تباين بين تسميتين: وصاية أم رعاية
تسمية تمام سلام تعيد السعودية إلى التأثير المباشر في لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لا بد من الاعتراف بأن السعودية لعبت دورًا كبيرًا في إخراج لبنان من الفراغ الحكومي من خلال تزكيتها النائب تمام سلام، لكن الصحف اللبنانية الرئيسة اختلفت في تقييم هذا الدور، بين تسميته وصاية سعودية أو رعاية للبنان، كما سماه وليد جنبلاط.
بيروت: أدرك الجميع في لبنان اليوم أن النائب تمام سلام هو الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة. وكذلك أدركوا أن سلام آت إلى الحكومة بشبه إجماع نادر الحصول، بعدما زكته قوى 14 آذار، ووافقت عليه قوى 8 آذار، أو غالبيتها على الأقل.
وازداد اللبنانيون إدراكًا أن الأمر لا يسير إلا بعامل خارجي مسرّع، بعدما رأوا بأم العين الدور السعودي في تزكية سلام لرئاسة الحكومة المقبلة، وضمان تسميته بعد حصوله على تأييد 14 آذار والنائب وليد جنبلاط، الذي كان المبادر كعادته إلى صناعة رؤساء الحكومات، فطرح اسم سلام على المسؤولين السعوديين ونال موافقتهم عليه.
فما كان من سلام إلا أن استقل الطائرة إلى الرياض لساعات، للقاء رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وكأنه بذلك يرد الجميل للرياض نفسها أولًا وأخيرًا.
خيار الرياض
أجمع الجميع على سلام، لكن الصحف اللبنانية تباينت في تقدير الدور السعودي، خصوصًا أن جنبلاط ذكر مساء الخميس، في برنامج كلام الناس، أن لبنان كان متروكًا لعامين بلا راع إقليمي، والسعودية اليوم هي هذا الراعي الاقليمي، الذي أرسل إليه وزيره وائل أبو فاعور للتداول في اسم من تؤول إليه السلطة الحكومية.
فجريدة الأخبار المقربة من دمشق وطهران أفردت صفحتها الأولى لعنوان معبر جدًا عن وجهة نظر معارضي السعودية في لبنان: "زمن الوصاية السعودية"، وأكدت أن سلام يأتي بقرار سعودي اقتنع به الرئيس سعد الحريري، وتذكر في الوقت نفسه أن قوى 8 آذار، المتمثلة بحزب الله والقوى المتحالفة معه، تتجه ايضًا إلى تسمية سلام في الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم الجمعة وغدًا السبت.
وتسأل هيام القصيفي في الأخبار: "هل كانت الرياض تعدّ الرجل لتسلم منصب الحكومة الانتقالية قبل الوصول إلى الانتخابات النيابية، حين كاد ميقاتي يهم بالاستقالة في تشرين الثاني من عام 2012؟ وهل ردت السعودية إلى بيوت بيروت السياسية ما فقدته حين جاء الرئيس رفيق الحريري من صيدا إلى العاصمة؟"
وتضيف: "كان (اللواء أشرف) ريفي خيارًا سعوديًا وحريريًا، لاكثر من سبب: قدرته الامنية على ضبط الاوضاع ولا سيما في طرابلس وصيدا، علاقاته الجيدة مع اجهزة عربية (وسعودية) وغربية امنية، في بلد يحتاج إلى كل انواع الاتصالات لتأمين الاستقرار فيه، ولا سيما للاشراف على الانتخابات، واخلاصه لـ14 آذار ولعائلة الحريري. اما سلام، فخيار سعودي صاف، لم يكن الحريري راضيًا عنه حتى اللحظات الاخيرة، رغم كل ما قيل وسيقال عن أنه هندس عودة الزعامة البيروتية إلى عائلة سلام، ولم يكن الحريري ليعيد تزكية ابن بيروت وتعويمه، وهو الذي حافظ على مسافة من المستقبل، وكرر أكثر من مرة موقعه المستقل. لكن السعودية قالت كلمتها، فاستقبل الحريري ابن الراحل صائب سلام بعدما التقى الامير بندر بن سلطان، وأصبح بين لحظة واخرى مرشح قوى المعارضة، وجال السفير السعودي في بيروت يبلغ من يهمه الامر من بكركي إلى عين التينة قرار الرياض."
للسعودية القرار الحكومي
وتحت عنوان "السعودية "تعود"... بمرشح جنبلاط لرئاسة الوزارة!"، كتبت صحيفة السفير المقربة من دمشق "أن ما أضفى مناخًا ايجابيًا، هو حرص سلام على فتح قنوات مع الرئيس نبيه بري وحزب الله قبل سفره إلى السعودية وبعد عودته منها، وهو أبلغ سائليه أنه غير مرشح للانتخابات، وهي العبارة التي رددها أمام رفاقه المشاركين في اجتماع قوى 14 آذار في بيت الوسط، مساء أمس".
والنتيجة بحسب السفير أن للسعودية وفريقها، بالشراكة الكاملة مع جنبلاط، أن يقررا حكوميًا، وللسوري والايراني، بالشراكة الكاملة مع قوى 8 آذار، أن يكون لهما هذه المرة حق الفيتو.
النتيجة أيضًا في نظر السفير أن الحكومة "ذهبت برئيسها وبوظيفتها وطبيعة تركيبتها للسعودية وحلفائها وأولهم الحليف الجديد القديم وليد جنبلاط"، وأن تمام سلام ليس في نظر 8 اذار شخصية قتالية أو صدامية، "وأكثر من ذلك ليس شخصية منفـِّرة، والمشكلة ليست في شخصه، بل في مصدر تسميته لرئاسة الحكومة، غير أن الضامن حتى اشعار آخر هو وليد جنبلاط برفعه سقف حكومة الوحدة الوطنية".
وتساءلت السفير: "أي حكومة ستتشكل بعد التكليف، هل ستضم حزب الله، وهل صحيح أن في خلفية تكليف سلام اصرارًا سعوديًا على مد اليد إلى حزب الله وتثبيت معادلة الاستقرار في لبنان ومن ضمنها النأي بالنفس عن الأزمة السورية؟ أم أن المطلوب حكومة تضع لبنان مباشرة على خط الزلزال السوري، وتحديدا في مواجهة النظام؟"
رعاية للبنان
من جهتها، كتبت صحيفة "النهار" المؤيدة لقوى 14 آذار أن "البعد الاقليمي البارز الذي كاد يطغى على الوقائع الداخلية لعملية تسمية سلام، تمثل في ما سماه كثيرون "عودة" المرجعية السعودية بقوة إلى لبنان بعد انكفاء منذ اسقاط حكومة الحريري".
وتضيف "واذا كان جنبلاط لم يخف الرعاية السعودية للاتصالات التي سبقت تسمية سلام، فإن جولة السفير السعودي علي عواض عسيري أمس على الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وبكركي اكتسبت بعدًا مهمًا في رعاية التوافق اللبناني، علمًا أن ميقاتي أعلن اعتذاره عن قبول التكليف مجددًا بعد لقائه السفير السعودي بوقت قصير".
وأوردت النهار في هذا السياق أن الطائرة الخاصة للرئيس الحريري نقلت سلام صباح أمس إلى الرياض، ومن ثم عادت به مساءً إلى بيروت، وأنه أمضى ثلاث ساعات ونصف في الرياض منها ثلاث ساعات في اللقاء مع الحريري، الذي عاد ونقله بسيارته إلى مطار الرياض. وأكدت النهار أن سلام لم يلتق أي مسؤول سعودي أمس.