أخبار

عرّاب الحل وملك الضفة الحالم بسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين

الملياردير منيب المصري: لهذه الأسباب كانت مبادرة "كسر الجمود"

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

قاد رجل الأعمال الفلسطيني الملقب بـ"ملك الضفة" مباحثات سرية وعلنية بين فلسطينيين وإسرائيليين بهدف الوصول إلى تفاهم، ومنه إلى سلام شامل بين الشعبين. وكان المصري نجم منتدى دافوس الذي عقد في الأردن حيث ألقى كلمة بعنوان "ندوة كسر الجمود" شرح فيها أسباب هذه المبادرة.

عمّان: كان رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري الملقب بـ"ملك الضفة" نجم منتدى دافوس الذي اختتم اعماله مطلع الأسبوع الحالي في منطقة البحر الميت في الأردن، فـ(العرّاب) كما يحلو للبعض تسميته قاد لسنوات خلت مباحثات من وراء ستار وفي العلن بين ناشطين فلسطينيين وإسرائيليين بحضور عالمي بهدف الوصول الى تفاهم ولو في أدنى الدرجات في هذه المرحلة ليكون الخطوة الأولى لحوار شامل وصولاً الى سلام عادل وشامل.

وهذا الملياردير منيب رشيد المصري، المولود في نابلس لعائلة مرموقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً عام 1934 قاد حراكاً نشيطاً بصفته رئيس المجموعة الفلسطينية وصولاً الى مبادرة (كسر الجمود) التي تم الاعلان عنها بتوقيع أكثر من 200 رجل أعمال فلسطيني وإسرائيلي.

وهذه المبادرة التي أعلنت تفاصيلها من منطقة البحر الميت على هامش منتدى (دافوس) تؤكّد أنّ لا سلام اقتصادي في ظل استمرار الاحتلال، وأن رجال الأعمال والمستثمرين الفلسطينيين يرفضون أي شكل من أشكال التطبيع الاقتصادي دون زوال الاحتلال وتوصّل القادة السياسيين إلى حلّ عادل وشامل لإنهاء الصراع، ويقوم على حلّ الدولتين وفق المرجعيات المتفّق عليها والشرعية الدولية.

ويشتمل النداء الخاص بالمبادرة رفض رجال الاعمال الاسرائيليين الشركاء في هذه المبادرة أي شكل من أشكال التعاون الاقتصادي، وذلك من منظور اخلاقي اولاً وعقائدي ثانيًا بأنه لايمكن للحل الاقتصادي أن يسبق الحل السياسي للصراع.

ويشار الى أن منيب المصري ليس أغنى فلسطيني في العالم فقط، بل هو اﻷكثر نفوذًا في خريف العمر، وفي كل تحركاته يركز على هدفين: المصالحة بين الفلسطينيين وتحقيق السلام مع إسرائيل. حلمان ﻻ يبدو أنهما سيتحققان مع انقسام الفلسطينيين واحتضار عملية السلام لكن منيب المصري يرفض التنازل عن أحلامه.

حديث المصري

وفي خطابه خلال الجلسة الختامية لمنتدى دافوس بعنوان "ندوة كسر الجمود"، أكد منيب المصري قائلاً: "نحن نرفض الوضع الحالي القائم، ولا يمكن لنا في ظل استمرار الاحتلال، ومن منطلق وطني وأخلاقي، أن نطبّع معه، ولا نقبل الحديث عن "سلام اقتصادي" في ظل غياب حل سياسي ينهي الاحتلال، فنحن لن نقبل أي شراكات اقتصادية أو تجارية من شأنها أن تُطيل أمد الاحتلال أو تضفي الشرعية عليه.

وأضاف: لقد حان وقت العمل وعلينا أن نختار على أي جانب من التاريخ سنقف، وإذا لم نستثمر الفرصة المتاحة فلا نلوم غير أنفسنا على استمرار الصراع الذي سيقود الجميع إلى الهاوية، وسندخل في سياسة الفصل العنصري وفقدان الأمل. وكقادة سياسيين نطلب منكم أن تقودوا شعوبكم إلى مستقبل أفضل: وقف الاستيطان وهدم جدار الفصل، عليكم تفعيل فرص إنهاء الصراع ووضعه على أولويات أجنداتكم".

ويذكر أنه كان تم ترشيح منيب المصري العام 2008 لتولي رئاسة الحكومة الفلسطينية، وهو يعتبر أغنى رجل في فلسطين، ولذلك لقبته صحيفة ذي إندبندنت البريطانية بـ (ملك الضفة الغربية).

وفي حديثه، قال المصري: حول إطار أي اتفاق سياسي قد يتوصل إليه القادة، "نحن وبصفتنا مؤسسي هذه المبادرة؛ اتفقنا ومنذ البداية بعدم الخوض في تفاصيل الحلول فهذه مهمة القادة للبحث في هذه المواضيع المعقدة، وهناك خطوط عريضة وواضحة لإنهاء الصراع وهي الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وخارطة الطريق، وجميعها تؤكد بأن الحل قائم على أساس حدود الرابع من حزيران للعام 1967، والقدس عاصمة للدولتين، وحل عادل لمشكلة اللاجئين على أساس القرار رقم 194، وعدم شرعية الاستيطان، وإطلاق سراح كافة الأسرى من سجون الاحتلال، هذه ليست أفكاراً أو حلولاً جديدة، هذا ما قبل به الراحل ياسر عرفات، هذا الحل هو حل مؤلم لنا كفلسطينيين فمن أجل إنهاء الصراع قبِلنا بإقامة دولة على 22% من مساحة فلسطين التاريخية، هذا السلام الذي سماه ياسر عرفات سلام الشجعان، ويواصل الرئيس أبو مازن الخطى للوصول إليه وتحقيقه.

مبادرة السلام العربية

وقال المصري، الذي عمل وزيرًا للأشغال في حكومة الأردن العام 1975 إن مبادرة السلام العربية التي اعتُمدت في العام 2002، ووافقت عليها (57) دولة إسلامية وعربية، هذه المبادرة هي فرصة تاريخية لإحلال السلام والأمن في المنطقة والعالم، من خلال عرضها لرؤية تاريخية وإستراتيجية لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وهي تتجاوب مع الخطوط العريضة للموقف الفلسطيني، وقد دعمنا السيد جون كيري وزير الخارجية الأميركي، صاحب الخبرة الطويلة في المنطقة، في إعادة طرح مبادرة السلام العربية لتكون أرضية لإحلال السلام"،

وتابع: وأوضحنا في هذه المبادرة أننا ندعم هذه الجهود وخاصة في مجال إحراز تقدم على المسار السياسي لأن اقطاب الاقتصاد في فلسطين واسرائيل والمنضوين تحت لواء هذه المبادرة لا يرون نفعًا في أي حلول اقتصادية لكسر الجمود السياسي. موقفنا واضح نحن سندعم الحل السياسي اولاً من اجل كسر الجمود وعندها فقط سندرس امكانية القاء ثقلنا الاقتصادي لدعم الحل السياسي.

خطوات "كسر الجمود"

وشرح المصري أمام المنتدى كيفية الوصول الى مبادرة "كسر الجمود" فقال: "نحن مجموعة مستقلة من رجال الأعمال الفلسطينيين، أصدرنا نداءً عاجلاً للجميع للتحرك باتجاه كسر الجمود، والتوجه نحو سلام عادل وشامل، ووضع هذا الأمر على أولى أولياتهم، وإنهاء الصراع على أساس قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، وقد انضمت إلى هذا النداء مجموعة من الشخصيات البارزة من المجتمع المدني ورجال الأعمال في إسرائيل".

وأضاف: "نحن مجموعة من رجال الأعمال نشكل حوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي في كلّ من فلسطين وإسرائيل، قرّرنا ألا نكون بعد الآن من الأغلبية الصامتة، لذلك فقد اتخذنا موقفاً جماعياً ندعو من خلاله قادتنا إلى التصرف بحزم واتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لكسر الجمود السياسي الحالي، والدخول في عملية سياسية جدية تقود إلى حل الدولتين، ووقف كافة الاجراءات والخطوات التي من شأنها أن تُضعِف أو تُسقِط هذا الحل، وسوف نقدم كل ما نستطيع لكي ندعم جهود القادة السياسيين لوضع الحلول اللازمة لإنهاء الصراع".

وتابع: "لقد بدأت رحلتنا في مبادرة كسر الجمود قبل نحو عام تقريبًا من الآن في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عُقد في اسطنبول، ونجتمع اليوم أيضًا تحت مظلة المنتدى الاقتصادي العالمي في المملكة الأردنية الهاشمية، في ظل حضور ومشاركة استثنائية، وأقول بأنه حقاً يوم غير عادي في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأقول غير عادي لأنه لا يوجد شيء عادي في ظل الاحتلال والتهجير والمأساة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني".

التحديات الفلسطينية

وأضاف "أن الفلسطينيين وجراء هذا الصراع وهذا الاحتلال تحملوا وما زالوا مصاعب جمة، وقد استهلك هذا الصراع طاقات الفلسطينيين والإسرائيليين، فما زالت إسرائيل دولة ترعى أطول احتلال عرفه التاريخ الحديث، والذي لا يمكن تبريره لا أخلاقيًا ولا استراتيجيًا أمام العالم، لقد حان الوقت لتدارك هذه الخطيئة التي تسببت في الظلم والقهر، وهذا الوضع لا يمكن لأحد أن يقبله ولا يمكن له أن يستمر، كل واحد منا، سواءمن الزعماء السياسيين أو المواطنين العاديين، لديه الفرصة بأن يقف مع الحق وأن يتم استثمار هذه اللحظة التاريخية لصنع التغيير لأن الوقت يمضي وعلينا نحن أن نصنع التغيير".

وقال منيب المصري في خطابه "لقد عاصرتُ كلَّ آلام شعبي بدءاً بالنكبة عام 1948، والنكسة عام 1967، والانتفاضة عام 1987، والانتفاضة التي تلتها عام 2000، مروراً برحيل الثورة من بيروت إلى تونس، والانقسام الداخلي وصولاً إلى جهود المصالحة، وعايشتُ هذه العذابات التي يشعر بها كل فلسطيني، ولكنها أصابتني شخصياً عند إصابة حفيدي منيب بتاريخ 15/5/2011، عندما كان يشارك في مسيرة سلمية على الجانب اللبناني من الحدود، بطلق ناري من قبل قناص إسرائيلي أقعده عن الحركة، حفيدي منيب إبن الـ 23 عاماً وهو طالب في الجامعة، هو الآن على كرسي متحرك، وطلب مني أن أنقل لكم رسالته؛ أنه ليس بحاقد، ولكنه مازال متمسكاً بالأمل، وكباقي الفلسطينيين يطالبكم بأن تعملوا من أجل الحرية وإقامة دولة مستقلة وحرة للشعب الفلسطيني، ولن ينتظر هو وزملاؤه طويلاً لكي تصنعوا السلام. قصة حفيدي منيب واحدة من آلاف قصص الفلسطينيين، وإن أصعب ما في الحياة؛ هو معاناة الأطفال، ولا يمكن إنكار أن العائلات والأطفال الإسرائيليين قد عانوا هم أيضاً من هذا الصراع، فالأطفال ليسوا أعدائي أو أعداءَكم، بل إن الصراع هو العدو المشترك، ولذلك فنحن نحث القادة في هذه القاعة على إنهاء هذا الصراع".

تثمين دور عبدالله الثاني

وثمّن منيب المصري اهتمام العاهل الأردني "نشكر جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين على كرم الضيافة واستقبال جلالته لنا في هذا البلد المضياف الطيب الذي احتفل بالأمس بيوم استقلاله، والذي يحتضن هؤلاء الذين لغاية الآن لا يستطيعون العيش في بلدهم المجاور"، كما أشاد بالمنتدى الاقتصادي العالمي قائلاً: "نجتمع اليوم تحت مظلة المنتدى الاقتصادي العالمي والذي لديه ماضٍ عريق في استضافة صانعي السلام". وتوجه بالشكر إلى كافة من عمل إلى جانبه، وإلى كافة الشركاء في هذه المبادرة، وعلى رأسهم البرفيسور كلاوس شواب رئيس المنتدى.

وختم المصري قائلاً: "دعونا نُظهِر للعالم ما يمكن أن يقوم به الفلسطينيون تحت الشمس بعد تحررهم من أغلال الاحتلال، والفرص التي ستُتاح لإسرائيل لتصبح شريكًا في السلام، وفي الإسهام بالتقدم التكنولوجي والعلمي والتنموي في شرق أوسط سيشملهم بدلاً من عزلهم. وإنني وبعد هذه الحياة الطويلة ليس لدي ما أخشاه، سوى خشيتي من الله سبحانه، ويزداد تصميمي على أن أرى بلدي فلسطين حرة مستقلة، وأن أرى إسرائيل دولة متحررة من ممارسة الاحتلال وظلمه.

الى الولايات المتحدة

ويشار إلى أن منيب رشيد المصري هو "آخر العنقود" في عائلته. وكان والده رشيد توفي قبل أن يكمل منيب السنتين، فاعتنى به أشقاؤه الكبار.

أنهى منيب المصري دراسته الثانوية في سن السابعة عشرة وأبحر إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1952 ليدرس في جامعة تكساس، ويحصل على شهادة البكالوريوس في الجيولوجيا والماجستير في الشؤون والعلاقات الدولية. وخلال تلك الفترة ارتبط منيب بزميلته الأميركية في الدراسة وأنجبا طفلهما الأول ربيح، وأنجبا في ما بعد مي المصري التي أصبحت مخرجة سينمائية.

يذكر أن المصري وهو مهندس بترولي عريق، هو ايضاً عضو في مجلس إدارة البنك العربي، إضافة إلى امتلاكه عدة شركات متخصصة في حفر الآبار الارتوازية وآبار النفط في عدة بلدان عربية. لمنيب رشيد المصري استثمارات كبيرة في فلسطين والوطن العربي وهو يحتل المرتبة 33 من حيث الثراء على صعيد الوطن العربي، وهو نشر استثماراته في 20 دولة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف