أخبار

أول جهد توثيقي لبناني بتوقيع أمم للتوثيق والأبحاث

"ديوان الذاكرة اللبنانية" لنقد الحرب الأهلية وتدبير السلم الأهلي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لا يريد معظم اللبنانيين تذكر الحرب، لكن استحضارها بين حين وآخر على نية التعلم والاعتبار أمر يمنع المجموعات اللبنانية من أن يلدغوا من جحر الحرب ثانية، أن آمنوا. "ديوان الذاكرة اللبنانية" موقع إلكتروني هو الأول في توثيق الحرب بيومياتها وأهوالها، تضعه أمم للتوثيق والأبحاث بين أيدي الباحثين والعامة. بيروت: يستعيد لبنان هذه الأيام ذكرى 13 نيسان (أبريل) 1975، يوم حادثة "بوسطة عين الرمانة"، الذي توافق العامة اللبنانيون على أنه أول ايام الحرب الأهلية الضروس التي أغرقت بلدهم في الدم والدمار. فمنذ 38 عامًا، وإثر إطلاق النار على حافلة تقل فلسطينيين في منطقة عين الرمانة في ضاحية بيروت، استعرت الحرب التي تركت جروحًا ما تزال تنزف إلى اليوم، وأكبرها ملف المخطوفين والمفقودين والمخفيين سرًا، إلى جروح أخرى يريد اللبنانيون نسيانها أو تناسيها، إلى حين. موقع توثيقيأهوال حرب لبنان كثيرة، لكن كثيرون أيضًا لا يعرفونها. وهم لو عرفوها لما استسهلوا التسبب بحروب أهلية جديدة تلوح اليوم. وهذا الاستسهال كان أحد الدوافع التي جرّت جمعية أمم للتوثيق والأبحاث إلى توثيق يوميات الحرب الأهلية اللبنانية في موقع واحد، سمته ديوان الذاكرة اللبنانية www.memoryatwork.org، جمعت في أبوابه أحداث الحرب بيومياتها المفصلة، ووثقت مصادرها الأصلية المفتوحة كالصحف اليومية اللبنانية.وأمم للتوثيق والأبحاث جمعية لبنانية وقفت جهدها، بمشاريع بحثية متخصصة وبنشاطات ثقافية متعددة، على التملي، من الذاكرة اللبنانية في شتى وجوهها وتعبيراتها، لا سيما الخلافية منها، كما تعرف نفسها. والديوان هذا واحد من هذه المشاريع، أرادته بوجهين، أول هو وجه الأداة البحثية تضعها في يد أي باحث أراد معرفة ما حل بلبنانيي الحرب في 15 عامًا، وثانٍ هو وجه التذكير بهول هذه الحرب وبتركتها الدموية الماساوية، كي يتّعظ اللبنانيون. مسؤولية مشتركةديوان الذاكرة اللبنانية هو أول ما وثق الحرب ويستمر أولًا ووحيدًا، "فهو قاعدة بيانات مدارها على حرب لبنان أو حروبه الأهلية وغيرها، وفي ما تنعقد عليه من ذكريات، وفي ما يتأسس عليها من ذاكرات، واستطرادًا في شهودها بيننا، وفي ما لهذه الشهود من وطأة وتأثير على حياة اللبنانيين، العامة والخاصة، وعلى حياة سواهم ممن شاركوا فيها أو ممن ارتدّت عليهم مفاعيلها"، كما يقول لقمان سليم، الناشط السياسي اللبناني ومؤسس أمم للتوثيق والأبحاث.يضيف لـ"إيلاف": "على غرار ما أن الحرب تركة مشتركة، فتدبيرها أيضًا مسؤولية مشتركة، وقد أثبتت العشرون سنة الماضية أن اللبنانيين ليسوا سواسية في تطليق الحرب، وفي إرادة العيش بأمن وسلام، ومن هنا يأتي هذا العمل التوثيقي ليطاول السلام الأهلي الهش كما الحرب الأهيلة العميقة". بقيت عاملةغياب السواسية هذه يبدأ في حادثة وسطة عين الرمانية يوم 13 نيسان (أبريل) نفسه، إذ لا يتفق كل اللبنانيين، وخصوصًا نخبهم، على أنها بالقول والفعل، شرارة الحرب اللبنانية. فثمة من يعيد البداية الحقيقية إلى اتفاق القاهرة بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية في العام 1969، ومنهم إلى تراكمات طائفية عاتية، يجترها المجتمع اللبناني منذ القائمقاميتين والمتصرفية، أي منذ العام 1860.فقد تصالح بعض المسموعين في لبنان على أن تكون هذه البوسطة شرارة الحرب، "لكن هذا حصل بعد مضي أعوام على حادثة عين الرمانة، لأن الحافلة بقيت عاملة على خطوط بيروت، تنقل المواطنين يمنة ويسرة، حتى تعرضت لحادث آخر في العام 1984، فركنت بعد ذلك، وصارت ايقونة بداية الحرب"، كما يقول سليم.يضيف: "ليست الحادثة هذه سوى السبب المباشر لاندلاع الحرب، ولو أمكن رد نسب الحرب بيسر إلى حادثة بوسطة عين الرمانة، لما احتاج المؤرحون والمفسرون إلى بذل الجهود الجهيدة في بيان هذه الحرب، ولما تضاربت آراؤهم، ولو كانت الحادثة مجرد حادثة فقط، لما بقيت ماثلة في وجدان اللبنانيين، ولما تبوأت البوسطة هذه محلها في متحف الأيقونات اللبنانية إلى جانب الأرز الشامخ وصحن الحمص وغيرهما، وهي اليوم من أملاك أمم للتوثيق والأبحاث". نقد الحربأطلقت أمم للتوثيق والأبحاث موقع ديوان الذاكرة اللبنانية في العام 2008، وهي تريده مشروعًا مفتوحًا على وظائف واستعمالات وآفاق شتى، تتجه جميعًا نحو نقد الحرب الأهلية اللبنانية، وتدبيرها بوصفها تركة برسم التصفية، وتاريخًا يحاول اللبنانيون عبثًا إنكار ما بينهم وبينه من نسب.يلفت سليم إلى أن الديوان ملك للجمهور اللبناني، ولكل المعنيين بشؤون هذا البلد من لبنانيين وغير لبنانيين، "ويطمح لأن يتحوّل من منصة توثيقية إلى ندوة إلكترونية عن لبنان وذاكرته، تفتح واسعًا أبواب الحوار والسجال في منأى من التوظيف السياسي".تقول كيلي ستيديم، المسؤولة عن إدارة الموقع، وخصوصًا النسخة الانكليزية منه، لـ"إيلاف": "لا يمكننا في أي وقت من الأوقات أن نقول أن العمل في الديوان قد انتهى، أو تم، لأنه مشروع قيد الإنشاء المستمر، ففيه نحو 30 ألف وثيقة، استقيناها من مصادرها الأساسية، صحفية كانت أو سجلات مفتوحة، لنلمها في مكان واحد".العمل مستمر، بالعربية والانكليزية، في إضافة كل ما يتوافر من مواد جديدة، وفي ترجمة هذا العدد الهائل من الوثائق إلى اللغة الإنكليزية. تقول ستيديم: "معوقان دائمان أمام سرعة اجتياز المراحل، أولهما شح التمويل، وثانيهما حسن الترجمة، فالموقع انطلق في العام 2008 بتمويل من مجموعة زيفيك الألمانية، والنسخة الانكليزية تبنى لبنة فوق أخرى منذ بداية العام الحالي بتمويل من السفارة الكندية في لبنان". أبواب ونوافذهذه المنصة التوثيقية مرتبة اليوم في أبواب تجنح إلى تناول كل جوانب تركة الحرب الأهلية اللبناني. ففيها باب "ولم يعودوا" ويدخل فيه مفقودو الحرب في تبويب يومي مفصل، وباب "قتلى ولا جثث" موثقًا المقابر الجماعية وما إليها، وباب "من قتل من" وهو فهرس للاغتيالات السياسية في لبنان، وآخر من دخل فيها العميد وسام الحسن، وباب "من سدد فأخطأ الهدف؟" وهو فهرس محاولات الاغتيال السياسية في لبنان.وفي الموقع أيضًا باب "بقايا الأيام" وتدخل فيه الأنصبة التذكارية وما تكتنفه من ذكريات حربية تبقى أبدًا نصب العين، "صغير، كبير، مقمط بالسرير" حيث يجد الباحث كل ما يروم عن المجازر المقترفة في لبنان، وباب "هواة الظلام" الذي يوثق اللبنانيين في الزنازين الاسرائيلية والمعتقلات السورية، وفي سجون اخرى، وباب "القتل خلسة" الذي يقص سير السيارات المفخخة، وباب "الحرب على جبهاتها" حيث يوميات حطوط التماس، وباب "الحرب بالتقسيط" عن روايات الحوادث الفردية، وباب "أقتل.. لا تقتل" وتدخل فيه مسائل المحاسبة والعفو، وباب "الحرب القهقرى" وفيه استذكار اللبنانيين لذكرى 13 نيسان (أبريل) منذ عيّن هذا اليوم في منصب بداية الحرب.إلى هذه الأبواب، نوافذ لمواد خاصة، سمعية وبصرية، أنتجتها أمم لتوثيق والأبحاث على نية رفد الموقع بما يعزز مصداقية يتوسلها منذ بدايته، وما يزال، وتمكين الباحث من أدوات حديثة، تعزز أبحاثه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف