أخبار

مسوّدة الدستور التونسي أعجبت الترويكا الحاكمة وأغضبت خبراء القانون

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أحزاب الترويكا التي تحكم تونس في المرحلة الانتقالية، لم تخفِ اعجابها بالمسودة الثالثة للدستور المرتقب، لكنّ خبراء القانون الدستوري ونشطاء، ينتقدون بشدّة فصولاً بدت لهم مثيرة للجدل وتبعث على الحذر.

محمد بن رجب من تونس: أثارت المسوّدة الثالثة للدستور التونسي المرتقب، والتي نشرها المجلس الوطني التأسيسي على موقعه الإلكتروني مؤخراً، ردود فعل رافضة ومنتقدة لعدد من الفصول.

وانتقد عدد من خبراء القانون فصولاً "تهدد السلم الأهلي" و"تحيل على الدولة الاستبدادية الدينية" و"تشرّع لعقوبة الإعدام"، في حين قال مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي "إنه من أفضل دساتير العالم وهو أفضل من دستور 1959".

ميليشيات مسلحة

يرى الخبير في القانون الدستوري رافع بن عاشور أنّ الفصل 15 من مسوّدة الدستور، والذي ينصّ على أنّ "الدولة هي التي تنشئ القوات المسلحة وقوات الأمن وأيّ قوات أخرى بمقتضى القانون ولخدمة الصالح العام. ولا يجوز لغير الدولة إنشاء قوات أو تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية"، يجيز للمشرّع بعد الانتخابات القادمة إحداث ميليشيات مسلحة ويعتبر ذلك تهديدًا للسلم الاجتماعي والحريات.

أضاف بن عاشور في تصريح لـ"إيلاف" أنّ هذا الفصل "ينصّ صراحة على إمكانية إحداث جهاز مسلح موازٍ للجيش والأمن الداخلي لكل حزب يتمتع بالأغلبية المطلقة في البرلمان القادم".

يأتي ذلك، فيما طالبت عديد الأحزاب والجمعيات المدنية بمعاقبة قوات موازية ظهرت خلال المظاهرة التي نظمت بمناسبة عيد الشهداء 09 أبريل 2012 بالزي المدني، وقامت بالاعتداء على المتظاهرين في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس.

إلى ذلك، أشارت الجمعية التونسية الأورومتوسطية للشباب في بيان لها إلى أنّ الفصل 15 يشرّع إمكانية تسليح ميليشيات لا تنتمي لا لسلك الأمن الوطني ولا لسلك الجيش مؤكدة أنّها "تدخل تونس في دوامة عنف ونزاع مسلح والذي نرجو أن لا يكون تمهيدًا لنهاية مريعة لتونس المدنية الحديثة المسالمة والمتمدنة".

استبداد دينيّ

قال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبدالستار بن موسى إنّ النسخة الجديدة من مسودة الدستور لا تختلف كثيرًا عن النسختين الأولى والثانية، مشيراً إلى أنّه "خلال فترة الاستبداد تفطن المناضلون المقتنعون بضرورة إرساء دولة ديمقراطية لأن الاستبداد لم يؤسس فقط على نظام الحزب الواحد وقوانين تنتهك الحريات، بل أيضًا على دستور نظّم الحكم الفردي لفائدة الرئيس بورقيبة في شكل نظام "جمهوري رئاسوي"، كما شرّعت له بعض التنظيرات القانونية التي تأقلمت مع دول الاستبداد".

وأضاف بن موسى لـ"إيلاف" أنّ المسوّدة الجديدة "لم تقطع مع الحكم الفردي بل فتحت الباب على مصراعيه لتكريس نظام استبدادي ديني من خلال عديد الفصول والإيحاءات".

ألغام ومخاطر

أشار عبدالستار بن موسى إلى وجود ألغام في التوطئة باعتبارما جاء فيها"تأسيسًا على ثوابت الإسلام ومقاصده المتسمة بالتفتح والاعتدال وعلى القيم الإنسانية السامية ومبادئ حقوق الإنسان الكونية بما ينسجم مع الخصوصيات الثقافية للشعب التونسي" وهنا تعطى الأولوية لثوابت الإسلام ومقاصده على القيم الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان في مفهومها الكوني وعلى مؤسسات الدولة المدنية حيث تخضع مصادر التشريع لمتطلبات إيديولوجية حركة النهضة، على حدّ تعبيره.

وأكد أنّ الفصل 136 وفيه "لا يمكن لأي تعديل دستوري أن ينال من الإسلام باعتباره دين الدولة" يقتصر على مفهوم حركة النهضة للإسلام و للشريعة الإسلامية وهو ما يمثل تراجعًا عن الفصل الأول من دستور 1959 الذي ينص صراحة على أنّ " تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها".

حياد دور العبادة

ورد بالفصل الخامس من مسودة الدستور التونسي أنّ "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد دور العبادة عن التوظيف الحزبي".

وتساءل بن موسى عن غياب التنصيص على حرية اختيار المعتقد، وعن " المقدسات" في "الدولة تحمي المقدسات"، في ظل غياب ما يوضح ذلك وهو ما يحيل إلى عديد المخاطر عن انتهاك لحرية المعتقد غدًا، كما أنّ ضمان الدولة لحياد دور العبادة عن التوظيف الحزبي يبقي الباب مفتوحًا على مصراعيه لمحاسبة الخصوم السياسيين اعتباراً إلى أنّ الدولة هي التي ترعى الدين.

التمييز ضد المرأة

وأوضح الحقوقي عبد الستار بن موسى أنّ الفصل 42 ضمن حماية حقوق المرأة وتدعيم مكاسبها وتكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في تحمّل مختلف المسؤوليات والقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة، ولكنه تناسى التنصيص على ضرورة ضمان عدم التمييز ضد المرأة وهو ما قد يخيف من احتمالات سنّ قوانين تنتهك حقوقها.

حق الإضراب و"الحاجة الماسّة"

جاء في مسودة الدستور أنّ الحق النقابي مضمون أما حق الإضراب فقد ورد مقيدًا بجملة من الشروط من ذلك، "استمرارية المرافق الضرورية لتلبية الحاجيات الماسة للمواطنين زمن الإضراب" وبالتالي فإن "الحاجة الماسة للمواطنين" قد تضيّق على حق الإضراب بينما هو مكسب تاريخي لا يمكن المساس به، حسب منتقدين.

كما حصرت المسودة مجال تدخل السلطة التشريعية في مواد محددة، وما عدا ذلك فقد أسند لرئيس الحكومة صاحب السلطة الترتيبية العامة. ويمكن للسلطة التشريعية سنّ قوانين تتعلق بـالمبادئ الأساسية للملكية والحقوق العينية والتعليم والبحث العلمي والثقافة والصحة العمومية والبيئة والتهيئة العمرانية والطاقة وقانون الشغل والضمان الاجتماعي.

وأشار بن موسى إلى أنّ المسودة الثالثة للدستور خصّصت بعض الفصول لسلطات محلية ليست لها موارد وصلاحيات واضحة وتخضع لمشيئة السلطة المركزية وخاصة لسلطة رئيس الحكومة.

دستور لا يضمن حقوقنا لا يمثلنا

سجّل الأستاذ في القانون الدستوري قيس سعيّد تراجعاً بين المشروع الأخير لمسودة الدستور والفصل الأول، مؤكدًا أنه "ما من مبرّر لهذا التراجع".

وشدد على ضرورة تضمين المبادئ المتعلقة بضمان الحقوق والمساواة، وأضاف قيس سعيّد في إفادة لـ"إيلاف" أنّ الدستور يجب أن يكون معبّرًا عن إرادة جميع أبناء الشعب التونسي مؤكدًا على أنّ الإشكال يتمثل في وجود التشريعات والقوانين ولكنها تبقى في تونس دون تنفيذ لأنها لا تعبّر عن إرادة الجميع.

وقال سعيد إنّ الدستور يجب أن ينطلق من الشعب وإلا كانت القطيعة، فالمطلوب هو تنظيم انتخابات على المستوى المحلي من خلال لجان محلية تمكّن المواطن من مساءلة النائب مباشرة.

ورفعت المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وفيدرالية الجمعيات التونسية العاملة في مجال الإعاقة شعار "دستور لا يضمن حقوقنا ..لا يمثلنا".

وذلك احتجاجًا على ما جاء في الفصل 44 من مسودة الدستور "التي لا ترتقي لمستوى تطلعاتهم ولا تتلاءم مع المطالب التي تقدموا بها خلال الحوار الوطني حول الدستور".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
دستور إسلاموي مشبوه
الأمازيغية -

هذا الدستور الإسلاموي المشبوه يتجاهل الهوية الأمازيغية لتونس والشعب التونسي ولا يعترف باللغة الأمازيغية كما أنه لا يضمن علمانية الدولة وحيادها الديني ويجعلها دولة إسلامية تخدم الإسلام السني وتميز بين المسلمين وغير المسلمين هذا الدستور المشبوه لا يضمن حرية اختيار المعتقد والدين