أخبار

المواجهة بين التيار السلفي المتشدد والحكومة التونسية باتت وشيكة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

منعت وزارة الداخليّة التونسية رسميا عقد مؤتمر جماعة أنصار الشريعة السلفية المتشددة، لكن الاخيرة أبت إلا عقد مؤتمرها في القيروان بمشاركة الآلاف في تحدّ واضح للسلطات، وهو الامر الذي ينبئ بحسب محللين بحرب وشيكة.

مجدي الورفلي من تونس: يحبس التونسيون أنفاسهم ترقبا لمواجهة محتملة الأحد المقبل بين التيار السلفي المتشدد والحكومة الموقتة، إذ قررت وزارة الداخلية مساء الجمعة منع مؤتمر جماعة "انصار الشريعة" السلفية المتطرفة الموالية لتنظيم القاعدة، والذي اعلنت الجماعة عقده الاحد في مدينة القيروان التاريخية وسط البلاد.

قرار المنع

قالت وزارة الداخلية التونسية في بيان "تقرر منع انعقاد هذا الملتقى وذلك لما يمثله من خرق للقوانين وتهديد للسلامة والنظام العام".

وأوضحت ان قرار المنع جاء "اثر اعلان ما يسمى بأنصار الشريعة عقد تجمع في الساحات العامة في مدينة القيروان، على خلاف القوانين المنظمة للتجمعات ولقانون الطوارئ، وفي تحدٍّ صارخ لمؤسسات الدولة وتحريض ضدها وتهديد للأمن العام".

تحدّ للسلطات

والاربعاء اعلن سيف الدين الرايس الناطق الرسمي باسم "انصار الشريعة" ان الجماعة ستعقد مؤتمرها السنوي في القيروان وانها لن تطلب ترخيصا من وزارة الداخلية، وذلك في تحد للسلطات.

وحمل الرايس الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية الحاكمة مسؤولية "أي قطرة دم قد تراق" الأحد في القيروان.

وحذرت وزارة الداخلية في بيانها من أن "كل من يتعمّد التطاول على الدولة وأجهزتها أو يسعى إلى بث الفوضى وزعزعة الاستقرار أو يعمد إلى التحريض على العنف والكراهية سيتحمل مسؤوليته كاملة".

ونبهت الى ان "أي محاولة للاعتداء على الأمنيين أو مقراتهم ستواجه بالشدة اللازمة وفي إطار القانون".

وذكرت بانها "ملتزمة بحماية حق التظاهر السلمي وحرية التعبير وممارسة الشعائر والدعوة (الدينية) بشكل سلمي لكل المواطنين وفق القوانين الجاري بها العمل".

وطمأنت "جميع المواطنين الى أقصى جاهزية قواتها الأمنية بالتعاون مع قواتنا المسلحة، لحفظ سلامتهم وممتلكاتهم والتصدي لكل مظاهر الفوضى وبث الفتنة في البلاد".

وحذرت السفارة الاميركية في تونس الجمعة الرعايا الاميركيين من التوجه الى القيروان نهاية هذا الاسبوع لاحتمال اندلاع مواجهات بين السلفيين وقوات الامن.

وكان رئيس حزب النهضة الاسلامي الحاكم راشد الغنوشي اكد هذا الاسبوع ان الحكومة ستمنع مؤتمر أنصار الشريعة الذين تحدوا السلطات وقالوا انهم يتوقعون حضور 40 ألف شخص مؤتمرهم السنوي الثالث الاحد في القيروان (وسط) التي اسسها الصحابي عقبة بن نافع قبل نحو 14 قرنا.

أبو عياض

قائد انصار الشريعة في تونس، سيف الله بن حسين المكنى بابي عياض وهو من الافغان العرب وقاتل الى جانب القاعدة، هدد الاسبوع الماضي بإعلان "الحرب" على الحكومة متهما النهضة باتباع سياسة منافية للاسلام.

وابو عياض كان اودع السجن في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ثم افرج عنه بموجب عفو عام صدر بعد ثورة 2011 التي أطاحت ببن علي.

وهو بحالة فرار منذ خريف 2012 وتشتبه السلطات بانه منظم الهجوم الدامي على السفارة الاميركية في تونس في 14 ايلول/سبتمبر الماضي الذي اوقع اربعة قتلى بين المتظاهرين المهاجمين.

حوادث جبل الشعانبي

الصراع بين الحكومة والمجموعات السلفية المتطرفة التي كان يجري التسامح معها حتى الان، تصاعد بعد ان اعلنت السلطات وجود مقاتلين من عناصر القاعدة في تونس.

وتطارد قوات الجيش والامن التونسي منذ نهاية نيسان/ابريل مجموعات مسلحة متحصنة في مرتفعات غرب البلاد القريبة من الحدود مع الجزائر. واصيب في هذه العمليات 16 عسكريا ودركيا بسبب انفجار ألغام زرعت في طريقهم بجبل الشعانبي في ولاية القصرين.

ونفى المتحدث باسم انصار الشريعة الخميس اي علاقة لمجموعته بالقاعدة التي يتحصن عناصرها بجبل الشعانبي.

وكانت مجموعات سلفية متشددة وراء العديد من احداث العنف بحسب السلطات في حين تتهم المعارضة حزب النهضة الاسلامي بالتراخي في مواجهة هذه المجموعات المتطرفة من الاسلام السني.

معركة الارهاب لم تتوقف

في هذا السياق، قال المحلّل السياسي الجمعي القاسمي لـ"ايلاف" " بدأت القطيعة ترسّخ بين الجانبين بالنّظر الى تداعيات ما يجري في حدود البلاد الغربيّة (التفجيرات في جبال الشعانبي) واستحقاقات تلك العمليّة على المستوى الإقليمي والدولي باعتبار أن معركة الإرهاب لم تتوقّف بعد من منظور غربي".

ويرى أن متطلّبات الدّولة دفعت حركة النهضة الإسلاميّة لتغيير موقفها الذي كان يتضمّن سابقا عبارات التساهل، إن لم يكن"تواطؤا" كما ذهب البعض إلى ذلك، على حد تعبيره.

يتابع: "من الناحية السياسيّة بدأت هذه القطيعة تبرز من خلال الأولويّات المحدّدة للطرفين، حركة النهضة مازالت تصرّ على أن تونس أرض جهاد التنمية وبناء الدولة فيما تنظيم أنصار الشريعة لا يخفي ارتباطه بفكر تنظيم القاعدة وعليه يرى التنظيم الجهادي بأن مفهوم الجهاد يمكن أن يطبّق في تونس رغم نفي قيادات لهذا الأمر".

ويستخلص القاسمي أنه من الناحيتين الفكريّة والسياسيّة برزت قطيعة تدفع نحو الفراق أكثر فأكثر،ما دفع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى توجيه خطاب واضح من زاوية التمسّك باحترام القانون والالتزام به، في حين تنظيم أنصار الشريعة لا يزال يتمسّك بمبادئه الفكريّة التي ترفض القوانين الوضعية والدولة بمجملها.

حرب تصريحات

يؤكّد المحلّل السياسي القاسمي أنّ التحدّي واضح سواء على مستوى التصريحات من الجانبين أو التحرّك الميداني.

يقول: "في اعتقادي المؤتمر الصحافي لأنصار الشريعة الذي كذّب فيه المتحدّث الرسمي للتنظيم تقدّمهم بطلب ترخيص، هو شكل من أشكال التحدّي ليس فقط لحركة النهضة بقدر ما هو تحدّ للدولة واستعجال للمواجهة التي لا يرغب أحد في حصولها لخطورتها".

أضاف: "في ما يخص حركة النهضة يبدو أنها انساقت وراء هذا التحدّي من خلال تصريحات بعض قياداتها، ويبدو أن الجانبين دخلا في مرحلة تثبيت المواقف نظرا للاستحقاقات المقبلة، فحركة النهضة بحاجة إلى إبعاد هذا الشق عن مخزونها الانتخابي فيما يريد أنصار الشريعة أن يتصدّوا لنفوذ حركة النهضة عبر استقطاب قواعدها الإنتخابية".

ويتوقّع القاسمي من خلال إفادته أن الحكماء سيتحرّكون خلال اليومين المقبلين لإيجاد صيغة تفاهم تحول دون صدام منتظر، على أرض القيروان.

وتواجه تونس منذ ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011 تنامي مجموعات سلفية متطرفة وسط اتهام المعارضة لحركة النّهضة الإسلاميّة، التي تقود الحكومة، بالتراخي الذي بلغ حدّ التواطؤ في مواجهة هذا التيار المتشدّد.

حرب بين السلفيّين والأمن

في سياق متّصل اندلعت مواجهات عنيفة، خلال نهاية الأسبوع الماضي، في مناطق متفرّقة من البلاد بين السلفيّين وقوّات الامن بعد منع نصب خيمات دعويّة دون ترخيص، إضافة إلى استغلال المتشدّدين دينيّا لهذه الخيمات للتّحريض على محاربة "الطاغوت ورجاله" في إشارة إلى رجال الأمن والجيش.

وردّا على هذا المنع الذي بلغ حد المواجهة، أكّد زعيم أنصار الشريعة، في بيان وُصف بأنه أخطر تحدّ للمؤسسة الأمنية وتهديد مباشر لها، أن "رجال الأمن يستعجلون المعركة وأن الشباب السلفي لن يتوانى عن التضحية بنفسه في سبيل دينه".

وقال ابو عياض في بيان على موقع انصار الشريعة "الى اولئك الطواغيت المتسربلين بسربال الاسلام والإسلام منكم براء اعلموا انكم ترتكبون من الحماقات ما يجعلكم تستعجلون المعركة".

وأضاف "شبابنا الذي اظهر من البطولات في الذود عن الاسلام في افغانستان والشيشان والعراق والصومال والشام لن يتوانى عن التضحية من اجل دينه في ارض القيروان.. والله تلك البلاد ليست اعز على شبابنا من بلادنا".

في هذا السياق يقول المحلّل السياسي الجمعي القاسمي: "المسألة خطيرة جدّا تنبئ بمواجهة ولكن في اعتقادي أن الطرفين، بمعنى وزارة الداخليّة ومعها المؤسّسة العسكريّة من جهة والتيّار السلفي من ناحية، لم يحسما الأمر للتحوّل إلى المواجهة المباشرة لأن الوعي الوطني لا يزال سائدا إلى حدّ اللحظة، فالمواجهة ستجرّ البلاد إلى حرب".

ويرى القاسمي أن تنظيم أنصار الشريعة ما زال يتحسّس الخطى نحو هذه المواجهة لأنه يعرف عدم استعداده لخوضها رغم انتشار السلاح وتزايد عدد أنصاره.

يتابع: "بيان ابو عياض يتنزّل في إطار تحصين المواقع وتثبيت كلّ طرف نفسه كفاعل قويّ في المشهد السياسي التونسي ويبدو أن تداعيات أحداث جبال الشعانبي كان لها كبير الأثر على الحركة السلفيّة المتشدّدة وتحديدا أنصار الشريعة ورأوا أن شعبيتهم وتأثيرهم في الشارع تراجع، فردّوا الفعل عبر رسالة أبو عياض العنيفة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
معلومة
ناصح -

هؤلاء السلفيين وُجِـدوا أصلاً في مجتمعاتنا لنـشر الفوضـى ، بينما في الغرب يحـاول السلفيون أن يظهروا إنهم طبيعيين في سلوكهم ، ذلك ريثما تحـن فرصة أو ثغرة أو إنتظاراً لحدوث خلل أو فوضى في تلك البلدان ليظهروا على حقيقتهم العدوانية والفوضوية . قوانين الغرب لن تسمح بإظهار السلاح خارج حدود باب بيتك ، فأذا إشتكى شخص من رؤية سلاح بيد شخص ـ مع أبسط دليل ـ غير شخص الدولة ، سترى ان القانون سيجعل المتهم ـ مهما يكن متجبراً ـ يندم على اليوم الذي وُلِدَ فيه هو .. وأبوه ألذي خلفه أيضاً.