محمود جبريل: ليبيا ليست مجرد قطرة نفط والسلاح ليس مدعاة للفوضى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
موسكو: أكد محمود جبريل، رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية، أن بلاده تسعى لعلاقات متوازنة مع جميع الدول بما فيها روسيا، وأن ما أسماه"التصحر السياسي" الذي خلفه القذافي يتطلب تغيرات داخلية شاملة لإقامة دولة القانون والمواطنة والمساواة في الحقوق.
وأشار إلى أن انعدام المؤسسات في ليبيا وانتشار السلاح في أيدي الليبيين ليس مدعاة للفوضى، لأن الشارع الليبي متوافق وطنيا أكثر من نخبه السياسية، على حد تعبيره.
وأشار جبريل الزائر لموسكو حاليا في مؤتمر صحافي عقده في وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي"، الخميس، إلى أن ليبيا على مدى 42 عاما كانت تمر بفترة "تصحر سياسي" حكم أثناءها القذافي من خلال أجهزته الأمنية والعسكرية وسياسة "فرق تسد" التي قامت على تأليب القبائل ضد بعضها البعض وزرع الشك بين المواطنين حتى أصبح المواطن يخشى من أخيه وزوجته وابنه وأبيه.
ولفت إلى أن ليبيا لا تطمع بأن تغير ثقافة القذافي بين ليلة وضحاها وأن إقامة المؤسسات الدستورية الديمقراطية هي "عمل استراتيجي يتطلب تغيير الأنظمة التعليمية والتربوية والإعلامية وطريقة فهمنا للدين الفهم الصحيح القائم على تمكين الإنسان على الأرض وجعله إنسانا فاعلا".
ولفت جبريل إلى أنه رغم غياب المؤسسات والجيش والشرطة وانتشار السلاح في أيدي الليبيين لا يزال معدل الجريمة في ليبيا أقل من مصر وتونس.
واستبعد جبريل أن تكون قضية انتشار السلاح وقضية وجود جماعات مسلحة سببا لأن تتجه ليبيا نحو التفكك والتقسيم، مشيرا إلى أن "مثل هذه المخاوف ليست موجودة إلا في مخيلة الدوائر الخارجية التي تنظر للوضع في ليبيا كمراقب من الخارج".
وعلل جبريل رأيه بوجود حجتين أو مؤشرين "الأول هو خروج الليبيين المتكرر إلى الشارع احتجاجا، عندما تفلت الأمور عن الزمام، وقد حدث ذلك أربع مرات على مدى السنتين الماضيتين، وثانيا وجود السلاح، رغم أنني أعارض انتشاره، قد يكون عامل ردع متبادل تماما كما الردع النووي بين الولايات المتحدة وروسيا"، لافتا إلى أن الضامن الحقيقي لعدم حدوث تفكك هو التوافق الوطني في ليبيا، وهو متوافر في الشارع الليبيي، لكنه على مستوى النخب الآن في ليبيا ليس متوفرا بالشكل المطلوب ".
أما بخصوص وجود عناصر ليبية تقاتل في سوريا، فأكد جبريل أن مشاركة بعض الليبيين بالقتال مع المعارضة السورية هي قرارات وحالات فردية وليست قرارا من الحكومة الليبية، وأن "هؤلاء الليبيين أحرار في قراراتهم رغم أن الحكومة الليبية كانت وما تزال صريحة في تأييدها للثورة السورية، وأنا أتبنى نفس الموقف في تأييد هذه الثورة، لأن أي حاكم في الدنيا يقتل أبناء شعبه يفقد شرعيته بشكل قطعي لا خلاف فيه"، حسب تعبير جبريل.
وردا على سؤال لـ "أنباء موسكو" حول انسحاب قوى التحالف الوطنية من جلسات المؤتمر الوطني العام في السابع من الشهر الماضي، قال جبريل "أردنا من هذا الانسحاب إرسال إشارة إلى أعضائه بأننا متأخرون جدا في إنجاز أهم الاستحقاقات وهو صياغة الدستور الجديد لليبيا"، مشيرا إلى أن الإعلان الدستوري ينص على أن تبدأ إجراءات صياغة الدستور بعد شهر من تشكيل الحكومة المؤقتة، وقد مضى إلى الآن أكثر من 6 أشهر دون أن ينفذ هذا الاستحقاق، و"هذا أمر خطير في دولة خالية من المؤسسات والجيش والشرطة".
ورحب رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية بإمكانية الاستفادة من التجرية الدستورية المغربية في صياغة الدستور الليبي "لأن فترة الانتقال هي استحقاق وطني وليس سياسيا، لذا من المفترض أن يلتف الجميع حول أهداف تخدم الوطن وعندما يُصاغ الدستور وتكون هناك قواعد الحراك السياسي واضحة يبدأ حينها التنافس السياسي"، معبرا عن أمله بأن يرسخ الدستور الجديد "التنمية المكانية كحق دستوري يمنع إقصاء الإقاليم وتهميشها".
وحول إمكانية عودة الاستثمارات والشركات الروسية إلى ليبيا أكد جبريل أنه بحث هذا الموضوع أمس خلال لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف"، مشيرا إلى ضرورة "إعادة الدفء إلى العلاقات الليبية الروسية التاريخية".
وقال: "تحدثنا في كيفية عودة الشركات الروسية سريعا إلى ليبيا لاستئناف المشروعات التي كانت قد بدأتها قبل الثورة، كما تحدثنا عن الدور الفعال الذي يمكن لروسيا أن تلعبه في مشروعات ليبية مستقبلية، وأنا سأسعى لنقل ما جرى من حديث إلى الحكومة الليبية لتتخذ قرارها".
كذلك لفت جبريل إلى أنه بحث مع لافروف قضية المواطنين الروسيين المسجونين في ليبيا، لافتا إلى أن الجانبين "توصلا إلى تفاهم ودي بضرورة معالجة هذا الأمر بالطرق القانونية التي تكفل سيادة الدولة الليبية من ناحية وتراعي العلاقات الروسية الليبية في المستقبل من ناحية أخرى".
أما بخصوص الشركات الأجنبية الأخرى التي غادرت ليبيا فكشف جبريل أنه اقترح على الحكومة الليبية الحالية وسابقتها تحديد فترة زمنية لعودة هذه الشركات وفسخ عقدها في حال لم تعد في الفترة المحددة مع إعطاء الأولوية للقطاع الخاص الليبي ليقود مرحلة التنمية.
وأعرب جبريل عن أسفه من صدور تصريحات عن بعض المسؤولين الليبيين تدعو ليبيا إلى تقديم تعويضات للشركات الأجنبية عن الأضرار التي لحقت بها جراء الثورة، مشيرا إلى أن هذه الشركات هي التي يجب ان تدفع تعويضات لليبيا وليس العكس، كونها خالفت العقود المبرمة: "أغلب العقود التي وقعت مع الشركات الأجنبية التي كانت تنفذ مشروعات قبل ثورة 17 فبراير/شباط فيها بند واضح يلزم هذه الشركات بعدم مغادرة مواقعها قبل إخطار الجهة المالكة، وهذا لم يحصل لذا فالخسارة لحقت بالشعب الليبي وليس بها".
وأضاف: "الشركات غادرت قبل 20 أغسطس/آب وحتى ذلك الحين كان نظام القذافي مازال قائما ولم نجد أي بلاغ رسمي من أي من الشركات بأنها ستغادر مواقع أعمالها كي تتمكن الحكومة من أخذ احتياطاتها لحماية منشآتها".
وأعرب رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية عن إنزعاجه من الزاوية الضيقة التي ينظر منها العالم إلى ليبيا": في كل المحافل الدولية عندما نتحدث عن ليبيا نتحدث عن البترول وكأن ليبيا هي مجرد قطرة نفط.. ليبيا هي تاريخ وتراث وحضارة، خاصة وأننا نتجه نحو توسيع مصادر الدخل وإقامة اقتصاد خدمي".