الغرب يأمل ضمنًا في أن تحمل تظاهرات تركيا الإصلاح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بروكسل: دانت الدول الغربية التي فوجئت بحجم التظاهرات في تركيا، استخدام العنف المفرط من قبل الشرطة فيما شددت بحذر على ضرورة عودة الهدوء واجراء حوار في بلد تعتبرها حليفًا اقليميًا اساسيًا.
وقال يان تيشاو مدير معهد كارنيغي اوروبا "هناك امل صامت بان كل هذا سيعني العودة إلى التعقل وإلى نهج ليبرالي اكثر في تركيا"، مضيفا ان "السؤال المطروح هو ما اذا كان هذا الامر يمكن ان يحصل في ظل حكم (رئيس الوزراء رجب طيب) اردوغان".
وتركيا العضو في حلف شمال الاطلسي الذي يضم 28 دولة والمرشحة للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي منذ فترة طويلة، تعتبر لاعبا اساسيا في المنطقة على الدوام لكنها الان ترتدي اهمية اكبر بسبب قربها من سوريا التي تشهد نزاعا منذ اكثر من سنتين.
وبالتالي من غير المفاجىء انه بعد ايام على اندلاع موجة الغضب ضد حكومة اردوغان وخروج المتظاهرين إلى الشوارع، بقيت الحكومات الاوروبية تعتمد موقفا حذرا وكذلك فعلت واشنطن.
وقالت وزيرة خارجية ايطاليا ايما بونينو الثلاثاء "نحن واثقون ان تركيا ستتجاوز هذه الاوقات العصيبة وتثبت انها ديموقراطية ناضجة". وأضافت ان "ايطاليا لا تزال تؤمن بشدة بآفاق تركيا الاوروبية" في أشارة إلى ترشيح تركيا المتعثر للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي.
وتكررت هذه التعليقات في انحاء العواصم الاوروبية في الايام الماضية. فقد عبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون هذا الاسبوع عن "قلق عميق" ازاء العنف الذي مارسته الشرطة التركية لكنها دعت إلى "حل سلمي" فيما حثت المانيا على "وقف التصعيد" مذكرة اردوغان بان حرية التعبير والتجمع هما "حق اساسي" في مجتمع ديموقراطي.
وبعدما دعا سلطات انقرة إلى النظر في الاسباب التي تقف وراء التظاهرات، رفض وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اي حديث عن "ربيع تركي" مثل نموذج الثورات التي شهدتها دول عربية.
وقال "هذه حكومة منتخبة ديموقراطيا". وشاطره هذا الرأي المحلل التركي سينان اولغن من معهد "ايدام" للابحاث الذي رفض المقارنة بين الاحتجاجات في ميدان التحرير التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك معتبرا ان ذلك "غير صحيح".
وأضاف ان "تركيا دولة ديموقراطية وليس هناك دعوة لتغيير النظام مثلما حصل في مصر. العامل المشترك الوحيد مع احداث ميدان التحرير يبقى هذا الشعور بالقوة والتحرر من قبل مواطنين عاديين شهدوا الاثر الذي يمكن ان يتركونه على النظام السياسي". ويتهم المتظاهرون اردوغان بفرض اصلاحات اسلامية محافظة على تركيا العلمانية التي تعد غالبية ساحقة مسلمة.
ويرى محللون انه على القيادة التركية، من اردوغان إلى المعارضة، ان تعيد النظر في نهجها على المدى الطويل للوصول إلى اسلوب توافقي اكثر من صنع القرار في بلد يضم اشخاصا مثقفين ومدركين لطبيعة المجتمعات المنفتحة.
واردوغان الذي يتولى السلطة منذ 2002 واعتبر القائد الاكثر نفوذا منذ عهد مصطفى كمال اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، فاز في ثلاث انتخابات متتالية مع زيادة في نسبة الاصوات المؤيدة له في كل مرة. ويقول تيشاو انه خلال مرحلة الحكم هذه "فقد التواصل" مع الناس إلى حد "يبدو فيه الان اسلوبه في الحكم على انه بلغ اقصى حدود تسامح المجتمع التركي" كما يضيف اولغن.
وبعدما ندد المتظاهرون باسلوبه "السلطوي" بقي اردوغان متصلبا ونفى الاتهامات بانه "ديكتاتور". وقال تيشاو "يريد ان يكون مثل اتاتورك". لكن في صفوف حزبه، حاول المعتدلون اخفاء خلافاتهم وحتى الرئيس التركي عبد الله غول الذي كان ايضا موضع انتقادات بسبب ارتداء زوجته الحجاب، اعلن ان رسالة المحتجين "قد وصلت".
وقال نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينج الثلاثاء ان "الحكومة استخلصت العبر مما حصل" مضيفا "ليس لدينا الحق بتجاهل الناس. لا يمكن للديموقراطية ان تقوم بدون معارضة". وقال تيشاو "هناك امل بان يعتمد اردوغان موقفا اكثر ليونة وبان ذلك سيخول الغرب ايجاد شريك بناء اكثر في تركيا".
وجهود تركيا للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي التي بداتها رسميا في 2005 لكن تعثرت في السنوات الماضية بسبب التحفظ على سجلها في مجال حقوق الانسان والخلاف حول قبرص المقسومة بين شطرين تركي ويوناني منذ ان اجتاحت انقرة الثلث الشمالي من الجزيرة في 1974.
وخلال زيارة إلى بروكسل الشهر الماضي قال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان الجهود للمضي قدما "على هذه الوتيرة ستستغرق 50 عاما". لكن بدون تركيا لن يكتمل الاتحاد الاوروبي ولن يحظى بالتواصل الاستراتيجي والجغرافي كما قال.
وردا على سؤال حول ما اذا كان الاصلاح سيعيد احياء مفاوضات انضمام تركيا المجمدة قال تيشاو "اذا شهدنا تغييرا في السياسة الداخلية، فذلك يمكن ان يعيد احياء محادثات الانضمام".
وشدد وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي هذا الاسبوع على ان اعمال العنف "لا تؤثر بشكل مباشر" على مساعي انقرة للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي فيما قال النائب الاوروبي عن الخضر داني كوهن-بنديت ان الاحتجاجات على العكس يجب ان تحث الاتحاد الاوروبي على فتح مفاوضات حول القضاء والحقوق.