أخبار

زاهد غل يحلل لـ «إيلاف» الفرص المتاحة أمام الرئيس السوري

تعنّت الأسد وأد مبادرة سعودية لحل الأزمة السورية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يرى المحلل التركي زاهد غل أن بشار الأسد لا يريد الإصلاح، وحل الأزمة السورية سياسي، مرهون بتوازنات واتفاقات دولية بين أميركا وروسيا، لكن الأسد وأد بتعنته مبادرة سعودية، تؤمن له خروجًا آمنًا، وتسلم سوريا للجيش في مرحلة انتقالية.

اسطنبول: كشف المحلل السياسي التركي زاهد غل، في لقاء مع "ايلاف"، أن الرئيس السوري بشار الأسد وأد في تعنته الذي ظهر جليًّا في خطابه الأخير مبادرة سعودية، كان يمكن أن تفضي لحل الأزمة السورية وانهائها. ورفض غل التحدث عن تفاصيل المبادرة السعودية، لكنه قال إنها كانت ترسم خروجًا آمنًا للأسد وأركان نظامه، على أن يتسلم الجيش المرحلة الانتقالية، وأن يرأسها شخص من المؤسسة العسكرية الحالية.

وأكد غل أن الأسد رفض الاصلاح، وقد وفر له الأتراك العديد من الفرص في بداية الثورة، إلى درجة أن الدستور التركي ترجم خصيصًا إلى اللغة العربية من أجل السوريين. كما زار اكثر من اربعين برلمانيًا تركيًا دمشق، اضافة إلى زيارة رئيس المخابرات التركي ومبعوثين من وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء. وكان كل المطلوب التوصل إلى حل من دون أي تدخل خارجي، من منطلق مصلحة سوريا وتركيا والمنطقة بشكل عام.

وقال غل: "لو وافق بشار الاسد على الاصلاح، أو حتى لو نجحت الثورة في ايامها الاولى، لما وصلنا إلى هذا التعقيد في الشأن السوري، وهذا الرهان على الخارج الذي نجده الآن".

وأوضح أن التدخل الاوروبي سلبي، وكذلك التدخل الاميركي، لافتًا إلى أن تركيا تريد الاستقرار لسوريا، وأن تكون دولة قوية، ولا نية لتركيا في اتباع سياسة عثمنة جديدة، "بل تريد شركاء اقوياء وحلفاء اصحاب قرار".

الدور التركي المتواري

ورد غل على من يقول إن الدور التركي متوارٍ أخيرًا، فشدد على أن "لا الائتلاف الوطني ولا المجلس الوطني يصوغان مستقبل سوريا، ولا مشكلة لتركيا مع الائتلاف، فقد ساهمت في ظهوره إلى النور، وكانت جهود وزير الخارجية التركي محمد داوود أوغلو مع الدبلوماسيين والمعارضة السورية واضحة".

واعتبر غل أن الائتلاف حاجة دولية معترف بها بشكل أو بآخر، حتى يقرر السوريون أمرهم في ما بعد، لكن تركيا حتى اليوم لم تكن حاضرة في أي اجتماع سوري معارض، ولم تتدخل في قرارات المعارضة السورية.

لكنه في نفس الوقت، قال: "اثناء تشكيل هيئة الانقاذ في اسطنبول، ما قبل تشكيل المجلس الوطني، ضغطت تركيا على المعارضة السورية، ما ادى إلى ارتكاب عدة اخطاء في تلك المرحلة، الا أنه في مرحلة لاحقة، اصبح الاتراك اكثر نضجًا، وصار المجلس والائتلاف مستقلين تمامًا".

أضاف: "لكن الائتلاف اليوم منقسم على نفسه حول الحوار، ولو اراد بشار الاسد الحوار حقيقة لحاور منذ البداية".

كما أكد غل أن ملف الاستثمارات التي تملكها عقيلة الرئيس السوري أسماء الاسد، وابن خال الرئيس السوري رامي مخلوف، قد أغلق، "وان لا استثمارات لآل الاسد أو مخلوف في تركيا، والاستثمارات السورية كانت حبرًا على ورق".

توازنات دولية

يرى غل أنه لا يمكن الوصول إلى حل بالنسبة لما يجري في سوريا، الا باتفاق روسي أميركي على الملف السوري. قال: "كان هناك اتفاق قديم منذ الحرب الباردة، بمعنى أن لكل دولة مساحتها وسيطرتها ومصالحها، الا انه لا وجود اليوم لاتفاق مماثل، ولا ننسى أن سوريا هي آخر معقل للروس في هذه المنطقة".

أضاف: "انا اتكلم هنا كمحلل سياسي، أنظر إلى الأمر من بعيد، فلا علاقة لما يجري في سوريا ببشار أو بالسوريين، بل هناك اتفاقات سرية بين الولايات المتحدة وروسيا، وهناك توازنات وتوافقات، ومتى اتجه الموقف الروسي إلى الحل السياسي تتجه معه ايران".

واشار غل إلى أن السفير الاميركي في دمشق، روبرت فورد، لم يترك معارضًا الا وتحدث معه بغية الذهاب إلى قطر واعلان الائتلاف، وسط تقديمه الضمانات، ولكن الامر برمته مسكنات لا أكثر.

ورأى أن المشكلة الرئيسية تكمن في أن شمال سوريا الآن بات ملاذًا لكل الجهاديين في العالم، وسط صمت دولي غريب، وكأن الجماعات الاسلامية في مالي او الجزائر أخطر على العالم ممن يتجمعون في شمال سوريا".

العلاقات ممتازة ولكن!

يؤكد غل أن العلاقات التركية الاميركية ممتازة، ولا تشوبها شائبة بشكل عام، "لكن في الملف السوري، تشتكي أنقرة من الموقف الاميركي، خصوصًا عندما طلبت تركيا تنفيذ المنطقة العازلة، فلم تحضر وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون جلسة النقاش آنذاك، على الرغم من أن تركيا قدمت خطة متكاملة لتلك المنطقة، وأكدت انها تتحمل تبعاتها وتكلفتها".

ورد الموقف الاميركي المتجاهل ما يحدث في سوريا إلى تفسيرات كثيرة، "منها تدمير البلد والجيش وقدراته وأمن اسرائيل".

ولفت غل إلى أنه لا بديل عن الحل السياسي، لكن لا يمكن التكهن بزمنه وبطريقته، "ولا أراه قريبًا، والاتراك مع أي حل لانهاء الازمة حتى لو كانت الفاتورة باهظة، لكن لا يمكن تصور أي حل سياسي من دون خروج بشار الاسد من السلطة".

وشدد غل على مخاطر تقسيم سوريا، "فكيفما اتجهت الحلول، شبح تقسيم سوريا مخيف جدًا، فإن قتل بشار أو سقطت دمشق، يبدو التقسيم ماثلًا، لأن موت بشار لا يعني سقوط النظام، وسقوط دمشق لا يعني سقوط اللاذقية".

مصر الغائبة

رأى غل أن القاهرة لا تمتلك اية ورقة للضغط على بشار الاسد، "فمصر محمد مرسي ليست كمصر حسني مبارك، وعندما ساءت العلاقات بين تركيا وسوريا في العام 1998، تدخل مبارك، لكن مرسي اليوم لا يملك أي ورقة يلعبها على الساحة السورية، ولا يتمتع بأي فاعلية".

وشدد غل على أن تركيا غير مستاءة من الغياب المصري، وهي تريد لمصر أن تستعيد مكانتها في المنطقة، "وحتى لو استعادت هذه المكانة، يعتمد دورها في سوريا على الايرانيين، إن كانوا يريدون اعطاء مصر دورًا ضاغطًا على الاسد مقابل تعزيز العلاقات بين طهران والقاهرة، خصوصًا أنني أرى العلاقات بين مصر وايران اليوم أسوأ مما كانت عليه في عهد مبارك".

أنقرة وأوجلان

تناول غل المفاوضات الجارية اليوم بين أنقرة و حزب العمال الكردي، فقال إنها المرة الاولى التي تجري فيها مفاوضات مباشرة، فالمفاوضات السابقة تمت بوساطة بريطانية.

واعتبر أن الحل اليوم سيمضي عبر أربع مراحل، "الأولى هي اقرار ما يستحقه الاكراد من حقوق كمواطنين، والثانية خروج المقاتلين الأكراد من الاراضي التركية واستضافتهم غالبًا في اقليم الشمال حتى تتم المصالحة الوطنية أو اعلان العفو العام، والثالثة العفو العام، والرابعة خروج عبد الله أوجلان من سجنه، وممكن أن نراه في البرلمان التركي".

وأكد غل أن هذا النزيف يجب أن يتوقف، "فالمطلب الكردي بالانفصال لم يعد موجودًا، والانفصال ليس في مصلحة الاكراد بالمطلق".

للتهدئة في رأس العين

وتطرق غل إلى الدور التركي في الصراع بين الجيش السوري الحر وعناصر تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في رأس العين، في أقصى شمالي شرق سوريا، فقال: "كان الدور التركي يحاول دائمًا التوصل إلى التهدئة، وإن كان هذا الحزب ضد النظام السوري فلماذا لم نسمع بأي عملية قام بها ضد الجيش السوري النظامي؟".

ورأى غل أنه من الغريب أن أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي لم يستمعوا إلى نصائح أوجلان في سجنه، إذ طالبهم بعدم الانزلاق ضد الثورة السورية مع النظام. وشدد غل أخيرًا على أن تركيا مع تقرير الأكراد في سوريا مصيرهم، بشرط أن يخرج هذا القرار من مجلس النواب السوري المستقل، الذي يمثل كل الأطياف في سوريا المتعافية.

ولفت غل إلى أن الموضوع الكردي في سوريا لا يشبه الموضوع الكردي في تركيا، "فالأكراد في سوريا أقلية بين الأقليات، أما في تركيا فلا يمكن اعتبارهم كذلك، ولا في العراق وايران".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف