أخبار

كاميرات منصوبة لرصد حوادث السيارات في روسيا أرّخت الظاهرة صدفة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أشد اللقطات إثارة لانفجار النيزك فوق مدينة تشيليابنسك الروسية في منطقة الأورال التي شاهدها العالم صوّرتها كاميرات منصوبة على لوحة العدادات في سيارات كانت تشق طريقها في زحمة الصباح على صوت الراديو المنبعث بكل قوته من سماعات السيارة.

تنتشر هذه الكاميرات على نطاق واسع بصورة استثنائية في روسيا، حيث تُسبب رداءة الطرق وقسوة الطقس وتعاطي الكحول بإفراط وقيادة السيارة بطريقة هوجاء، بمعدلات عالية إلى حد مخيف من حوادث الطرق.

وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية فان عدد الوفيات الناجمة من حوادث الطرق بلغ 35972 وفاة عام 2009 في روسيا، حيث يُقدر عدد سيارتها بـ 38.7 مليون سيارة، في حين سجلت الولايات المتحدة 42642 حالة وفاة، بسبب حوادث الطرق، علمًا بأن عدد سياراتها يبلغ 251.4 مليون سيارة. ويعني هذا ان معدل الوفيات في الولايات المتحدة سدس معدلها في روسيا.

كاميرا خفية
يستخدم الروس كاميرات الفيديو في سياراتهم لإسناد مطالبهم بالتعويض من شركات التأمين وإسكات افراد الشرطة بحجة موثقة إذا طلبوا رشوة. وصدر قانون في روسيا في العام الماضي يجيز استخدام ما تصوره الكاميرات المنصوبة في السيارات كأدلة مقبول في المحاكم، بحسب وكالة نوفوستي. لذا كانت الكاميرا جاهزة للعمل حين تساقطت شظايا النيزك على روسيا لإغناء أرشيف ضخم من حوادث الطرق وتحطم الطائرات التي صورتها هذه الكاميرات في لحظة وقوعها.

تقدم المشاهد الآتية من مدينة تشيليابنسك التي ضربتها موجة اهتزاز قوية عندما دخل النيزك الغلاف الجوي صباح الجمعة لقطة من سيناريو دينوني روّجته هوليود في افلامها، ولكن العلماء قالوا انه لم يُوقع من قبل هذا العدد من الاصابات. إذ جُرح نحو 1200 شخص، بينهم 200 طفل، غالبيتهم من جراء تحطم الزجاج في المدارس ومواقع العمل، كما افادت وزارة الداخلية الروسية.
وأُصيب آخرون بارتجاجات في الجمجمة وكسور في العظام ولم يُبلغ عن وفيات. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول في مدينة تشيليابنسك ان حجم الزجاج الذي تحطم يزيد على 90 الف متر مربع، كاشفًا مباني كثيرة على زمهرير الشتاء الروسي.

أشبه بالخيال العلمي
وفيما كان العلماء يحاولون بناء تسلسل الأحداث، التي أدت الى كارثة الجمعة، كان سكان المدينة يراجعون في اذهانهم صورًا بدا وكأنها تنتمي الى روايات الخيال العلمي.

وكتبت المدونة داريا فرين "فتحتُ النافذة من هول المفاجأة، إذ كانت حرارة قوية تدخل الى المكان، وكأنه الصيف في الباحة، ثم راقبت الوميض يمر، ويتحول الى بقعة فوق الغابة. في غضون ثوان، كان هناك انفجار شديد، حتى ان النافذة طارت داخل الغرفة بإطارها، وسقطت شاشة الكومبيوتر وكل شيء على الطاولة". واضافت انها لا تتمنى لأحد ان يمر بما عاشته.

في الساعة التاسعة صباحًا كانت الشمس بزغت لتوها فوق جبال الأورال، التي تفصل هضابها روسيا الاوروبية عن سهوب سيبريا في الشرق. وتتركز في المنطقة المحيطة بمدينة تشيليابنسك مدن تعيش على الصناعة العسكرية، بينها منشآت لتطوير وانتاج اسلحة نووية. وتفصل مدن المعامل هذه مساحات شاسعة من الأحراش غير مأهولة.

صلابة النيزك حدث استثنائي
حين بدأ سكان تشيليابنسك يومهم صباح الجمعة كان نيزك وزنه 10 أطنان، وقطره نحو ثلاثة امتار، يندفع نحو الأرض بسرعة لا تقلّ عن 54 الف كيلومتر في الساعة، وتناثر على ارتفاع 30 الى 50 كيلومترا فوق الأرض، كما أعلنت اكاديمية العلوم الروسية في بيان، قالت فيه ان هذا ليس بالحدث الاستثنائي. ولكن ما هو غير معهود صلابة النيزك التي دفعت الأكاديمية الى القول ان مادته ربما كانت من الحديد، وان هذا هو الذي اتاح لشظايا صغيرة أو رجوم ربما تشكل 5 في المئة من كتلة النيزك ان تصل الى سطح الأرض. وقالت الأكاديمية ان مثيلاً لما حدث يوم الجمعة لم يُسجل في روسيا منذ عام 2002.

كانت تقديرات حجم النيزك متفاوتة تفاوتا كبيرا. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن بيتر براون استاذ الفيزياء ومدير مركز علوم الكواكب واستكشافها في جامعة ويسترن اونتاريو ان قطره يقرب من 50 قدمًا أو 15.24 مترًا، وربما كان يزن نحو 700 طن. واضاف ان الطاقة التي حررها الانفجار تعادل 300 كيلوغرام من مادة تي ان تي، ليكون أقوى انفجار منذ انفجار تونغوسكا في سيبريا عام 1908 الذي يُعتقد انه كان ناجمًا من سقوط كويكب.

تسبب النيازك عادة انفجارات صوتية حين تدخل غلاف الأرض الجوي، وكان الانفجار الذي وقع فوق مدينة تشيليابنسك قويًا بما فيه الكفاية لتحطيم الصحون وأجهزة التلفزيون في المنازل. وانطلقت اجهزة الانذار في السيارات من تلقاء نفسها على بعد كيلومترات، وانهار جزئيًا سطح معمل للزنك. وأظهرت اشرطة فيديو التقطها مئات من سكان المنطقة صباح الجمعة تعطل الحركة بتأثير وميض أعشى الأبصار وصوت تحطم الزجاج.

وقالت ماريا بولياكوفا، التي تعمل موظفة في احد فنادق المدينة، ان الضوء هو الذي خطف انظارها. وتذكرت رؤية وميض على النافذة، وحين نظرت الى مصدره رأت "سحابة تحترق، يغلفها دخان، وكانت متجهة نحو الأرض" على غرار ما يراه المرء بعد انفجار. وكان الانفجار الذي اعقب ذلك قويًا، بحيث انه حطم الأبواب الزجاجية المتينة في الطبقة الأولى للفندق والعديد من شبابيك الطبقة التي فوقه.

انفجار.. اهتزاز وتطاير النوافذ
وصفت المعلمة فالنتينا نيكولاييفا ما رأته قائلة "انه ضوء غير حقيقي ملأ كل الصفوف على أحد جوانب المدرسة". واضافت "موجة اهتزاز لم يكن واضحًا ما هي، ولكننا أُصبنا بالصمم في تلك اللحظة. وتطاير حطام النوافذ".

استدرج الضوء الغريب كثيرين الى النوافذ، التي تكون أخطر مكان في مثل هذه الحالات. وقال الطالب الجامعي تيوما تشيبالكين ان موجة الاهتزاز انتقلت من غرب المدينة، وان كل من كانوا يقفون قريبًا من النوافذ أصبحوا هدف وابل من الزجاج المحطم.

في هذه الساعات الاستثنائية، سجلت المدونة فرين الأفكار التي كانت تتسارع في ذهنها ـ إشعاع، تحطم طائرة، اشتعال حرب ـ ولاحظت ان اطرافها أُصيبت بخدر، وهي تنتظر اخبار عائلتها للاطمئنان الى سلامتهم.

وعندما اعلنت سلطات الطوارئ ان ما حدث هو انفجار نيزك فوق المدينة فان ما خطر ببالها هو ان ذلك يمكن ان يحدث مرة أخرى. وكتبت فرين "أنا في البيت، سالمة وحية، جمعتُ وثائقي وملابس وسلة للقطط، تحسبًا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف