أخبار

أرماند غيغي لـ"إيلاف": اليهود جزء لا يتجزأ من تاريخ المغرب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تكشف توصيات العاهل المغربي بخصوص ترميم المعابد اليهودية في المملكة، عن احتفاء بالمكوّن اليهودي الذي يعتبر أصيلاً وراسخًا، وتعزز بقوانين تعترف باليهود وتضمن الكثير من حقوقهم.

يحيى بن الطاهر من الرباط: شكل تدشين المعبد اليهودي المعروف باسم "صلاة الفاسيين"، بعد عمليات ترميمه، أواسط الأسبوع الماضي في مدينة فاس، حدثا حمل معه الكثير من الإشارات ليس أولها قيم التسامح وإعادة الاعتبار للمكون اليهودي العبري كأحد المكونات الأساسية للثقافة والحضارة المغربيتين.

ويجمع فاعلون يهود مغربيين وباحثون في القانون والتاريخ وحقوقيون على أن اليهود كانوا حاضرين في الحياة الاجتماعية والسياسية المغربية على مر تاريخ المغرب إلى اليوم.

استثناء مغربي فوق العادة

اعتبر رئيس الطائفة اليهودية، ونائب رئيس الاتحاد العالمي لليهود المغاربة الدكتور أرماند غيغي أنه بإتمام افتتاح ترميم وكنيس "صلاة الفاسيين" في فاس، التي يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر والمصنف من قبل منظمة اليونيسكو تراثا إنسانيا عالميا، "استثناء مغربيا فوق العادة، إذ شكل حدثا غير مسبوق سياسيا سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو الدولي".

وقال غيغي لـ"إيلاف": "إنه كنيس يمثل أفضل الطقوس اليهودية المغربية والثقافية بوجه عام، لدرجة أن مؤسسيها قد دأبوا على إضافة صلاة أخرى هي تكملة للصلاة التقليدية والتي كانت تمارس حصرا في هذه المؤسسة، هي صلاة "حب الأولين."

أضاف: "لكن ما وراء البناء وهندسة المعبد المعمارية، هو رمزية الذاكرة الروحية والثقافية اليوم،. وهذا أحد الأسباب التي تجعل هذه المناسبة لتخليد ذكرى وقلوب اليهود المقيمين في بلدنا وأولئك المتواجدين في الشتات المقدر عددهم بنحو 1.3 مليون، كما أن اليهودية المغربية سجلت أيضا خطوات أساسية في تاريخ اليهودية العالمية المرموقة وهي جزء لا يتجزأ من تاريخ المغرب، بل إنها جزء أساسي وأصلي."

وأشار إلى أنه على الرغم مما يقال عن عهد "الربيع العربي"، فإنه في المغرب، التاريخ يبقى استثناء ومثالا على الديمقراطية والاستقرار الاجتماعي والسياسي لمواجهة بعض ما تخطط له الدول العربية."

اليهودية دين أصيل

من جهته، أشار الباحث في التاريخ محمد لغرايب إلى أن الترميمات والبناءات في المغرب المتعلقة سواء بالكنائس أو المعابد اليهودية لم تتم إلا في عهد الاستعمار، فيما يورد حالة تتعلق بكنيسة المسيحيين في مراكش على عهد الموحدين.

وقال لغرايب لـ"إيلاف": "اليوم، وفي ظل الدستور الجديد، أصبح لليهود الحق في مثل هذه الترميمات، إلا أنّ عددهم القليل قد يمنعهم من عملية بناء معابد جديدة."

وأكد الباحث على أن وجود اليهود في المغرب يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، وأن ما تعرضوا له هو نفسه ما كان يتعرض المسلمون عند سقوط دولة وحلول دولة جديدة عبر تاريخ المغرب.

قال: "تاريخيا، يعتبرون أول مجموعة غير أمازيغية وفدت إلى المغرب، وكانوا يقيمون في تجمعات سكنية بمختلف أرجاء البلاد منذ ظهورهم في جربة بتونس قبل أن يحلوا في فاس وطنجة ودرعة جنوب المغرب."

ويذكر التاريخ أنه خلال الاستعمار الروماني في العهد القديم تواجدت طوائف يهودية كبيرة في مدينة وليلي واستمرت في الوجود إلى أن جاء العرب.

أضاف الباحث: "تشير كثير من المصادر التاريخية إلى وجود قبائل أمازيغية مهودة في عدة مناطق من المغرب، من بينها مدينة زرهون (ناحية مكناس) وتحولت اليهودية تقريبا منذ ألفي عاما، وهي مدة الوجود اليهودي في المغرب، إلى دين أصيل وترعرع فيه وتفاعل مع محيطه في ظل التقارب اللغوي بينه وبين المسلمين والتضامن بينهما خاصة في اللحظات العصيبة، كأثناء هجوم عدو، مثلما وقع خلال معركة وادي المخازن حيث إن اليهود والمسلمين كانوا صفا واحد إلى درجة أن اليهود جعلوا من هذا الانتصار عيدا يحتفلون به."

مارس اليهود كل الأنشطة التي عرفها المجتمع المغربي منها السياسية مع الفتوحات الإسلامية الأولى، إذ كان بعض اليهود أعين المسلمين خلال تلك الفتوحات ويدلونهم على الطرق التي يجتازونها، بحسب المؤرخ.

ويؤكد استمرار الدور السياسي لليهود المغاربة على مدى عهود، فكان حضورهم كبير في المهام الدبلوماسية.

واستمر الحضور اليهودي في الحياة السياسية إلى الآن، حيث لفت عدة يهود مغاربة الانتباه سواء عبر حضورهم في الأحزاب السياسية الوطنية كالمناضلين اليساريين أبراهام السرفاتي وشمعون ليفي، أو من الذين اشتغلوا في مهام بمؤسسات الدولة كوزير السياحة السابق سيرج بيرديغو والمستشار الملكي أندري أزولاي او غيرهم.

ويؤكد لغرايب أن هذا الدور الذي لعبه اليهود المغربيون لم يعرف انقطاعا على مدى الزمن، إلا أنه لم يكن يلتفت إليه من جانب الدراسات، على حد تعبيره.

ويقل عدد اليهود المغربيين عن عشرة آلاف يهودي، من بين 35 مليون نسمة هم عدد سكان المغرب. وهو ما تبقى من جماعات يهودية كان عددها يناهز ربع مليون شخص عام 1956 إلا أنهم هاجروا منذ 1948 إلى فلسطين المحتلة.

مؤسسون للحضارة المغربية

من جهة أخرى، اعتبر الناشط الحقوقي بوبكر أونغير أن الدستور المغربي الجديد اعترف بالهوية العبرية كإحدى المكونات الأساسية للثقافة المغربية.

وقال لـ"إيلاف": "نعلم أن اليهود كانوا من الذين أسسوا للحضارة المغربية خاصة في الجنوب المغربي، وقد مر اليهود بمرحلتين مختلفتين."

أضاف: "في مرحلة أولى، كانوا قد تعرضوا خلالها لنوع من الحيف والظلم سواء من قبل البعض. وفي مرحلة أخرى من طرف الأوساط داخل الدولة، كان ذلك خلال البدايات الأولى لاستقلال المغرب، حيث تعرض اليهود لمجموعة من المشاكل ما أدى إلى ترحيلهم الجماعي وهجراتهم المتتالية."

وأشار الباحث إلى أنه في مرحلة حكم الملك الراحل الحسن الثاني كانت العلاقة مع اليهود مهمة وممتازة، توجت بتعيين وزير يهودي مغربي في الحكومة المغربية ومستشار ملكي."

وفي العام 1994 يتم، ولأول مرة في تاريخ المغرب المعاصر تعيين يهودي مغربي في منصب وزاري، ويتعلق الأمر بسيرج بيرديغو الذي عينه الملك الراحل وزيرا للسياحة، كما تم تعيين اليهودي المغربي أندريه أزولاي مستشارا ملكيا مكلفا بالعلاقات الدولية، في تطور لتعامل الدولة مع اليهود المغاربة.

واستدرك أونغير قائلا: "لكن لم تتم إعادة النظر في مشاكل اليهود المغربيين ومآسيهم التاريخية التي تعرضوا لها والتي أدت إلى هجرتهم جماعيًا."

ولم تفت أونغير الإشارة إلى أن هناك استهدافا أصوليا لليهود المغربيين ومن أثر الثقافة الشعبية.

يفسّر: "لا تزال الثقافة الشعبية تنظر إلى اليهودي نظرة دونية كأنه ممسوخا، وهذا ما تكرسه القوى الإسلامية المتطرفة في المجتمع سواء السلفيين أو بعض الأحزاب الإسلامية التي ترى في اليهود حملة تدنيس انطلاقا من رؤيتهم بأن ما هو إسلامي مقدس وما هو غير ذلك مدنس."

إشارة إيجابية من حكومة الإسلاميين

من جهته، أشار الباحث في القانون هبري الهبري إلى ما ينص عليه الدستور المغربي في ديباجته على تنوع الهوية المغربية وفي إشارته إلى المكون العبري كأحد مكوناتها الأساسية.

وقال الباحث لـ"إيلاف": "هذا ليس رد اعتبار، وإنما هو تأكيد واقع موجود في المغرب، وهو كون اليهود قد تعايشوا مع المسلمين كما مع المسيحيين، إلا أن ظروفا دولية احتد فيها الصراع أدت إلى الهجرة الواسعة لهذه الشريحة من المجتمع المغربي."

وأوضح أن اليهود المغربيين لم يتنكروا لوطنهم وساهموا في اقتصاده، "وهناك حتى اليهود المغربيين المتواجدين في مختلف دول العالم الذين تكتلوا في جمعيات لها طابع دولي لم يتنكروا لانتمائهم المغربي"، حسب الهبري.

يضيف: "كيفما كانت طبيعة الحكومة، سواء أكانت ذات توجه إسلامي أو توجه وسطي أو ليبرالي أو اشتراكي، فإن الكل مجمع على أن هذه الشريحة هي من الشرائح التي يحتويها المغرب، وليس هناك أي اقصاء اجتماعي حتى لا تكون الوضعية في المغرب طائفية، لأن العديد من البلدان العربية في الشرق الأوسط تعاني منها سواء بين الشيعة والسنة، أو بين المسيحيين والمسلمين وفيما بين المسلمين أنفسهم".

وتأسف الباحث لضعف عدد اليهود المغربيين المهتمين بالحقل السياسي والذي لا يتيح لهم التواجد الفعال داخل المشهد، مستبعدا فرضية الإقصاء "رغم ما يقال من وجود احتكار السياسة في المغرب من طرف توجه معين داخل المجتمع المغربي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وجهة نظر
مراد -

الأمازيغ هم السكان الأصليون للمغرب وشمال إفريقيا ولم يفدوا إلى هذه المنطقة من بلد آخر.

وجهة نظر
مراد -

الأمازيغ هم السكان الأصليون للمغرب وشمال إفريقيا ولم يفدوا إلى هذه المنطقة من بلد آخر.

توضيح لمراد
كيمو -

الأمازيغ هم سكان المغرب الأصليون كما جاء في المقال، واليهود وفدوا إليه قبل 2000 سنة ، لكن المؤرخين يتحدثون عن قبائل أمازيغية هودت، أي أنها اعتنقت الديانة اليهودية.

توضيح لمراد
كيمو -

الأمازيغ هم سكان المغرب الأصليون كما جاء في المقال، واليهود وفدوا إليه قبل 2000 سنة ، لكن المؤرخين يتحدثون عن قبائل أمازيغية هودت، أي أنها اعتنقت الديانة اليهودية.