أخبار

الكاردينال توران يؤكد أن "الباب مفتوح" للحوار مع الإسلام ويخشى على مستقبل لبنان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الفاتيكان: اكد رئيس المجلس البابوي للحوار بين الاديان في الفاتيكان جان لوي توران، المعروف بدعوته الدائمة الى الحوار بين الكنيسة والاسلام، ان ابواب الكرسي الرسولي "مفتوحة دائما" امام المسلمين، في وقت تزداد المخاوف من ان يدفع لبنان، رمز "الحوار والتعايش" في الشرق الاوسط، ثمن النزاع السوري على ارضه، وذلك في مقابلة مع وكالة فرانس برس.

وبدا الكاردينال توران، وزير خارجية الفاتيكان سابقا خلال حبرية البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، صاحب النظرة الثاقبة والكلام المتزن والهادئ، حذرًا في مقاربة تصريحات المستشار الدبلوماسي في جامعة الازهر محمود عبد الجواد الجمعة الى صحيفة ايطالية، اكد فيها ان كسر الجليد في علاقات الازهر مع الفاتيكان اسهل مع البابا الجديد فرنسيس، متهمًا البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر وحده بالمسؤولية عن هذا الفتور في العلاقة.

كما اعلن الازهر السبت ان عودة العلاقات المقطوعة مع الفاتيكان مرتبطة بما يقدمه من "خطوات إيجابية جادة تظهر احترام الإسلام والمسلمين". وقال الأزهر، والذي يعد مركز المسلمين السنة في العالم، في بيان له السبت "أن عودة العلاقات بين الأزهر والفاتيكان مرهونة بما تقدمه مؤسسة الفاتيكان من خطوات إيجابية جادة تظهر بجلاء احترام الإسلام والمسلمين".

وقال البيان إن في مقدمة هذه الخطوات "الرد على تهنئة الأزهر للبابا بمناسبة ترسيمه"، والتي قال الازهر انه "لم يتلق حتى الآن الرد عليها".

وقال الكاردينال الفرنسي، البالغ السبعين من العمر في هذا الاطار، انه بعد الدعوة التي اطلقها البابا بنديكتوس السادس عشر اثر اعتداءات الاسكندرية ليلة رأس السنة 2011 لحماية مسيحيي الشرق، قامت جامعة الازهر "بتجميد العلاقات. لقد قمت بمحاولات اتصال عدة الا انها لم تنجح. المشكلة ليست من طرفنا. من جمد العلاقات هم اصدقاؤنا المسلمون. الباب لدينا مفتوح دائما".

وفي ظل مشهد ضبابي يلفّ منطقة الشرق الاوسط، يبدي توران مخاوف خاصة حيال الوضع في لبنان، هذا البلد الذي "سيدفع فاتورة" النزاع السوري "وقد قلت ذلك منذ البداية".

ويقول توران "اين يذهب اللاجئون: المسيحيون لدى مسيحيي لبنان، الدروز لدى دروز لبنان، العلويون لدى اقربائهم (في لبنان)! هذا البلد يعاني اصلًا مشكلات مرتبطة باللاجئين الفلسطينيين، وباولئك الذين نزحوا خلال الثمانينات ابان الحرب الاهلية، وحاليا اولئك الذين ينزحون من سوريا"، مبديا قلقه من تنامي ظهور "الميليشيات".

ويضيف "لطالما قلنا: انقذوا لبنان لإنقاذ المسيحيين، وليس: انقذوا المسيحيين لانقاذ لبنان. (هذا البلد) يحمل ارثا في الحوار بين الاديان والتعايش". ويؤكد توران ان "لا وجود للبنان من دون المسيحيين. القادة الدينيون كرروا ذلك لبنديكتوس السادس عشر" خلال زيارته هذا البلد اواسط ايلول/سبتمبر الفائت.

ويشدد الكاردينال الفرنسي، الذي اعطي شرف اعلان اسم البابا الجديد في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان يوم انتخاب خورخي برغوليو، الذي اصبح البابا فرنسيس في 13 اذار/مارس الماضي، على ان الحوار بين الاديان لا يمكن ان يحصل "في اجواء ملتبسة". ويضيف "المطلوب تحديد ما يفرقنا وما يجمعنا، وجعل هذا التراث المشترك في تصرف المجتمع".

ويكرر توران الذي دعا سابقا المسلمين والمسيحيين الى تفادي "صدام الجهل"، عبارة استخدمها البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر عن "المعركة ضد امراض الدين"، من ضمنها التعصب.

ويرى عميد الكرادلة في الفاتيكان انه "من غير الممكن السكوت عن الاوضاع التي تشهد غالبا تمييزا بحق المسيحيين الذين يعيشون في بلدان ذات غالبية مسلمة"، مشيرا الى ان حرية "ان يكون للمرء دين او الا يكون، وان يغير المرء دينه"، ليست مكفولة في كثير من الاحيان. ويلاحظ ان هذه المواضيع "لا يمكن معالجتها مع شركائنا".

وفي استعادة للجدل الذي خلفته كلمة للبابا الفخري بنديكتوس السادس عشر في راتيسبون في المانيا في العام 2006 بعدما استشهد بكلام لامبراطور بيزنطي يربط بين الاسلام والعنف، يوضح توران ان "غالبية الاشخاص المثقفين المسلمين يعلمون جيدا ان البابا لم يشتم اي دين، الا ان البعض يستغلون ذلك لاقامة جدران" بين الاديان. ويضيف "لم يحصل الا نادرا منذ تولي منصبي في العام 2007 ان تطرق احد محاوري" الى هذا الخلاف.

كما يعرج توران على موضوع السعودية التي تشكل بنظره "حالة خاصة جدا. الملك مناصر كبير للحوار بين الاديان، لكن من المحظور بناء كنائس في بلاده".

وفي افريقيا، خصوصا في نيجيريا التي تشهد اعتداءات دامية من جانب اسلاميي بوكو حرام، فإن "العنف مستورد" وفق توران.
ويقول "لقد استقبلت من جانب المرجعيات المسلمة بكثير من اللياقة. واعجبت كثيرا بنوعية المجامع الليتورجية" للكنائس الافريقية.
وردا على سؤال عن البابا الارجنتيني الجديد، يؤكد الكاردينال الفرنسي انه "فوجئ" بمدى تشديد البابا فرنسيس على الرحمة. ويقول انه بالنسبة إلى البابا الاميركي اللاتيني، فإن "القلب له مكانة كبيرة".

ويذكر بانه "في شوارع بوينس ايرس، تأثرت بجميع الناس الذين قاموا بتحيته، وبالود الكبير الذي ابداه". ويضيف "هذا البابا يعطينا املا كبيرا، يقول اشياء رائعة". "لكن ثمة بالفعل خطر تسخيف كلام البابا"، في اشارة الى الاهتمام الاعلامي بالعظات اليومية غير الرسمية للبابا.

ولا ينسى جان لوي توران الاشادة بالبابا الفخري بنديكتوس السادس عشر واصفا اياه بانه "مفكر يملك اناقة نادرة في الاسلوب". ويقول "ما يجب فعله هو دراسة اطروحته. مفكر لاهوتي من هذا الطراز ليس من اليمين ولا من اليسار". ويختم "خطاب بنديكتوس السادس عشر في العام 2011 امام البرلمان الالماني يجب ان يدرس في كل معاهد الحقوق في العالم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عَمَلَ الْإِنْسَانِ بِمَا يَنْصَحُ بِهِ
متابع -

لا ريب في أن كون الوالد قدوة حسنة لولده من أعظم عوامل التربية الناجحة، وذلك أن الولد يفتح عينيه في الدنيا أول ما يفتحهما على والديه، ومنهما يستقي معارفه ويستمد تصوراته وتنطبع أخلاقه بسلوكهما وتصرفاته بأفعالهما، فلو خالف الوالد ولده إلى ما ينهاه عنه أو أمره بما لا يفعله كان لذلك الأثر البالغ في فساد الطفل وانحرافه عن الجادة، ولو كان الوالد أول ممتثل لما يأمر به وينهى عنه كان لذلك أثره ـ بإذن اللّه ـ في نجاح العملية التربوية وإيتائها أكلها، قال العلامة الأمين في الأضواء: وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَمَلَ الْإِنْسَانِ بِمَا يَنْصَحُ بِهِ غَيْرَهُ أَدْعَى لِقَبُولِ غَيْرِهِ مِنْهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: فَإِنَّكَ إِذْ مَا تَأْتِ مَا أَنْتَ آمِرٌ بِهِ تَلْفَ مَنْ إِيَّاهُ تَأْمُرُ آتِيَا. وقال أبو حامد في الإحياء: فإذا خالف العمل العلم منع الرشد، وكل من تناول شيئاً وقال للناس لا تتناولوه فإنه سم مهلك سخر الناس به واتهموه، وزاد حرصهم على ما نهوا عنه، فيقولون لولا أنه أطيب الأشياء وألذها لما كان يستأثر به، ومثل المعلم المرشد من المسترشدين مثل النقش من الطين والظل من العود فكيف ينتقش الطين بما لا نقش فيه؟ ومتى استوى الظل والعود أعوج، ولذلك قيل في المعنى: لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم. وكلام العلماء في هذا المعنى كثير جدا، فعلى المربي ـ والدا كان أو غيره ـ أن يكون قدوة حسنة لمن يربيهم ويعلمهم، وأن لا يخالف قوله فعله، فإن ذلك يؤدي إلى ضرر عظيم وشر جسيم، ثم ليعلم أن التربية لا تكون أحسن تربية إلا إذا كانت على ما يحبه اللّه ويرضاه، وتجنيب ما يسخطه ويأباه، وكثير من الناس حصروا معنى التربية في إلباس عيالهم أحسن لباس، وإطعامهم أفضل طعام، وهذا فهم قاصر معوج للتربية الصحيحة المطلوبة، فإن الوالد وإن كان يطلب منه القيام بهذه النفقات الواجبة - فإنه قبل ذلك مأمور بوقاية نفسه ومن يلوذ به نارا وقودها الناس والحجارة كما قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون { التحريم:6}. وقال صلى اللّه عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. واللّه أعلم.

عَمَلَ الْإِنْسَانِ بِمَا يَنْصَحُ بِهِ
متابع -

لا ريب في أن كون الوالد قدوة حسنة لولده من أعظم عوامل التربية الناجحة، وذلك أن الولد يفتح عينيه في الدنيا أول ما يفتحهما على والديه، ومنهما يستقي معارفه ويستمد تصوراته وتنطبع أخلاقه بسلوكهما وتصرفاته بأفعالهما، فلو خالف الوالد ولده إلى ما ينهاه عنه أو أمره بما لا يفعله كان لذلك الأثر البالغ في فساد الطفل وانحرافه عن الجادة، ولو كان الوالد أول ممتثل لما يأمر به وينهى عنه كان لذلك أثره ـ بإذن اللّه ـ في نجاح العملية التربوية وإيتائها أكلها، قال العلامة الأمين في الأضواء: وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَمَلَ الْإِنْسَانِ بِمَا يَنْصَحُ بِهِ غَيْرَهُ أَدْعَى لِقَبُولِ غَيْرِهِ مِنْهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: فَإِنَّكَ إِذْ مَا تَأْتِ مَا أَنْتَ آمِرٌ بِهِ تَلْفَ مَنْ إِيَّاهُ تَأْمُرُ آتِيَا. وقال أبو حامد في الإحياء: فإذا خالف العمل العلم منع الرشد، وكل من تناول شيئاً وقال للناس لا تتناولوه فإنه سم مهلك سخر الناس به واتهموه، وزاد حرصهم على ما نهوا عنه، فيقولون لولا أنه أطيب الأشياء وألذها لما كان يستأثر به، ومثل المعلم المرشد من المسترشدين مثل النقش من الطين والظل من العود فكيف ينتقش الطين بما لا نقش فيه؟ ومتى استوى الظل والعود أعوج، ولذلك قيل في المعنى: لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم. وكلام العلماء في هذا المعنى كثير جدا، فعلى المربي ـ والدا كان أو غيره ـ أن يكون قدوة حسنة لمن يربيهم ويعلمهم، وأن لا يخالف قوله فعله، فإن ذلك يؤدي إلى ضرر عظيم وشر جسيم، ثم ليعلم أن التربية لا تكون أحسن تربية إلا إذا كانت على ما يحبه اللّه ويرضاه، وتجنيب ما يسخطه ويأباه، وكثير من الناس حصروا معنى التربية في إلباس عيالهم أحسن لباس، وإطعامهم أفضل طعام، وهذا فهم قاصر معوج للتربية الصحيحة المطلوبة، فإن الوالد وإن كان يطلب منه القيام بهذه النفقات الواجبة - فإنه قبل ذلك مأمور بوقاية نفسه ومن يلوذ به نارا وقودها الناس والحجارة كما قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون { التحريم:6}. وقال صلى اللّه عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. واللّه أعلم.