قرّاء "إيلاف": العالم غير جدي في اعتبار استخدام الأسد الأسلحة الكيميائية خطًا أحمر

في استفتاء إيلاف الأسبوعي، قالت غالبية المشاركين إن الغرب ليس جديًا في اعتبار استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي خطًا أحمر، ومثلهم قال معارضون سوريون، أكدوا أن أمن إسرائيل هو الخط الأحمر الثابت، والعالم سيبقي على الأسد لأنه البارع في حماية حدود إسرائيل.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: بالرغم من وعيد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبالرغم من تحذيرات الدول الأوروبية الكبرى للنظام السوري من الأسلحة الكيميائية ضد الشعب الثائر ضده منذ 15 آذار (مارس) 2011، إلا أنه فعلها، ولم يحرك أحد ساكنًا، فاعتبر معارضون أن الخط الأحمر لم يكن إلا ضوءًا أخضر، مؤكدين أن الدليل على ذلك يتمثل في صمت المجتمع الدولي، لاسيما أميركا، على الانتهاكات التي تدخل في نطاق جرائم الحرب.

بدورهم، قرّاء "إيلاف" أيضًا يرون أن تحذير ووعيد الغرب للرئيس السوري بشار الأسد لم يكن جديًا. جاء ذلك في سياق الإجابة عن سؤال الاستفتاء الأسبوعي: "هل ترى أن الغرب جدي في اعتبار استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية خطًا أحمر؟".

شارك 3876 قارئًا في الاستفتاء، وانحازت الغالبية (2487) قارئًا، أي بنسبة 64 في المئة، إلى أن الغرب غير جدي في تحذيراته للنظام السوري من استخدام الأسلحة الكيميائية، إستنادًا إلى أن أحدًا لم يحرّك ساكنًا، بالرغم من أن المخابرات الأميركية رفعت تقارير للرئيس باراك أوباما تؤكد استخدام تلك الأسلحة ضد المدنيين، وبالرغم من تأكيد المخابرات البريطانية لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون الأمر نفسه.

بينما رأت أقلية من قرّاء "إيلاف"، وعددها 1389 قارئًا، أي بنسبة 36 في المئة، أن المجتمع الدولي جدي في الرد على استخدام بشار الأسد للأسلحة الكيميائية، مستندين إلى حسن النيات أكثر من أي شيء آخر.

تخاذل دولي
في الخامس والعشرين من نيسان (أبريل) الماضي، كشفت المخابرات الأميركية عن استخدام نظام الأسد الأسلحة الكيميائية ضد المعارضة والمدنيين. وجاء ذلك في رسالة موجّهة من البيت الأبيض إلى مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس، وورد فيها أن أجهزة الاستخبارات لديها ثقة - لكن بدرجات متفاوتة - بأن نظام الأسد استخدم السلاح الكيميائي على نطاق ضيق في سوريا.

تأكدت الحكومة البريطانية من الشيء عينه في الشهر نفسه، وحصلت على معلومات من مخابراتها تفيد بأن هناك "أدلة متزايدة" على استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية ضد شعبه، لكنها اكتفت باعتبار ذلك "تصعيدًا خطيرًا، وجريمة حرب".

ووفقًا لهذه المواقف الغربية الغامضة والمتخاذلة، يرى معارضون سوريون أن أميركا والغرب منحا الأسد فرصة تلو الأخرى من أجل القضاء على الثورة السورية، لاسيما أنهما يعتبرانه أفضل نظام لحماية أمن إسرائيل، ولا يمكن التفريط فيه بسهولة.

إسرائيل هي الخط الأحمر
وقال خليل الكردي، المعارض السوري المقيم في القاهرة، لـ"إيلاف" إن الشعب السوري يقاتل وحده منذ أكثر من عامين من أجل حريته، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي والعرب يقفان موقف المتفرج تجاه المجازر اليومية التي يتعرّض لها الأطفال والنساء في سوريا.

وأضاف أن أميركا تدعم نظام الأسد، باعتباره "كنزًا إستراتيجيًا لإسرائيل، فليس هناك أفضل منه، والدليل أنه وأباه حافظ الأسد لم يطلقا رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل، طوال أكثر من أربعين عامًا، رغم أنها تحتل أرض الجولان السورية".

وأشار إلى أن السوريين يعلمون جيدًا أن تحذيرات أوباما للأسد من استخدام الأسلحة الكيميائية لم يكن المقصود منها التحذير من استخدامها ضد الشعب السوري، ولكن اعتبار إطلاقها باتجاه هضبة الجولان خطًا أحمر، لافتًا إلى أن استخدامها ضد الشعب السوري هو ضوء أخضر.

قائلًا إن أميركا لن تتحرك مادام الأسد ملتزمًا عدم استخدامها ضد إسرائيل، "وسيظل أوباما ملتزمًا بضبط النفس أيضًا، لكن الشعب السوري سوف يستمر في نضاله حتى تتحقق له حريته، ويسقط نظام الأسد، ويحاكم على جميع جرائمه".

رخصة القتل
الأسلحة الكيميائية والتقليدية سواء، كلاهما يترك أثرًا واحدًا، هو القتل. هكذا قال الدكتور سقراط البعاج، المعارض السوري المقيم في القاهرة لـ"إيلاف". وأضاف أن المهم إيقاف المذابح اليومية، التي تتم بالسكاكين والسيوف والقنابل الحارقة أو القنابل العنقودية، "يجب إيقاف تدمير المنازل، وإيقاف التصريح الذي منحه المجتمع الدولي لبشار الأسد بارتكاب المجازر وجرائم الحرب، فبشار الأسد قتل أكثر من 200 ألف شخص، بينهم أطفال ونساء، إضافة إلى تشريد ملايين اللاجئين في الداخل والخارج، وعشرات الآلاف من المعتقلين والمختفين قسريًا، وهذه الحصيلة تستدعي التدخل الفوري من أجل إيقاف عمليات الإبادة التي يتعرّض لها الشعب السوري".

ويتهم البعاج المجتمع الدولي، ولاسيما أميركا، بخذلان الشعب السوري، "من أجل بقاء الأسد حاميًا لأمن أسرائيل، وخوفًا من سقوط حكم سوريا في أيدي الإسلاميين المتشددين، وهذا العذر قبيح، لأن لا شيء يبيح المجازر اليومية بحق الإنسانية". ونبّه العاج إلى أن الأسد مطمئن إلى أن أحدًا لن يسأله عن جرائمه مادام يحافظ على أمن إسرائيل، ولذلك لا يأبه بتحذيرات الغرب، بل يعتبرها ضوءًا أخضر للاستمرار في القتل والتدمير.