قانون السلطة القضائية يُغذي الخلاف بين مؤسستي القضاء والرئاسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اشتدت وتيرة الخلاف بين مؤسستي القضاء والرئاسة في مصر، على خلفية نية مجلس الشورى البت قي قانون السلطة القضائية، وتبني تعديلات حزب الوسط، الذي يملي إحالة قضاة لا يحكمون وفق الهوى الاخواني على التقاعد.
القاهرة: حلقة جديدة من الصراع بين السلطة القضائية والسلطتين التنفيذية والتشريعية، في أعقاب إعلان مجلس الشورى البدء بمناقشة تعديلات حزب الوسط على قانون السلطة القضائية، وهو ما اعتبره القضاة تدخلًا سافرًا في شأنهم الداخلي، مؤكدين عدم السماح لمجلس الشورى بإصدار هذا القانون على اعتبار أن المجلس غير شرعي لا يمثل الشعب المصري، وقانون السلطة القضائية من القوانين المكملة للدستور، ومجلس النواب القادم هو الوحيد المنوط به مناقشة أي تعديلات بقانون السلطة القضائية.
تزامنت الأزمة مع خروج تيارات إسلامية، ومنها جماعة الإخوان، بمليونية أمام دار القضاء العالي، للمطالبة بتطهير القضاء، عقب صدور حكم بانقضاء فترة الحبس الاحتياطي للرئيس المخلوع حسني مبارك.
مشروع الوسط
كان حزب الوسط قد تقدم بمشروع قانون لمجلس الشورى، لتعديل قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1972، وشملت التعديلات المادة الثانية، على أن يُستبدل بنص المادة 119 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1972 النص الآتي: "يُعين النائب العام بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اختيار مجلس القضاء الأعلى من بين نواب رئيس محكمة النقض، والرؤساء بالاستئناف، والنواب العامين المساعدين وذلك لمدة أربع سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله، وللنائب العام أن يطالب بعودته إلى العمل بالقضاء، وفي هذه الحالة تُحدد أقدميته بين زملائه وفقًا لما كانت عليه عند تعيينه نائبًا عامًا، مع احتفاظه بمرتباته وبدلاته بصفة شخصية.
ويكون تعيين النائب العام المساعد والمحامي العام الأول وباقي أعضاء النيابة العامة بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى، ويجوز أن يُندب للقيام بأعمال المحامي العام الأول الرئيس بمحكمة الاستئناف بموافقته ومع احتفاظه بالمعاملة المالية المقررة لوظيفته، ولا يجوز أن يُعين في وظيفة المحامي العام إلا من توافرت فيه شروط التعيين في وظيفة قاضٍ بمحاكم الاستئناف عدا شرط السن، ويُعتبر التعيين أو الترقية من تاريخ موافقة مجلس القضاء الأعلى".
وفي المادة الثالثة، تٌستبدل عبارة "سبعين عامًا" بعبارة "ستين عامًا" في كل من المواد (69) من قانون السلطة القضائية الصادر بقانون رقم 46 لسنة 1972. وفي المادة الرابعة، تُحدد مرتبات أعضاء السلطة القضائية والهيئات القضائية وفقًا لجدول موحد للمرتبات من دون تمييز بين جهة أو هيئة قضائية وأخرى.
مطلب شعبي
كشف طارق الملط، عضو الهيئة البرلمانية لحزب الوسط بمجلس الشورى، أن الحزب تقدم بتعديلات جديدة على قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، تسمح بتقاعد القضاة عند سن ستين عامًا بدلاً من سبعين، "ما يسمح بالمساواة مع جميع فئات الشعب العاملة في الجهاز الإداري للدولة، كما يسمح أيضا بإعطاء الفرصة لشباب النيابة والقضاة في التصاعد في السلك القضائي، وبتعيين نائب عام وفقًا للدستور الجديد، وبالتالي التخلص من أزمة النائب العام القديم والجديد، وهو ما أصبح مطلبًا شعبيًا".
وقال الملط لـ"إيلاف" إن حزب الوسط يدرك جيدًا أن الثورة المضادة مستمرة في جميع أجهزة الدولة ومن بينها القضاء، "وبالتالي التطهير ليس عيبًا ولا يسيء للقضاة بل أن الغالبية منهم تدعو إلى التطهير، والقانون الجديد يحقق أكبر عملية تطهير داخل القضاء بخروج عدد كبير منهم إلى سن التقاعد، خصوصًا المتأثرين منهم بالنظام السابق".
وأشار الملط إلى حرص مجلس الشورى على عدم إقرار القانون من دون مناقشة مجتمعية، ومن دون الاستجابة لأصحاب القضية متمثلين في المجلس الأعلى للقضاء. ولفت إلى أن مجلس الشورى يمارس السلطة التشريعية كاملة، والقانون الصادر منه واجب التنفيذ على السلطات الثلاث.
مستعدون للمعركة
قال المستشار عبد الله فتحي، وكيل نادى القضاة، لـ"إيلاف": "ترديد كلمة تطهير القضاء من قبل الإسلاميين مجرد تهريج، ويعيد من جديد تدخل السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية، ونحن لن نسمح بذلك، ومستعدون لدخول معركة جديدة بعد المعارك الأخيرة التي دخلتها السلطة القضائية بعد ثورة يناير المجيدة".
أضاف: "مجلس الشورى الحالي غير قانوني، وتم تحصينه بصدور إعلان دستوري باطل، كما لا يمثل المجلس الشعب المصري، وبالتالي لا يجوز له مناقشة قانون السلطة القضائية المكمل للدستور، فمجلس النواب القادم هو الوحيد الذي يحق له مناقشة قانون السلطة القضائية".
وأكد فتحي أن نادي القضاة لن يسمح لمجلس الشورى بإصدار القانون، "ولدينا وسائل عديدة للتصعيد بحيث تلزم السلطة التنفيذية على التدخل لوقف هذه المهزلة ومنع السطو الجديد على السلطة القضائية، وهناك جمعية عمومية ستصدر قرارات هامة للرد على مليونية تطهير القضاء، ومناقشة الشورى قانون السلطة القضائية دون وجه حق، وقد يصل الأمر إلى طلب تدخل جهات دولية وتوقف المحاكم عن العمل نهائيًا".
مذبحة جديدة
وفي السياق ذاته، رفض المستشار عبد المنعم السحيلي، رئيس نادي قضاة طنطا، تدخل السلطة التشريعية والتنفيذية في إقرار قانون السلطة القضائية من دون توافق أصحاب القضية الأساسيين.
وقال لـ"إيلاف": "إن تحديد سن تقاعد القضاة وشكل تعيين النائب العام من اختصاصات الجمعية العمومية للقضاة في جميع النوادي، ولا بد من فتح حوار حول هذا الأمر، فعدد قضاة مصر ليس بالكبير وهو متناسب مع عدد القضايا الموجودة بالمحاكم، ما يصعب خروج القاضي عند سن ستين عامًا، وهدف الإسلاميين من تحديد سن تقاعد القاضي هو التخلص من قضاة يرون أنهم يصدرون أحكامًا ليست على هواهم، وهذا لن يحدث أبدًا، ونحذر من تصعيد كبير في الأزمة قد يصعب على الرئيس مواجهته هذه المرة".
التدويل للإثارة
وأكد المستشار وليد شرابي، مؤسس حركة قضاة من أجل مصر، لـ"إيلاف" أن التهديدات بتدويل ما يحدث للقضاة دوليًا من يرددها يريد إثارة الرأي العام فقط، "فالمنظمات الدولية ليست لها سلطة على الشأن الداخلي لمصر، بل قد يصل الأمر إلى الإدانة فقط، وإبداء بعض الملاحظات، أما مناقشة مجلس الشورى لقانون السلطة القضائية فهو شأن داخلي دستوري، وليس لأحد الاعتراض على ما يصدر من السلطة التشريعية، وإلا يكون تداخلًا بين السلطات والدستور فصل في هذا الأمر".
وقال: "القضاء مثل أي مؤسسة في الدولة تحتاج إلى تطهير من فساد ثلاثين عامًا، وهذا ليس عيبًا، وما يضر القضاة بأن يكون سن التقاعد ستين عامًا، إلا إذا كانت للبعض مصالح في استمرار الوضع فاسدًا". أضاف أن "قضاة من أجل مصر" تبحث عن المصلحة العامة، وتنحاز للشعب وكرامة القضاة، ولا تعمل لصالح فصيل سياسي.