حزب الله يخسر مقاتليه في سوريا وسمعته في العالم العربي
وزير الخارجية البحريني يدعو إلى إنقاذ لبنان من "براثن" نصرالله
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فقد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني ما تبقى له من شعبية في العالم العربي، فمن كان يُنظر إليه سابقًا على أنه بطل المقاومة والتحرير، تحوّل إلى بيدق توظفه طهران في الدفاع عن نظام الأسد المترنّح.
بيروت: دخل حزب الله اللبناني بقوة على خط النزاع السوري بطلب من داعمته ايران التي ترغب في الحفاظ على موقع حليفها الرئيس السوري بشار الاسد مهما كان الثمن، لكن هذه المشاركة بدأت تضر بسمعة الحزب في لبنان كما العالم العربي، بحسب ما يقول محللون.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في باريس زياد ماجد إن "مشاركة حزب الله في الحرب في سوريا نابعة من قرار ايراني بدعم النظام حتى النهاية بالاستناد الى لاعبين اقليميين، وفي مقدمهم حزب الله".
ويشارك نحو 1700 عنصر من الحزب في القتال الى جانب القوات النظامية السورية، وخصوصًا في اقتحام مدينة القصير الاستراتيجية (وسط) الذي بدأ الاحد الماضي.
ودفع الهجوم على هذه المدينة ذات الغالبية السنية الامين العام للحزب الشيعي حسن نصرالله الى تعديل خطابه، بعدما كان يشدد في الماضي على أن مشاركة عناصر من الحزب في المعارك داخل سوريا هدفها "الدفاع" عن قرى حدودية سورية يقطنها لبنانيون شيعة وعن مقام السيدة زينب قرب دمشق.
وقال نصرالله في خطاب السبت عبر شاشة عملاقة في احتفال لمناسبة الذكرى الـ 13 للانسحاب الاسرائيلي من لبنان، إن "سوريا هي ظهر المقاومة وهي سند المقاومة، والمقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الايدي ويكشف ظهرها أو يكسر سندها".
إيران طلبت التدخل في سوريا
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية غسان العزي إن "الايرانيين طلبوا من الحزب المشاركة (في المعارك داخل سوريا) بشكل نهائي وعلني لأن على هذه الحرب أن تقرر مستقبل التحالف بين ايران وسوريا، وربما (مستقبل) كل المنطقة".
الا أن اسبابًا اضافية تقف خلف المشاركة العسكرية للحزب في المعارك داخل سوريا، بعدما كان يشدد على أن ترسانته العسكرية الضخمة مخصصة حصرًا لـ "مقاومة" اسرائيل.
ويقول وضاح شرارة، استاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية ومؤلف كتاب "دولة حزب الله" إن "فقدان آل الاسد للحكم ستكون له انعكاسات قاتلة على حزب الله، ليس فقط لجهة تزويده بالسلاح وعبور العناصر والمال، لكن ايضًا على المستوى السياسي لأنه سيحرم من الدعم السوري الكامل".
فرصة لتعزيز السمعة!
ويرى ماجد أن احد منطلقات سلوك الحزب هو "رغبته في أن يظهر نفسه كلاعب اساسي في المنطقة وليس فقط في لبنان. يريد أن يقول إنه قادر على التدخل بطريقة حاسمة على مسارح العمليات في خارج البلد". ويعتبر شرارة أن الحزب "يستغل الفرصة لتعزيز سمعته القائمة على القوة، إن لم نقل على كونه لا يقهر".
وقال نصرالله السبت امام حشد من انصاره: "كما كنت أعدكم بالنصر دائمًا، أعدكم بالنصر مجددًا"، في استعادة لعبارة رددها مراراً خلال حرب تموز/يوليو 2006 مع اسرائيل، والتي يقول الحزب إنه "انتصر" فيها على الدولة العبرية.
وغداة الخطاب، سقط صاروخان على الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعد معقلاً اساسيًا للحزب، ما ادى الى اصابة اربعة اشخاص واضرار مادية، في هجوم لم تتبنَه أي جهة. ويبدي المحللون اعتقادهم بأن ارسال الحزب عناصره للقتال في سوريا الى جانب قوات نظام الرئيس الاسد المتحدر من الاقلية العلوية، يضر بصورة الحزب ويزيد من التوتر مع السنة في العالم العربي.
ويقول العزي: "فقد حزب الله الكثير من سمعته، ليس فقط في العالم العربي ولكن ايضًا في لبنان. انتهى الزمن الذي تظهر فيه استطلاعات الرأي أن نصرالله هو الزعيم الاكثر شعبية في العالم العربي لمقاومته ضد اسرائيل"، وذلك في اشارة الى المرحلة التالية لحرب 2006.
من جهته، يعتبر ماجد أنه "حتى العام 2011، كان حزب الله شديد الحرص على صورته في العالم العربي، الا أنه منذ أن ادرك أن النظام السوري يواجه خطر السقوط، بدأ بالعمل وفق ذهنية ايرانية صرف". ويوضح أن "ما يشغله حاليًا هو حصرًا صورته في اوساط مجتمعه والا يتضعضع في المدى القصير. لكن الناس لا تدرك حتى اليوم الخطر الذي يضع الحزب لبنان فيه عبر تصعيد التوترات بين السنة والشيعة".
وشكل الرد القاسي للرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري على خطاب نصرالله، جزءًا من هذه التوترات المتصاعدة.
وقال الحريري، وهو سني وابرز قادة المعارضة المناهضة لدمشق، متوجهاً لنصرالله "لا شك أنك ابدعت في التحريض المذهبي والطائفي كما لم تبدع من قبل. لكن يبقى أن نقول لك إن زمن المتاجرة بفلسطين والمقاومة، زمن المتاجرة بالوحدة الوطنية قد انتهى".
واضاف: "اللبنانيون كما الشعوب العربية والإسلامية في كل مكان باتت تدرك أن أكذوبة المتاجرة بالشعارات باتت مكشوفة والزمن سيكشف المزيد من حبل الاكاذيب".
إنقاذ الله من حزب الله واجب
بدوره، أطلق وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر تغريدة قال فيها إن نصر الله "يعلن الحرب على أمته". ووصف الشيخ خالد، زعيم حزب الله بأنه "إرهابي" وطالب بإيقافه وإنقاذ لبنان منه.
واعتبر تلك الخطوة بأنها "واجب قومي وديني"، حيث قال في تغريدته التي نقلتها وكالة أنباء البحرين: "إيقاف (نصر الله) وإنقاذ لبنان من براثنه واجب قومي وديني علينا جميعًا". ومضى قائلاً: "الإرهابي نصر الله يعلن الحرب على أمته".
الجدير بالذكر أن الحكومة البحرينية أعلنت في 7 أبريل (نيسان) الماضي أنها كلفت وزارتي الداخلية والخارجية في الحكومة البحرينية بوضع الإطار القانوني لإدراج حزب الله اللبناني على لائحة الإرهاب كمنظمة إرهابية. وتعتبر البحرين أول دولة عربية تتخذ هذه الخطوة، وقالت البحرين وقتها إنها ستتبع معايير دولية في هذا الجانب في خطوة لحماية البحرين من خطر المنظمات الإرهابية.
كما قام مجلس النواب البحريني بخطوة مماثلة طالبًا من الحكومة البحرينية إدراج حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية. وقال نواب المجلس حينها في بيان صدر بهذا الشأن إن مطالبهم جاءت بسبب النشاط المتزايد للحزب في شؤون دول المنطقة. وأكدت البحرين أن الإجراءات التي أعلنت عنها تمثل خطوة متقدمة لحماية وتحصين الأمن الداخلي "من خطر المنظمات الإرهابية".
قلق دولي
من جانبه، اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاحد عن "قلقه البالغ" حيال دور حزب الله اللبناني المتنامي في النزاع الجاري في سوريا داعيًا الى تكثيف الجهود لوقف انتشار المعارك الى دول أخرى. وبعد بضع ساعات على سقوط صاروخين في الضاحية الجنوبية لبيروت، دعا بان كي مون كل الدول والمجموعات الى "التوقف عن دعم العنف داخل سوريا"، بحسب ما افاد المتحدث باسمه مارتن نيسيركي في بيان.
وقال نيسيركي إن الامين العام يبدي "قلقه البالغ" حيال تصاعد النزاع وعلى الاخص في محيط مدينة القصير. واقتحمت قوات نظام الرئيس السوري بشار الاسد مدعومة من حزب الله قبل اكثر من اسبوع مدينة القصير الاستراتيجية في وسط سوريا القريبة من الحدود اللبنانية، وقال مصدر مقرب من الحزب لوكالة فرانس برس الاحد إن القوات النظامية سيطرت على ثمانين في المئة من المدينة.
وقال نيسيركي إن "الامين العام يبدي قلقه البالغ حيال مشاركة حزب الله المتزايدة في المعارك باعترافه هو نفسه، وحيال مخاطر انتشار (الازمة) الى لبنان الذي شهد تصعيدًا في التوتر خلال الاسبوع الماضي". واضاف أن "على الجميع في المنطقة أن يتصرفوا بمسؤولية وأن يعملوا على خفض حدة الخطاب وتهدئة التوتر في المنطقة". واكد نيسيركي أن بان ابدى معارضته لتسليح جميع اطراف النزاع في سوريا من قبل دول ومجموعات خارجية.
وقال إنه "في وقت تجري التحضيرات للمؤتمر الدولي حول سوريا، يحض الامين العام جميع الدول والمنظمات والمجموعات على التوقف فورًا عن دعم العنف داخل سوريا واستخدام نفوذها لتشجيع حل سياسي للمأساة في سوريا"، في وقت تتسارع التحضيرات لعقد مؤتمر دولي لتسوية النزاع في سوريا اتفق على تسميته بمؤتمر "جنيف 2" في حزيران/يونيو.
واضاف بان أنه "في غاية الاهمية" منع "انتشار النزاع بشكل خطير خارج الحدود". وقال نيسيركي إن على القادة اللبنانيين أن "يلتزموا بشكل صارم" باتفاق قطعوه بالبقاء على الحياد في هذا النزاع و"حماية لبنان من النزاع".