أخبار

قرار الجبالي إعلان حكومة تكنوقراط في تونس يشقّ صفّ "النهضة"

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إعلان حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية المؤقتة تشكيل حكومة تكنوقراط بعد فشل الفرقاء في توسيع الائتلاف الحاكم واجراء تعديل وزاري، خلّف شرخا عميقا داخل حركة النهضة الاسلامية الحاكمة التي تبرأت من قراره ورفضته.

مجدي الورفلّي من تونس: أعلن حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية، وأمين عام حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، مساء الجمعة، تمسكه بتشكيل حكومة تكنوقراط، وأنه لن يذهب إلى المجلس الوطني التأسيسي "البرلمان" للحصول منه على "تزكية" لهذه الحكومة، رغم رفض حزبه الى حد الساعة لقراره.

قال الجبالي: "أنا مقتنع بهذا الخيار، وهو أفضل الحلول بالنسبة للوضع في تونس، فهو يخدم مصلحتها ويجنبها مزيدا من التوتر"، مضيفا "الحكومة الجديدة ستكون محايدة عن الأحزاب وستعمل جهدها من أجل تحقيق أهداف الثورة والوصول إلى الاستحقاق الانتخابي بسرعة"، داعيا الأحزاب السياسية لدعم هذه الحكومة.

وأشار الجبالي في تصريح لوسائل الإعلام بقصر الضيافة بقرطاج ان المسألة تتعلق بتحوير وزاري وليس بحكومة جديدة، بمعنى أنه سيتم الإبقاء على الوزراء التكنوقراط في الحكومة الحالية مع إضافة تكنوقراط جدد.

وأكد رئيس الحكومة أن رفض أو قبول أحزاب الترويكا لن يغيّر شيئا وأنه سيمضي في تشكيل الحكومة بما يخدم مصلحة البلاد، وأشار إلى ثقته في مساندة حركة النهضة لقراره "إنقاذ البلاد" قائلا "أنا متأكد أن صوت الحكمة سيتغلب على كل الاعتبارات لنصرة هذا الشعب".

وكان الجبالي قد أعلن، خلال كلمة ألقاها تعليقا على اغتيال السياسي اليساري شكري بلعيد، عن اتجاهه لتشكيل حكومة كفاءات وطنية مصغّرة، لا ينتمي وزراؤها لأي حزب سياسي ولا يترشحون للإنتخابات المقبلة، بعد تعثّر النقاشات بخصوص التحوير الوزاري المرتقب، مؤكّدا أنه لم يستشر أي حزب من السلطة أو المعارضة حين قدم هذا الاقتراح الذي يهدف إلى إخراج البلاد من المرحلة الانتقالية بسرعة.

النهضة: قرار لا يلزمنا

حركة النهضة الإسلامية في تونس ردّت بقوّة على قرار أمينها العام واعتبرت انه لا يلزم الحزب في شيء وأنه قرار فردي لرئيس الحكومة يتجاوز صلاحياته وانّه لن يحظى بتزكية الحركة مّما جعل محلّلين يصفون قرار الجبالي بالقطرة التي أفاضت الكأس وسرّبت الخلاف الصامت من مجالس الحركة الإسلامية المغلقة إلى العلن.

نائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي أكد خلال إفادته لـ"إيلاف" أن البلاد تحتاج خلال هذه المرحلة إلى حكومة سياسيّة كما ان التغيير الجذري والعميق يتطلّب فترة زمنية طويلة في حين أنه لم يعد يفصل البلاد عن الانتخابات سوى 5 أو 6 أشهر وبالتالي فإن التغيير الشامل في الفريق الوزاري سيحدث ارتباكا.

حركتنا ديمقراطية

ويضيف نائب رئيس حركة النهضة قائلا "حركة النهضة حركة ديمقراطيّة ومتنوعة وتحرص على حسن إدارة هذا الاختلاف في الآراء، ولكن القرار الرّسمي والنهائي يصدر عن المؤسسات يلتزم به الجميع مع المحافظة على شعار رفعناه منذ الثمانينات وهو "حق الاختلاف وواجب وحدة الصف"، وبالتالي مؤسسات الحركة ستناقش مختلف الآراء وتخرج بموقف موحد قريبا".

الحليف يرحّب

الناطق الرسمي باسم التكتّل الديقراطي من اجل الحرّيات والعمل، أحد أحزاب الائتلاف الثلاثي، محمّد بنّور قال في تصريح لـ"إيلاف" "نحن نبحث عدم إمكانيّة تطبيق مبادرة رئيس الحكومة، وكل المواقف الصادرة عن الصادرة عن حزب التكتّل خلال هذه الفترة كانت في اتجاه توسيع التحالف والتوافق وإدماج كفاءات في الوزارات التي تتطلّب تحسين أداءها، واليوم الحديث عن حكومة تكنوقراط يسير في نفس توجّهنا".

بنّور أعتبر أن رفض حركة النهضة لقرار الجبالي "عقّد الامر قليلا لكن أعتقد ان المسالة تتعلّق بشأن داخلي للحركة والآن هي في حوار لا ندري عما سيسفره".

في الاتجاه الصحيح

من جانبه، يرى محمّد الحامدي المنسق العام للتحالف الديمقراطي وعضو المجلس التأسيسي من خلال إفادته ل"إيلاف" أن مبادرة رئيس الحكومة خطوة في الاتجاه الصحيح ويقول: "نتمنى ان تجد المساندة من مكونات الترويكا وخاصة حركة النهضة لأنها في تقديرنا تستجيب لمطالب جزء كبير من المعارضة والشعب التونسي كما أنها ستخفف من حدة الازمة التي تعيشها البلاد".

وبخصوص رفض حركة النهضة لتكوين حكومة تكنوقراط يذهب الحامدى إلى أنه نابع من إحساسها بأن هذه الصيغة ستسحب من تحتها البساط وتفقدها صورتها كحزب حاكم في تونس.

في سياق متّصل تداولت عدد من وسائل الإعلام خبر استقالة رئيس الحكومة من منصبه كأمين عام صلب حركة النّهضة وهو ما فنّده المستشار الإعلامي لرئاسة الحكومة.

المؤتمر يسحب وزرائه

أكد عماد الدايمي نائب الامين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية ان حزبه "ملزم بالامتثال لقرارات مؤسساته" مشيرا الى أنه"سيسحب وزرائه من الحكومة نهاية اليوم في صورة عدم الوصول الى حكومة توافق وطني والإصرار على حكومة تكنوقراط".

ويضيف في تصريحات إعلامية:" حزب المؤتمر يرفض ان يتم تعيين اي حكومة دون العودة الى المجلس الوطني التأسيسي"، لكنه بيّن في نفس الوقت ان حزبه" يواصل مساعيه من أجل الوصول الى حكومة توافق وطني مدعومة بكفاءات تحت رئاسة الجبالي حفاظا على العملية السياسية في البلاد".

يذكر ان حزب المؤتمر من أجل الجمهورية قرر يوم 2 فبراير سحب وزرائه من الحكومة في ظرف اسبوع ما لم يتم الامضاء على الوثيقة التي تنص على انشاء لجنة داخل رئاسة الحكومة تتشكل من ممثلي الاحزاب المكونة للائتلاف تختص بالتشاور في القرارات السياسية والاقتصادية الهامة.

إشكال قانوني

إلى ذلك، أثار قرار الجبالي القاضي بتشكيل حكومة جديدة تتكوّن من كفاءات وطنية جدلا بخصوص الجانب القانوني لهذا القرار باعتبار أنه بالاستناد إلى القانون المنظم للسلطات العموميّة فإنه ليس من صلاحيّات رئيس الحكومة التخلّي عن فريق حكومتة وتعوضه بآخر.

ولوضع حد لهذا الجدل أكد الجبالي أمس أن المسألة تتعلق بتحوير وزاري وليس بحكومة جديدة، بمعنى أنه سيتم الإبقاء على الوزراء التكنوقراط في الحكومة الحالية مع إضافة كفاءات مستقلّة جديدة.

وقال الجبالي أنه "ليس مضطرّا للحصول على تزكية المجلس التأسيسي" لكنّه سيفكّر في الذهاب إذا رأى ان الحكومة التي سيشكّلها تعمل في ظل تململ نواب الشعب وفي حال عدم حصوله على التزكية فإن رئيس الجمهوريّة سيستقيل من منصبه.

وينص الفصل17 من القانون المنظّم للسلطات العمومية في تونس على انه من صلاحيات رئاسة الحكومة " إحداث وتعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء وإعلام رئيس الجمهوريّة".

الخلافات تشقّ النهضة

رفض حركة النهضة الإسلامية في تونس لمبادرة أمينها العام واعتباره قرارا فرديا لرئيس الحكومة تجاوز من خلاله صلاحياته جعل محلّلين يصفون قرار الجبالي بـ"القطرة التي أفاضت الكأس" وسرّبت الخلاف الصامت من مجالس الحركة الإسلامية المغلقة إلى العلن خاصة انه لم يستشر حتى رئيس حزبه راشد الغنوشي.

في هذا السياق يقول المحلّل السياسي الجمعي القاسمي لـ"إيلاف": "هذا مؤشر على طبيعة الخلافات السياسية داخل حركة النهضة التي كثر الحديث عنها خلال المدّة الأخيرة، ويبدو أن قرار رئيس الحكومة حمادي الجبالي الإنفراد بتشكيل حومة كفاءات دون العودة لحزبه أثار هذا الخلاف وسرّبه للعلن، ما يعني ان التجاذبات السياسية في المشهد العام وجدت لها طريقا ومدخلا ضمن إطار الحزب الواحد أي حركة النهضة".

يتابع المحلل السياسي:"هناك اختلافات في مسألة المقاربة وتقييم الوضع السياسي وهذه الاختلافات وجدت لها تعبيرات لتخرج للعلن، مثلا ما كان لافتا في نص استقالة المستشار السياسي لرئيس الحكومة لطفي زيتون تلك النقطة التي تحدّث فيها عن أزمة حكم خاصة ان حركة النهضة كانت تتجنّب الحديث عن هذه الازمة وكانت تقول ان الأزمة عامّة وليست أزمة حكم".

يرى القاسمي أن الخلاف داخل حركة النهضة في إدارة الحكم أصبح اليوم علنيا في إطار هذا الاختلاف في الآراء، وهذا التباين داخل الحركة يمكن أن يدخل البلاد مرة أخرى في مأزق اللاشرعيّة ويطيل أمد الأزمة السياسية في البلاد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف