لا خارطة طريق بل نيات حسنة
نوروز 2013: سلام أوجلان وإردوغان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أخيرًا، وصل الأكراد والأتراك إلى منتصف الطريق، فتلاقوا بخطوة كردية شكلتها رسالة إردوغان التي قال فيها لتصمت المدافع ولتسد السياسة، وخطوة تركية شكّلها قرار وقف العمليات العسكرية.
بيروت: النوروز تعني يوما جديدا باللغة الكردية، وهو احتفال كبير يبشر ببداية الربيع لدى الشعب الكردي. هذا الاحتفال كان ممنوعًا بسبب دوره المركزي في الثقافة الكردية، إذ حظرت حكومة تركيا الاحتفال به على مدى عقود. وهذا الحظر كان السبب في تحوّل بداية كل فصل ربيع إلى معارك شوارع وسفك دماء، لأن الأكراد يستخدمونه للتأكيد على حقوقهم وهويتهم والاحتجاج على السياسات القمعية التي تمارس ضدهم.
لكن مشهد عيد النوروز هذا العام كان مختلفًا. فيوم الخميس، اصطف عشرات الآلاف من الأكراد في ديار بكر، عاصمة المنطقة جنوب شرق تركيا، يحملون الأعلام باللون الأحمر والأصفر والأخضر.
الشرطة لم تتدخل. لم يكن هناك غاز مسيل للدموع. غنى الناس الأغاني الكردية وأضرموا نيران الاحتفال التقليدية، وبثت القنوات التلفزيونية الوطنية الاحتفالات. لتتويج كل هذا، دعا عبد الله أوجلان، القيادي البارز للمتمردين الاكراد، مقاتلي حزب العمال الكردي للانسحاب من تركيا، ما يشير إلى نهاية الصراع الذي دام 30 عامًا وأدى إلى مقتل نحو 40 ألف شخص.
لتصمت المدافع
أوجلان، المسجون في جزيرة قرب اسطنبول، دعا مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى وقف العمليات القتالية والانسحاب من تركيا. وفي بيان تلاه سياسي كردي في الاحتفالات التي حضرها نحو ربع مليون شخص، قال أوجلان: "لتصمت المدافع ولتسد السياسة".
وأضاف: "وصلنا إلى مرحلة يجب أن تنسحب فيها قواتنا المسلحة إلى خارج الحدود، وهذه ليست النهاية بل بداية حقبة جديدة". تمثل رسالة أوجلان مرحلة جديدة من المفاوضات مع الدولة التركية، التي بدأت أواخر كانون الاول (ديسمبر) الماضي. ومن المتوقع أن ينظم مقاتلو حزب العمال الكردستاني انسحابًا إلى جبال قنديل شمال العراق، حيث مقر الحزب.
وتخضع تلك المنطقة لسلطة الحكومة الكردية المستقلة، وتتمتع بعلاقات جيدة مع أنقرة التي بدورها تعتبر مستثمرًا رئيسًا في اقتصادها. وبالتالي، قد يرفد هذا الواقع جهودًا جدية تحرص على رؤية نهاية للصراع الدموي.
لا دولة بل اتحاد
من جانبه، ألقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بوزنه السياسي وراء هذه العملية، فقال ردًا على رسالة أوجلان: "إذا تم إلقاء السلاح، سوف تتوقف العمليات العسكرية".
لم يتم الإعلان عن خارطة طريق لكيفية نزع السلاح أو إعادة دمج حزب العمال الكردستاني التركي في المجتمع. فهذه العملية محفوفة بالعقبات المحتملة، وأوجلان يعول على كوادر الحزب، بينما سيضطر إردوغان إلى مواجهة معارضة من المتشددين من اليمين واليسار، يتهمونه بتمهيد الطريق لمزيد من الحكم الذاتي الكردي على حساب الدولة التركية.
على الرغم من أن الأكراد هم أكبر شعب بلا دولة، إلا أن القيادات الكردية، بما في ذلك أوجلان، يقولون إنهم لم يعودوا مهتمين في دولة كردية واحدة بل في اتحاد فضفاض يمتد في الحدود الوطنية المختلفة.
يشار إلى أن معظم الأتراك الذين أنهكوا من الأعمال القتالية يؤيدون هذه العملية، من ضمنهم أسلي ايدينتاسباس، المعلق السياسي في صحيفة ميليت، الذي كتب يقول: "عملية السلام التي بدأت في ديار بكر اليوم قادرة على أن تصبح الخطوة الأكثر ديمقراطية في تاريخ تركيا الحديثة".
هذه العملية هي الامتحان القادم الذي تواجهه تركيا، فهل ستدعم نزع السلاح مقابل قدر أكبر من الحرية والديمقراطية الثقافية للأكراد؟