الغموض لا يزال يلفّ أحداث جبل الشعانبي في تونس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فيما تواصل الأجهزة الأمنية التونسية تعقب ارهابيين تحصنوا بمنطقة جبلية وعرة، أنعشت الأحداث نظريات المؤامرة، وعززت سيل الاتهامات الموجهة إلى الاسلاميين الحاكمين، ومنها تساهلهم مع السلفيين المتشددين حتى بلوغ مرحلة سفك الدماء والاقتتال.
محمد بن رجب من تونس: يتواصل البحث من طرف القوات العسكرية والأمنية التونسية على العناصر الإرهابية المتمركزة بجبال الشعانبي وعلى مساحة تقارب المائة كيلومتر مربع من الغابات بالقرب من الحدود الجزائرية، منذ بداية الشهر الجاري.
وكانت مجموعة من الإرهابيين احتمت بمخابئ وسط الأشجار الكثيفة في جبل الشعانبي الذي يضمّ أطول قمة في تونس، ويقع على الحدود مع الجزائر.
وقد يكون تواجد هؤلاء الإرهابيين هناك، مقدمة للانطلاق في تنفيذ عمليات إرهابية داخل التراب التونسي أو للمرور إلى الجزائر أو ربما ليبيا أو مالي، بحسب توقعات خبراء أمنيين.
وتجري عملية التمشيط لكشف مخابئ الإرهابيين وسط تجاذبات سياسية بين شقّ يتهم الحكومة ويعزو تنامي وجود السلاح والتحركات الإرهابية إلى ضعفها في التعاطي مع هذه الظاهرة، وآخر يتهم أطرافًا عربية وغربية بالوقوف وراء أحداث جبل الشعانبي التي خلفت اعتقالات وخسائر في صفوف أعوان الأمن.
مكافحة الارهاب
أكد رئيس الحكومة علي العريض الحرص الشديد على "إيقاف نزيف العنف والإنفلات الأمني الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الثورة بالتوازي مع استنفار كل القوى لمحاربة ظاهرة التهريب والجريمة المنظمة ودحر خطر الإرهاب عن حدودنا واجتثاثه من أراضينا".
كما حضّ على ضرورة 'إفشال كل المخططات سواء من الداخل أو الخارج والتي من شأنها إحداث البلبلة أو إشاعة الفوضى".
أوضح رئيس الحكومة متحدثًا عن الأحداث الإرهابية بجبل الشعانبي خلال جلسة حوار في المجلس الوطني التأسيسي أنه " تم إيقاف جزء من العناصر المتورطة في وقت يتحصّن فيه آخرون بالفرار في محيط المنطقة" مؤكدًا على أنّ "العناصر التي نجحت في الإفلات من الأمن والجيش هي ذاتها التي كانت محل ملاحقة وتفتيش في بعض المدن التونسية".
وأضاف العريض أنّ العناصر الإرهابية استفادت من مناخ الديمقراطية والحرية الذي تعيشه البلاد إلى جانب الوضع العام للدولة المتسم بالضعف الذي فرضته الثورة.
السياق الإقليمي
اتّهم المكتب الإعلامي لحزب التحرير الاسلامي في بيان اطلعت عليه "إيلاف"، من أسماهم "جهات أجنبية عربية وغربية" بالوقوف وراء أحداث جبل الشعانبي.
وأضاف البيان: "جاء تصريح وزير داخلية تونس ليقدّم دليلاً إضافيًا على السياق الإقليمي لأحداث الشعانبي إذ قال (إن الجزائر قد اطمأنت إلى أن ثورة تونس لن تصلها)، والقصد أن الجزائر تتوجس من تجربة تونس، وكاره الثورة هنا وهناك هي فرنسا طبعًا. وهذا الكلام يدلّ على أنّ الداخلية عالمة بالأمر وتتداوله ولكنّها لا تُفصح عنه بدليل الالتفاف السّريع على هذا التصريح من أعلى هرم السلطة والحزب الحاكم".
عمل مخابراتي
يمضي بيان حزب التحرير قائلاً:" في الشارع وفي أبناء الصحوة الإسلامية درجة عالية من الفطنة، وهي كلّها غير معنية بما يحدث في الشعانبي وغيره إلا من جهة كشف المؤامرة على الناس وعلى أفراد الجيش والأمن المغرر بهم".
رفض التدخل الخارجي
أشار رئيس المكتب السياسي لـ"جبهة الإصلاح"، صلاح الدين البوعزيزي إلى "الغموض الذي يلفّ أحداث الشعانبي خاصة بعد التصريحات الأخيرة للناطقين الرسميين لوزارتي الداخلية والدفاع".
طالب البوعزيزي في تصريح لـ"إيلاف" المسؤولين بتوضيح ما يحدث للرأي العام التونسي فنقص التجهيزات لكشف الألغام يبدو أمرًا "غامضاً ومثيرًا للاستغراب ويطرح عديد الأسئلة"، مشيرًا إلى تدخل أطراف خارجية في هذه الأحداث.
براءة القاعدة
استبعد البوعزيزي أن يكون "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" وراء عملية أحداث الشعانبي "لأنه لم يصدر أي بيان يتبنى فيه العملية".
وشدد رئيس المكتب السياسي لحزب الإصلاح على أنّ الإرهاب لا يقتصر على "المتحصنين بجبل الشعانبي"، بل يتعداهم إلى المهربين والمحتكرين وقاطعي الطرق ومثيري الهرج والفوضى بالإعتصامات، وطالب السلطة باعتماد منهج الحوار والاستماع، موضحًا أنّ اعتماد الحلّ الأمني في التعامل مع الشباب المتشدد قد ينقلب إلى الضدّ ومواجهة القوة بالقوة، مؤكدًا رفض جبهة الإصلاح للعنف والتكفير، ورفض تدخل القوى الأجنبية في الشؤون الداخلية لتونس.
مخططات دموية
أوضح زعيم للشيعة في تونس الشيخ مبارك بعداش في تصريح لـ"إيلاف" أنّ "هؤلاء الإرهابيين سيدخلون تونس في بحر من الدماء "، مؤكداً أنه "لن يقتصر الأمر على محافظة القصرين بل سيتعداها إلى كل الجهات لأن أنصارهم موجودون فيها من أجل تنفيذ مخططات دموية"، على حدّ تعبيره.
إلى ذلك، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية العميد مختار بن نصر أنه تم القبض على 37 شخصاً متورطاً في أحداث الشعانبي، كما تم اكتشاف 16 مخبأ فيها أفرشة ورسائل وكتب تشرح استعمال المتفجرات.
وأشار إلى وجود تنسيق بين تونس والجزائر على مستوى عملية تمشيط المناطق الحدودية، وكذلك على مستوى تقديم المعلومات والمعطيات المستجدة حول أحداث جبل الشعانبي.