أخبار

إخوان الجزائر يحاولون ترميم تجربة المشاركة في السلطة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يواجه الرئيس الجديد لحركة مجتمع السلم الجزائرية الاخوانية، عبد الرزاق مقري، تركة ثقيلة خلفها ابو جرة سلطاني. فسنوات المشاركة في السلطة جعلت الغضب يتفاقم ضدّ الحركة، وهو ما يتطلّب اجراءات كثيرة لإعادتها الى الواجهة السياسية.

ياسين بودهان من الجزائر: تشهد حركة مجتمع السلم الجزائرية ( حزب اسلامي محسوب على تيار الاخوان المسلمين)، انتقالاً نوعيًا بعد مؤتمرها الخامس، الذي انتخب فيه الدكتور عبد الرزاق مقري رئيسًا للحركة خلفًا لأبو جرة سلطاني الذي قرر عدم الترشح لولاية جديدة.

ويُعرف الرئيس الجديد للحركة بكونه من اشد المعارضين لخيار مشاركة الحركة في الحكومة، وانتخابه وصف على أنه "انتصار" لتيار الممانعة داخل الحزب.

لكن حسب بعض المتابعين، فإنّ الموقع الجديد لعبد الرزاق مقري يفرض عليه مراجعة العديد من خياراته ومواقفه السابقة.

المشاركة في الحكم خسارة

في تصريحات صحافية عشية انتخابه رئيسًا للحركة، اعترف الدكتور مقري بأن حزبه "خسر اشياء كثيرة بسبب مشاركته في السلطة".

أوضح مقري أنّ تلك المشاركة كانت "السبب المباشر في الكثير من الخلافات والانشقاق التي عرفها الحزب بعد وفاة المؤسس محفوظ نحناح".

أضاف: "اهتمام الحركة بالعمل السياسي على حساب العمل الدعوي الذي تراجع بشكل كبير أدى الى حدوث ضمور في الجانب الفكري".

ويؤكد بالمقابل أنّ لديه مشاريع كثيرة "تهدف الى انقاذ المشروع الاسلامي من الانهيار"، على حدّ تعبيره.

مكاسب استراتيجية

من جهة أخرى، ذكر الرئيس الجديد لإخوان الجزائر، أن "الحركة حققت مكاسب استراتيجية كبيرة من خلال المشاركة، أبرزها المحافظة على الوطن من التمزق والتشرذم"، مبرزًا أن هذا الموقف كان له دور أساسي في تجميع قوى جزائرية كبيرة جداً لرفض العنف، ورفض التغيير عن طريقه وعدم الانسياق وراءه، و من بين الأهداف حسب مقري "المحافظة على صورة الاسلام المعتدل".

ذكر في سياق آخر أن الحركة كانت مستهدفة من قبل التيار العلماني، مشيرًا الى أن مشاركتها ضمن الحكومة في تسعينيات القرن الماضي، ضمنت استمرارها في الوقت الذي كان فيه التيار العلماني يهدف الى ضرب الحركة الاسلامية بكل اطيافها المعتدلة وغير المعتدلة، وذلك عقب ضرب الجبهة الاسلامية للإنقاذ.

سيناريوهات ووظائف

حدد مقري اربعة سيناريوهات ووظائف أساسية ضمن ما اطلق عليه "محاور التجديد" التي ينبغي أن تكون في المرحلة المقبلة، وهي الوظيفة "العلمية الفكرية، والوظيفة الدعوية، والوظيفة المجتمعية، والوظيفة السياسية".

وحسب رأيه، لا يمكن لأي مشروع اسلامي أن تقوم له قائمة اذا كان منهارًا في احدى هذه الوظائف الأساسية غير القابلة للتجزئة.

خطوات لدمقرطة الحركة

عن رؤيته لمستقبل حركة مجتمع السلم، في ظل القيادة الجديدة، يعتقد الدكتور عبد الله هوادف الأستاذ في جامعة مسيلة، والمتابع لشؤون الحركات الاسلامية أن حركة مجتمع السلم "خطت خطوة كبيرة على طريق تعزيز موقعها كأحد أكثر الأحزاب الجزائرية ديمقراطية".

وقال هوادف في تصريحات لـ"إيلاف": الامر ترسّخ باختيار رئيسها السابق أبو جرة سلطاني عدم الترشح لعهدة ثالثة في قيادة الحزب، بالإضافة إلى الجو الديمقراطي الذي خيّم على أشغال مؤتمر الحركة الخامس، والذي ميزه نقاش عميق حول الأوراق المقدمة، وخاصة ورقة السياسة العامة، المحددة لمبادئ الحركة وتوجهاتها المستقبلية، في ما بدا أنه رغبة قوية من قبل المؤتمرين للمشاركة في رسم خارطة طريق واضحة المعالم للقيادة الجديدة، تجنبها حالة الارتباك الحاصلة في اختيارات الحركة منذ تحالفها مع حزبي السلطة قبل قرابة عشر سنوات".

وداعًا لتقاليد المشيخة

يشير هوادف الى أن الملاحظ أيضا في نتائج المؤتمر هو "خروج الحركة من تقاليد المشيخة"، على حدّ تعبيره.

يقول: للمرة الاولىيقود الحركة شخص من خارج (الدائرة الدينية)، وهو الوضع الذي كان من الممكن أن يترسخ في حال انتخاب عبد الرحمن سعيدي رئيسًا للحركة، أما مقري، ومع أنه من أبناء الحركة الاسلامية منذ عقود، إلا أن تكوينه العلمي وعلاقاته السياسية والفكرية في الداخل والخارج تجعل منه أقدر على ربط الحركة بمحيطها العام المحلي والاقليمي والدولي، والأكثر تأهيلاً لإنجاح سياسة الانفتاح التي أعلنتها الحركة منذ مؤتمرها الرابع".

تلاحم مع القواعد

يشير هوادف الى أن مسار قرارات الحركة مستقبلاً من المتوقع أن تكون اكثر انسجامًا مع ميول القاعدة النضالية للحزب.

وقال: "أعطى المؤتمر انطباعًا بأن مسار سياسات الحركة القادمة سيكون أكثر انسجامًا مع ميول القواعد النضالية، خاصة وأن قراءة أولية في أعضاء مجلس الشورى الجديد، تبين أن القيادة الجديدة ستواجه صعوبات أكبر في حال أرادت اقناع المجلس بغير الطروحات التي سادت في المؤتمر، ولا يبدو أن قرارات من نوع فك الارتباط مع أحزاب التحالف الرئاسي، مع البقاء في الحكومة ستتكرر في المستقبل".

أضاف:"في المقابل، ستكون الحركة بقيادتها الجديدة في مواجهة تحديات حاسمة خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ما يتعلق بتعاطيها مع الغليان الذي تشهده الساحة الاجتماعية في البلاد، وموقفها من مقاربة السلطة في الاصلاح السياسي، ومدى قدرتها على إعادة الاعتبار لصورة الحركة التي تضررت كثيراً بعد تجربة المشاركة في الحكومة خلال العقدين الماضيين، وأخيراً، الآفاق المستقبلية للتحالف مع الأحزاب الاسلامية الأخرى، والمصالحة مع التيارات الثلاثة المنشقة عن الحركة منذ المؤتمر الرابع للحزب".

فقدت ألقها

إلى ذلك، يرى الدكتور عبد الوهاب بن خليف استاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر بأن التنازلات التي قدمتها حركة مجتمع السلم خلال عقدين من الزمن أثرت على المشروع السياسي والأيديولوجي للحزب.

وأشار في تصريحات لـ"إيلاف" الى أن خيار المشاركة "تسبب في تراجع الحركة وفقدانها فئة عريضة من قواعدها الشعبية والنضالية، كما تقلص وعاؤها الانتخابي وتنكرت السلطة لخدماتها".

يضيف: "استمرار دعم قيادات الحزب لبرنامج الرئيس بوتفليقة أثار غضب القواعد الحزبية، التي اعتبرت ذلك بمثابة دعم مباشر للفساد السياسي والمالي الذي انتشرت رائحته في اغلب مؤسسات الدولة الجزائرية".

ويختم قائلاً: الخيار المعارض للسلطة يعيد الانسجام والتوافق بين القاعدة والقيادة، مما يعطيها مصداقية أكبر في الخطاب والممارسة، والذي افتقدته بدخولها الحكومة ومعارضتها للسلطة، خلال سنوات المشاركة، والذي طالما كان محل استنكار الانصار قبل المواطنين".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف