أخبار

الصين تواجه العالم بالقوة الناعمة وتدفع السيدة الأولى للمقدمة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تسعى الصين لإعلاء شأنها عالميا من خلال الدفع بالسيدة الأولى بنغ ليوان إلى المقدمة، على غرار ما تفعله الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تتباهى بسيدتها الأولى ميشيل أوباما، وفرنسا التي ظهرت فيها سابقا كارلا بروني بقوة. يبدو أن الصين بدأت أخيرا تعترف بموقع سيدتها الأولى بنغ ليوان زوجة الرئيس الصيني الجديد شي جن بنغ. ولاحظ مراقبون صعودها الخاطف والقيام بدور السيدة الأولى على نحو متميز وظاهر لم يُعرف في الصين منذ عقود. وللحقيقة والتاريخ فان بنغ ليوان ليست غريبة عن عالم النجومية بعد ان كانت لفترة طويلة مغنية سوبرانو تصدح بالأغاني الوطنية عادة. ويعني هذا انها معروفة على نطاق واسع في الصين سواء بملابس جيش التحرير الشعبي المتواضعة ذات اللون الزيتوني أو بفستان طويل حين تظهر أمام الجمهور لتقديم وصلات غنائية. ولكن نجم بنغ ليوان ازداد تألقا مع صعود زوجها الى الرئاسة. وهي تتمتع بكل مؤهلات السيدة الأولى بوجه "فوتوجينيك" وذوق رفيع في الملبس وسجل حافل في رعاية قضايا انسانية مختلفة. إذ كانت بنغ ليوان سفيرة في الحملة ضد التدخين وتجارة التبغ عام 2009 وفي عام 2012 عُينت سفيرة للحملة الدولية ضد التدرن الرئوي ومرض الأيدز. وحين نزلت مؤخرا من الطائرة برفقة شي في زيارة خارج الصين تزاحم المصورون على أخذ لقطات لمعطفها الأنيق وتسريحة شعرها الجذابة وحقيبة يدها من الجلد الفاخر دون ان تظهر عليها اي علامة تجارية معروفة. وهذا كله ليس مصادفة محضة بطبيعة الحال. فان شي أدرج ضمن اهدافه لإعلاء شأن الصين وسمعتها في العالم ترويج صورة السيدة الأولى ، وهو أمر كان الصينيون ينتظرونه بعد سنوات من الافتتان بسيدات اوائل أجنبيات من ميشيل اوباما مرورا بكلارا بروني الى شيري بلير. ورغم تأكيد البعض من المهتمين بشؤون الصين ان بنغ ليوان تمثل بداية اتجاه جديد يعطي دورا متميزا للسيدة الأولى فالحقيقة ان لتقليد السيدة الأولى في الصين تاريخا مديدا حافلا بالقصص يعود الى مولد الجمهورية الصينية في عام 1911. يضاف الى ذلك ان لنظام الصين الامبراطوري القديم تراتبية هرمية محددة ابتداء من الامبراطورة ثم الوصيفة وليس انتهاء بالجارية. ولكن منذ عقد الثمانيات اصبحت سيدة الصين الأولى تُشاهد دون ان تُسمع. وعلى سبيل المثال ان جو لن زوجة دنغ شياو بنغ كانت كثيرا ما ترافقه في زياراته ورحلاته خارج الصين ولكنها كانت تبقى دائما في الظل. وكانت وانغ بينغ زوجة جيانغ زمين تُشاهد حتى بدرجة أقل بسبب اعتلال صحتها. ونادرا ما كانت ليو يونغ كنغ زوجة هو جينتاو تُصور وهي لم تكن تدلي بأي تصريحات. وبالطبع فان الصينيين يتابعون القيل والقال مثلهم مثل شعوب البلدان الأخرى. وتشير الشائعات التي راجت عن علاقة جيانغ بأحدى المغنيات الشهيرات الى ان القادة الصينيين يهوون نساء عالم الفن مثلهم مثل رؤساء اميركيين من أضراب كندي ، كما تلاحظ مجلة فورين بولسي. ولا يعني هذا ان زوجات القادة الصينيين لسنا بالمستوى المطلوب. فان دينغ ينغ تشاو زوجة القائد الصيني شو ان لاي نائب ماو كانت قوة سياسية عن جدارة لا تقل ذكاء وحذاقة ودهاء عن زوجها. وقبلها كان هناك تشيانغ كاي شيك وزوجته سونغ ماي لمغ التي تعتبر من ابرز السيدات الأوائل في القرن العشرين بدراستها في الولايات المتحدة وثروتها وعائلاتها المرموقة. وظهرت مدام تشيانغ على غلاف مجلة تايم ثلاث مرات. ويقول المؤرخ جونثان فنباي انها سحرت روزفلت وتشرتشل خلال مؤتمر القاهرة عام 1943. وما زالت شقيقتها الكبرى زوجة القائد الثوري صن يات صن شخصية معروفة في الصين. ولكن النساء اللواتي يتسلقهن الى منصب السيدة الأولى من عالم الفن لا يلقين نهاية سعيدة احيانا في الصين. فان جيانغ كنغ مدام ماو والنجمة السابقة في ستوديوهات شنغهاي السينمائية اثارت استغراب المناضلين بسبب علاقتها مع ماو في كهوف يونان حين كان الزعيم الصيني يقود كفاح الحزب الشيوعي من اجل السلطة. ولكن المعترضين كانوا في الغالب ذكورا متزمتين هالهم ان يعشق الزعيم امرأة من عالم شنغهاي الترفيهي وكثيرا ما كانوا ينددون بها بوصفها بورجوازية منحطة. وسقطت مدام ماو في النهائية مع رفاقها في عصابة الأربعة بسبب انتهاكاتهم خلال الثورة الثقافية. ولكن الصين تجاوزت هذه المرحلة بعقود من الانفتاح الاقتصادي واصبحت سيدة الصين الأولى بنغ ليوان واكسسواراتها هاجس اوساط واسعة من الصينيين. وكانت عبارة "حقيبة يد بنغ ليوان" موضع بحث على احد المواقع الالكترونية ذات الشعبية الواسعة في الصين أكثر من 8 ملايين مرة حتى يوم الاثنين الماضي. واشارت مجلة فورين بولسي الى حجب أي عملية بحث عن بنغ ليوان" على غوغل. ورغم كل الشهرة التي تتمتع بها بنغ فانها ينبغي ألا تتوقع إشادة علنية من زوجها. ذلك ان القادة الصينيين نادرا ما يستخدمون الكليشهة الغربية المعهودة في التعبير بتصريحات علنية عن الشكر لزوجاتهم أو عائلتهم (أو حمد الله) على نجاحهم ، كما لاحظت مجلة فورين بولسي. وفي قاموس بكين فان الحزب يعوض عن الأم والحبيبة وغيرهما من عوامل نجاح السياسيين. واحيانا يعبر القادة الصينيون عن شكرهم الى "الشعب الصيني" ولكن ذكر الحياة العائلية امر لا يمكن حتى التفكير فيه بالنسبة للسياسيين الصينيين. كما ينبغي ألا تتوقع السيدة شي السماح لها بالاستغراق في الكلام والتصريحات العلنية رغم شهرتها. إذ من المستبعد ان تعود الصين الى يوم كانت مدام تشيانغ ومدام صن تتبادلان الحديث بلا كلفة مع الصحفيين لا سيما وان القادة الصينيين أنفسهم نادرا ما يتحدثون للصحافة الأجنبية هذه الأيام. ولكن السيدة شن قد تكون من معدن مختلف. فهي واثقة وتعرف كيف تتعامل مع وسائل الاعلام ، كما يشهد على ذلك قربها من زوجها لدى التقاط الصور وفساتينها حسنة الاختيار والتصميم. ولم تدل السيدة شي بتصريحات علنية حتى الآن وقد لا تدلي بها ابدا ولكن حضورها المتميز يشير الى ان بنغ ليوان ستكون اقرب الى مدام صن ومدام تشيانغ منها الى زوجات الزعماء الصينيين الذين سلموا مقاليد الحكم الى زوجها. وقد تكون الادارة الحالية اول ادارة صينية منذ عام 1949 تنجح في توظيف القوة الناعمة للسيدة الأولى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف