أخبار

خلال منتدى الإعلام الإقتصادي الخليجي

العمير: ماذا يفعل المواطن الرقمي في عهد الثورة الثالثة؟

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
وضع ناشر ورئيس تحرير "إيلاف" عثمان العمير تصوراته ورؤاه على طاولة المجتمعات الخليجية وحكوماتها، قائلاً خلال تجمع خليجي يعنى بالإعلام الاقتصادي إن تجاهل ما يجري في العالم الجديد لم يعد مجدياً، وإن "المواطن الرقمي" صار هو القوة المحركة للتغيير.

الخبر: عناوين كثيرة من الممكن أن تزخر بها صحف الخليج ووسائل إعلامه على وقع منتدى الإعلام الإقتصادي الخليجي الذي أقيم اليوم الأربعاء في محافظة الخبر شرق السعودية. إذ حفل المنتدى بنخب خليجية تنوعت واختلفت وتباينت واتفقت تصوراتها ومنطلقاتها على عديد المواضيع التي تنال وتمسّ الشأن الإعلامي الاقتصادي في إحدى أغنى بقاع الأرض بثرواتها الطبيعية.

واستعرض عثمان العمير عدداً من شؤون الإعلام الجديد، حول المواطن الرقمي كما أسماه، والوسائل والحكومات والأجهزة الرسمية والأهلية وكل في ما يخصه، وتنشر "إيلاف" نص الورقة كاملة في نهاية التقرير.

في المنتدى قال الجميع كلمته، حيث بدأ وزير الإعلام والثقافة الدكتور عبد العزيز خوجة بتحذير من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإشاعة الفرقة والتشتت والتعرض لأعراض الناس بالسب والقدح، قالها نيابة عنه رئيس هيئة الاذاعة والتلفزيون السعودي عبدالرحمن الهزاع، مطالبا بضرورة أن تكون العلامة تكاملية في عصر الاعلام الجديد والثورة الهائلة في تقنية المعلومات والاتصالات، و إن كان هناك من اختلاف غير مقصود فمن المؤمل ان يصب اولا وأخيرا في مصلحة المستهلك "المتلقي".

وذكر أن الأزمة الاقتصادية أثبتت بأن الاقتصاد الخليجي يستند في قوته إلى ركائز متينة يعزّزها تطابق سياسي وثقافي واجتماعي بين دوله التي تجمعها اتفاقيات اقتصادية غايتها وهدفها رخاء ورفاهية واستقرار جميع المكونات الاجتماعية المنضوية تحت مظلته، مشيرا الى ان متانة الاقتصاد السعودي أهّله لأن يكون عضوا في منتدى مجموعة العشرين الذي أسس عام 1999 واعضاء هذا المنتدى العالمي مسؤولون عن اكثر من ثلثي التجارة العالمية و 90% من الناتج العالمي الخام.

أما رئيس غرفة الشرقية عبدالرحمن الراشد، فقال إن مشاركة الإعلام الاقتصادي في صناعة الحدث الاقتصادي وصياغته، باتت ضرورة لموقف أكثر التزاما إزاء المستقبل، وما يفرضه من تحديات تتطلب توسيع إطار مشاركة المواطنين الخليجيين في عملية التنمية المستدامة.

مواثيق المهنة

في الجلسة الأولى، دعا الدكتور عبد العزيز العويشق الأمين المساعد لمجلس التعاون الخليجي لشؤون المفاوضات والحوار الاستراتيجي إلى ايجاد ميثاق مهنة للصحافة والإعلام بشكل عام، مشددا على ضرورة قيام الجامعات بالمشاركة في وضع الميثاق.

وشدد خلال ورقته بعنوان "الاعلام الخليجي بين متطلبات الترويج الاقتصادي ومواثيق المهنة" على ان يقوم اصحاب المهنة بالتحرك لوضع الميثاق، لافتا الى ان هناك مبادئ عامة تعالج الحالة الأخلاقية و الحالة الفنية التي تعتبر الأساس في النشاط الصحافي الاقتصادي بوجه خاص.

بدوره طالب رئيس تحرير جريدة "اخبار الخليج" الإماراتية بضرورة إنشاء مراكز أبحاث لدراسة وفهم طبيعة الثقافة الغربية للوقوف امام الهجمات الاعلامية المركزة التي تشن على دول مجلس التعاون، مضيفا، ان الاعلام الخليجي ما زال غير قادر على فهم و إدراك العقلية الغربية و طريقة تعاطيها مع الشعوب العربية و الخليجية، داعيا لوضع أسس واضحة لإظهار الاعلام الخليجي بالصورة المطلوبة امام المجتمعات الغربية.

مضيفا، ان الطريق نحو الوصول الى فهم آلية تفكير المجتمع الغربي يتم بواسطة التغلغل داخل المجتمع ومحاولة شراء العقول الغربية لوضع الدراسات المناسبة، مؤكدا وجود قصور كبير لدى الاعلام الخليجي في التواصل مع وسائل الاعلام الغربية، خصوصا في ظل عدم وجود محطات او قنوات مملوكة تعمل داخل تلك المجتمعات بلغاتها، بخلاف الإعلام الغربي الذي يمتلك قنوات ووسائل إعلام تتحدث باللغة العربية.

فيما دعا الدكتور إحسان بو حليقة لـ"دمقرطة" وسائل الاتصال الحديثة، من خلال إتاحة المحتوى والمعلومة للجميع.

وأضاف خلال ورقته بعنوان "قدرة الاعلام التقليدي على التعامل مع التحوّلات الاقتصادية أن الـ"دمقرطة" تمثل الحل الافضل للقضاء او الحد من الشائعات والمعلومات الخاطئة، بالاضافة إلى توسيع دائرة التفاعلية و فتح المجال للجمهور لإبداء مرئياته حول أي قضية عامة، مؤكدًا أهمية تحسين ميزان تكافؤ الفرص.

تعزيز الثقة بين أطراف المشهد التنموي والإعلام

وفي الجلسة الثانية التي حملت عنوان (تعزيز الثقة بين أطراف المشهد التنموي والمؤسسات الاعلامية) وأدارها الاعلامي والكاتب الصحافي إدريس الدريس تحدث الدكتور محمد العسومي عن الاعلام الخليجي وبالأخص الاقتصادي وقال إنه يواجه تحديات عديدة، منها أن الكثير من الشركات والمؤسسات الاقتصادية بما فيها تلك المدرجة في أسواق المال الخليجية التي يتم تداول أسهمها تفتقر الى الشفافية، حيث لا يستطيع الاعلام تقديم بيانات صحيحة ومعلومات وافية لأوضاع هذه الشركات وللاقتصاد بشكل عام. ففي الوقت الذي تنشر الشركات العالمية بياناتها أوّلا بأوّل، فإن الشركات الخليجية إما انها لا تفصح عن بياناتها أو انها تتأخر في ذلك كثيرا، ما يفقد هذه الإفصاحات أهميتها ويقلل من جدواها.

وقال إن هناك حالة انعدام للثقة المتبادلة بين المؤسسات الاقتصادية ووسائل الاعلام والتي يشوبها الحذر.

وتحت عنوان (الإعلام والتخطيط الاستراتيجي للتنمية.. الرؤية الاستراتيجية لدولة الكويت كنموذج) تحدث رئيس مركو الكويت للدراسات الاستراتيجية د. سامي محمد خالد الفرج، إن هناك امكانية لأن تكون الكويت منطقة رابطة بين المشروعات الاقتصادية في كتل الجزيرة العربية وحوض الرافدين وايران بعضها ببعض فيrdquo;منطقة شمال الخليجldquo; بحيث تيسّر انتقال الأموال والسلع والخدمات والأشخاص، وتحقق الاستقرار في المنطقة.. مضيفا أن الإعلام من أبرز الداعمين والمساهمين في صناعة القرار.

وتحدث رئيس تحرير جريدة اليوم السعودية محمد بن عبد الله الوعيل عن "أدوات تعزيز الثقة بين أطراف المشهد التنموي والمؤسسات الإعلامية ذكر بأن الصحافة السعودية لم تعرف الصحافي المتخصص طوال مشوارها، إلا في مجال الثقافة والأدب والرياضة، بل اعتمدت وبشكل كبير على الصحافي الشامل.. ولذلك فقد اعتمدت الصحف على محللين وعلى كتاب دون مراعاة للمهنية، واقتصرت بعض الصحف على ملاحق صحافية اقتصادية يديرها طاقم صحافي غير متخصص، ولم تتمكن من توفير صحافيين متخصصين في كافة المجالات الاقتصاد.. النفط.. الطاقة.. العقار.. الطب.. وهكذا. ولذلك غاب التأهيل العلمي للصحافي الاقتصادي المتخصص.

واقترح مسألة إلزام أقسام الإعلام في الجامعات السعودية بوضع خطط لصناعة إعلاميين متخصصين في الاقتصاد، بحيث يكون هناك قسم في كليات الإعلام اسمه (الإعلام الاقتصادي) يخرّج كوادر في هذا المجال الممتد والذي سيستمر تطوره إلى ما شاء الله.

الإعلام الجديد: الصراع مع الإعلام المطبوع

وفي الجلسة الثالثة التي حملت عنوان (الاعلام الجديد: الصراع مع الاعلام المطبوع) قال عثمان العمير ناشر صحيفة "ايلاف" إنه من الصعب متابعة أخبار العالم من دون متابعة برامج التواصل الاجتماعي لأنها تصنع الخبر.

ونوّه العمير بتجربة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتمنى أن يحظى الإعلام الجديد برعاية الحكومات في دول الخليج داعيا الى إنشاء صندوق لدعم المشاريع الاعلامية واعتبارها جزءا أساسيا لدعم الاقتصاد.

وحول صراع الإعلام الجديد قال إنه لايوجد صراع، فالصراع محسوم لصالح الإعلام الجديد لأن الصحف أصبحت تحذو حذوها. واختلف معه قينان الغامدي الاعلامي والكاتب الصحافي معتبرًا أن لا وجود لإعلام قديم وحديث ولكن الجديد يكمن في الوسيلة.

وقال الغامدي إنه لايوجد وسيلة حديثة تظهر وتلغي ما قبلها داعيا الى تخصيص ميزانيات ضخمة لدعم الاعلام كونه المتخلف الوحيد بين القطاعات الاخرى المختلفة. ووصف الغامدي مواقع التواصل الاجتماعي بانها مجالس لتبادل الاحاديث فقط مشيرا الى انه لا يوجد مواقع إخبارية مميزة كثيرة تثق بها في نقل الخبر.

وتحت عنوان (محتوى الإعلام الاجتماعي مقابل الإعلام التقليدي) دعا القطري عمار محمد وهو متخصص في تقنيات وشبكات التواصل الاجتماعي ومدون، الى تحديد أهداف واضحة من النشر عبر الانترنت ومن ثم رسم الخطط لتحقيق هذه الأهداف وفق خطط زمنية بحيث يعطى للتجربة مداها الزمني اللازم حتى تترسخ تقاليد معرفية واستهلاكية جديدة في أذهان الأجيال الجديدة تجاه الصحافة الالكترونية.

وفي الختام كرم الهزاع المشاركين في المنتدى من رؤساء جلسات ومتحدثين بدروع تذكارية.

نص ورقة ناشر "إيلاف":
أصحاب السيادة والسعادة
سيداتي وسادتي

من حسن طالعي أن أمثل أمامكم للحديث عن وسائل الاتصال الاجتماعي وتأثيرها في كل نواحي حياتنا ، خصوصا في عمل الحكومات.

بادئ ذي بدء أرجو ألا يكون جديدا عندما نقول إننا نعيش في ظل ما يسمّى ويُمارس فعلا (الثورة الصناعية الثالثة) كما أسماها الكاتب جيريمي ريفكين وتحدثت عنها وسائل الاعلام وصالات التعليم ومعامل الخبرة. ربما الكثيرون لا يتصوّرون أننا نعيشها ، وهذا ليس غريبا. ففي المجتمعات المتقدمة، كان التقدم والتأخر صنوين، ففي الوقت الذي بزغ فيه عصر المطبعة وبعد عشرات السنين أرسل هنري الثامن أسطوله الى البحار لمحاصرة دخول الكتاب المقدس لأن الناس يريدون قراءة الإنجيل بلغتهم.

الملك ذاته بعد عقد من الزمن هو الذي غمد نصله في قلب المسيحية واللاهوت ليعلن حربا أثمرت ما يسمى بعصر النهضة والعلم والتقدم في كل مكان.

إذاً، ليس مهما أن يهرب البعض من هجمة الثورة الجديدة، إنها موجودة معنا وتشاركنا حياتنا ، بل وتطوّعنا بكيفها وتسيّرنا كما تريد لا كما نريد. سيكون مهما الفهم:

أولا. إن وسائل التواصل الاجتماعي هي في الحقيقة أداة اتصال وليست تطبيقًا من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات.

إنها أداة تدعم الاتصالات في إطار الشبكات الاجتماعية. ويحدث هذا النمو الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي لأنها مجموعة من الأدوات التي تخدم احتياجات متعددة في مجال التواصل الاجتماعي.
وسائل التواصل الاجتماعي أداة:
1 تتيح للأفراد استخدام الشبكات الانسانية بسهولة أكبر.
2 تتوقع اتصالات تفاعلية وليس اتصالات مبثوثة.
3 لا تحمل نصًا فحسب بل اشرطة فيديو وملفات صوتية ايضًا، فقد اصبحت باختصار منصة متعددة الوسائط.
4 تعتمد على اجراءات وأهداف لتيسير الاتصالات.
تنمو وسائل التواصل الاجتماعي ويا له من نمو!
إذا كان علي أن أبدأ في إعطائكم الاحصاءات عن وسائل التواصل الاجتماعي، فإن ذلك سيستغرقني النهار بطوله، إن لم يكن أكثر. لذا دعوني أعطيكم أرقامًا أساسية عن منصات التواصل الاجتماعي الثلاث
الأوسع شعبية:

يزيد عدد مستخدمي فايسبوك على مليار مستخدم، ليكون ثالث أكبر بلد في العالم، علمًا أن 23 بالمئة منهم يفتحون حسابهم على فايسبوك أكثر من خمس مرات في اليوم. وهناك مليون موقع اندمجت بفايسبوك.

ومن الاحصاءات الأساسية الأخرى أن كم الموسيقى الذي يحتويه فايسبوك يتطلب ألفي سنة للاستماع إليه.

وكانت صورة باراك أوباما المنشورة على فايسبوك بمناسبة فوزه الصورة الأكثر تداولا وإثارة للإعجاب. ثمة ما يربو على 4 ملايين مستخدم قالوا "أعجبتني". في تويتر ما يربو على 540 مليون حساب، ومستخدم تويتر الاعتيادي يغرد 307 مرات، وتُرسل 175 مليون تغريدة يوميًا، وزاد عدد التغريدات على 163 بليون تغريدة منذ إطلاق تويتر.

وكانت تغريدة باراك أوباما بمناسبة فوزه الأكثر تواترًا بما يربو على 800 الف تواتر.

موقع يوتيوب هو ثاني أكبر محرك بحث في العالم، تُحمَّل عليه 72 ساعة من أشرطة الفيديو كل دقيقة. وإلى جانب هذه، فان منصات مثل لينكدإن LinkedIn وانستاغرام Instagram وموسوعة ويكيبيديا، الخ، تكتسب مكانة متعاظمة. وإذ نقترب من الوطن فلدى السعودية أعلى نسبة من مستخدمي فايسبوك بين دول مجلس التعاون الخليجي، بأكثر من 6 ملايين شخص يستخدمونه بنشاط.

يأتي فايسبوك ثالثًا من حيث شعبية المواقع الالكترونية في السعودية، واللغة العربية هي الغالبة على فايسبوك بنسبة 90 بالمئة من لغات المستخدمين، تاركة الانكليزية تلهث وراءها بنسبة 8 بالمئة.وكما في مناطق اخرى من العالم، فإن السعوديين يستخدمون أجهزتهم المحمولة للدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي يدخلها حاليًا 30 في المئة من المستخدمين عن طريق أجهزة محمولة.

سيبلغ عدد مستخدمي تويتر النشطين في السعودية أكثر من ثلاثة ملايين مستخدم، يرسلون 50 مليون تغريدة في الشهر. وسجلت السعودية زيادة في حسابات تويتر بلغت 3000 في المئة خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2012، وهي نسبة تزيد بفارق كبير عن المتوسط العالمي.

والعربية هي اللغة الأسرع نموًا على تويتر، وتسهم السعودية بنسبة 30 بالمئة من التغريدات العالمية باللغة العربية. ويتابع السعوديون أكثر من 90 مليون شريط فيديو يوميًا على يوتيوب، ويزيد هذا على أي رقم لعدد مشاهدي الفيديو يوميًا على يوتيوب في العالم. وسجل يوتيوب معدل نمو عاليًا زاد على 109 بالمئة خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2012، وما زال هذا المعدل في ارتفاع. إزاء هذه الاحصاءات المذهلة، لا يملك المرء إلا أن يقول "مرحبا بعالم الثورة الرقمية".
والواقع أنه من الصعب لدى متابعة اخبار العالم اليوم أن نتجاهل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، بوصفها منطلقًا للتغيير الذي يشكل المواطن قوته المحركة. فالأشخاص لا يحصلون على الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، بل إن وسائل التواصل الاجتماعي هي الخبر.

سيداتي وسادتي

لنتوقف عند الربيع العربي. من مصر إلى ليبيا، سقطت حكومات شمال أفريقية وشرق أوسطية. وكانت أدوات التواصل الاجتماعي إلى حد بعيد هي التي أشعلت هذه الحركات الواسعة من اجل التغيير وحددت وجهتها.وتخطت هذه الثورة الالكترونية حدود الطبقة والجنس والسياسة والقومية في مجرى انتشارها.وتركَّز الكثير من التغطية الاعلامية لهذه الأحداث على وسائل التواصل الاجتماعي بل توجهت التغطية إلى وسائل التواصل الاجتماعي لترجمة قصص انسانية محلية ترجمة فورية إلى أخبار عالمية.

ويقدم إرث الربيع العربي درسًا مهمًا للحكومات. إن تكنولوجيا وسائل التواصل الاجتماعي والجيل الثاني من شبكة الانترنت (الشبكة 0.2) تحول مواطني اليوم إلى مواطنين رقميين. وبتوافر أدوات تكنولوجية سهلة في متناول اليد، يتاح للمواطنين الرقميين التحرك. ويواصل المواطنون الرقميون التأثير في السياسة والحكومات في اللحظات الفاصلة. لكن تأثير المواطنين الرقميين مساو، قنوات آنية للتعبير والاتصال إن لم يكن أكبر، في عمل الحكومات وتوفير الخدمات العامة. قصتهم قد لا تُروى على المدونات السياسية، أو نشرات الأخبار المسائية، أو كتب التاريخ، لكن المواطن الرقمي سيغير أعمال الحكومة اليومية إلى الأبد.

ما هو مختلف في المواطنين الرقميين هو الطريقة التي يطلقون ويفرضون بها ديناميكيات علاقة المواطن بالحكومة، بصورة لم يُعهد لها نظير من قبل. يعود هذا إلى أن المواطنين الرقميين يستطيعون أن يملوا التوقعات على الحكومة، وأن يطلقوا مدى من التأييد القوي بحيث تكون ضرورة الرد بديهية. وبالتالي، تصبح المسألة المركزية التي تواجه الحكومة هي الآتية: ما هي حدود التغير في الحكم ليوثق ارتباطه بالمواطنين الرقميين على نحو أفضل؟
هناك دروس أساسية يجب التوقف عندها:

الدرس الأول -"الوقت ثمين"ـ الوقت هو أثمن عملة في العالم الرقمي، ويمكن للمواطنين الرقميين أن يمارسوا تأثيرهم بسرعة الضوء، وأن يتوقعوا من الحكومة أن تفعل الشيء نفسه. في العام2011، احتج آلاف الشبان في اسبانيا على تفشي البطالة والإجراءات التقشفية والفساد السياسي. وكانت الحركة بدأت بتجمع خاطف في بورتا ديل سول في مدريد، لكنها سرعان ما انتشرت، وتأثرت نسبة المشاركة في الانتخابات التي جرت بعد ايام قليلة تأثرًا كبيرًا بما حدث. ومُني الحزب الاشتراكي الحاكم بأقسى هزيمة يتكبدها منذ نحو 30 عامًا.

الدرس الثاني- "لتكن الحكومة حيث يكون الشعب". فالمواطنون الرقميون يستوطنون وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى الحكومات أن تكون هناك أيضًا للتواصل معهم. وتُرجم هذا الدرس على أرض الواقع خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام 2008. فالجميع يعرف أن نجاح باراك اوباما في جمع التبرعات وتعبئة الأصوات نتج في المقام الأول من استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي استخداما ذكيًا. واصبح الرئيس أوباما أول رئيس أميركي يتواصل مع الجمهور عن طريق تويتر. وفي منطقتنا، كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أكثر القادة نشاطًا في وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل مدّ جسور التخاطب مع المواطن. ويبلغ رصيد صفحته على فايسبوك أكثر من 753 ألف نقرة على زر "اعجبني"، ولديه1.3 مليون متابع على تويتر، بل جاء بين رؤساء الدول العشرة الأوائل الذين يستخدمون تويتر للتواصل مع المواطنين، بحسب مجلس السياسة الرقمية في الولايات المتحدة. كما تتمتع قناة صاحب السمو على يوتيوب وتواصله مع المواطنين على منصات الدردشة بشعبية واسعة. تحولت وسائل التواصل الاجتماعي ببطء لتكوّن الاتجاه العام، وعلى الحكومات إعداد كوادر تتقن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل مع الشعب، واستخدامها مصادر للاطلاع على ردود أفعال المواطنين.

الدرس الثالث- "الحكومات أخذت تنفتح"ـ بدأت الحكومات في البلدان المتطورة تفتح ببطء ما لديها من معلومات وعمليات ووسائل توصيل، لتمكين اشكال جديدة من مشاركة المواطنين وعلاقة"الحكومة بالمواطن". وهي خطوة تدرك العلاقة التكافلية بين وسائل التواصل الاجتماعي وشفافية الحكم. ودمجت بريطانيا والدنمارك على سبيل المثال كمًا من البيانات العامة في مكان واحد، كي يشارك المواطنون في عمليات صنع القرار. ويتمثل التحدي المطروح هنا بإدارة التواصل مع المواطنين على نحو فاعل، من خلال قضية ذات صلة هي الطريقة المثلى لاستخدام التكنولوجيات الجديدة في مبادرات الحكومة باستخدام تكنولوجيا المعلومات.

اصحاب السيادة

سيداتي وسادتي

يقود هذا إلى سؤال مثير للاهتمام. هل حلت وسائل التواصل الاجتماعي محل وسائل الاعلام التقليدية، بوصفها الشكل الرئيس لبث الأخبار والتواصل مع الناس والتسويق؟ الاجابة هي بالنفي قطعًا. فإن وسائل الاعلام التقليدية، متمثلة بالتلفزيون والصحيفة والكلمة المطبوعة، ما زالت تعتبر شكلًا قيِّمًا لفهم العالم كما يحدث، وهي فعلا كذلك. ولوسائل الاعلام التقليدية سمعة صقل المحتوى وتحريره قبل بثه، لتضفي عليه قدرًا أكبر من الصدقية والمعالجة المتوازنة، بدلًا من الفورات العاطفية التي ترتبط بالنصوص الفردية على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويبدو أن تصنيف وسائل الاعلام قضية مطروحة، لكنها أصبحت عندي مسألة نوعية واحتراف مهني. فإن الأخبار والمضامين التي ينتجها الصحافيون بمهنية تتفوق عادة على المدونات. لكن مع ثورة الانترنت، تحدث تغيرات كبيرة كل يوم، وستستمر في الحدوث. ويتعذر الآن الفصل بين وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام التقليدية. وعليها الآن أن تتعلم التعايش مع بعضها البعض، فهي تؤلف منظومة كبيرة واحدة متشابكة لا تنتهي، وتُسجَّل عبر الزمن بواسطة محركات البحث. وفي الواقع، نظرًا للبيئة الاعلامية المنتشرة اليوم، ضربة واحدة في أي من هذه المضامير يمكن أن تطلق ضربات متتالية في مضامير أخرى. وعندما تكون الحملة الخبرية ذات مضمون جوهري، فإنها عادة ما تأتي دافقة. والأذكياء من العاملين في مجال التواصل يفهمون ذلك.

إن تقييم أي شكل من أشكال الاعلام بوسطه العام وتأثيره المباشر ليس عملية مجدية. وكما قال سيث غودن، فإنه "لا يهم إذا نالت وسائل الاعلام ذات التوجه الاجتماعي واحدًا بالمئة من الاهتمام الذي كانت تأمل فيه، إذا كان هذا الواحد بالمئة هو المنشود".

إن انزواء المسؤول الحكومي وتجاهله ما يجري او اتباعه وسائل تقليدية لمواجهة هذا العالم الجديد لم يعد مجديا بعد أن وصلت النيران الى الزاوية التي يتحصن فيها، وعليه فان على المجتمع وبالذات المجتمع الخليجي ان يعتبر الاستثمار في الاعلام الجديد وحيازة الأسبقية في إدارته مسألة سيادة وأمن إعلامي.

بل مسألة تفوق تقف جنبا الى جنب مع الإنفاق الدفاعي والأمني والتعليمي والتربوي ومن هنا تأتي الحاجة القصوى الى صياغة مبادرات حكومية تجعل رأس المال رأس حربة لها للسباحة عميقا في هذا المجال.
ولكي نحدد المعلم الاول وهي العودة الى انشاء صندوق استثمار خليجي إعلامي يتاح فيه للأفراد والشركات إمكانية التمول لمشاريع إعلامية خلاقة تجعل من هذا الحقل مفتوحا ومنتجا وخلاقا.

انني من خلال تجربة متواضعة اقول انه اذا أردنا الوصول الى نقاط التقاء بين هذه المعمعة.. والمعركة والتشابك والاشتباك..، فما علينا الا ان نرفع من اقتصاديات إعلامنا وان نشرك الجميع في صناعة إعلام متوازن وبنّاء يعزز قيم الحرية والعدالة والمساواة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف