هل يمكن اعتبار القرصنة الإلكترونية من الأعمال العداونية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن: في الساعة الواحدة وسبع دقائق بعد ظهر الثلاثاء الماضي، ارسل حساب وكالة اسوشيتد برس الرسمي على تويتر،تغريدة الى متابعيها البالغ عددهم نحو مليوني متابع تحذر: "خبر عاجل: انفجاران في البيت الأبيض واصابة باراك اوباما". ويبدو ان بعض الذين أثارت التغريدة هلعهم كانوا في بورصة نيويورك أو قربها.
وبعد دقيقة على ارسال التغريدة بدأ مؤشر داو هبوطا خطيرا لكنه لم يستمر طويلا. إذ انخفض 150 نقطة من 1497.15 الى 14548.58 نقطة قبل ان يستقر بعد ثلاث دقائق،في الساعة الواحدة وعشر دقائق حين بدأ ينتشر نبأ الخطأ الذي حصل في التغريدة.
وبحلول الساعة الواحدة وثلاث عشرة دقيقة عاد مؤشر داو الى مستواه. وخلال هذه الدقائق الثلاث "محت التغريدة 136 مليار دولار من قيمة سوق الأسهم"،بحسب صحيفة واشنطن بوست نقلا عن نيكولاي غاميلتوفت من موقع بلومبرغ نيوز.
وقبل اسبوعين ونصف الاسبوع اعلنت شركة بلومبرغ ايل بي للبرمجيات المالية انها ستبدأ اضافة عدد صغير من الحسابات على تويتر الى محطاتها الاخبارية الاقتصادية التي لا يخلو منها مكتب مالي في وول ستريت. والمفارقة ان الفكرة من الحسابات الاضافية هي مكافحة التضليل الاعلامي على تويتر. ففي آب (اغسطس) انتشرت على تويتر معلومات كاذبة عن مقتل الرئيس السوري بشار الأسد متسببة في ارتفاع اسعار النفط بحدة.
ويبدو أن السوق تجاوزت آثار الاختراق الذي تعرض له حساب اسوشيتد برس على تويتر لأنه كان اختراقا ساذجا سرعان ما عولجت آثاره. إذ سارعت الوكالة الى الاعلان بأن التغريدة الكاذبة كانت نتيجة قرصنة الكترونية وان موقع تويتر أغلق الحساب المتضرر بها.
وبعد ساعة على انتهاء الواقعة اعلنت منظمة موالية لنظام الرئيس الأسد تطلق على نفسها اسم "الجيش الالكتروني السوري"،مسؤوليتها عن الهجوم. وكانت صحيفة واشنطن بوست كتبت قبل يوم ان هذه المنظمة اخترقت جملة حسابات معروفة على تويتر تعود الى مؤسسات اعلامية كبيرة للتنديد بالولايات المتحدة والدفاع عن الأسد.
ولم يقدم الجيش الالكتروني السوري دليلا على مسؤوليته ولا أرسل أي تغريدات من حساب اسوشيتد برس تسند قضيته ربما بسبب غلق الحساب المخترَق بسرعة.
وكان القراصنة اياً تكن هويتهم اخترقوا حساب وكالة اسوشيتد برس بارسال فيروس عن طريق مواد غير مطلوبة عبر البريد الالكتروني. إذ بعثوا برسالة تبدو بريئة الى أسرة العاملين في اسوشيتد برس تدعوهم للنقر على رابط يلوث كومبيوتراتهم ببرمجية تجسسية دون علمهم بطبيعة الحال.
وكانت القرصنة كلها عملية تجسس الكتروني متقنة على نحو يثير الاستغراب للقيام بعمل تخريبي طفولي. ولكنه تخريب كان له أثره لبعض الوقت في بورصة نيويورك وهي واحدة من أهم الأسواق المالية في العالم.
واثار الاختراق تساؤلات بين مراقبين بينهم المعلق آندي كارفن الذي كتب على توتير "متى يتخرج المخربون الى جواسيس الكترونيين؟"
من مشاكل الأمن الالكتروني والحرب الالكترونية ان الحدود ليست مرسومة بأي قدر من الوضوح. وكما في حالة الجيش الالكتروني السوري الذي يدعم النظام السوري ولكنه ليس ممولا رسميا منه فان تحديد الخط الفاصل بين التخريب والأعمال العدوانية التي ترتكبها دولة ما قد يكون صعبا.
وحتى إذا عُرف مرتكب القرصنة فان ما يرفع مستوى الرد المطلوب لا يكون واضحا. وإذا كانت كوريا الشمالية حقا وراء الهجمات الالكترونية الأخيرة على مؤسسات مالية كورية جنوبية فهل يُعد هذا اعتداء؟ وماذا عن اختراق مؤسسات اميركية يُشتبه بأن الجيش الصيني كان وراءها؟
المهم هنا ليس الضرر الطفيف نسبيا الذي يلحقه اختراق بسيط لا يعبر الخط بين التخريب والارهاب وانما السؤال الأكبر الذي ما زال بلا اجابة متمثلا في: "ما هو هذا الخط وماذا يحدث عندما يعبره فرد او منظمة؟"