أخبار

خلافات بين الحكم والمعارضة في الجزائر حول طبيعة التعديل الدستوريّ

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لا تحمل المعارضة الجزائرية ذات القناعة التي يحملها النظام بخصوص الاعلان عن اصلاحات وتعديلات تمسّ الدستور. فعدد من النشطاء المعارضين يريد تعديلات تضمن الفصل بين السلطات وتحد من صلاحيات الرئيس وتحدد زمن ولايته.

ياسين بودهان من الجزائر: أكد رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال الاثنين أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يضع "أي حد مسبق لمشروع تعديل الدستور"، الذي كلف به لجنة خبراء اعلن عنها الاحد.

وقال سلال خلال التنصيب الرسمي للجنة الخبراء بتكليف من الرئيس بوتفليقة " نحن اليوم بصدد الانطلاق في الورشة الثانية (...) وتتعلق بالتعديل الدستوري الذي يهدف في مجمله الى تكييف القانون الاسمى للبلاد مع المتطلبات التي أفرزها تطور المجتمع السريع والتحولات الجارية عبر العالم".

أضاف: "لا بد أن اشير الى أنه لم يتم وضع أي حد مسبق لمشروع التعديل الدستوري باستثناء الحدود المتعلقة بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ المؤسسة للمجتمع الجزائري".

وطالبت اغلب الاحزاب السياسية بتعديل المادة 74 من الدستور التي تترك الباب مفتوحًا لرئيس الجمهورية ليترشح لهذا المنصب من دون تحديد عدد الولايات الرئاسية.

وأعلن الرئيس بوتفليقة الاحد تشكيل لجنة خبراء قانونيين تكون مهمتها وضع مشروع تمهيدي لتعديل الدستور وعلى أن تقدم هذه اللجنة "نتائج اعمالها في أقرب الآجال الممكنة".

ويرأس اللجنة استاذ القانون في جامعة قسنطينة عزوز كردون اما الاعضاء فهم وزير العدل السابق الغوتي مكامشة وبوزيد لزهاري عضو لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة وسبق له المشاركة في صياغة دستور 1996 وفوزية بن باديس عضو مجلس الامة وعبد الرزاق زوينة العضو السابق في مجلس الامة.

غياب إرادة الإصلاح

وشكل تأخير التعديل الدستوري المرتقب مصدر انتقادات حادة من طرف الأحـزاب السياسية المعارضة، التي اتهمت النظـــام بـ"غياب الارادة" في تجسيد الاصلاحات السياسية الموعودة، ومن ذلك تعديل الدستور.

وشهدت الحياة السياسية في الجزائر خلال الفترة الأخيرة، نقاشًا واسعًا حول شكل الدستور "المرتقب" ومحتواه، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 2014.

زمن العهدة الرئاسية

ويدور سجال حول قضية العهدة الرئاسية ومدتها، فهناك من يطالب بضرورة تحديد مدتها بدورتين فقط، مع تقليص مدة كل عهدة الى أربع سنوات، في حين ترى أحزاب أخرى أن العمل الديمقراطي يقتضي ترك عدد العهدة الرئاسية مفتوحًا، والشعب هو من يختار على أساس أن الشعب هو مصدر التشريع، كما تطالب احزاب عديدة بضرورة وضع آليات لتنفيذ فصل "حقيقي" بين السلطات الثلاث (القضائية والتشريعية والتنفيذية)، وهي السلطات التي تشهد تداخلاً كبيرًا في الجزائر، الى جانب اقتراحات تتعلق بطبيعة الحكم بين برلماني، ورئاسي، وشبه رئاسي.

التعديل الدستوري اعلن عنه الرئيس بوتفليقة في خطابه منذ سنتين، ضمن رزمة من الاصلاحات السياسية، ومنها تعديل الدستور، وقال بوتفليقة في خطابه إنه " يتعين ادخال التعديلات اللازمة على دستور البلاد من اجل تتويج الصرح المؤسساتي الرامي الى تعزيز الديمقراطية".

الدستور أولاً

يقول رئيس (حركة مجتمع السلم) جرة سلطاني لـ"إيلاف" إنّ حركته "تحفظت على منهجية الاصلاحات حينما أعلن الرئيس بوتفليقة عن مشروعه المتعلق بالاصلاح السياسي".

وبرأي زعيم الحزب الاسلامي فإنه كان من الأولى أن تطال الاصلاحات أولاً الدستور.

وعلل ذلك بقوله: "ما نحن فيه من تخبطات يعود الى شيء واحد وهو الفساد السياسي".

وهذا النوع من الفساد حسب ابو جرة لا يمكن اصلاحه الا بـ"إصلاح الدستور".

ويشير الى أن الاصلاحات تم تميعها من خلال تفصيل مشاريع القوانين حسب المقاس"، على حدّ تعبيره.

معركة قانونية

أضاف: "حينما نذهب الى تعديل الدستور نكون مطالبين بعد ذلك بأن نجري مرة أخرى تعديلات على القوانين التي تم تعديلها على ضوء الدستور القديم.. هذا الأمر هو بمثابة معركة قانونية بحاجة الى الحسم".

وعن شكل الدستور المرتقب يقول أبو جرة سلطاني:" حركة مجتمع السلم تأمل أن تخضع مراجعة الدستور لاستشارة واسعة لأهل الاختصاص والطبقة السياسية، وتأخذ حقها من النقاش الوطني المفتوح للرأي العام، حتى لا يكون دستورًا موقتاً محكومًا بظروف استثنائية مدتها خمس أو عشر سنوات".

نظام برلماني

يضيف: "نفضل أن نذهب إلى إقرار نظام برلماني، يكون فيه البرلمان مسؤولاً أمام الشعب، وتنبثق الحكومة عن الأغلبية التي يزكيها الشعب، وتكون هذه الحكومة مسؤولة أمام البرلمان، عندئذ يعرف الشعب من ينتخب، ومن يحاسب، ومن يتحمل المسؤولية، ويعرف الفواصل بين السلطات، فتشيع الشفافية والرقابة الشعبية وعندها نتخلص مما نحن فيه من انحرافات كثيرة مسّت الشأن الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، والثقافي".

النظام يُخادع

من جانبه يعتقد محسن بلعباس رئيس حزب (التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية) في تصريحه لـ"إيلاف" أنه "منذ إعلان الرئيس بوتفليقة عن مشروع الإصلاحات في أبريل (نيسان) 2011، بعد مسيرات شعبية مطالبة بالتغيير، كان حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في مقدمتها، مؤمنًا بأن هناك خداعًا للرأي العام الوطني والدولي، وسبب ذلك هو هدف السلطة من خلال الإصلاحات المعلن عنها هو ربح الوقت فقط".

ويضيف بلعباس: "رأينا أن الإصلاحات القليلة التي أعلن عنها كرست تراجعًا في الممارسة الديمقراطية".

وحسب بلعباس فإنه وفقًا لخطاب الرئيس كان "تعديل الدستور يشكل أولوية ضمن مشاريع الإصلاح المقترحة، والكل كان ينتظر أن يكون هذا التعديل قبل نهاية 2011، لكن السلطة تحايلت، مرة أخرى، على الرأي العام، وخادعت الجزائريين بالإعلان عن انتخابات تشريعية، قالت إنها ستكون انتخابات سنذهب من خلالها إلى إنشاء مجلس تأسيسي، وقلنا آنذاك إنه لا يمكن أن يكون هناك مجلس تأسيسي، لأن المجلس التأسيسي معناه انتخاب مجلس لديه مهمة واحدة فقط، هي صياغة دستور جديد، وثبت أن الانتخابات التشريعية الماضية كانت عادية إذ تم انتخاب برلمان لمدة خمس سنوات".

وقال بلعباس إنّ التأخر في عملية تعديل الدستور أمر "غير مقبول"، ورفض ربط هذا التأخر بقضية الانتخابات الرئاسية.

يضيف: "لا أظن أن الأمر يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة، المشكلة الحقيقية تكمن في أن السلطة لم تكن لديها نية حقيقية في الذهاب إلى تعديل الدستور، لذلك قلنا إن تعديله كان مطلب الشارع وليس مطلب السلطة، وحينما قبلت السلطة بإقرار إصلاحات سياسية كان هدفها ربح الوقت لا غير".

فصل السلطات والحدّ من صلاحيات الرئيس

وعن رؤية الحزب لشكل الدستور المرتقب يقول بلعباس" تعديل الدستور بالنسبة إلينا لا يتعلق بكيفية انتخاب الرئيس أو تعيين نائب له، أو إعادة تقسيم الصلاحيات بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء، تعديل الدستور يجب أن يتم من خلاله تحديد آليات للفصل الفعلي بين السلطات الثلاث، ويجب من خلال هذه العملية إعادة النظر في هيكلة الدولة، والحد من استعمال الدين في السياسة، وترسيم اللغة الأمازيغية".

ويختم قائلاً: "يجب أيضًا إعادة النظر في عدد ومدة الولاية الرئاسية، ونحن نرى ضرورة تحديد الولاية الرئاسية لمرتين فقط، مع تقليص مدتها من خمس سنوات إلى أربع سنوات، كما نرى أنه حان الوقت لتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لأنه يملك صلاحيات كثيرة جدًا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف