقع حدوث انتقال سلس في البلدان التي يتم قمع المناظرات السياسية فيها منذ عقود، مؤكدين أن التغييرات السياسية ستكون بطيئة وفوضوية وعنيفة في كثير من الأحيان.

وأشارت الصحيفة إلى قلة المؤسسات السياسية التي توجد في الدول التي تمر بمرحلة انتقالية، بعدما ظلت تعيش في ظل القمع الشديد طوال عقود. وقالت جويس كرم، رئيسة مكتب صحيفة الحياة اللندنية في واشنطن: "ينتقلون من حكم رجل واحد أو جيش واحد إلى حكم الجماهير".

التردد الغربي
تعيش الانتفاضات العربية حالة ترابط، في ظل إلهام وإرشاد الحركات لبعضها البعض، وإعادة إيقاظ شعور الهوية الإقليمية، والهدف المشترك في جيل صغير لا يتذكر القومية العربية.

لكن الناشطين يميلون إلى رؤية الأحداث في دولهم، باعتبارها فريدة من نوعها، مدفوعةً بالمزيج، الذي يتألف من السياسات الداخلية والمصالح الأجنبية، ويؤثر على بلدانهم بدلًا من سرد إقليمي موحد.

تقول كرم: "من الصعب التعميم، فبالرغم من أن كل الدول التي شهدت تحولات تعاني من مشكلاتها الخاصة عقب الإطاحة بالرؤساء هناك، إلا أنها تقدم نماذج أقل فوضوية من سوريا، فالقوى الغربية التي رحّبت في البداية بالحركات الديمقراطية بدت مهتمة بشكل أكبر باحتواء خالة عدم الاستقرار بدلًا من العمل لترويج الديمقراطية".

وما زالت حالة من التردد تهيمن على الولايات المتحدة وحلفائها بخصوص تسليح الثوار السوريين، خشية أن يعمل ذلك على تمكين العناصر المتشددة الموجودة بينهم، بينما قامت فرنسا بقصف مالي، مستهدفةً المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة، في الوقت الذي أشارت فيه أميركا إلى استعدادها لتقديم المساعدة.

وسبق لفرنسا، مثل الولايات المتحدة، أن رفضت التدخل بشكل مباشر في سوريا. وكانت تلك القوى الغربية أسرع في تدخلها في مالي من تدخلها ضد الأسد، الذي استعان بصواريخ باليستية ضد شعبه، ما أثار غضب السوريين، الذين طلبوا من دون جدوى نوعية المساعدات نفسها التي أعانت الثوار في ليبيا على الصمود والإطاحة بالقذافي.

وقالت كرم: "هذا يعزز ما يقال عن أن واشنطن والغرب غير مهتمين بالديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة، ولن يتدخلوا إلا عند وجود القاعدة أو النفط".

من الصفر
في هذا السياق، لفتت نيويورك تايمز إلى أن الإطاحة بشاه إيران في العام 1979 بدأت ثورة شعبية، غير أن قادة جددًا عاجزين خسروا صراعًا على السلطة خاضوه مع المؤسسين الدينيين للجمهورية الإسلامية.

وقد قام كثير من الثورات، التي حدثت في ستينيات القرن الماضي في دول العالم النامي، باستبدال الطغيان الاستعماري بالطغيان المحلي.

يقول اللاجئون السوريون، الذين يتدفقون على لبنان، إنهم سيضطرون لإعادة بناء حياتهم من الصفر، بغضّ النظر عن محصلة الحرب. وأكد مواطن سوري، يدعى أبو شادي، أن لا رجوع عن طريق الثورة التي دفعوا ثمنها غاليًا.

وتابع حديثه بالقول: "إن سقط الأسد، ستستمر معاناتنا عامين، غير أن الأمور ستتحسن في النهاية. أما إذا بقي في الحكم، فستستمر معاناتنا إلى الأبد".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف