ألا يطيح انفجار كهذا بواجهة المسجد؟
ناشطون سوريون يشككون بحقيقة اغتيال الشيخ البوطي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
آخر تحديث: الجمعة 22 مارس الساعة 11:00 توقيت غرينتش
أجمعت كل أطياف المعارضة السورية على نفي مسؤوليتها عن قتل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، وعلى تحميل دمه للنظام السوري. كما يتناقل الناشطون صورًا للمسجد تعزز شكوكهم في أنها عملية مفبركة، من صنع مخابرات الأسد.
بيروت:لا تزال أصداء اغتيال الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي تتردد في سوريا كما في خارجها، خصوصًا أن أي مجموعة لم تعلن مسؤوليتها عن هذا الاغتيال، بل على العكس توالت بيانات النفي والاستنكار من غالبية مكونات المعارضة السورية،فيما أوحى النظام السوري منذ اللحظة الأولى للانفجار في مسجد الإيمان بحي المزرعة بدمشق أن التكفيريين يقفون وراء الجريمة المروعة. كما شكك ناشطون في حقيقة ما جرى بمسجد الإيمان.
وكانت قناة الاخبارية السورية عرضت الخميس لقطات من داخل المسجد، ظهر فيها العديد من الجثث على الارض، في حين تولى مسعفون رفع جثث أخرى، ورفع أشلاء عن الارض ووضعها داخل أكياس رمادية اللون.
تشكيك في الانفجار
سرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصًا في الصفحات المؤيدة للثورة السورية على موقع فايسبوك، استخدمها الناشطون للخوض في تفاصيل عملية التفجير، والاستنتاج أن ما حصل كان رواية مفبركة من جانب النظام.
فعلى الرغم من حديث الوسائل الاعلامية الموالية للأسد عن تفجير مهول قتل 42 شخصًا بينهم البوطي وحفيده، وأصاب 85 آخرين بجروح مختلفة، تظهر الصورة التي بثت عن داخل المسجد بعد الانفجار وكأنه تعرض لعملية تخريب لا أكثر. فالمكيفاتلا تزال في أماكنها، والمراوح والثريات المدلاة من السقف لم تصب بأي أضرار، علمًا أن وهج الانفجار كان ليطيّرها من مكانها أو ليسقطها أرضًا، خصوصًا تلك المروحة الكهربائية المثبتة فوق المكيّف الذي فقد غطاءه الخارجي.
وكذلك بقي مقعد البوطي في مكانه، وكأنّ الأمر اقتصر على تخريب، والحري بهذا الانفجار أن يدمر واجهة المسجد الداخلية على الأقل، أو أن يترك فيها أضرارًا جسيمة. وتساءل معظم الناشطين السوريين عن مكان جثة البوطي التي لم تظهر في أي شريط مصور، ولم تنشر لها أي صورة.
ونقل ناشطون على بعض الصفحات عن مراقبين ميدانيين ظنهم في أن البوطي مقتول قبل الانفجار، وليس هذا سوى مسرحية سيئة الاخراج، تبعها دخول مسلح من جانب الجيش والأمن والشبيحة إلى داخل المسجد بأحذيتهم العسكرية، مفسدين كل أثر قد يفيد التحقيق، أو يدل على الفاعل الحقيقي.
السلفيون ينفون مسؤوليتهم
والتكفيريون مصطلح درج الاعلام السوري الموالي للرئيس بشار الأسد على استخدامه، للدلالة على المجموعات الاسلامية المتشددة، كجبهة النصرة والجماعات السلفية الأخرى، التي تقاتل النظام في صفوف المعارضة.
والتكفيريون الظلاميون هم من توعّد الأسد بعد الاغتيال بالقضاء عليهم، وعلى ظلاميتهم وتكفيرهم. ووعد البوطي في بيان نشره المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية على صفحته على موقع فيسبوك: "أعزي نفسي وأعزي الشعب السوري باستشهاد العلامة الدكتور الأستاذ محمد سعيد رمضان البوطي، تلك القامة الكبيرة من قامات سوريا والعالم الاسلامي قاطبة".
وأضاف البيان: "قتلوك ظنًا منهم أن يسكتوا صوت الإسلام ونور الإيمان من بلاد الشام (...)، قتلوك يا شيخنا لأنك رفعت الصوت في وجه فكرهم الظلامي التكفيري الهادف أصلًا إلى تدمير مفاهيم ديننا السمح". وتابع: "وعدًا من الشعب السوري، وأنا منهم، أن دماءك أنت وحفيدك وكل شهداء اليوم وشهداء الوطن قاطبة لن تذهب سدى، لأننا سنبقى على فكرك في القضاء على ظلاميتهم وتكفيرهم حتى نطهر بلادنا منهم".
لكن التيار السلفي في الأردن تبرّأ من حادثة اغتيال البوطي، محملًا النظام السوري مسؤولية ذلك. وقال محمد الشلبي، القيادي البارز في التيار، في حديث صحفي: "كانت جبهة النصرة لأهل الشام تتمنى قتل عالم أمن الدولة السوري محمد البوطي، لكننا ندين الطريقة التي قتل فيها داخل مسجد، وندين سقوط الأبرياء جراء ذلك".
وأشار إلى أن النظام في دمشق يتحمل مسؤولية مقتل عالم البوطي، "لأنه أراد الخروج من سوريا فقام النظام بتصفيته".
جريمة بكل المقاييس
أدان رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد معاذ الخطيب اغتيال العلامة البوطي، واصفًا الاعتداء على مسجد الإيمان بأنه "جريمة بكل المقاييس". وقال الخطيب لوكالة الأنباء الفرنسية: "ندين بشكل كامل قتل العلامة الدكتور سعيد رمضان البوطي، ونقول إن ديننا واخلاقنا لا تسمح ابدًا أن نتعامل مع الاختلاف الفكري بطريقة القتل".
وأكد الخطيب أن هذه جريمة بكل المقاييس وهي مرفوضة تمامًا، ورجّح وقوف نظام الاسد وراء اغتيال البوطي. وقال: "يغلب على ظننا أن التفجير من قبل السلطة".
عسكري دمشق يدين
وردًا على بيان الأسد، وعلى الاتهامات التي ساقها أطراف النظام ضد المعارضة، أعلن المجلس العسكري في دمشق وريفها إدانته لعملية اغتيال الشيخ البوطي، وبراءة عناصر الجيش السوري الحر من دمه، محملًا عصابات بشار ومخابراته المسؤولية الكاملة.
وأكد بيان المجلس العسكري في دمشق وريفها أن التفجير الإرهابي داخل مسجد الإيمان، "الذي أدى إلى استشهاد العشرات من أبناء شعبنا، يحمل بصمات مخابرات بشار، وهو جزء من حربهم ضد أبناء شعبنا بكل فئاته".
وبحسب البيان، يحمل التفجير هذا رسائل عدة، أولها الرد السريع على اعلان حزب العمال الكردستاني وقف العمليات العسكرية في الاراضي التركية، لأن الشيخ البوطي كردي القومية. وثانيها، السعي لإشعال الفتنة بين الجيش السوري الحر والإخوة الاكراد، وخلق فتنة داخلية بين الجيش السوري الحر وحاضنته الشعبية في العاصمة. وثالثها، إيهام العالم بأن الجيش السوري الحر عصابة إرهابية.
واضاف البيان: "يأتي هذا التفجير ضمن سلسلة التفجيرات التي قامت بها سابقًا مخابرات بشار في العديد من أحياء دمشق، وكان أحدها التفجير الذي أودى بحياة وزير الدفاع داوود راجحة ضمن مخطط تصفية كل شخصية أتمت دورها بكامله قبل أن تعلن انشقاقها".
إيران تدين
بدورها، دانت ايران أبرز حليف اقليمي للنظام السوري، الاعتداء، وقال بيان لوزارة الخارجية إن "وزارة الخارجية تدين استشهاد رجل الدين محمد سعيد البوطي الذي قتل مع طلابه في عمل وحشي للمجموعات المتطرفة".
واضاف البيان أن "استشهاد الشيخ محمد سعيد البوطي المعروف بمواقفه المؤيدة للمقاومة الاسلامية ضد النظام الصهيوني، سيلقي الضوء كاملاً على تآمر الولايات المتحدة والنظام الصهيوني ووكلائهما الاقليميين الذين يساعدون ويسلحون المجموعات الارهابية السورية لايجاد انقسامات بين الاديان". وتدعم ايران نظام الرئيس بشار الاسد وتندد باستمرار بدعم الدول الغربية وبعض الدول العربية للمعارضين السوريين.
عالمٌ مغالٍ
والبوطي شيخ نحيل ينتمي إلى قبيلة كردية واسعة الانتشار في سوريا وتركيا والعراق. ولد في العام 1929، تلقى التعليم الديني والنظامي في مدارس دمشق، ثم انتقل إلى مصر للدراسة في الأزهر، حيث نال شهادة الدكتوراه في اصول الشريعة الاسلامية في العام 1965. وله أكثر من ستين كتابًا تتناول مختلف القضايا الإسلامية.
تعرّض البوطي لانتقادات واسعة في صفوف معارضين نظام الاسد، وطرد من احد مساجد دمشق في تموز (يوليو) 2011 بعد قوله: "إن غالبية الناس التي تخرج من صلاة الجمعة إلى التظاهر لا تعرف شيئًا عن الصلاة"، في اشارة إلى التظاهرات الاسبوعية المعارضة للنظام التي انطلقت منتصف آذار (مارس) 2011.
وفي خطبة أخرى في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، شبه البوطي جنود الجيش السوري بأصحاب نبي الإسلام محمد، وقال: "والله لا يفصل بين هؤلاء الأبطال ومرتبة أصحاب رسول الله إلا أن يتّقوا حق الله في أنفسهم".
وأثارت فتاوى عدة أصدرها البوطي حفيظة المتظاهرين في مدينة دير الزور، ما دعاهم إلى إحراق كتبه في جمعة أحفاد خالد. وكان أغرب فتاويه إجازته السجود على صور الرئيس السوري بشار الأسد، إذ رد على سائل يسأله عن حكم الإثم الذي لحقهم بعد إجبار الأمن لهم بالسجود على صورة بشار، بقوله: "اعتبر صورة بشار بساطًا ثم اسجد فوقه".
ومن المواقف الشهيرة لتجاوز البوطي في حبه للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد قوله بعد وفاة ابنه باسل: "إنني أراه من هنا في الجنة، جنبًا إلى جنب مع الصديقين والأنبياء".