أخبار

علاقات فرنسا وتركيا في تحسن بعد جفاء في عهد ساركوزي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس: بعد سنوات من الجفاء في عهد نيكولا ساركوزي بدأ الدفء يعود ببطء الى العلاقات بين انقرة وباريس بعد رفع الاخيرة اعتراضها على احد فصول مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، ولكن فرنسا لا تبدو مستعجلة في عودة الحرارة الى هذه العلاقات بل تتوخى الحذر في كل خطوة تخطوها.

وفي تأكيد لرغبة حكومة الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند في قيام "علاقة قوية" بين باريس وانقرة، رفعت باريس مؤخرا اعتراضها على واحد من خمسة فصول في مفاوضات الانضمام كان الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وضع عليها الفيتو. والفصل الذي رفع الفيتو الفرنسي عنه هو ملف المساعدات الاقليمية.

وبدأت تركيا عام 2005 مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، لكن هذه العملية تواجه صعوبات بسبب رفض دول اوروبية في مقدمها فرنسا والمانيا الانضمام الكامل لتركيا. وعملية الانضمام مسيرة طويلة ومعقدة من المفاوضات تتضمن 35 فصلا.

وسارعت انقرة الى الترحيب بالخطوة الفرنسية تماما كما فعلت بروكسل كون الطرفين سيتمكنان اعتبارا من حزيران/يونيو من فتح اول فصل منذ.... ثلاث سنوات، ما سيبرهن ان مسيرة الانضمام التي بدأت في 2005 كانت موضوعة في الثلاجة ولم تمت.

وفي هذا يقول ديدييه بيون من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (ايريس) لوكالة فرانس برس "منذ انتخاب فرنسوا هولاند هناك تغيير حقيقي في اجواء العلاقات الثنائية".

وكان ساركوزي جعل من رفض انضمام تركيا احد مداميك حملته الرئاسية التي فاز بها في 2007، ما اثار استياء رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وادى الى جفاء بين الرجلين.

وبحسب دبلوماسيين في انقرة وباريس فان الاتراك يأملون من فرنسا اذا ما ارادت ان تجسد فعلا هذه "الانطلاقة الجديدة" ان يقوم هولاند بزيارة دولة الى بلدهم ستكون الاولى من نوعها منذ 1992. وقد وافق الاليزيه من حيث المبدأ على هكذا زيارة لكن موعدها لم يحدد بعد.

ويأمل الاتراك خصوصا ان تذهب باريس ابعد مما وصفه وزير الشؤون الاوروبية التركي ايغمين باغيش ب"بدء تحول في الموقف" من انضمام انقرة الى الكتلة الاوروبية.

وفي الواقع فان هولاند لم يعلن عن موقفه صراحة من قضية الانضمام هذه، مكتفيا بالقول ان هذه المسألة لن تطرح خلال السنوات الخمس لولايته كون بروكسل اكدت ان لا انضمام لتركيا الى الاتحاد حتى العام 2020.

ويبقى هذا الموضوع حساسا للغاية في فرنسا حيث يعارض غالبية المواطنين انضمام تركيا الى الاتحاد ويترصد اليمين واليمين المتطرف الحكومة الاشتراكية لتحويل اي خطوة قد تقدم عليها في هذا الشأن الى قميص عثمان.

وتؤكد مصادر في الخارجية الفرنسية ان باريس لن ترفع اعتراضاتها على فصول مفاوضات الانضمام الاربعة الباقية "قبل ان تقوم انقرة بالمقابل بخطوات من نفس الطبيعة".

وفي هذا الاطار فان باريس تريد خصوصا "توقيع اتفاق، اقره اعضاء الاتحاد الاوروبي ال27 في حزيران/يونيو، ينص على اعادة المهاجرين غير الشرعيين الاتين من تركيا"، بوابة العبور الاساسية لهؤلاء الى الاتحاد الاوروبي.

ويريد الاوروبيون من انقرة ايضا اصلاح قانون مكافحة الارهاب لجهة الغاء فقرة فيه تسمح بسجن الصحافيين والمحامين والاساتذة الجامعيين المؤيدين للقضية الكردية. وبحسب دبلوماسي طلب من فرانس برس عدم ذكر اسمه فان اقرار هذا الاصلاح "سيشكل تقدما نوعيا بعد عامين من التراجع على صعيد الاصلاحات السياسية".

كذلك ايضا فان استئناف مفاوضات السلام بين انقرة والمتمردين الاكراد خطوة تلقى استحسانا في باريس. وبحسب مصدر فرنسي فان "العلاقات بين قوات الامن الفرنسية والتركية هي في الواقع ممتازة"، مشيرا الى ان فرنسا تلاحق بشكل دائم ناشطي حزب العمال الكردستاني على اراضيها.

وقال باغيش ان "وزير الداخلية (الفرنسي) مانويل فالس اكد لي انهم يتشاطرون كل معلوماتهم الاستخبارية مع اجهزة الاستخبارات والمسؤولين الامنيين الاتراك" في ما يتعلق بقضية مقتل ثلاث ناشطات كرديات في باريس مطلع كانون الثاني/يناير.

غير ان العلاقات التركية-الفرنسية دونها اكثر من حجر عثرة احدها ملف المجازر المرتكبة بحق الارمن في عهد السلطنة العثمانية.

فعلى غرار سلفه ساركوزي يبدو هولاند حساسا للغاية في موضوع هذه المجازر التي تعتبرها باريس "ابادة" تعرض لها الارمن وهو ما ترفض انقرة الاعتراف به، وقد وعد هولاند في هذا الاطار باقرار قانون يعاقب كل من ينكر هذه الابادة، علما بان محاولة سابقة مماثلة جرت في كانون الثاني/يناير 2012 باءت بالفشل حين اقر البرلمان الفرنسي قانونا يجرم انكار ابادة الارمن الا ان المجلس الدستوري ابطله.

واذا كان هذا الملف موضوعا في الثلاجة حاليا الا انه لن يبقى كذلك طويلا، فكلما اقترب موعد الانتخابات البلدية في 2014 كلما زادت الضغوط على الحكومة لاقراره ولا سيما بضغط من نواب المناطق التي يقطنها ناخبون من اصول ارمينية في جنوب شرق البلاد وضواحي باريس.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف