العنف مستمر وبعضهم يلمح إلى تواطؤ رجال الأمن
مواطنون وأمنيون عراقيون: التغييرات في القيادة الأمنية لا توقف التفجيرات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
شكك عراقيون، مواطنون وأمنيون، بجدوى التعديلات الأمنية التي أعلنها رئيس الحكومة نوري المالكي، وقالوا إنها لن توقف التفجيرات المتنقلة في طول البلاد وعرضها، والتي يتم بعضها بالتواطؤ مع بعض رجال الأمن.
بغداد: ينظر العراقيون، مدنيون وعسكريون، بعين الشك إلى قدرة التغييرات الامنية لقيادات العمليات العسكرية وقادة الفرق التي اعلنها رئيس الوزراء نوري المالكي في تحقيق نتائج أمنية ايجابية، تعزز الاستقرار الامني في العراق.
ويرى مواطنون عراقيون أن الازمة الامنية لا تتعلق بالمسؤولين الامنيين فقط، بل هي نتاج ازمة سياسية يتحمل مسؤوليتها من بيدهم القرار اولًا، ثم زعماء الكتل والأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية. وكان مسؤول حكومي مقرب من المالكي اعلن أن القائد العام للقوات المسلحة، وبعد التشاور مع المسؤولين الأمنيين، أصدر أوامره بتغييرات في قيادات العمليات وقادة الفرق.
يشعرون بالعار
بدأ أفراد الاجهزة الامنية من جيش وشرطة يشعرون بالخجل والعار أمام المواطنين، لعدم قدرتهم على لجم الارهاب، بحسب ضابط الشرطة احمد الوائلي من المحمودية، وهي مدينة تقع ضمن مناطق التوتر حيث تكثر التفجيرات في محيطها، لاسيما في مدينة اللطيفية المجاورة.
قال الوائلي: "للمرة الاولى، نشعر بالخجل من الناس، ونحن مدججون بالسلاح وأجهزة الاتصالات وأجهزة كشف المتفجرات ولا نفعل شيئًا". ويرى أن نقاشًا يدور بين افراد القوات الامنية والجميع يتفق على أن استخدام الكلاب البوليسية غير عملي، يتطلب خبرات فنية وكوادر متدربة، وفي حالة اللجو ء إلى تدريبها فإن ذلك يتطلب فترة طويلة من الوقت.
يتابع: "لكن، كم من الكلاب سوف يستورد العراق، وهذا اقتراح غير قابل للتنفيذ على نطاق واسع من الناحية العملية". وكان وكيل وزارة الداخلية الاقدم عدنان الاسدي قد كشف عن توجه وزارته إلى استحداث آلية جديدة للكشف عن المتفجرات بالاعتماد على الكلاب البوليسية. وبحسب تقرير للأمم المتحدة، قتل في نيسان الماضي نحو 712 شخصاً وأُصيب 1633 آخرون في تفجيرات واعمال عنف.
أمنيون يفكرون بالاستقالة
أعرب الشرطي كفاح حميد عن اسفه لما يحصل، مؤكدًا أنه حريص على ارواح المواطنين، لكن ما يحدث يفوق قدراتنا الفنية والادارية. واعترف حميد أنه يفكر في الكثير من الاحيان في الاستقالة من عمله كشرطي في نقطة تفتيش، لولا حاجته إلى المال.
وأضاف: "الناس بدأت تنظر إلينا بعين السخرية ونحن نفتشهم، لكن الاعمال الارهابية تحدث بالقرب منا، فرجل الأمن مثل المواطن العادي معرض للقتل في أي لحظة، وصار يتلقى الضربات بالتناوب". ويقول علي منشد، من شيوخ البو سلطان في بابل، إن الوقت متأخر لمعالجة الازمة عبر تغييرات في القيادات الأمنية وكان يجب أن يحدث هذا منذ سنوات.
استياء المواطنين
بالنسبة للمواطن العادي، فإن اليأس جعله مستاءً حتى من وسائل الاعلام، لأن التصريحات والشكاوى لا تجدي نفعًا، ولا احد يسمعها، كما تقول الناشطة لمياء الخزرجي. تضيف: "طوال عشر سنوات نشتكي عبر وسائل الاعلام، لكن ذلك مضيعة للوقت، ولو كان الأمر في دول أخرى لأدت شكاوى المواطنين وأعداد القتلى إلى اسقاط حكومات، لكننا في بلد يشترك فيه الجميع في صناعة الازمة، والبعض يغطي على اخطاء وفساد البعض الآخر".
وحول امكانية أن تحدث التغييرات في القيادات الامنية، تطورًا على طريق تحقيق الاستقرار الامني، يشير الصحافي علاء كامل إلى أن الأمر لا يعدو اجراءً مكشوفًا لامتصاص النقمة، "والمطلوب هو تغيير القيادات السياسية ايضًا، لاسيما اصحاب القرار".
لجنة الامن تحذر
حذرت لجنة الامن والدفاع النيابية الثلاثاء الماضي من تراخي بعض الاجهزة الامنية أمام الارهاب. وأرسلت اللجنة توصيات أمنية عالية المستوى إلى مكتب القائد العام للقوات المسلحة لسد الطريق أمام المجموعات الارهابية التي تحاول استهداف الحياة المدنية.
وقال اسكندر وتوت، نائب رئيس اللجنة، إن المطلوب اولًا هو تشكيل لجان أمنية رفيعة المستوى، تشرف على الخطط الامنية في بغداد والمحافظات التي ستتضمن سحب اجهزة كشف المتفجرات والاعتماد على الكلاب ونصب كاميرات مراقبة في الاماكن المزدحمة.
ورأى ضابط الشرطة المتقاعد عبد الكريم الحياني أن متابعته للتطورات الامنية تجعله يقول بكل تأكيد إن مسلسل التفجيرات ما كان له أن يستمر بصورة دورية لولا وجود تواطؤ من قبل الاجهزة الامنية مع الفاعلين، "فتمرير السيارات المفخخة والمتفجرات يتم بالتنسيق بين جماعات مسلحة وأفراد في الامن والشرطة، ولهم علاقات ومصالح مع احزاب وسياسيين".
لعبة
يعزو الحياني فيالوقت نفسهاستمرار مسلسل التفجيرات إلى المعايير الطائفية والمصالح الفئوية في اختيار كوادر الامن والشرطة لاسيما في بغداد. وبالرغم من أن الحياني لا يمتلك الدليل على ما يقول، لكنه يؤكد أن أي تحقيق نزيه ومستقل سيكشف اللعبة.
ولا يرى الحياني بصيص أمل في إيقاف العنف عبر استبدال قادة امنيين، لأن اللعبة أكبر منذ ذلك بكثير وتختلط فيها المصالح الفئوية بالفتنة الطائفية مع صراعات الاحزاب في ما بينها.
اما الباحث والأكاديمي في علوم السياسة احمد توفيق فيؤيد ذلك كله، لكنه يضيف نقطة اخرى، "فالمواطن لم يعد يقتنع بأن كل الذي يحدث هو من قبل منظمات متطرفة مرتبطة بالخارج، ويرى أن العكس هو الذي يحدث الآن، فأغلب التفجيرات هي من قبل اطراف اللعبة السياسية انفسهم". ويؤكد توفيق أن هذا هو رأي الشارع وليس رأيه الشخصي فقط.