أولويتهم ترتيب بيوتهم الداخلية
وصول الاسلاميين إلى السلطة أوقف قطار الاتحاد المغاربي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لا يبدي الاسلاميون الذين وصلوا إلى سدة الحكم في ليبيا وتونس والمغرب اهتمامًا كبيرًا بالوحدة المغاربية، بل يعون الأولوية لترتيب البيت الداخلي، مع الخلافات البينيّة والظرف الدولي العسير. كلها عوامل تؤخر انطلاق الاتحاد المغاربي.
الرباط: أعاد صعود الأحزاب الإسلامية إلى الحكم في بعض الدول المغاربية، في سياق الحراك العربي، الفكرة القديمة الجديدة التي تريد تجميع الشعوب المغاربية وتحقيق حلمها المشترك في وحدة مغاربية حقيقية.
يعتقد خبراء ومحللون أن مدى حضور الوحدة المغاربية لدى التيارات الإسلامية كأولوية يعيقها تداخل ما هو قطري وأممي، ويجمعون على أن الوحدة المغاربية رهينة بحدوث تغيير نحو الانتقال الديمقراطي في كامل الدول المغاربية، وحل مشكل الصحراء الغربية، والحد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المجتمعات المغاربية، ويعتقدون أن بناء وحدة المغرب الكبير مرتبط أيضًا بعوامل جيواستراتيجية ودولية أكثر منها إقليمية.
مقومات الوحدة موجودة
يتحدّث إدريس لكريني مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات بجامعة مراكش، عن الظرفية التي أتى فيها الإسلاميون إلى الحكم والتي تميزت بحراك مغاربي "بامتياز " على حدّ تعبيره.
يشير الباحث إلى أنه إذا كان هذا الحراك يسائل السياسات الداخلية على مستوى تحقيق التنمية وتجاوز الإكراهات الاجتماعية والاقتصادية، وعلى تجاوز مظاهر الانسداد والانفتاح في القرارات الداخلية، وإشراك المواطن في تدبير السياسات العامة داخليًا، فإنه أيضا يسائل السياسات الخارجية التي كلفت المنطقة العديد من الفرص.
وأضاف لـ"إيلاف": "في مقابل المقومات التي تملكها دول المنطقة سواء الجيوستراتيجية أو الموقع أو الثقافة والدين والتاريخ واللغة المشتركة والتحديات المشتركة بما فيها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، لم يتم استثمار هذه الإمكانيات في مقابل بعض التجارب التي استطاعت أن تطوي خلافاتها رغم أنها لم تتوفر على نفس المقومات واستطاعت أن تمضي بعيداً كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد الأوروبي."
واعتبر أنه لا يمكن الحديث عن حراك ناجح في المنطقة المغاربية بدون أن يكون هناك انفتاح على مطالب الساكنة أو على إرادة الشعوب المغاربية التواقة إلى الوحدة".
يقول لكريني: "ما يدعم وحدة المغرب العربي كونه مطلباً شعبياً، وبعيدًا عن الساسة والنخب،وهناك رغبة جامحة باتجاه دعم الاتحاد المغاربي، وباتجاه إزالة جميع الحدود وجميع الإشكالات القائمة."
حراك غير معمم
يتأسّف مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات بجامعة مراكش لوجود صعوبات تعيق الوحدة المغاربية.
وقال: "لم يشمل الحراك جميع الدول المغاربية، لا ننسى أن بعض الدول المغاربية لم تشهد أي حراك قد يسمح للإسلاميين أو لغيرهم بالوصول إلى السلطة في مثل الوضع في الجزائر وموريتانيا".
تحديات داخلية
من ناحية أخرى، يعتقد لكريني أن التحديات الداخلية ومعيقاتها تشوش، إلى حد كبير، على التعاطي مع القضايا الخارجية."
ويستدرك: "مع ذلك، ومع تطور الأمور وعامل الزمن وتجاوز المرحلة الانتقالية في تونس وفي ليبيا وخصوصًا على مستوى بناء الدولة فيها، وبناء المؤسسات في تونس على مستوى الحريات وتجاوز الأزمة الاقتصادية وتدبير النقاشات بصدد الدستور القادم، وأيضًا مسألة التنزيل الدستوري والإشكالات المتعلقة بالتحالف الحكومي في المغرب، قد يتهيّأ المناخ ليكون ملائمًا لاتخاذ مبادرات بخصوص الاتحاد".
الاسلاميون أيضًا لا يحرصون على الوحدة
يرى خالد شيات الباحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول في وجدة، أن مسألة الوحدة تعتبر محورية وأصلية في أدبيات الحركات الإسلامية التي تنهل من الفكر الإسلامي بصفة عامة ومن فكر الإخوان المسلمين الأصلي في مصر خاصة، وأنها لا تهم المستوى الإقليمي وإنما كافة المجال الذي يمتد فيه العالم الإسلامي.
أضاف لـ"إيلاف": "بعد وصول مجموعة من التيارات الإسلامية إلى السلطة، لم تسعَ، بشكل كبير وحثيث، نحو هذه الفكرة الأصلية".
واعتبر شيات أن هناك "تقاعسًا" و"غيابًا للاجتهاد النظري"، على حدّ تعبيره.
وقال: "هو تقاعس مزدوج، على مستوى التنظير وعلى مستوى الممارسة، بمعنى أنه ليس لهذه الحركات والحكومات الآن أي تصور لحل بخصوص الاتحاد المغاربي، وهذه مسألة طبيعية، خاصة وأننا نعرف بأن وجودها أو عدمها مرتبط بهذا الاندماج والوحدة.
جمود مغاربي
في العام 1989 تأسس الاتحاد المغاربي في مدينة مراكش المغاربية إلا أنه ظل يعيش حالة من الجمود بسبب خلافات عدة بين دوله أبرزها قضية الصحراء والعلاقات المغربية الجزائرية المتشنجة.
ويقول شيات: "أصبح كل من يتحدث عن المغرب العربي وكأنه يتحدث عن أمر ممكن أن يتحقق ويمكن ألا يتحقق،ما زالت هذه الدول مرتبطة بشكل وثيق مع القوى الإقليمية الكبرى كالاتحاد الأوروبي، وعلى علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، وهذه العوامل تضر بالوحدة المغاربية، لأن الولاء الخارجي لهذه الأنظمة ولقوى خارجية يؤثر على اختياراتها الداخلية لاسيما الإقليمية، ومن بينها مسألة الاندماج الاقتصادي، وسيكون هذا الارتهان بالخارج أقوى في حالة استمرار هذه السياسة."
وصول لم يحقق التحول
ويرى شيات أنّ وصول الإسلاميين في ليبيا وتونس والمغرب إلى الحكم لم يحقق التحول المنشود.
قال: "قد يكون إعطاء الأولوية لمسألة الاستقرار الداخلي أحد العوامل في تأجيل مسألة الاندماج والوحدة، وقد تكون هناك عوامل أخرى إقليمية أو دولية كالقوى الاقتصادية من قبيل الاتحاد الأوروبي أو كالولايات المتحدة. إذ أن الأوروبيين والأميركيين يتصورونه سوقًا مندمجة يكون فيها المجال مفتوحًا لاستمرار هيمنتهما وفضاء لتسريب السلع."
وكان بيان طنجة الصادر في العام 1948 أول خارطة طريق تضع تصوراً للاتحاد المغاربي حين اجتمع القادة والحركات الوطنية في كل من المغرب والجزائر وتونس في مؤتمر طنجة برئاسة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي، بفضاء مندمج يجمع شعوب أو شعب شمال أفريقيا.