كوريا الشمالية تشكل تحديا بالنسبة إلى الصين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بكين: تشكل كوريا الشمالية تحديًا كبيرا للصين، التي يرى محللون انها ستضطر، اما لممارسة نفوذها كـ"جار كبير" على بيونغ يانغ، او لقبول قيام دولة نووية خارجة عن السيطرة لا تعطي اذانًا صاغية لدعواتها الى الهدوء على حدودها.
فالى جانب خلافها مع اليابان بشأن مسالة السيادة على جزر دياويو او سينكاكو، وجدت بكين نفسها مرة جديدة امام تحد مباشر الثلاثاء من قبل بيونغ يانغ، التي لم تأبه بتحذيراتها، وقامت بتجربتها النووية الثالثة بعد تجربة بالستية ناجحة في كانون الاول/ديسمبر الماضي.
بات التحالف بين بكين وبيونغ يانغ يواجه اختبارا صعبا، كما اصبح تحت المجهر بعد موجة الاستنكار الدولي، ليصبح موضوعا مثيرا للقلق في الدبلوماسية الصينية. وقد ابدت الصين "معارضتها الحازمة" للتجربة النووية، لكنها تفادت عبارة "الادانة".
وراى جينغ دونغ يوان الخبير في شؤون الامن الاسيوي في جامعة سيدني "ان الخطأ الذي ارتكبته الصين حتى الآن هو انها تكتفي بتصريحات قوية لا تتبعها بافعال معينة". ولفت هذا الباحث الى "ان بيونغ يانغ المدركة تماما بان الصين قلقة على الاستقرار (الاقليمي)، تتابع سياستها الذاتية".
وسيتسلم تشي جينبيغ في الشهر المقبل مهامه الرئاسية خلفا لهو جينتاو، الذي ابدت الصين في ظل حكمه معارضة شرسة لفرض عقوبات شديدة على بيونغ يانغ في مجلس الامن الدولي.
وقال جيا كينغوو من مدرسة العلاقات الدولية في جامعة بكين "ان بيونغ يانغ تدفع بالصبر الصيني الى حدوده القصوى. وهناك اكثر فاكثر من الناس في الصين يعتقدون ان كوريا الشمالية تشكل مصدرًا لزعزعة الاستقرار اكثر من عامل استقرار". وتدافع الصين رسميا عن السلام والاستقرار وخلو شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي. ولفت جيا الى "ان المشكلة هي ان تصرفات كوريا الشمالية تزعزع الاستقرار بشكل كبير".
والعلاقات بين الجارين، حتى وان كانت باردة في الوقت الحاضر، تعد منذ ستين سنة قضية تعني الحزبين الشيوعيين والعسكريين والدبلوماسيين على حد سواء.
وابان الحرب الكورية (1950-53) انقذت الصين بقيادة ماو تسي تونغ النظام الستاليني من الانهيار ما خلف نحو 400 الف قتيل في صفوف الصينين بحسب المؤرخين. واليوم وبالرغم من ازمته الاقتصادية الخانقة والمجاعة التي اودت بحياة مئات الاف الاشخاص في اواخر تسعينات القرن الماضي، فان الصين هي التي ابقت نظام بيونغ يانغ قائمًا، وتزوده خصوصا بكامل احتياجاته تقريبا للطاقة.
بالنسبة إلى الخبراء العسكريين الصينيين، فان كوريا الشمالية تشكل "منطقة فاصلة" تجنب الاتصال المباشر مع كوريا الجنوبية والعسكريين الاميركيين الذين تستضيفهم، والبالغ عددهم نحو 30 الفا. ومن المرجح ان تتطرق الحزمة الجديدة للعقوبات التي يجري تحضيرها في الامم المتحدة الى المسألة: فمن خلال وقف تزويدها بالنفط، حتى وان كان بنسبة النصف وبصورة موقتة، فان القيادة الصينية ستثير صدمة سريعة في كوريا الشمالية تكون بمثابة تنبيه.
لكن سيتعين عليها لتحقيق ذلك التوصل الى توافق بين السياسيين والعسكريين والدبلوماسيين. وقد يتبين ان القيادة الصينية المتماسكة على ما يبدو لاعتماد لهجة قوية تجاه اليابان بشأن جزر دياويو/سنكاكو، اكثر هشاشة عندما يتعلق الامر بمعاقبة الحليف الكوري الشمالي.
فبالنسبة إلى العسكريين، تعتبر المسالة معضلة كبيرة، لان النظام الكوري الشمالي القومي المتشدد والمدجج بالسلاح بصدد تحقيق نجاح في رهانه النووي. وهذا النظام الذي لا يقبل الوصاية الصينية بدا في السنوات الاخيرة خارجًا عن السيطرة مع خطر الانسياق الى سباق تسلح في المنطقة.
لكن في الوقت نفسه فان اقتناء كوريا الشمالية السلاح النووي يمكن ايضًا ان يكون ضمانة استمرار بالنسبة إلى النظام، كما ترغب بيونغ يانغ، ما يوفر بالتالي بعض الاستقرار. ويرى السياسيون الصينيون ان مصير الحليف الكوري الشمالي يتوقف اولا على قدرته على التطور اقتصاديا، والتخلص من العوز، وهو رهان مستحيل نظرًا الى الكلفة الباهظة لبرنامجها النووي.
وفي ظل حكم كيم ايل سونغ جد الرئيس الحالي كيم جونغ اون والذي توفي في 1994، اراد دينغ تشاوبيونغ اقناع حليفه باجراء اصلاحات اقتصادية. لكن ذلك كان جهدا ضائعًا، لان بيونغ يانغ لم تشأ تليين نظام يرتكز على عبادة الشخصية والمبادئ الاشتراكية.
وان عمد تشي جينبيغ الى تشديد سياسته كثيرا فقد يواجه انهيارا اقتصاديا لدى حليفه، وبالتالي الفوضى وتدفق لاجئين بحشود كبيرة الى الصين. لكن ان استمرت سياسة التهاون الصينية فان الخطر النووي الذي تشكله بيونغ يانغ سيؤثر بشكل دائم على شبه الجزيرة والمنطقة مما سيخلق مناخا غير مواتيا للسلام والاعمال كما ترغب بكين. وراى جيا في هذا السياق انه في مجمل الاحوال "ان التغيرات لن تحصل بين ليلة وضحاها".