تضم سياسيين وفنانين وتهدف للتقريب بين مصر وأفريقيا
الدبلوماسية الشعبية... محاولة المعارضة لحل أزمة النيل من دون الإخوان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما زالت أزمة سد النهضة الأثيوبي تلقي بظلالها على المشهد السياسي في مصر، حيث دشنت مجموعة من رموز المعارضة حملة "الدبلوماسية الشعبية" لحل القضية. ويتزعم حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق، تلك المجموعة التي رفضت غالبيتها حضور الإجتماع مع الرئيس محمد مرسي، الذي أثار جدلاً بسبب بثه على الهواء مباشرة.
القاهرة: يتطلع السياسيون المعارضون في مصر إلى القيام بدور مهم في أزمة سد النهضة الأثيوبي ولكن ليس تحت عباءة نظام حكم الإخوان، لذلك عقد التيار الشعبي، بقيادة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، مؤتمراً، في اليوم التالي، للإجتماع الرئاسي الذي تمّ بثه على الهواء مباشرة، من أجل التباحث حول قيام المعارضة بدورها، وانتهى إلى ضرورة استعادة "الدبلوماسية الشعبية" زياراتها إلى أثيوبيا ودول حوض النيل، للحد من تبعات بناء سد النهضة الأثيوبي على مصر. غير أن خبراء في السياسة يقللون من فاعلية دورها ما لم يكن عملها تحت عباءة الدولة.
ووفقاً لجورج إسحاق، القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني، فإن الدبلوماسية الشعبية، تهدف إلى فتح قنوات إتصال شعبية بين الشعب المصري والشعوب الأفريقية، ولاسيما الشعب الأثيوبي، مشيراً إلى أن هذه الدبلوماسية لعبت دوراً مهماً في تأجيل العمل في السد، بعد نجاح الثورة في الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.
وأضاف لـ "إيلاف" أن النظام السابق يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن اختفاء الوجود المصري في أفريقيا، كما يتحمل المسؤولية عن حالة الجفاء مع دول حوض النيل، لافتاً إلى أن نظام حكم الإخوان انشغل بـ"أخونة الدولة"، وتناسى تلك الأزمة الخطيرة، ما أدى إلى تفاقمها، ووصولها إلى نقطة خطيرة، ونبّه إلى أن رئيس الحكومة هشام قنديل، كان وزيراً للري ويتحمل المسؤولية عن تلك الأزمة أيضاً.
وأشار إلى أن الدبلوماسية الشعبية التي تضم سياسيين وفنانين ورموزًا في المجتمع المصري، سوف تقوم بزيارات إلى دول حوض النيل، بهدف "تلطيف الأجواء"، لاسيما في ظل دعوات الشحن والحرب والعنف التي يتبناها البعض في مصر، والتي لن تجني مصر من ورائها سوى المزيد من الخسائر.
وضعت "الدبلوماسية الشعبية"، تصوراً مبدئيًا، لحل الأزمة، وسيجري وضع ما سيتم التوصل إليه بين يدي مؤسسات الدولة المعنية بالأزمة، وسيجري طرح بدائل جادة لحفظ مصالح مصر وفي الوقت نفسه تُمكن أثيوبيا من التنمية.
وقال المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، زعيم التيار الشعبي، إن "القوى الوطنية ووفد الدبلوماسية الشعبية لديه إصرار بالغ على أن يؤدي دوراً تشارك فيه مؤسسات الدولة، في حل الأزمة وصيانة حقنا في مياه النيل، وحماية واحترام حقوق أشقائنا الأفارقة في النيل الواحد".
وأضاف في بيان له، تلقت إيلاف نسخة منه: "عقب قيام الثورة أدركت القوى الشعبية أهمية وخطورة مشكلة مياه النيل، فبادر البرلمان الشعبي بتشكيل وفد الدبلوماسية الشعبية الذي يمثل جميع القوى، وتم تشكيله بالتنسيق مع أجهزة الدولة حينها، وبدأت الزيارة بأوغندا ثم أثيوبيا، وتم الاتفاق مع الحكومة الأثيوبية على تشكيل لجنة ثلاثية من مصر والسودان وأثيوبيا، لمراجعة تصميمات سد النهضة، بما لا يؤثرفي حصة مصر من مياه النيل"، ونبّه إلى أن موضع الخلل في استثمار نتائج تلك الزيارة هو الاهمال الذي لحق هذا الملف بعد أن عهد به إلى أجهزة الدولة.
ولفت إلى أن أزمة "سد النهضة" لا يمكن حلها إلا بالطرق السلمية ولابد أن نتخلى عن لهجة التعالي والتهديد، والمشاركة في إقامة مشروعات علمية عملاقة، في دول حوض النيل، وقد أبدى جميع المسؤولين بتلك الدول نوايا حسنة للتعاون مع مصر، مشيراً إلى أن المنهج الصحيح في إدارة الأزمة لا بد أنيحكمه الإيمان بحق كافة الشعوب في التنمية، خاصة الشعب الأثيوبي، لأنه حق أصيل وعلى الجميع دعمه، لكن لابد أن يكون اكتساب هذا الحق دون ضرر أو إضرار بالآخرين.
وأشار صباحي إلى أن أزمة سد النهضة في أثيوبيا لا تدخل في باب المزايدة أو المكايدة السياسية أو الانقسام لأنها خطر حقيقي يهدد المصريين، مشدداً على ضرورة السعي الى إبراز موقف مصري شعبي ورسمي موحد بحيث تظهر مصر أمام العالم أجمع، خاصة في أفريقيا، أنها دولة متماسكة.
دور مكمّل
وقال مصطفى الجندي، عضو اللجنة، لـ "إيلاف"، إن الهدف من إعادة إحياء الدبلوماسية الشعبية، هو التقريب بين الشعب المصري والشعوب الأفريقية في دول حوض النيل، لاسيما أن النظام السابق حاول طوال 30 عاماً إحداث قطيعة مع الشعوب الأفريقية عن عمد، لصالح التبعية للغرب، وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية، مشيراً إلى أن النظام السابق رفض عروضًا عديدة من الدول في حوض النيل للشراكة في عمليات التنمية وإقامة السدود، ونبّه إلى أن موقف النظام السابق الإستعلائي، جعل دول حوض النيل تلجأ إلى الدول الأخرى، ولاسيما إسرائيل لمساعدتها في عمليات التنمية وبناء السدود.
لكن الدكتور حسن عبد الحميد، أستاذ العلوم السياسية، في جامعة القاهرة، قلل من حيوية وفاعلية ما يسمى بـ"الدبلوماسية الشعبية"، ما لم تستند إلى عمل مؤسسي، وتكون مكملة أو مساندة لدور الدبلوماسية وتحت عباءتها، وقال لـ "إيلاف"، إن الدبلوماسية الشعبية مصطلح جديد، ظهر في مصر بعد ثورة 25 يناير، التي أسقطت نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.
وأضاف أن هذه اللجنة قادها عدد من رموز السياسة المصرية، والنشطاء من شباب الثورة والكتّاب والمفكرين، إضافة إلى فنانين، وقاموا بعدة زيارات إلى دول حوض النيل، على رأسها أثيوبيا، لكنها لم تحقق أية نتائج ملموسة، لأنها كانت تتحرك بمنأى عن مؤسسات الدولة الرسمية، وبالتالي لم تحصد أية نتائج سوى الشو الإعلامي.
ولفت إلى أن جزءًا من قوة مصر ونفوذها في العالم، ولاسيما أفريقيا والعالم العربي، كان ينبع مما يوصف بـ"القوة الناعمة"، مشيرًا إلى أن تلك القوة الناعمة تتمثل في الفن والفنانين والثقافة والمثقفين، وأكد أن الفن المصري لعب دوراً محورياً في منح النفوذ لمصر وكذلك الثقافة المصرية.
وشدد على ضرورة أن تستغل الدولة هذه القوة الناعمة في أزمة حوض النيل، ولكن في إطار مؤسسي وإلى جوار الدولة، وليس بعيداً عنها.