البرلمان فشل في إقرار قانون يحظر العنف بعد رفضه من متشددين
مهادنة حكومة كرزاي لطالبان تقصم ظهر حقوق المرأة الأفغانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مع فشل البرلمان الأفغاني في إقرار قانون يحظر العنف ضد المرأة، فإن الحديث عن "صفقة مهادنة" بين حكم الرئيس حامد كرزاي وحركة "طالبان" المتشددة يثير السؤال عن حقوق النساء في هذا البلد الآسيوي المسلم غير المستقر منذ أكثر من ثلاثة عقود.
عمّان: بعد نقاش لم يمتد لأكثر من 15 دقيقة يوم السبت الماضي، أعلن رئيس البرلمان الأفغاني تعليق الجلسة بعد أن طالب النواب التقليديون بإلغاء قانون يحظر العنف ضد المرأة.
وخلال المناقشات، اتهم رجال دين ونواب الرئيس كرزاي بالعمل ضد قوانين الشريعة الإسلامية بتوقيعه على مرسوم القانون. وهؤلاء أصروا على ضرورة تعديل القانون بشكل يمنع ملاحقة الرجال قانونيًا على تهم الاغتصاب بين الأزواج.
وكانت المرأة الأفغانية استعادت حقها في التعليم والعمل منذ الإطاحة بطالبان قبل 12 عامًا، لكنّ هناك مخاوف من انحسار الحريات التي حظت بها مع رحيل القوات التي يقودها حلف الناتو في نهاية 2014.
ويشار إلى أن مرسوماً كان صدر العام 2009، وضع قانونًا يمنع العنف ضد المرأة وزواج الاطفال والإجبار على الزواج، من دون أن يقره مجلس النواب، وقد سجن المئات بموجب هذا القانون الذي أصدره كرزاي.
إضعاف حماية المرأة
وتقول عدد من الناشطات في مجال حقوق المرأة إن طرح القانون على البرلمان يضعه في خطر فقدان المكاسب التي حققها، اذ بإمكان المتشددين تعديله بهدف اضعاف حماية المرأة أو حتى شطبه برمّته.
وكما أن قرار طرح القانون لنيل موافقة مجلس النواب يُواجه بانقسام حاد في أوساط الناشطات النسويات أنفسهن. ويرى بعضهن أن طرح القانون للنقاش بالبرلمان سيمهد الطريق أمام المحافظين لتعديله وإضعاف مكتسبات حماية المرأة فيه أو حتى الغائه نهائيًا.
وكانت فرخانده زهرة نادري، أحد أعضاء البرلمان البارزين المعارضين للقانون، قالت لـ (بي بي سي) بعد مناقشات السبت في البرلمان "إن ما حدث أثبت أن مخاوفي كانت صحيحة".
ومن جهتها، تطالب عضو البرلمان فوزية كوفي، التي نجت من كمين شنّه عناصر من حركة طالبان قبل عامين، بتكريس القانون بموافقة برلمانية، لتخوفها من إضعافه مع سعي الحكومة الأفغانية إلى مهادنة طالبان.
ورأت كوفي أنّ "ثمة نقصًا في الضمانات التي ستكفل إلتزام أي رئيس أفغاني بحقوق المرأة، وتحديدًا الإلتزام بهذا المرسوم". وتقول كوفي وناشطون آخرون إن القانون مشابه للقوانين المماثلة في العديد من الدول الإسلامية الأخرى.
وعلى هذا الصعيد، تقول ثريا سوبجانغ من اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان: "لا تعبثوا بالقانون الحالي لأنه إنجاز. إنه قيمة في حقوق الانسان، وهو يخص شعب افغانستان".
انتقادات لكرزاي
وخلال فتراته الرئاسية تعرض الرئيس كرزاي لانتقادات من الجماعات النسوية لتبديله موقفه باستمرار في قضايا حقوق المرأة. أذ أقر كرزاي عام 2012 "مدونة لقواعد السلوك"، أصدرها مجلس رجال دين مؤثر،تسمح للأزواج بضرب زوجاتهم في ظروف معينة.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز حقوق النساء والفتيات في أفغانستان، إلا أن زواج الأطفال ما زال شائعًا، ويتواصل ظهور العديد من القصص عن إساءة المعاملة في هذا المجال. يذكر أن معظم الأفغان يعيشون في مناطق ريفية، حيث تسود النزاعات والمواقف المحافظة، وتتسبب في الغالب في إبقاء النساء والفتيات داخل المنازل.
ويرى مراقبون أن تغيير مواقف سكان القرى من حقوق المرأة سيتطلب وقتاً طويلاً. ويثير الموضوع مشاعر قوية في البلاد، فيما تشكل المناقشة سيفاً ذا حدين، إما سيهدد بخسارة المكتسبات، أو سيجعله غير قابل للالغاء في حال تم اقراره.
طالبان والنساء
يشار إلى أن حركة طالبان المتشددة كانت حازت وهي في السلطة في أفغانستان على سمعة دولية سيئة لمعاملتها للنساء. وكان هدفها المعلن كما تزعم "خلق بيئة آمنة للحفاظ على كرامة وطهارة النساء".
وفي عهد الحركة تم إرغام النساء على ارتداء البرقع (أو النقاب) لأنه ووفقًا لما ذكره متحدث باسم طالبان: "وجه المرأة مصدر للفساد" للرجال الذين لايرتبطون بهن، كما لم يكن مسموحًا لهنّ بالعمل ولم يكن مسموحًا لهنّ بالتعلم بعد سن الثامنة ولم يكن مسموحًا لهنّ بالتعلم سوى قراءة القرآن.
وكان يتعين على النساء اللواتي كنّ يسعين الى تلقي التعليم، الدراسة في مدارس غير علنية خفية عن أعين طالبان، وهنّ جازفن ومعلماتهن بالحكم بالإعدام إذا تم كشفهن من قبل طالبان.
ولم يكن مسموحًا للنساء أن تتم معالجتهن من قبل أطباء ذكور، ما لم يكن لديهن مرافق - محرم ذكر، ما تسبب في عدم تلقي الكثيرات العلاج. كما واجهن الجلد بالسياط علنًا والإعدام العلني في حالة مخالفة قوانين طالبان.
كما سمحت طالبان بل وشجعت زواج الفتيات القاصرات تحت سن 16 سنة، وتذكر منظمة العفو الدولية أن 80 في المئة من الزيجات في أفغانستان كانت تتم قصرًا.
قيود مشددة
ولم تكن طالبان تسمح للنساء من سن الثامنة أن يقمن بأي اتصال مباشر مع الرجال، باستثناء أقرب الأقارب أو الزوج (محرم)، كما فرضت قيودًا أخرى تمثلت في:
- لا ينبغي على النساء السير في الشوارع من دون وضع البرقع أو النقاب.
- يمنع على النساء ارتداء أحذية ذات كعب عالٍ، كما يمنع سماع الرجال خطواتهن "خشية الفتنة".
- يمنع على النساء التحدث بصوت عالٍ في العلن، حيث لاينبغي أن يسمع رجل غريب صوتها.
- كل نوافذ الطوابق الأرضية والطابق الأولي في المنازل لابد أن يتم طلاؤها أو سترها منعاً لرؤية أي امرأة من خلالها، كما تم منع ظهور النساء من شرفات منازلهن.
- تصوير النساء فوتوغرافيًا أو سينمائيًا كان ممنوعًا، كما منع عرض صور للنساء في الصحف أو المجلات أو الكتب أو المنازل.
- تعديل أي اسم من أسماء الأماكن التي تتضمن أسماء لنساء، على سبيل المثال تم تغيير مسمى "حديقة النساء" إلى "حديقة الربيع".
- منع ظهور أو حضور المرأة في الإذاعة والتلفزيون أو أي تجمع آخر.
عقوبات وإعدامات علنية
وكانت حركة طالبان تنفي العقوبات ضد النساء في العلن، وبالأخص في الملاعب الرياضية أو الساحات والميادين. وحسب بعض المراقبين كانت المرأة التي تخرق القوانين تعامل وتعاقب بقسوة.
وعلى سبيل المثال في هذه العقوبات الآتي:
- في أكتوبر 1996 تم قطع أصبع امرأة لأنها كانت تضع طلاء الأظافر.
- في ديسمبر 1996 أعلنت إذاعة الشريعة أن 225 من نساء كابول قد عوقبن لخرقهن قوانين الشريعة بشأن الملبس، وذلك بقرارات من قبل المحكمة، وتم جلد النساء على ظهورهن وأرجلهن عقابًا على جنحتهن.
- في مايو 1997 خمس عاملات ضمن منظمة كير الدولية وبتفويض من وزارة الداخلية لإجراء أبحاث لبرنامج بشأن "الغذاء في حالات الطوارئ" أرغمن على الخروج من سيارتهن من قبل أفراد في الشرطة الدينية، حيث قام أفرادها بمضايقة وإهانة النساء قبل ضربهن بقضبان معدنية وأسواط من الِجلد يزيد طولها عن 1.5 متر.
- في 1999 أعدمت أم لسبعة أمام 30.000 شخص في ملعب غازي الرياضي في كابول، لما زعم عن قتلها لزوجها الذي كان يسيء معاملتها. سجنت المرأة لثلاث سنوات، ورفضت الدفع ببراءتها، فيما يعتقد أنها محاولة منها لنفي التهمة عن ابنتها (ذكرت تقارير أنها الفاعلة)rlm;.
- في احدى غاراتها، اكتشفت قوات تابعة لطالبان امرأة تقوم بإدارة مدرسة لتعليم الفتيات في شقتها، فتم ضرب الأطفال والقاء المرأة عبر أدراج السلم لتكسر ساقها ثم تم سجنها. كما تم تهديدها برجم أفراد أسرتها بالحجارة في حال رفضت التوقيع على اعلان الولاء لحركة طالبان وقوانينها.
وفي الأخير، يشار إلى أن العقوبات المتعلقة بالنساء لم تكن تطالهن وحدهن فقط، بل قد تطال أفرادًا من أسرهن أو المرافقين لهن، على سبيل المثال: في حال استقلت امرأة سيارة أجرة برفقة (محرم) ولم تكن تغطي وجهها بالكامل فإنها تعاقب ومرافقها ويتم سجن السائق. وإذا قبض على امرأة وهي تقوم بغسل الملابس في النهر، يتم اقتيادها لمنزلها من قبل السلطات الإسلامية حيث تتم معاقبة الزوج/المحرم بشدة.
كما أن الخياطين الذين يلقى القبض عليهم بتهمة القيام بقياس النساء يعاقبون بالسجن المؤبد.